زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
مباح عنده حرام على غيره
على عهدي بالمرحلة الدراسية المتوسطة اطلعت على ديوان نزار قباني اطفولة نهدب، وكان الديوان وقتها بمثابة مجلة ستريبتيز (عري) من شاكلة بلاي بوي، وكنا نتداول الديوان سرا، لإحساسنا بأن في قصائده جرعات عالية من اكلام السفاهةب وهي العبارة التي كان أبناء وبنات جيلنا يستخدمونها لوصف أي كلام أو فعل يتعلق بالأمور الجنسية. يتلفظ طفل بعبارة بذيئة أمام طفلة فتذهب إلى أمها شاكية باكية بأن فلان اقال كلام السفاهةب، ولو ذلا قدر اللهذ ظهرت الفضائيات التي تنشر لحوم ذوات الثدي على الهواء على أيام طفولتنا وصبانا لاختبأ كل واحد منا تحت السرير خوفا من أن ينزل الله عليه شهابا رصدا. أو ريحا صرصرا عاتية، وكنا أيضا نتداول بعض روايات إحسان عبد القدوس، وكأنها منشورات محفل ماسوني، ولا يعني ذلك أننا كنا اقليلي أدبب، بالعكس كان يعني أننا كنا نعي وندرك أن الشعر والأدب الذي يتضمن الوصف الحسي لمفاتن المرأة لا ينبغي أن يكون متداولا في أيدي من هم في مثل سننا، أي أننا كنا نعرف العيب، ونتفادى أن ينكشف أمرنا ونحن نمارس ضربا من العيب! وفي الجامعة زارني في غرفتي ذات مرة صديق وأغلق الباب ثم أجلسني قربه وبدأ يعرض لي صور فتيات عاريات من مجلة بلاي بوي. انتابتني مشاعر متضاربة.. دهشة!! إعجاب!! عجب!! خوف!! قرف!! فرح طفولي بدخول منطقة محظورة. لا أستطيع وصف مشاعري وقتها بدقة، ولكنني أذكر أمرا واحدا، وهو أنني ومنذ ذلك اليوم لم أتصفح مجلة فاضحة ولم أجد في نفسي أي رغبة في مشاهدة أي فيلم إباحي حتى في سنوات الصرمحة والصياعة والتيه بالشباب والفتوة.
ليست غايتي إثبات أنني كنت اعلى خلقب وفي منتهى الاستقامة (فقد كانت لي صبوات وكبوات)، ولكنني بالتأكيد كنت وما زلت أستنكر التلصص على عورات الآخرين (ولعل بعضكم يذكر ما كتبته عن بقائي نحو عشرة أيام من دون استحمام في أول زيارة لي للندن عندما وجدت نفسي أقيم في سكن طلابي حماماته بلا أبواب حتى صرت بلا حاجة إلى ملابس دافئة تقيني البرد لأن جلدي صار سميكا بتراكم ال...... عليه ولم يكن البرد قادرا على اختراقه.. ثم حللت المشكلة بالاستحمام بالدش بالمايوه، في الساعات الأولى من الفجر بعد أن ينام قليلو الحياء الذين كانوا يستحمون عرايا أمام بعضهم البعض، وأفتح المياه الساخنة في جميع الحمامات ذ من باب اللعب على المضمون ذ حتى يتشكل ضباب كثيف في منطقة الحمامات).
في إندونيسيا نال النائب البرلماني اأريفنتوب شهرة عالية وسمعة حسنة لأنه ناضل في البرلمان لإجازة قانون يمنع المطبوعات والأفلام الإباحية، وقبل نحو أسبوع كان أريفنتو يشارك في جلسة للبرلمان ولاحظ أحد المصورين الصحفيين أن سعادة النائب لا يتابع النقاش بل مشغول بالعبث بالكمبيوتر الصغير الذي كان يضعه في حِجْرِه، وصوب بوز الكاميرا على النائب واستخدم آلية تقريب الصور (زوووم) واكتشف أن صاحبنا يتنقل من موقع إباحي إلى آخر على الإنترنت، وكليك.. كليك.. التقط له عشرات الصور وهو في ذلك الوضع الفاضح ونشرها.. الطامة أن أريفنتو هذا دخل البرلمان ممثلا لحزب العدالة الإسلامي، وتعلل بأنه دخل موقع إباحيا عن غير قصد ولكن المصور الصحفي نشر صورا له وهو يدخل ويخرج من نحو خمسة مواقع فضائحية. واضطر الرجل إلى الاستقالة من مقعده البرلماني، ولكن أجمل ما في الموضوع أنه سيحاكم الآن بنفس قانون تجريم وتحريم الإباحية الذي ناضل هو لإجازته. ومن حفر حفرة لاإخّخييييب وقع في الـاإخخخخيب.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك