زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
نعم غني وأحلم بـ«الزيادة»
أكرمني الله خلال مسيرتي المهنية بأن هيأ لي وظائف هنا وهناك تروق لي كثيرا، وأجد متعة في تنفيذ وتصريف متطلباتها. استغفر الله، كانت هناك محطة وظيفية واحدة في حياتي سببت لي الكثير من النكد والغم منذ شهري الأول فيها، وقررت البحث عن وظيفة بديلة تفاديا لارتفاع ضغط الدم والجلطات، وتفاديا ليوم قد أعتدي فيه على الذي تسبب في النكد والغم بالضرب او الشتم، ولما لم أجد وظيفة بديلة، أخليت مكتبي وجلست في البيت من دون التقدم باستقالة او قول كلمة وداع، وخلال اسبوعين من الاضراب عن العمل كنت قد حصلت على وظيفة طيبة، وكون الوظيفة طيبة او سيئة يتوقف عندي على مدى الرضا والمتعة المتحققة او غير المتحققة عن أدائها. طبعا الراتب مهم ولكن الأهم هو ان تكون الوظيفة مقنعة، وأن تجد متعة وتقديرا وأنت تقوم بها! والتقدير قد يكون بالكلمة الطيبة والثناء من رئيسك المباشر، ولكنني شخص ملول، يكره الروتين والرتابة، ومن ثم فإنني لا أعمل لأكثر من 3 أشهر متتالية في السنة، أعني أنني أتوقف أربع مرات في السنة عن العمل لأيام قليلة، أقضيها في القراءة والنوم! طيب كم يتبقى لك من أجازتك السنوية يا ابو الجعافر بعد ان تتسيب أربع مرات في السنة الواحدة؟ قبل أن أجيب عن هذا السؤال أقول إنني توقفت عن الاقتراض من الأفراد والبنوك منذ أكثر من ثلاثين سنة، وليس مرد ذلك أنني ميسور الحال أو «غني»،.. بالعكس: دخلي الشهري يفي بالتزاماتي بالكاد، ولكنني وطنت نفسي على العيش في حدود إمكاناتي المتاحة، وقد تضطرني ظروف معينة – مثل نسيان محفظة نقودي في البيت او المكتب – إلى اقتراض مبلغ من المال من أحد زملاء العمل او الأقارب، ولكن ذلك لا يكون إلا وأنا أعرف انني سأعيد المبلغ الى صاحبه خلال 24 ساعة، ولدينا مثل سوداني بليغ يقول ان الخالي من الدين غني، وإن من «حلّ دينه نامت عينه». المهم، أعود لأجيب عن السؤال أعلاه فأقول ان من عادتي الاقتراض من إجازة السنة التالية لتمديد أجل إجازاتي الصيفية لأن التبطل كل 3 أشهر يستهلك رصيدي من الإجازات المنصوص عليها في عقد العمل.
ولكن حتى إذا لم تكن ظروفي المادية تسمح بالسفر خلال الصيف فإنني آخذ الإجازة المستحقة وألزم البيت، ولأن ذلك لحين طويل من الدهر كان يتزامن مع الإجازات المدرسية، فقد كانت متعة البقاء في البيت تبقى مضاعفة، ومع تباشير كل صيف، أرقب الناس من حولي، هذا حصل على قرض مصرفي «معتبر» وذاك باع سيارته وغيره حصل على سلفة من جهة العمل تعادل راتب 4 أشهر، وكثيرون باعوا أسهمهم التي رفعت «ضغطهم» بتقلباتها. والكل يريد السفر الى الخارج وكأن ذلك سنة مؤكدة. ولا تستطيع ان تقنع هؤلاء بعدم السفر بالحجة القوية بأنك غير مطالب بأداء فريضة الحج بالاقتراض والتورط في التزامات مالية تفوق قدراتك المتاحة، فلماذا تكلفون جيوبكم شططا، وتسافرون شرقا وغربا؟ سبعون مليار دولار ينفقها العرب في بلاد أجنبية خلال صيف كل عام.. عنطزة وفخفخة وكشخة ونفخة وبقشيشات هارون رشيدية، ثم يعود الجميع في آخر الأمر مصابين بمرض فقدان المناعة المالية المكتسبة
Immune Financial Deficiency Syndrome
تخيل لو استيقظ ضمير كل عربي من جماعة العمرة (بفتح العين) الأوربية والآسيوية وتبرعوا لي بدولار واحد عن كل ألف ينفقونها هناك!! كنت سأصبح مليونيرا وأحل مشكلة المجاعة في دارفور، أو أجاري الموضة في وطني - السودان- وأنشئ مليشيا ولو افتراضية وأصبح بذلك مؤهلا للحصول على منصب كامل الدسم!!

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك