العدد : ١٧٤٢٢ - الخميس ٠٤ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٣ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤٢٢ - الخميس ٠٤ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٣ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

مقال رئيس التحرير

أنـــور عبدالرحمــــــن

«قمة البحرين».. مواصلة المسيرة وترسيخ المكانة

‮«‬لنجعل‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المجلس‭ ‬مُجددًا‭ ‬للعهد،‭ ‬وسوقًا‭ ‬خليجية‭ ‬حرة‭ ‬عادلة،‭ ‬وقوة‭ ‬ناعمة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬هويتنا‭ ‬ووحدة‭ ‬مجتمعاتنا،‭ ‬ومستقبلا‭ ‬تُبنى‭ ‬فيه‭ ‬التنمية‭ ‬على‭ ‬العلم‭ ‬والإبداع‭ ‬والكرامة،‭ ‬سائلين‭ ‬المولى‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬أن‭ ‬يوفقنا‭ ‬جميعًا‭ ‬لما‭ ‬فيه‭ ‬رفعة‭ ‬دولنا‭ ‬ومنفعة‭ ‬شعوبنا،‭ ‬وسط‭ ‬عالم‭ ‬أكثر‭ ‬عدلا‭ ‬واستقرارًا‭ ‬ورخاءً‮»‬‭.‬

بهذه‭ ‬الكلمات‭ ‬السامية‭ ‬جسد‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬المعظم‭ ‬رئيس‭ ‬القمة‭ ‬الخليجية‭ ‬السادسة‭ ‬والأربعين‭ ‬طموحات‭ ‬شعوب‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬المسيرة‭ ‬العريقة‭ ‬للعمل‭ ‬الخليجي‭ ‬المشترك‭.‬

وأثمرت‭ ‬‮«‬قمة‭ ‬البحرين‮»‬‭ ‬نتائج‭ ‬بناءة‭ ‬ومخرجات‭ ‬مثمرة‭ ‬ورسائل‭ ‬مهمة‭ ‬للقاصي‭ ‬والداني،‭ ‬تؤكد‭ ‬التمسك‭ ‬بالأولويات‭ ‬الخليجية،‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬إرساء‭ ‬الأمن‭ ‬الخليجي،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬السيادة‭ ‬الوطنية،‭ ‬واحترام‭ ‬مبادئ‭ ‬حُسن‭ ‬الجوار،‭ ‬وعدم‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬للدول،‭ ‬مع‭ ‬التشديد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أمن‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬واستقرارها‭ ‬وازدهارها‭ ‬كلٌّ‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭.‬

وهناك‭ ‬تمسك‭ ‬وإصرار‭ ‬خليجي‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬نجاحات‭ ‬هذا‭ ‬الصرح‭ ‬الشامخ‭ ‬الذي‭ ‬انطلق‭ ‬قبل‭ ‬44‭ ‬عاما‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬التكامل‭ ‬والاندماج‭ ‬بين‭ ‬دولنا‭ ‬الخليجية،‭ ‬بما‭ ‬يعزز‭ ‬من‭ ‬مكانتها‭ ‬كقوة‭ ‬فاعلة‭ ‬ومؤثرة‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬اليوم‭ ‬قِبلة‭ ‬لكل‭ ‬القوى‭ ‬العالمية؛‭ ‬نظرا‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تتمتع‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬مقومات‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬والتطور‭ ‬الاقتصادي‭.‬

وهذا‭ ‬ظهر‭ ‬جَليا‭ ‬في‭ ‬كلمات‭ ‬دولة‭ ‬السيدة‭ ‬جورجيا‭ ‬ميلوني‭ ‬رئيسة‭ ‬وزراء‭ ‬الجمهورية‭ ‬الإيطالية‭ ‬ضيف‭ ‬شرف‭ ‬القمة‭ ‬الخليجية،‭ ‬التي‭ ‬عبرت‭ ‬بصدق‭ ‬عن‭ ‬حرص‭ ‬بلادها‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬التقارب‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬ودول‭ ‬المتوسط،‭ ‬في‭ ‬تأكيد‭ ‬لدورهما‭ ‬معا‭ ‬على‭ ‬لعب‭ ‬دور‭ ‬محوري‭ ‬في‭ ‬الربط‭ ‬بين‭ ‬القارات‭.‬

ونظرة‭ ‬الغرب‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬البقعة‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬تغيرت‭ ‬كُليّة‭ ‬بعد‭ ‬قرون‭ ‬من‭ ‬نظرته‭ ‬الاستعلائية‭ ‬إليها،‭ ‬وبات‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬شراكة‭ ‬طبيعية‭ ‬متساوية‭ ‬وعادلة،‭ ‬لوصل‭ ‬الغرب‭ ‬بالشرق‭ ‬‮«‬أوروبا‭ ‬وآسيا»؛‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تجاوز‭ ‬الانقسامات،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ترجمته‭ ‬دعوة‭ ‬السيدة‭ ‬ميلوني‭ ‬إلى‭ ‬تنظيم‭ ‬قمة‭ ‬‮«‬GCC‭-‬MED‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إطلاق‭ ‬إطار‭ ‬جديد‭ ‬وطموح‭ ‬للحوار‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬ودول‭ ‬المتوسط‭. ‬

وكم‭ ‬كانت‭ ‬لفتة‭ ‬متميزة‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬رئيسة‭ ‬الوزراء‭ ‬الإيطالية‭ ‬عندما‭ ‬استشهدت‭ ‬بشجرة‭ ‬الحياة‭ ‬المذهلة‭ ‬التي‭ ‬ازدهرت‭ ‬في‭ ‬صحراء‭ ‬البحرين‭ ‬أربعمائة‭ ‬عام،‭ ‬لتأكيد‭ ‬إمكانية‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬صيغة‭ ‬التعاون‭ ‬والشراكة‭ ‬بيننا‭.‬

وهنا‭ ‬لا‭ ‬أود‭ ‬أن‭ ‬أغفل‭ ‬أمرا‭ ‬مهما،‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬جاسم‭ ‬البديوي‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لمجلس‭ ‬التعاون‭ ‬من‭ ‬إحصاءات‭ ‬لحجم‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬التي‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬وصولها‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬35‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬بزيادة‭ ‬تقارب‭ ‬7%‭ ‬عن‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬إذ‭ ‬سجلت‭ ‬قيمة‭ ‬صادرات‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬إلى‭ ‬إيطاليا‭ ‬نحو‭ ‬11‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬مقابل‭ ‬واردات‭ ‬بنحو‭ ‬24‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬هذه‭ ‬الإحصاءات‭ ‬توجب‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعمل‭ ‬بجد‭ ‬واجتهاد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬محاولة‭ ‬إصلاح‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري،‭ ‬عبر‭ ‬استثمار‭ ‬قدراتنا‭ ‬الخليجية‭ ‬الموحدة‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬صادراتنا‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬وخاصة‭ ‬غير‭ ‬النفطية‭ ‬منها‭.‬

وجاء‭ ‬‮«‬إعلان‭ ‬الصخير‮»‬‭ ‬ليؤكد‭ ‬حرص‭ ‬القادة‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬ترسيخ‭ ‬مسيرة‭ ‬المجلس‭ ‬الناجحة‭ ‬تنمويا‭ ‬واقتصاديا،‭ ‬ليبقى‭ ‬كيانا‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬المنافسة‭ ‬العالمية،‭ ‬وتأمين‭ ‬أعلى‭ ‬درجات‭ ‬الاستقرار‭ ‬والازدهار‭ ‬لكل‭ ‬مكوناته‭ ‬ومحيطه،‭ ‬لفتح‭ ‬آفاق‭ ‬راسخة‭ ‬لأمن‭ ‬المنطقة‭ ‬وتنميتها‭ ‬المستدامة‭.‬

ومن‭ ‬حُسن‭ ‬الطالع‭ ‬أن‭ ‬البيان‭ ‬الختامي‭ ‬للقمة‭ ‬كشف‭ ‬عن‭ ‬مستجدات‭ ‬ملموسة‭ ‬بشأن‭ ‬الوحدة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لمجلس‭ ‬التعاون‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬خطة‭ ‬عمل‭ ‬تنفيذية‭ ‬وبرنامج‭ ‬زمني‭ ‬للانتهاء‭ ‬من‭ ‬متطلبات‭ ‬الاتحاد‭ ‬الجمركي‭ ‬الخليجي‭ ‬في‭ ‬أسرع‭ ‬وقت،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬اعتماد‭ ‬إنشاء‭ ‬هيئة‭ ‬الطيران‭ ‬المدني‭ ‬الخليجية،‭ ‬واعتماد‭ ‬الاتفاقية‭ ‬العامة‭ ‬لربط‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬بمشروع‭ ‬سكة‭ ‬الحديد،‭ ‬هذه‭ ‬الخطوات‭ ‬التي‭ ‬تعزز‭ ‬آمال‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬السوق‭ ‬الخليجية‭ ‬المشتركة‭.‬

 

إقرأ أيضا لـ"أنـــور عبدالرحمــــــن"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا