مقال رئيس التحرير
أنـــور عبدالرحمــــــن
«قمة البحرين».. مواصلة المسيرة وترسيخ المكانة
«لنجعل من هذا المجلس مُجددًا للعهد، وسوقًا خليجية حرة عادلة، وقوة ناعمة قادرة على حماية هويتنا ووحدة مجتمعاتنا، ومستقبلا تُبنى فيه التنمية على العلم والإبداع والكرامة، سائلين المولى عز وجل أن يوفقنا جميعًا لما فيه رفعة دولنا ومنفعة شعوبنا، وسط عالم أكثر عدلا واستقرارًا ورخاءً».
بهذه الكلمات السامية جسد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم رئيس القمة الخليجية السادسة والأربعين طموحات شعوب دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في تعزيز المسيرة العريقة للعمل الخليجي المشترك.
وأثمرت «قمة البحرين» نتائج بناءة ومخرجات مثمرة ورسائل مهمة للقاصي والداني، تؤكد التمسك بالأولويات الخليجية، على رأسها إرساء الأمن الخليجي، والحفاظ على السيادة الوطنية، واحترام مبادئ حُسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، مع التشديد على أن أمن دول المجلس واستقرارها وازدهارها كلٌّ لا يتجزأ.
وهناك تمسك وإصرار خليجي على مواصلة نجاحات هذا الصرح الشامخ الذي انطلق قبل 44 عاما من أجل تحقيق التكامل والاندماج بين دولنا الخليجية، بما يعزز من مكانتها كقوة فاعلة ومؤثرة في السياسة الإقليمية والدولية، التي باتت اليوم قِبلة لكل القوى العالمية؛ نظرا إلى ما تتمتع به من مقومات الأمن والاستقرار والتطور الاقتصادي.
وهذا ظهر جَليا في كلمات دولة السيدة جورجيا ميلوني رئيسة وزراء الجمهورية الإيطالية ضيف شرف القمة الخليجية، التي عبرت بصدق عن حرص بلادها على تحقيق التقارب بين دول الخليج ودول المتوسط، في تأكيد لدورهما معا على لعب دور محوري في الربط بين القارات.
ونظرة الغرب إلى هذه البقعة من العالم تغيرت كُليّة بعد قرون من نظرته الاستعلائية إليها، وبات يبحث عن شراكة طبيعية متساوية وعادلة، لوصل الغرب بالشرق «أوروبا وآسيا»؛ من أجل تجاوز الانقسامات، وهو ما ترجمته دعوة السيدة ميلوني إلى تنظيم قمة «GCC-MED»، من أجل إطلاق إطار جديد وطموح للحوار بين دول الخليج ودول المتوسط.
وكم كانت لفتة متميزة من دولة رئيسة الوزراء الإيطالية عندما استشهدت بشجرة الحياة المذهلة التي ازدهرت في صحراء البحرين أربعمائة عام، لتأكيد إمكانية الوصول إلى صيغة التعاون والشراكة بيننا.
وهنا لا أود أن أغفل أمرا مهما، هو ما جاء على لسان جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون من إحصاءات لحجم التبادل التجاري بين الجانبين التي تشير إلى وصولها إلى أكثر من 35 مليار دولار أمريكي في عام 2024 بزيادة تقارب 7% عن عام 2023، إذ سجلت قيمة صادرات مجلس التعاون إلى إيطاليا نحو 11 مليار دولار، مقابل واردات بنحو 24 مليار دولار، هذه الإحصاءات توجب علينا أن نعمل بجد واجتهاد من أجل محاولة إصلاح الميزان التجاري، عبر استثمار قدراتنا الخليجية الموحدة في زيادة صادراتنا إلى دول العالم، وخاصة غير النفطية منها.
وجاء «إعلان الصخير» ليؤكد حرص القادة على مواصلة ترسيخ مسيرة المجلس الناجحة تنمويا واقتصاديا، ليبقى كيانا قادرا على المنافسة العالمية، وتأمين أعلى درجات الاستقرار والازدهار لكل مكوناته ومحيطه، لفتح آفاق راسخة لأمن المنطقة وتنميتها المستدامة.
ومن حُسن الطالع أن البيان الختامي للقمة كشف عن مستجدات ملموسة بشأن الوحدة الاقتصادية لمجلس التعاون من خلال الاتفاق على وضع خطة عمل تنفيذية وبرنامج زمني للانتهاء من متطلبات الاتحاد الجمركي الخليجي في أسرع وقت، بالإضافة إلى اعتماد إنشاء هيئة الطيران المدني الخليجية، واعتماد الاتفاقية العامة لربط دول المجلس بمشروع سكة الحديد، هذه الخطوات التي تعزز آمال الوصول إلى السوق الخليجية المشتركة.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك