العدد : ١٧٤٢١ - الأربعاء ٠٣ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٢ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤٢١ - الأربعاء ٠٣ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٢ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

مقال رئيس التحرير

أنـــور عبدالرحمــــــن

قمة البحرين والمصير الواحد

تحتضن‭ ‬البحرين‭ ‬اليوم‭ ‬القمة‭ ‬السادسة‭ ‬والأربعين‭ ‬لقادة‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭.‬

مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬ترحب‭ ‬رسميا‭ ‬وشعبيا‭ ‬بالقادة‭ ‬الأشقاء‭ ‬الذين‭ ‬يحلون‭ ‬ليسوا‭ ‬ضيوفا،‭ ‬بل‭ ‬أهل‭ ‬دار‭ ‬في‭ ‬بلدهم‭.‬

القادة‭ ‬حين‭ ‬يجتمعون‭ ‬اليوم‭ ‬يعلمون‭ ‬حتما‭ ‬أن‭ ‬شعوب‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬تعلق‭ ‬آمالا‭ ‬عريضة‭ ‬على‭ ‬القمة‭ ‬وعلى‭ ‬ما‭ ‬يصدر‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬مواقف‭ ‬وقرارات،‭ ‬ويتمنون‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬آمالهم‭ ‬وطموحاتهم‭.‬

الكل‭ ‬يعلم‭ ‬أن‭ ‬القمة‭ ‬تنعقد‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ظروف‭ ‬صعبة‭ ‬وأوضاع‭ ‬متفجرة‭ ‬تعيشها‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬كلها،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬تحديات‭ ‬جسيمة‭ ‬تواجهها‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬فرضتها‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬والأوضاع‭. ‬هي‭ ‬تحديات‭ ‬تتعلق‭ ‬بأمن‭ ‬واستقرار‭ ‬دول‭ ‬المجلس،‭ ‬وبمستقبل‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬برمته‭. ‬مواقف‭ ‬وقرارات‭ ‬القمة‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬أن‭ ‬ترتقي‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬والآمال‭ ‬المعلقة‭ ‬عليها‭.‬

على‭ ‬امتداد‭ ‬تاريخ‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬منذ‭ ‬نشأته‭ ‬حتى‭ ‬اليوم،‭ ‬كانت‭ ‬البحرين‭ ‬دوما‭ ‬أكبر‭ ‬داعم‭ ‬لمسيرة‭ ‬المجلس،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمة‭ ‬الداعين‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬مسيرة‭ ‬العمل‭ ‬الخليجي‭ ‬المشترك‭ ‬والارتقاء‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬أعلى‭ ‬المستويات‭.‬

جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬يتحدث‭ ‬فيها‭ ‬عن‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬وحدة‭ ‬الصف‭ ‬الخليجي‭ ‬وتطوير‭ ‬العمل‭ ‬الخليجي‭ ‬المشترك‭ ‬بما‭ ‬يلبي‭ ‬آمال‭ ‬الشعوب‭. ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬يستخدم‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬تعبيرا‭ ‬يلخص‭ ‬ما‭ ‬يجمع‭ ‬دولنا‭ ‬وشعوبنا‭ ‬من‭ ‬روابط،‭ ‬ويلخص‭ ‬طريق‭ ‬المستقبل‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يسلكه‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭. ‬هذا‭ ‬التعبير‭ ‬هو‭ ‬‮«‬المصير‭ ‬الواحد‮»‬‭.‬

جلالة‭ ‬الملك‭ ‬يقصد‭ ‬أن‭ ‬مصيرنا‭ ‬جميعا‭ ‬دولا‭ ‬وشعوبا‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬هو‭ ‬مصير‭ ‬واحد‭.. ‬أن‭ ‬الأخطار‭ ‬والتهديدات‭ ‬تستهدفنا‭ ‬جميعا‭.. ‬أننا‭ ‬نواجه‭ ‬نفس‭ ‬التحديات،‭ ‬وأننا‭ ‬من‭ ‬ثم‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نبني‭ ‬مستقبلنا‭ ‬الخليجي‭ ‬العربي‭ ‬المشترك‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأساس‭.‬

وما‭ ‬نتمناه‭ ‬من‭ ‬قمة‭ ‬البحرين‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تحول‭ ‬تعبير‭ ‬‮«‬المصير‭ ‬الواحد‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬واقع‭ ‬عملي‭ ‬ملموس‭ ‬في‭ ‬مواقفها‭ ‬وقراراتها‭. ‬ويعني‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬القمة‭ ‬نقلة‭ ‬تاريخية‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الخليجي‭ ‬المشترك‭ ‬بما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬الانتقال‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬نوعية‭ ‬جديدة‭.‬

نتمنى‭ ‬تحديدا‭ ‬أن‭ ‬تتخذ‭ ‬القمة‭ ‬قرارات‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تمثل‭ ‬خطوة‭ ‬متقدمة‭ ‬نحو‭ ‬التوحيد‭ ‬الخليجي‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات؛‭ ‬أي‭ ‬نحو‭ ‬الاتحاد‭ ‬الخليجي‭ ‬العربي‭ ‬المنشود‭.‬

في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬يجري‭ ‬فيها‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬وما‭ ‬حققه‭ ‬من‭ ‬إنجازات،‭ ‬وعن‭ ‬مستقبل‭ ‬العمل‭ ‬الخليجي‭ ‬المشترك،‭ ‬يحضر‭ ‬إلى‭ ‬ذهني‭ ‬فورا‭ ‬المقارنة‭ ‬بين‭ ‬تجربة‭ ‬المجلس‭ ‬والتجربة‭ ‬الأوروبية‭.‬

الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬لا‭ ‬يجمع‭ ‬بينها‭ ‬ما‭ ‬يجمع‭ ‬دول‭ ‬وشعوب‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬من‭ ‬روابط‭ ‬التاريخ‭ ‬المشترك،‭ ‬ووحدة‭ ‬الدين‭ ‬والثقافة‭ ‬والقومية‭ ‬والروابط‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬ونظم‭ ‬الحكم‭.‬

الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬بينها‭ ‬خلافات‭ ‬وصراعات‭ ‬تاريخية‭ ‬دامية،‭ ‬ولا‭ ‬تجمعها‭ ‬روابط‭ ‬الثقافة‭ ‬واللغة‭ ‬والتراث‭ ‬الشعبي،‭ ‬وبينها‭ ‬خلافات‭ ‬في‭ ‬نظم‭ ‬الحكم‭ ‬وفي‭ ‬التوجهات‭ ‬السياسية،‭ ‬ورغم‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬استطاعت‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬بناء‭ ‬وحدة‭ ‬اقتصادية‭ ‬وسياسية‭ ‬أوروبية‭.‬

الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬بنت‭ ‬سوقا‭ ‬اقتصادية‭ ‬موحدة‭ ‬مشتركة،‭ ‬ولديها‭ ‬عملة‭ ‬موحدة‭.. ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬مظاهر‭ ‬الوحدة‭.‬

ومن‭ ‬أكبر‭ ‬مظاهر‭ ‬الوحدة‭ ‬الأوروبية‭ ‬التدخل‭ ‬للدعم‭ ‬الفوري‭ ‬لأي‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬تتعرض‭ ‬لأزمة‭ ‬اقتصادية‭ ‬أو‭ ‬مالية‭ ‬أو‭ ‬اجتماعية‭.‬

لا‭ ‬نملك‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬نتساءل؛‭ ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬تنجح‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬المستوى‭ ‬الذي‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية؟

نحن‭ ‬لا‭ ‬ننكر‭ ‬أن‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬حقق‭ ‬إنجازات‭ ‬كبرى‭ ‬معروفة‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬التكامل‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬لكنها‭ ‬تبقى‭ ‬دون‭ ‬الطموح‭ ‬بكثير‭.‬

قمة‭ ‬البحرين‭ ‬هي‭ ‬القمة‭ ‬السادسة‭ ‬والأربعون‭. ‬هذه‭ ‬فترة‭ ‬زمنية‭ ‬طويلة‭ ‬جدا‭. ‬ومع‭ ‬هذا،‭ ‬فإننا‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬لم‭ ‬نكمل‭ ‬مقومات‭ ‬السوق‭ ‬الخليجية‭ ‬المشتركة،‭ ‬ولا‭ ‬نملك‭ ‬مصرفا‭ ‬مركزيا‭ ‬ولا‭ ‬عملة‭ ‬خليجية‭ ‬موحدة‭.. ‬إلخ‭.‬

نقول‭ ‬هذا‭ ‬لأننا‭ ‬نتمنى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬قمة‭ ‬البحرين‭ ‬كما‭ ‬ذكرت‭ ‬قمة‭ ‬تاريخية‭ ‬نحو‭ ‬التوحيد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والسياسي؛‭ ‬أي‭ ‬نحو‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬إقامة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الخليجي‭ ‬العربي‭.‬

عند‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬القمة‭ ‬يعطي‭ ‬البعض‭ ‬الأولوية‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬قضايا‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬والمواقف‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬السياسية‭. ‬وهذه‭ ‬قضايا‭ ‬مهمة‭ ‬بالطبع،‭ ‬لكن‭ ‬جوهر‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬هو‭ ‬توحد‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭.. ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬كتلة‭ ‬واحدة‭ ‬وقوة‭ ‬واحدة‭ ‬اقتصاديا‭ ‬وسياسيا‭ ‬وعسكريا‭.‬

وعموما،‭ ‬نتمنى‭ ‬لقادتنا‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬البحرين‭ ‬النجاح،‭ ‬وأن‭ ‬يتخذوا‭ ‬من‭ ‬المواقف‭ ‬والقرارات‭ ‬ما‭ ‬يُرضي‭ ‬الشعوب‭ ‬ويستجيب‭ ‬لمطالبها‭ ‬وآمالها‭.‬

إقرأ أيضا لـ"أنـــور عبدالرحمــــــن"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا