مقال رئيس التحرير
أنـــور عبدالرحمــــــن
قمة البحرين والمصير الواحد
تحتضن البحرين اليوم القمة السادسة والأربعين لقادة مجلس التعاون الخليجي.
مملكة البحرين ترحب رسميا وشعبيا بالقادة الأشقاء الذين يحلون ليسوا ضيوفا، بل أهل دار في بلدهم.
القادة حين يجتمعون اليوم يعلمون حتما أن شعوب كل دول المجلس تعلق آمالا عريضة على القمة وعلى ما يصدر عنها من مواقف وقرارات، ويتمنون أن تحقق آمالهم وطموحاتهم.
الكل يعلم أن القمة تنعقد في ظل ظروف صعبة وأوضاع متفجرة تعيشها المنطقة العربية كلها، وفي ظل تحديات جسيمة تواجهها دول مجلس التعاون الخليجي فرضتها هذه الظروف والأوضاع. هي تحديات تتعلق بأمن واستقرار دول المجلس، وبمستقبل مجلس التعاون برمته. مواقف وقرارات القمة من المفروض أن ترتقي إلى مستوى هذه التحديات والآمال المعلقة عليها.
على امتداد تاريخ مجلس التعاون منذ نشأته حتى اليوم، كانت البحرين دوما أكبر داعم لمسيرة المجلس، وفي مقدمة الداعين إلى تطوير مسيرة العمل الخليجي المشترك والارتقاء بها إلى أعلى المستويات.
جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في كل مرة يتحدث فيها عن مجلس التعاون الخليجي يدعو إلى وحدة الصف الخليجي وتطوير العمل الخليجي المشترك بما يلبي آمال الشعوب. وفي كل مرة يستخدم جلالة الملك تعبيرا يلخص ما يجمع دولنا وشعوبنا من روابط، ويلخص طريق المستقبل الذي يجب أن يسلكه مجلس التعاون. هذا التعبير هو «المصير الواحد».
جلالة الملك يقصد أن مصيرنا جميعا دولا وشعوبا في مجلس التعاون الخليجي هو مصير واحد.. أن الأخطار والتهديدات تستهدفنا جميعا.. أننا نواجه نفس التحديات، وأننا من ثم يجب أن نبني مستقبلنا الخليجي العربي المشترك على هذا الأساس.
وما نتمناه من قمة البحرين هو أن تحول تعبير «المصير الواحد» إلى واقع عملي ملموس في مواقفها وقراراتها. ويعني هذا أن تكون القمة نقلة تاريخية في العمل الخليجي المشترك بما من شأنه الانتقال به إلى مرحلة نوعية جديدة.
نتمنى تحديدا أن تتخذ القمة قرارات من شأنها أن تمثل خطوة متقدمة نحو التوحيد الخليجي العربي في كل المجالات؛ أي نحو الاتحاد الخليجي العربي المنشود.
في كل مرة يجري فيها الحديث عن مجلس التعاون الخليجي وما حققه من إنجازات، وعن مستقبل العمل الخليجي المشترك، يحضر إلى ذهني فورا المقارنة بين تجربة المجلس والتجربة الأوروبية.
الدول الأوروبية لا يجمع بينها ما يجمع دول وشعوب مجلس التعاون الخليجي من روابط التاريخ المشترك، ووحدة الدين والثقافة والقومية والروابط الاجتماعية، ونظم الحكم.
الدول الأوروبية بينها خلافات وصراعات تاريخية دامية، ولا تجمعها روابط الثقافة واللغة والتراث الشعبي، وبينها خلافات في نظم الحكم وفي التوجهات السياسية، ورغم كل هذا استطاعت الدول الأوروبية بناء وحدة اقتصادية وسياسية أوروبية.
الدول الأوروبية بنت سوقا اقتصادية موحدة مشتركة، ولديها عملة موحدة.. إلى آخر مظاهر الوحدة.
ومن أكبر مظاهر الوحدة الأوروبية التدخل للدعم الفوري لأي دولة من الدول الأعضاء تتعرض لأزمة اقتصادية أو مالية أو اجتماعية.
لا نملك إلا أن نتساءل؛ لماذا لم تنجح دول مجلس التعاون الخليجي في الوصول إلى هذا المستوى الذي وصلت إليه الدول الأوروبية؟
نحن لا ننكر أن مجلس التعاون الخليجي حقق إنجازات كبرى معروفة على طريق التكامل الاقتصادي، لكنها تبقى دون الطموح بكثير.
قمة البحرين هي القمة السادسة والأربعون. هذه فترة زمنية طويلة جدا. ومع هذا، فإننا حتى اليوم لم نكمل مقومات السوق الخليجية المشتركة، ولا نملك مصرفا مركزيا ولا عملة خليجية موحدة.. إلخ.
نقول هذا لأننا نتمنى أن تكون قمة البحرين كما ذكرت قمة تاريخية نحو التوحيد الاقتصادي والسياسي؛ أي نحو الوصول إلى إقامة الاتحاد الخليجي العربي.
عند الحديث عن القمة يعطي البعض الأولوية للحديث عن قضايا الأمن والاستقرار والمواقف من القضايا السياسية. وهذه قضايا مهمة بالطبع، لكن جوهر الأمن والاستقرار هو توحد دول مجلس التعاون.. هو أن تكون دول المجلس كتلة واحدة وقوة واحدة اقتصاديا وسياسيا وعسكريا.
وعموما، نتمنى لقادتنا في قمة البحرين النجاح، وأن يتخذوا من المواقف والقرارات ما يُرضي الشعوب ويستجيب لمطالبها وآمالها.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك