التحدي الأصعب والأهم

حذرت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬النساء‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬يواجهن‭ ‬خطرا‭ ‬متزايدا‭ ‬بفقدان‭ ‬وظائفهن‭ ‬نتيجة‭ ‬التقدم‭ ‬السريع‭ ‬في‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬التوليدي‭ ‬والتحول‭ ‬الرقمي‭ ‬المتسارع،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬اتساع‭ ‬الفجوة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬العالمي‭.‬

جاء‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬حديث‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬إدارة‭ ‬الشؤون‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬بالأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬حيث‭ ‬أوضح‭ ‬أن‭ ‬نحو28%‭ ‬من‭ ‬الوظائف‭ ‬التي‭ ‬تشغلها‭ ‬النساء‭ ‬معرضة‭ ‬لخطر‭ ‬الأتمتة‭ ‬أو‭ ‬التغييرات‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬مقارنة‭ ‬بحوالي‭ ‬21%‭ ‬من‭ ‬وظائف‭ ‬الرجال،‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬هشاشة‭ ‬أوضاع‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬التي‭ ‬يسهل‭ ‬استبدال‭ ‬مهامها‭ ‬بالأنظمة‭ ‬الذكية‭.‬

التقرير‭ ‬أشار‭ ‬كذلك‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الفجوة‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬عدة‭ ‬عوامل‭ ‬أبرزها‭ ‬ضعف‭ ‬تمثيل‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬العلوم‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬والهندسة‭ ‬والرياضيات،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬نسبتهن‭ ‬الثلث‭ ‬في‭ ‬73‭ ‬دولة‭ ‬شملها‭ ‬التقرير،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬التحيزات‭ ‬الجندرية‭ ‬المدمجة‭ ‬في‭ ‬أنظمة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬تكريس‭ ‬التفاوت‭ ‬الوظيفي‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تفضيل‭ ‬الذكور‭ ‬عند‭ ‬التوظيف‭ ‬والترقيات‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تصميم‭ ‬تقنيات‭ ‬غير‭ ‬عادلة‭. ‬

فماذا‭ ‬نحن‭ ‬فاعلون‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تلك‭ ‬المعلومات‭ ‬والتوقعات‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التقرير‭ ‬والتي‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬العنصر‭ ‬النسائي‭ ‬سيكون‭ ‬كبش‭ ‬الفداء‭ ‬الأول‭ ‬عند‭ ‬التحدث‭ ‬عن‭ ‬مخاطر‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي؟‭!‬

هذا‭ ‬المأزق‭ ‬الذي‭ ‬فرضه‭ ‬التطور‭ ‬التكنولوجي‭ ‬على‭ ‬نساء‭ ‬العالم‭ ‬إنما‭ ‬يتطلب‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬التخطيط‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الحكومات‭ ‬والجهات‭ ‬المعنية‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬ابتعاد‭ ‬الجنس‭ ‬الناعم‭ ‬عن‭ ‬الوظائف‭ ‬التقليدية‭ ‬المعرضة‭ ‬للتغييرات‭ ‬التقنية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬بذل‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬محاولة‭ ‬سد‭ ‬الفجوة‭ ‬الرقمية‭ ‬الجندرية،‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬برامج‭ ‬تدريب‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬المهارات‭ ‬الرقمية،‭ ‬وتشجيع‭ ‬المرأة‭ ‬على‭ ‬دخول‭ ‬مجالات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المختلفة‭ ‬وما‭ ‬أكثرها‭.‬

لقد‭ ‬سعى‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للمرأة‭ ‬بالمملكة‭ ‬برئاسة‭ ‬صاحبة‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الاميرة‭ ‬سبيكة‭ ‬بنت‭ ‬إبراهيم‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬إلى‭ ‬سد‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬العمل‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬وحقق‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬نتائج‭ ‬مبهرة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬والبرامج‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬الى‭ ‬تطبيق‭ ‬مبدأ‭ ‬تكافؤ‭ ‬الفرص،‭ ‬وتمكين‭ ‬العنصر‭ ‬النسائي‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬الأصعدة،‭ ‬ترسيخا‭ ‬لإقرار‭ ‬العدالة‭ ‬في‭ ‬ميادين‭ ‬العمل‭ ‬المتباينة،‭ ‬وذلك‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬المؤسسات‭ ‬الحكومية‭ ‬والعامة‭ ‬والخاصة‭.‬

واليوم‭ ‬يبقى‭ ‬المطلوب‭ ‬هو‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬سد‭ ‬الفجوة‭ ‬‮«‬الرقمية‮»‬‭ ‬بصفة‭ ‬خاصة،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬التحدي‭ ‬الأصعب‭ ‬والأهم‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬القادمة‭.‬

إقرأ أيضا لـ"هالة كمال الدين"

• وقفات
• حين يفقد الكارتون براءته
• الشاشة اللعينة
• مشكلتنا في الغباء البشري
• مواعيد عرب
• نقطة