اطلالة
هالة كمال الدين
halakamal99@hotmail.com
ولا عزاء لسنجار وأمثاله
نشر أحد الناشطين على وسائل التواصل مؤخرا تويتة يقول فيها: «العالم التركي عزيز سنجار الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء لا يتجاوز عدد متابعيه 350 ألف شخص ومثله كثير حول العالم.. بينما الشخص الذي اشتهر بتحريك أو هز (كرشه)؛ أي بطنه، يتابعه 15 مليون متابع.. الأمر الذي يلخص بوضوح حجم التدهور في الذوق العام وسيطرة التفاهة على عقول الناس.. وتراجع قيمة العلم والإنجاز الحقيقي»!
شخصيا أتفق مع هذا الرأي بشدة، بعد أن أصبح حجم المتابعة اليوم لأي صاحب حساب على وسائل التواصل الاجتماعي لا يعكس أهمية هذا الشخص أو ما يعرضه من رأي أو فكر أو ثقافة، بل ما يقدمه من محتوى يواكب تفشي ثقافة التفاهة وخاصة بين الأجيال الشابة التي أخذت تسعى وراء المتعة اللحظية والترفيه والسطحية.
اليوم الانشغال بات بالقضايا الفارغة وغير الأخلاقية في بعض الأحيان وهو ما طرحه الكاتب والفيلسوف الكندي «دونو» في كتابه (ثقافة التفاهة) الصادر في عام 2017، الذي حقق انتشار واسعا وصدى كبيرا على مستوى العالم، الذي ذكر فيه أننا نعيش في عصر غير مسبوق من حيث سيطرة فئة من الأشخاص محدودي الكفاءة والتفكير، ما أدى إلى بروز شريحة من التافهين الذين باتوا يهيمنون على المشهد وتقاس أهميتهم بعدد اللايكات (الإعجابات).
بالفعل وكما أشار المراقبون والمحللون أصبحت التفاهة ليست مجرد محتوى ترفيهي، بل يمكن اعتبارها فيروسا اجتماعيا ينتشر بسرعة، ويؤثر في مختلف جوانب الحياة، بعد أن تغلغلت إلى درجة مثلت فيها جزءا من الحياة اليومية لعدد كبير من الناس، حتى راح البعض يحذر من تحولها إلى صناعة قائمة تنال من القيم والمبادئ الأصيلة، ومن ثم من جودة الحياة بشكل عام.
للأسف الشديد هيمنة التفاهة باتت أمرا يثير الاشمئزاز بل والقرف في كثير من الأحيان، وهو يبرهن على ما نعانيه اليوم من تخلف قيمي وانحراف أخلاقي، وذلك بسبب غياب الحوكمة الرقمية وخاصة في الدول النامية، إلى جانب عدم التعامل القانوني الرادع، الأمر الذي ضاعف من نسبة التفاهة والتافهين.
ولا عزاء لسنجار وأمثاله!!

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك