اطلالة
هالة كمال الدين
halakamal99@hotmail.com
الأمان الرقمي
توصلت الحكومة الدنماركية مؤخرا إلى اتفاق سياسي جديد يهدف إلى منع الأطفال دون سن الخامسة عشرة من الوصول إلى بعض منصات التواصل الاجتماعي، في خطوة وصفت بأنها من الأوسع على مستوى أوروبا، وذلك لمعالجة التأثيرات السلبية لهذه المنصات في الفئات الصغيرة من المستخدمين.
وأوضحت وزارة التحول الرقمي الدنماركية التي قادت المبادرة أن الاتفاق سيحدد حدا أدنى للسن المسموح به لاستخدام المنصات، مع إمكانية استثناء الأطفال من عمر 13 عاما، شريطة موافقة الوالدين بعد تقييم فردي لكل حالة.
هذا القرار جاء بعد مناقشة عامة حادة في البلاد بشأن تزايد معدلات التنمر الإلكتروني واضطرابات النوم والإدمان الرقمي بين المراهقين والاستخدام المفرط للتطبيقات الاجتماعية الذي يرتبط بارتفاع مستويات القلق والاكتئاب لدى الأطفال.
لقد أعلنت الوزارة أنه سيتم تحديد المنصات المشمولة بالقرار وآلية التنفيذ لاحقا، مؤكدة أن الهدف من وراء ذلك هو خلق بيئة رقمية أكثر أمانا ومسؤولية بما يضمن حق الأطفال في النمو بعيدا عن الضغوط النفسية والمخاطر الرقمية.
الإدمان الرقمي أصبح اليوم مشكلة تؤرق العالم أجمع وذلك لخطورته النفسية والعقلية والتي قد تتفوق على أنواع الإدمان الأخرى وخاصة بين المراهقين لانطوائه على هوس بفحص حسابات وسائل التواصل الاجتماعي ونشر التحديثات، وهي عملية تؤثر بشكل متزايد في حياة الفرد، وبالتالي يعد الوعي بهذا الإدمان والحد من انتشاره من أهم الأهداف الاستراتيجية التي يجب أن تتصدر أولويات أي مجتمع في هذا الزمان.
لذلك ينصح الخبراء بضرورة التصدي لمخاطر هذا الإدمان الرقمي الذي يؤدي ببعض المراهقين إلى تكوين آراء غير واقعية عن حياة الآخرين وإلى تعرضهم للابتزاز والاستغلال، ومن ثم الوقوع فريسة لمشكلات الصحة العقلية وخاصة مع تعدد أنواعه وصوره مثل ألعاب الفيديو والهواتف ووسائل التواصل والرسائل النصية والمواقع الإباحية وغيرها، الأمر الذي يؤدي إلى الانعزال عن المجتمع الواقعي والعيش في وحدة العالم الافتراضي.
للأسف الشديد يجب أن نعترف بأن كثيرا من الآباء قد فشلوا في تقنين أوقات تعامل أبنائهم مع الإنترنت، وفي رقابة ما يشاهدونه أو يطلعون عليه، وبالتالي وفي رأيي المتواضع يصبح القرار الدانماركي هو أحد الحلول المثلى لتحقيق أقل قدر من الخسائر وأكبر قسط من الأمان الرقمي، والأهم هو استحداث ما يسمى بوزارة التحول الرقمي التي قد تفوق أهميتها في هذا العصر أهمية بعض الوزارات الأخرى الموجودة على الساحة مع احترامي لها.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك