العدد : ١٧٤٠٦ - الثلاثاء ١٨ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٧ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤٠٦ - الثلاثاء ١٨ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٧ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

كلوا واشربوا ولكن بصمت

الأكل‭ ‬أي‭ ‬تناول‭ ‬الطعام‭ ‬أمر‭ ‬شديد‭ ‬الخصوصية،‭ ‬ولهذا‭ ‬يتعامل‭ ‬غالبية‭ ‬الناس‭ ‬مع‭ ‬الطعام‭ ‬داخل‭ ‬بيوتهم،‭ ‬وحتى‭ ‬عندما‭ ‬يذهب‭ ‬إنسان‭ ‬إلى‭ ‬مطعم‭ ‬فإنه‭ ‬يفضِّل‭ ‬طاولة‭ ‬بعيدا‭ ‬قدر‭ ‬المستطاع‭ ‬عن‭ ‬الآخرين،‭ ‬وبسبب‭ ‬تلك‭ ‬الخصوصية‭ ‬فإن‭ ‬العربي‭ ‬لا‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬طعامه‭ ‬مادة‭ ‬للأنس،‭ ‬ورغم‭ ‬أنني‭ ‬وعلى‭ ‬المستوى‭ ‬الشخصي‭ ‬أحب‭ ‬الطعام‭ ‬كغيري‭ ‬من‭ ‬البشر،‭ ‬إلا‭ ‬أنني‭ ‬لا‭ ‬أحب‭ ‬أن‭ ‬يحكي‭ ‬لي‭ ‬أحد‭ ‬ماذا‭ ‬أكل‭ ‬أو‭ ‬سيأكل،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬صرت‭ ‬أعاني‭ ‬من‭ ‬حساسية‭ ‬شديدة‭ ‬من‭ ‬كلمات‭ ‬وعبارات‭ ‬معينة،‭ ‬مثل‭ ‬ريجيم‭ ‬وسعرات‭ ‬حرارية‭ ‬ورشاقة‭ ‬وكولسترول‭ ‬والتغذية‭ ‬المتوازنة،‭ ‬فعندما‭ ‬أسمعها‭ ‬أحس‭ ‬بحكة‭ ‬شديدة‭ ‬في‭ ‬ثنايا‭ ‬أصابعي‭ ‬وبرغبة‭ ‬عارمة‭ ‬في‭ ‬لكْم‭ ‬وضرب‭ ‬من‭ ‬ينطقون‭ ‬بها،‭ ‬فالاهتمام‭ ‬بأمور‭ ‬اللياقة‭ ‬والرشاقة‭ ‬بلغ‭ ‬حد‭ ‬السخف‭. ‬نعم،‭ ‬يستحسن‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬جميعا‭ ‬في‭ ‬صحة‭ ‬جيدة‭ ‬وأن‭ ‬نتخلص‭ ‬من‭ ‬الدهون‭ ‬والزوائد‭ ‬التي‭ ‬تظهر‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬استراتيجية‭ ‬في‭ ‬أجسامنا،‭ ‬ولكن‭ ‬يستحسن‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬نفعل‭ ‬ذلك‭ ‬‮«‬كتامي‮»‬‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬ضجيج‭ ‬ومحاضرات‭ ‬وندوات‭. ‬ولكن‭ ‬حتى‭ ‬الونسة‭/ ‬السوالف‭ ‬صارت‭ ‬في‭ ‬معظمها‭ ‬حول‭ ‬هذه‭ ‬المواضيع،‭ ‬وهناك‭ ‬سيدات‭ ‬لديهن‭ ‬كتالوجات‭ ‬لنحو‭ ‬خمسة‭ ‬أو‭ ‬تسعة‭ ‬أنواع‭ ‬من‭ ‬الريجيم‭/ ‬الحمية،‭ ‬وبعضهن‭ ‬يملكن‭ ‬ثقافة‭ ‬غذائية‭ ‬تؤهلهن‭ ‬للعمل‭ ‬كخبيرات‭ ‬تغذية،‭ ‬ولكن‭ ‬خبيرات‭ ‬التغذية‭ ‬مكانهن‭ ‬المستشفيات‭ ‬أو‭ ‬مختبرات‭ ‬البلدية‭ ‬وبالتالي‭ ‬فجعل‭ ‬الطعام‭ ‬ومكوناته‭ ‬مادة‭ ‬للأنس‭ ‬أمر‭ ‬ممل‭.. ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يحب‭ ‬سيرة‭ ‬الأكل‭ ‬ولكن‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬يستمع‭ ‬‭ ‬مثلا‭ - ‬لطريقة‭ ‬إعداد‭ ‬أكلة‭ ‬معينة‭ ‬

كتبت‭ ‬وشكوت‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬استغلال‭ ‬المستشفيات‭ ‬الخاصة‭ ‬للهوس‭ ‬النسائي‭ ‬بالرشاقة‭ ‬وملاحقتها‭ ‬للنساء‭ ‬بإعلانات‭ ‬تجعل‭ ‬كل‭ ‬واحدة‭ ‬منهن‭ ‬تتوهم‭ ‬أنها‭ ‬ستصير‭ ‬عجرمية‭ ‬لو‭ ‬دفعت‭ ‬كذا‭ ‬ألف‭ ‬فقط‭ ‬لـ«عيادات‭ ‬جعفر‭ ‬الطبية‭ ‬لتخسيس‭ ‬الدببة‭ ‬القطبية‮»‬،‭ ‬ويفوت‭ ‬عليهن‭ ‬أن‭ ‬العجرمية‭ ‬صرفت‭ ‬‮«‬شي‭ ‬وشويات‮»‬‭ ‬كي‭ ‬تكتسب‭ ‬التقاطيع‭ ‬والتضاريس‭ ‬الحالية‭. ‬ويا‭ ‬بنات‭ ‬ويا‭ ‬نساء‭ ‬إليكن‭ ‬وصفة‭ ‬تضمن‭ ‬الرشاقة‭ ‬والأناقة‭ ‬واللياقة‭: ‬تناولي‭ ‬الوجبات‭ ‬وأنت‭ ‬‮«‬جالسة‮»‬‭. ‬لا‭ ‬تأكلي‭ ‬حتى‭ ‬حب‭ ‬القرع‭ ‬وأنت‭ ‬راقدة‭.. ‬بلاش‭ ‬لحم‭.. ‬لا‭ ‬تصبحي‭ ‬نباتية،‭ ‬ولكن‭ ‬تعاملي‭ ‬مع‭ ‬اللحم‭ ‬كما‭ ‬يتعامل‭ ‬القادة‭ ‬العرب‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل،‭ ‬أي‭ ‬على‭ ‬أضيق‭ ‬نطاق‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬‮«‬تضخيم‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬بلاش‭ ‬مما‭ ‬يسميه‭ ‬المصريون‭ ‬بالـ«هُبَر‮»‬‭.. ‬قطعتان‭ ‬صغيرتان‭ ‬تكفي‭.. ‬ولسبب‭ ‬لا‭ ‬أعرفه‭ ‬فهناك‭ ‬ثأر‭ ‬بين‭ ‬العرب‭ ‬والخرفان،‭ ‬وليثبت‭ ‬العربي‭ ‬أنه‭ ‬كريم‭ ‬فإنه‭ ‬يفتك‭ ‬بعدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الخرفان‭.. ‬وإذا‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬وليمة‭ ‬على‭ ‬‮«‬شرف‮»‬‭ ‬شخص‭ ‬ما‭ ‬فستعرف‭ ‬‮«‬قيمته‮»‬‭ ‬عند‭ ‬صاحب‭ ‬الوليمة‭ ‬بعدد‭ ‬الخراف‭ ‬التي‭ ‬راحت‭ ‬ضحية‭ ‬تكريمه‭ (‬كما‭ ‬استنتج‭ ‬الصديق‭ ‬الراحل‭ ‬غازي‭ ‬القصيبي‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭) ‬يا‭ ‬ستي‭ ‬تناولي‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تشتهين‭ ‬من‭ ‬طعام‭ ‬بس‭ ‬‮«‬بحساب‮»‬،‭ ‬وبذلك‭ ‬لن‭ ‬تصبحي‭ ‬دبة‭ ‬قطبية‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬خدماتي‭ ‬الطبية‭.‬

وشكوت‭ ‬مرارا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬شريحة‭ ‬من‭ ‬الأطباء‭ ‬سببت‭ ‬لنا‭ ‬نحن‭ ‬معشر‭ ‬الرجال‭ ‬عقدا‭ ‬مزمنة‭ ‬بإعلاناتها‭ ‬المتكررة‭ ‬عن‭ ‬عقاقير‭ ‬ووصفات‭ ‬وتدخلات‭ ‬جراحية‭ ‬تعزز‭ ‬الفحولة،‭ ‬مما‭ ‬يثير‭ ‬الشكوك‭ ‬حول‭ ‬كفاءتنا‭.. ‬وبكل‭ ‬سذاجة‭ ‬فإن‭ ‬الصحف‭ ‬التي‭ ‬يسيطر‭ ‬عليها‭ ‬الرجال‭ ‬صارت‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬حملات‭ ‬الترويج‭ ‬الغبية‭ ‬للمحفزات‭ ‬الجنسية‭.. ‬أمامي‭ ‬الآن‭ ‬وعلى‭ ‬نفس‭ ‬الصفحة‭ ‬من‭ ‬ذات‭ ‬جريدة‭ ‬خبران‭ ‬بنفس‭ ‬المعنى‭ ‬تقريبا‭: ‬1‭) ‬شريحتان‭ ‬من‭ ‬البطيخ‭ ‬تؤديان‭ ‬نفس‭ ‬مفعول‭ ‬الحبة‭ ‬الزرقاء‭ ‬2‭) ‬تقرير‭ ‬لوكالة‭ ‬الصحافة‭ ‬الفرنسية‭ ‬من‭ ‬رام‭ ‬الله‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬بدويا‭ ‬فلسطينيا‭ ‬يعيش‭ ‬على‭ ‬بيع‭ ‬لبن‭ ‬الإبل‭ ‬وإن‭ ‬معظم‭ ‬زبائنه‭ ‬من‭ ‬طالبي‭ ‬الفحولة‭!‬‭!‬

هناك‭ ‬فاكهة‭ ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬منها‭ ‬بيتي‭ ‬أبدا‭ ‬وهي‭ ‬الموز،‭ ‬وفاكهة‭ ‬أخرى‭ ‬موسمية‭ ‬هي‭ ‬البطيخ‭ ‬أعشقها‭ ‬وأتناولها‭ ‬طوال‭ ‬فصل‭ ‬الصيف،‭ ‬وكلما‭ ‬ذهبت‭ ‬إلى‭ ‬أخصائي‭ ‬أمراض‭ ‬الجهاز‭ ‬الهضمي‭ ‬شاكيا‭ ‬من‭ ‬اضطرابات‭ ‬القولون‭ ‬صاح‭ ‬في‭ ‬وجهي‭: ‬ابتعد‭ ‬عن‭ ‬البطيخ‭ ‬عشان‭ ‬أرتاح‭ ‬أنا‭ ‬من‭ ‬خلقتك‭!! ‬وفي‭ ‬مدينة‭ ‬العين‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬شربت‭ ‬حليب‭ ‬الإبل‭ ‬لأول‭ ‬وآخر‭ ‬مرة‭ ‬مجاملة‭ ‬لبدوي‭ ‬ولزمت‭ ‬الفراش‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬سبب‭ ‬لي‭ ‬إسهالا‭ ‬حادا‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬فقدان‭ ‬جسمي‭ ‬للسوائل‭ ‬الضرورية‭ ‬فكان‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬تغذيتي‭ ‬بالوريد‭. ‬أعرف‭ ‬لحليب‭ ‬الإبل‭ ‬فوائد‭ ‬غذائية‭ ‬لا‭ ‬حصر‭ ‬لها‭ ‬ولكن‭ ‬لن‭ ‬يستطيع‭ ‬أحد‭ ‬إقناعي‭ ‬بأن‭ ‬الإسهال‭ ‬يزيد‭ ‬الفحولة‭!‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا