عالم يتغير
فوزية رشيد
بين الجنون والفوضى ومسمار جحا!
{ الجنون يطغى والفوضى تعم، ونظام التفاهة والعبث يسيطر حتى على سياسات ومجتمعات دول كبرى، وصولاً إلى ما يسمى بالسياسة الدولية «السوقية» التي تتخلل تصريحات ممثلين في البيت الأبيض، بعد أن تخللت الدعابات المجانية تصريحات وخطابات رئيسه، حتى وهو في محفل عالمي كالذي كان مؤخرا في شرم الشيخ! ولأن الفوضى تحرك مقادير «اللامصداقية»، فإن الأفكار وكأنها في عربة تجرها هذه الفوضى لتتغير بين يوم وليلة! ففي كل يوم فكرة يتم نقضها بعد ساعات من الرئيس الأمريكي، فلا يبقى في سياسة الدولة العظمي ما يمكن الوثوق به أو بمصداقيته بعد ذلك أو التزام دولة السيطرة العالمية به! ولكأن العالم والمنطقة العربية، على كف عفريت حسب المزاج العام لهذا الرئيس أو لذلك القائد أو الوزير، الذي يجعل من حكومة الاحتلال والاستيطان، مجرد بؤرة لأحلام وأخيلة متطرفة تلتحف بمعتقدات ملفقة يراد فرضها عبر القوة العسكرية للكيان أو للولايات المتحدة.
{ ليس زمناً بعيداً ذاك الذي يفصلنا عن عام النكبة في فلسطين وبالأحرى في المنطقة، حين ضغط الانتداب البريطاني آنذاك ضغطة خفيفة على العالم (لتأسيس كيان صهيوني) نشاز عن كل المبادئ الدولية وقيمها وقوانينها، وبقرار أممي من الأمم المتحدة لمجرد أن «بلفور» وعد الصهاينة بإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين! ربما كان هذا الجنون الكبير أو والأكبر بما يتعلق بالمنطقة العربية ونسف القانون الدولي وتشريد شعب ليحل محله نثار قوميات مختلفة لمجرد أنه يجمعهم دين واحد هو «اليهودية»، التي تحولت بقدرة قادر إلى قومية تحتاج إلى وطن بادعاءات تاريخية تلفيقية بدورها! فكانت فلسطين هي هذا الوطن! بعدها تواصل الجنون في القانون الدولي بصفة الاستعمار البريطاني والغربي، ليدخل العرب من فوهة مخطط سايكس بيكو الفرنسي البريطاني، ولتعم الخدعة الصهيونية الاستعمارية في أدبيات وسرديات الغرب، ومنه إلى العالم بأن فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض! هكذا بدأت الحكاية كما نعرف جميعاً!
{ منذ ذلك الوقت والفوضى الدولية تكبر ككرة الثلج، وهي تتدحرج لتتسع رقعة البقعة السوداء في ظل الخداع والمكر الاستعماري، ليؤسس لنفسه بيتا راسخاً في المنطقة العربية والإسلامية! وهذا البيت الاستعماري هو نشوء الكيان اللقيط أو مسمار جحا! مستنداً على حائط الصهيونية العالمية، التي اتضح أنها تسيطر على قادة وسياسات وقرارات الغرب! بل إنها والماسونية العالمية هي التي تقود وتدير حكومات العالم علناً أو خفية! وتكرس الهيمنة والتدخلات وإشاعة الصراعات والأزمات والحروب وتهديد العروش بالإسقاط! لكي يبقى اللقيط الصهيوني في مأمن، يتغذى بعد أن رسخ وجوده على فيض من الأطماع والأوهام التوسعية! ولكي يتواصل من أجله جنون دولي يكتسح العالم المسيطر عليه عبر الشركات الصهيونية والعولمية الكبرى! وسواء تلك السيطرة في المال أو الاقتصاد أو الإعلام أو التعليم أو الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالأسرة وغيرها، فإن الضعف الدولي داخل كل دولة على حده، أسهم في تغول تلك السيطرة!
{ اليوم الجنون والفوضى أخذا ملامح أقسى، وبهما تتم محاربة البشرية لتقليل عدد السكان عالميا، وضرب القيمة السامية للإنسان بإعلان استنساخ الروبوتات والذكاء الاصطناعي، ليصبح الكثير من المهن والوظائف البشرية في مهب الريح! دون نسيان ضرب القيم الإنسانية والهويات والتنوع الثقافي الحضاري، والغريب أن لاستخبارات الكيان اللقيط يد في كل ما يعم العالم من فوضى وجنون! فمن أجل أوهامه التلمودية تتحرك الصهيونية - الماسونية، لتطويع المنطق للامنطق! وتطويع الوعي والعقل العالمي السياسي، حتى على مستوى حكومات الدول الراسخة للجنون المتطرف، واليمين الأكثر تطرفا لقادة البيت الأبيض وللاستعمار «العقاري» الجديد والذي يتم تمريره خطوة بخطوة في غزة والضفة على سبيل المثال، ثم لتمتد اليد الطامعة إلى دول أخرى في المنطقة، ويُراد أن يتم تمرير كل ذلك بصيغ براقة باسم السلام والإخاء والمحبة والاتفاقيات التطبيعية المخادعة!
{ ليس من مبالغة إذا تم القول إن هذا الكيان بحماية الغرب الاستعماري هو سبب رئيسي لأزمات العالم ومحنه، وذلك ما استوعبته شعوب العالم من خلال أحداث غزة، وأدركت أنها كلها مستبعدة بدورها من ذات الجهة ولذلك تناشد الحرية الانسانية، وتريد العودة إلى حقيقتها الإنسانية، وإلى القيم الأخلاقية والأممية التي أهدرتها الصهيونية العالمية، من خلال دعم هذا الكيان الخارج عن كل القيم والمبادئ والقانون الدولي! وما ثورة الشعوب وهي تناصر فلسطين إلا بإدراك أنها ثورة الإنسان في كل مكان لاستعادة كرامته وحريته في كل مكان!
{ بدأت الشعوب تبحث بنفسها عن حقائق التاريخ وعن نشوء هذا الكيان وكيفية تأسيسه وعن الخرافات والأساطير والتلفيقات الدينية، ووعد الشيطان الذي يستند عليه هذا الكيان ليس فقط حول كيفية نشوئه، وإنما لمطامع توسعه الجغرافي وخلخلة الأمن والاستقرار في العالم، بمزيد من البطش والقوة الوحشية، وبمساندة الغرب بقيادة الولايات المتحدة! لتدرك هذه الشعوب أيضاً أنه تم تضليلها بمرويات وسرديات كاذبة، فيما هناك عامان من الإبادة كشفت حقائق ما يقوم به هذا الكيان وكذب تلك السرديات، وحقائق الدعم الأمريكي والغربي له وخفايا الشركات العولمية الكبرى المهيمنة على الغرب والعالم!
{ إن نظرية الفوضى لبناء عالم آخر وشرق أوسط جديد، قائمة على إسقاط كل هياكل وأسس ومبادئ العالم سواء في قوانينه أو سياساته أو دساتيره أو منظماته الحقوقية والإنسانية! وهي النظرية التي تؤازرها قيم مختلة أخرى ومجنونة لنظام التفاهة العالمي! ليبدو المشهد وكأن العالم كله يتهاوى في حفرة التطرف اليميني الصهيوني في الغرب وجنونه، لتحتفل دولة الشر والاحتلال بكل ما أنتجته عبر التاريخ من تطرف عقدي وفكري وعنصري، وكل ما أوهمت العالم به من سرديات التلفيق الديني والتاريخي وشعب الله المختار!.
لتسلب كل شعوب العالم من إنسانيتها وتضعها في المكان العاشر ازدراء! فالحق كله لدولة الشر العالمية وحدها، ولا صوت لوطن أو أرض أو حقوق شعب ودولة، إذا ما وضعت رؤوس الشر عيونها على كل ذلك وفي أي مكان! قمة الفوضى وقمة الجنون ومعركة الشعوب وليس فلسطين وحدها معركة طويلة لنيل الحرية والكرامة والإنسانية.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك