العدد : ١٧٣٨٨ - الجمعة ٣١ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٨٨ - الجمعة ٣١ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

اطلالة

هالة كمال الدين

halakamal99@hotmail.com

الشاشة اللعينة

وقعتْ‭ ‬مؤخرًا‭ ‬جريمةٌ‭ ‬ارتكبها‭ ‬طفلٌ‭ ‬عمره‭ ‬13‭ ‬عاما‭ ‬هزت‭ ‬الساحةَ‭ ‬المصريَّة،‭ ‬بل‭ ‬والعالميَّة،‭ ‬حتى‭ ‬وصفها‭ ‬البعض‭ ‬بأنها‭ ‬من‭ ‬أبشع‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬جمهوريةُ‭ ‬مصر‭ ‬العربية‭ ‬خلال‭ ‬السنواتِ‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وهي‭ ‬مستوحاةٌ‭ ‬من‭ ‬ألعاب‭ ‬الفيديو‭.‬

لقد‭ ‬اعترف‭ ‬الطفلُ‭ ‬بارتكابِ‭ ‬الجريمة‭ ‬عقب‭ ‬مشادة‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬زميله‭ ‬في‭ ‬منزله‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬أسرته،‭ ‬وبأنه‭ ‬اعتدى‭ ‬عليه‭ ‬بعصا‭ ‬خشبية‭ ‬على‭ ‬الرأس‭ ‬حتى‭ ‬فارق‭ ‬الحياة،‭ ‬ثم‭ ‬استخدم‭ ‬منشارًا‭ ‬كهربائيًّا‭ ‬مملوكا‭ ‬لوالده‭ ‬الذي‭ ‬يعملُ‭ ‬نجارًا‭ ‬لتقطيع‭ ‬الجثة،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬تعلم‭ ‬طريقة‭ ‬التنفيذ‭ ‬من‭ ‬إحدى‭ ‬الألعاب‭ ‬الإلكترونيَّة‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭.‬

هذه‭ ‬الجريمةُ‭ ‬الشنعاء‭ ‬أثارت‭ ‬حالةً‭ ‬من‭ ‬الذعر‭ ‬لدى‭ ‬كل‭ ‬الأوساط،‭ ‬حيث‭ ‬استلهم‭ ‬الطفلُ‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬اضطرابًا‭ ‬نفسيًّا‭ ‬منذ‭ ‬انفصالِ‭ ‬والديه‭ ‬طريقةَ‭ ‬تنفيذها‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬مسلسل‭ ‬أجنبي‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬كستر‮»‬،‭ ‬محولا‭ ‬الضحية‭ ‬إلى‭ ‬أشلاء‭ ‬تم‭ ‬إخفاؤها‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬كارفور‭ ‬الإسماعيلية‭.‬

ترى‭ ‬هل‭ ‬تلك‭ ‬الجريمة‭ ‬هي‭ ‬نتاج‭ ‬التفكك‭ ‬الأسري؟

أم‭ ‬مشاهدة‭ ‬الأفلام‭ ‬والمسلسلات‭ ‬العنيفة؟

أم‭ ‬ممارسة‭ ‬الألعاب‭ ‬التي‭ ‬تحض‭ ‬على‭ ‬السلوك‭ ‬العدواني؟‭ ‬

أم‭ ‬نتاج‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬جملة‭ ‬وتفصيلا؟

لقد‭ ‬أثبتت‭ ‬الدراساتُ‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬85‭% ‬من‭ ‬ألعاب‭ ‬الفيديو‭ ‬الموجودة‭ ‬بالسوق‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬العنف،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬أصبحت‭ ‬اليوم‭ ‬صانعة‭ ‬للقتلة‭ ‬الصغار‭ ‬وتمثل‭ ‬أحد‭ ‬العوامل‭ ‬الرئيسية‭ ‬التي‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬رفع‭ ‬الميول‭ ‬العدوانية‭ ‬لديهم‭ ‬واكتساب‭ ‬بعض‭ ‬القيم‭ ‬الخاطئة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬عنف‭ ‬مفرط،‭ ‬وذلك‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬تأدية‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الترفيه‭ ‬البريء‭. ‬

وهذا‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬تأكيده‭ ‬عند‭ ‬تحليل‭ ‬نتائج‭ ‬24‭ ‬دراسة‭ ‬شملت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬17‭ ‬ألف‭ ‬طفل‭ ‬ومراهق‭ ‬كشف‭ ‬الباحثون‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬الأطفال‭ ‬الذين‭ ‬لعبوا‭ ‬ألعاب‭ ‬الفيديو‭ ‬التي‭ ‬تتميز‭ ‬بالقتل‭ ‬والهجمات‭ ‬كانوا‭ ‬أكثر‭ ‬عرضة‭ ‬من‭ ‬نظرائهم‭ ‬ليصبحوا‭ ‬أكثر‭ ‬عدوانية‭ ‬بمرور‭ ‬الوقت،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يؤكد‭ ‬وجود‭ ‬رابط‭ ‬موثوق‭ ‬به‭ ‬بين‭ ‬العنف‭ ‬والألعاب‭ ‬العنيفة‭.‬

فرأفة‭ ‬بهذا‭ ‬الجيل‭ ‬وبالأجيال‭ ‬القادمة،‭ ‬وشفقة‭ ‬بآبائهم،‭ ‬رجاء‭ ‬توفير‭ ‬الحماية‭ ‬لأبنائنا‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬الإنترنت،‭ ‬وتعليمهم‭ ‬ممارسات‭ ‬الأمان‭ ‬الأساسية‭ ‬ضد‭ ‬التهديدات‭ ‬السيبرانية،‭ ‬ومراقبتهم‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬ومتابعة‭ ‬نوعية‭ ‬ما‭ ‬يشاهدون،‭ ‬والأهم‭ ‬وضع‭ ‬حدود‭ ‬لوقت‭ ‬الشاشة‭ ‬اللعينة‭ ‬بكل‭ ‬أنواعها‭ ‬ووسائلها‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬سببا‭ ‬أساسيا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المصائب‭ ‬التي‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬الجميع‭ ‬اليوم‭.‬

إقرأ أيضا لـ"هالة كمال الدين"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا