العدد : ١٧٣٧٥ - السبت ١٨ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٦ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٧٥ - السبت ١٨ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٦ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

عدنا إلى سلام شامل قبل الدولة الفلسطينية!

{‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬تصريح‭ ‬لترامب‭ ‬السبت‭ ‬الماضي‭ ‬يقول‭ ‬فيه‭: ‬‮«‬إن‭ ‬الاتفاق‭ ‬يتجاوز‭ ‬مسألة‭ ‬غزة‭ ‬نحو‭ ‬سلام‭ ‬شامل‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬‭! ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬الخطة‭ ‬التي‭ ‬طرحها‭ ‬وفي‭ ‬تصريحات‭ ‬و‮«‬يتكون‭ ‬وكوشنر‮»‬‭ ‬السبت‭ ‬الماضية‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬أية‭ ‬إشارة‭ ‬لمعاناة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬أو‭ ‬حقوق‭ ‬أو‭ ‬مطالبه‭ ‬أو‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬رغم‭ ‬اعتراف‭ ‬159‭ ‬دولة‭ ‬بها‭ ‬قبل‭ ‬طرح‭ ‬الخطة‭ ‬الترامبية‭! ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التأكيد‭ ‬المتكرر‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬الكيان‭ ‬المتطرفين‭ ‬برفض‭ ‬فكرة‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬من‭ ‬الأصل‭! ‬وفيما‭ ‬التعنت‭ ‬يتواصل‭ ‬من‭ ‬جانبهم،‭ ‬فهناك‭ ‬غموض‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬خطته،‭ ‬التي‭ ‬بدورها‭ ‬لم‭ ‬يرد‭ ‬فيها‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬حول‭ ‬الحل‭ ‬العادل‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وإنهاء‭ ‬معاناة‭ ‬شعبها،‭ ‬وبالتزام‭ ‬واضح‭ ‬كبداية‭ ‬لسلام‭ ‬شامل‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭! ‬بل‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬سُمي‭ ‬بالتفاؤل‭ ‬الحذر‭ ‬هو‭ ‬سيد‭ ‬الموقف‭ ‬حتى‭ ‬حول‭ ‬إعادة‭ ‬الرهائن،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تلاعبت‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬بعدد‭ ‬المعتقلين‭ ‬وأسمائهم‭ ‬حسب‭ ‬الاتفاق‭! ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬بعد‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬كل‭ ‬الرهائن‭ ‬فإن‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬الخطة‭ ‬تحتمل‭ ‬كل‭ ‬احتمالات‭ ‬التلاعب‭ ‬والشكوك‭ ‬حول‭ ‬تنفيذها‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭! ‬فكيف‭ ‬سيتحقق‭ ‬السلام‭ ‬الشامل؟‭!‬

{‭ ‬وفق‭ ‬ذلك‭ ‬هل‭ ‬قمة‭ ‬‮«‬شرم‭ ‬الشيخ‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تجمع‭ ‬ترامب‭ ‬مع‭ ‬رؤساء‭ ‬دول‭ ‬أخرى،‭ ‬هي‭ ‬بداية‭ ‬لسلام‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬حقيقة‭ ‬أم‭ ‬هي‭ ‬بوابة‭ ‬لفتح‭ ‬كل‭ ‬الاحتمالات‭ ‬لتصاعد‭ ‬الصراع‭ ‬مجدداً،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بين‭ ‬الكيان‭ ‬والفلسطينيين،‭ ‬بل‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى؟‭! ‬وحيث‭ ‬اتفاقيات‭ ‬السلام‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتوسع‭ ‬دون‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬الجانب‭ ‬السعودي‭ ‬الذي‭ ‬ربط‭ ‬أي‭ ‬تطبيع‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬بقيام‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭!‬

{‭ ‬من‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬تنفس‭ ‬الصعداء‭ ‬مع‭ ‬وقف‭ ‬النار،‭ ‬وعودة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬النازحين‭ ‬إلى‭ ‬أماكنهم‭ ‬المدمرة‭ ‬رغم‭ ‬عدم‭ ‬قابليتها‭ ‬كمكان‭ ‬مدمر‭ ‬للعيش‭! ‬ولكن‭ ‬الكل‭ ‬يعرف‭ ‬التعنت‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإجرامية،‭ ‬ويدرك‭ ‬أن‭ ‬الغموض‭ ‬يحيط‭ ‬بكل‭ ‬شيء،‭ ‬رغم‭ ‬تفاؤل‭ ‬البعض‭ ‬بأن‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬قد‭ ‬تتوقف‭ ‬تماماً‭! ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬نزع‭ ‬السلاح‭ ‬من‭ ‬فصائل‭ ‬المقاومة‭ ‬إن‭ ‬تم؟‭! ‬وماذا‭ ‬عن‭ ‬مستقبل‭ ‬غزة؟‭! ‬وماذا‭ ‬عن‭ ‬السيادة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬على‭ ‬الأرض؟‭! ‬وماذا‭ ‬عن‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬قابلة‭ ‬للحياة؟‭! ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬المسائل‭ ‬الجوهرية‭ ‬متروكة‭ ‬كما‭ ‬يبدو‭ ‬لمعركة‭ ‬معقدة‭ ‬قد‭ ‬تطول‭ ‬كثيراً،‭ ‬ولا‭ ‬يتحقق‭ ‬منها‭ ‬شيء‭ ‬عبر‭ ‬التفاوض‭! ‬إذ‭ ‬أثناء‭ ‬تلك‭ ‬التعقيدات‭ ‬قد‭ ‬تتغير‭ ‬معادلات‭ ‬الصراع‭ ‬مجدداً‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬حرب‭ ‬أخرى‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬أكثر‭ ‬شمولية‭ ‬وضراوة‭!‬‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬سمة‭ ‬وجود‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬هو‭ ‬استمراره‭ ‬في‭ ‬الحروب،‭ ‬وليس‭ ‬تحركاته‭ ‬نحو‭ ‬السلام‭! ‬وكذلك‭ ‬هي‭ ‬سمة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭! ‬

{‭ ‬إن‭ ‬احتمالات‭ ‬الانفراج‭ ‬موجودة‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬أمريكا‭ ‬ترامب‮»‬‭ ‬جادة‭ ‬في‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬السلام‭ ‬من‭ ‬بوابة‭ ‬تحقيق‭ ‬الحقوق‭ ‬والمطالب‭ ‬الشرعية‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭! ‬ولكن‭ ‬ذلك‭ ‬يبدو‭ ‬بعيداً‭ ‬في‭ ‬الأفق،‭ ‬مثلما‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الخطاب‭ ‬الصهيوني‭ ‬المتطرف‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬كل‭ ‬الرهان‭ ‬سيزداد‭ ‬تصعيداً‭! ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ - ‬ترامب‭ ‬قد‭ ‬اتجهت‭ ‬نحو‭ ‬تكريس‭ ‬الحرب‭ ‬وتسمية‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية‭ ‬وزارة‭ ‬الحرب‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬منذ‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭! ‬وما‭ ‬يهم‭ ‬ترامب‭ ‬اليوم‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬هو‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬انتصار‭ ‬دبلوماسي‭ ‬وإعادة‭ ‬تدوير‭ ‬صورة‭ ‬الكيان‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬وتبييض‭ ‬صفحته‭ ‬وإنقاذه‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تشوهت‭ ‬صورته‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬الحدود‭ ‬بسبب‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬والوحشية‭ ‬غير‭ ‬المعهودة‭ ‬وغير‭ ‬المسبوقة‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭!‬

{‭ ‬مصر‭ ‬التي‭ ‬تدرك‭ ‬النيات‭ ‬الصهيونية‭ ‬ووجهت‭ ‬الأنظار‭ ‬إلى‭ ‬مدى‭ ‬مصداقية‭ ‬تلك‭ ‬النيات‭ ‬تجاه‭ ‬السلام،‭ ‬وحشرت‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬في‭ ‬الزاوية،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬صمود‭ ‬‮«‬الغزيين‮»‬‭ ‬صموداً‭ ‬أسطورياً‭ ‬مدة‭ ‬عامين،‭ ‬تريد‭ ‬إثبات‭ ‬رؤيتها‭ ‬حول‭ ‬استقرار‭ ‬المنطقة،‭ ‬ومنع‭ ‬مشروع‭ ‬التهجير‭ ‬إلى‭ ‬سيناء،‭ ‬والتأكيد‭ ‬بدورها‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬التي‭ ‬عقدت‭ ‬السعودية‭ ‬وفرنسا‭ ‬مؤتمراً‭ ‬دولياً‭ ‬بخصوصها‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭ ‬العمومية‭ ‬وصحيح‭ ‬أن‭ ‬غاية‭ ‬حكومة‭ ‬الاحتلال‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يهمها‭ ‬هو‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬مأزقها‭ ‬الإنساني‭ ‬والسياسي‭ ‬والأخلاقي‭ ‬وردم‭ ‬أي‭ ‬تصدع‭ ‬داخلي‭ ‬حولها‭ ‬ولكنها‭ ‬تريد‭ ‬ذلك‭ ‬بشكل‭ ‬مجاني‭ ‬دون‭ ‬تحقيق‭ ‬المطالب‭ ‬الفلسطينية‭!‬

{‭ ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬كل‭ ‬الأمور‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬جوهر‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬مؤجلة،‭ ‬والحديث‭ ‬حولها‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬غامضاً،‭ ‬ودون‭ ‬وجود‭ ‬آية‭ ‬ضمانات‭ ‬لها،‭ ‬فيما‭ ‬الأصوات‭ ‬المتطرفة‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تريد‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الحرب‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬حماس‭ ‬وأية‭ ‬مقاومة‭ ‬فلسطينية‭ ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬والتهجير‭ ‬واحتلال‭ ‬كامل‭ ‬الأرض‭ ‬الفلسطينية‭ (‬غزة‭ ‬والضفة‭)‬،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬المستغرب‭ ‬هذا‭ ‬التفاؤل‭ ‬الأمريكي‭ ‬بسلام‭ ‬شامل‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬أو‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بعنوان‭ ‬آخر‭!‬،‭ ‬بل‭ ‬والمستغرب‭ ‬التحرك‭ ‬نحو‭ ‬توسيع‭ ‬قائمة‭ ‬اتفاقيات‭ ‬التطبيع،‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬كابدته‭ ‬غزة‭ ‬والشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والمنطقة‭ ‬والعالم‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬لها‭!‬

{‭ ‬وبذلك‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬الغموض‭ ‬وإدراك‭ ‬حقيقة‭ ‬النيات‭ ‬لدولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬وللولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬فإن‭ ‬احتمالات‭ ‬بقاء‭ ‬جذور‭ ‬الصراع‭ ‬وبقوة‭ ‬دون‭ ‬حل‭ ‬عادل‭ ‬كما‭ ‬يبدو‭ ‬هو‭ ‬المرشح،‭ ‬وحيث‭ ‬أية‭ ‬حرب‭ ‬قادمة‭ ‬ستكون‭ ‬قابلة‭ ‬للاشتعال‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر‭ ‬سريالية‭ ‬في‭ ‬العنف‭ ‬والوحشية‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬خسران‭ ‬الورقة‭ ‬الأهم‭ ‬لدى‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بخصوص‭ ‬غزة‭ ‬وهي‭ ‬ورقة‭ ‬الرهائن‭! ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬لديه‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬معرفة‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬قادم‭ ‬فيما‭ ‬التشاؤم‭ ‬أو‭ ‬التفاؤل‭ ‬الحذر‭ ‬كما‭ ‬يقال‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يحكم‭ ‬بنود‭ ‬الخطة‭ ‬والسلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭! ‬وكل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬بيد‭ ‬الله‭ ‬جل‭ ‬جلاله‭ ‬وعليه‭ ‬التوكل‭ ‬بعد‭ ‬الأخذ‭ ‬بالأسباب‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا