عالم يتغير

فوزية رشيد
عدنا إلى سلام شامل قبل الدولة الفلسطينية!
{ في آخر تصريح لترامب السبت الماضي يقول فيه: «إن الاتفاق يتجاوز مسألة غزة نحو سلام شامل في الشرق الأوسط»! ولكن في الخطة التي طرحها وفي تصريحات و«يتكون وكوشنر» السبت الماضية أيضا في الكيان الصهيوني، لا توجد أية إشارة لمعاناة الشعب الفلسطيني، أو حقوق أو مطالبه أو الإشارة إلى الدولة الفلسطينية رغم اعتراف 159 دولة بها قبل طرح الخطة الترامبية! في ظل التأكيد المتكرر من قادة الكيان المتطرفين برفض فكرة قيام دولة فلسطينية من الأصل! وفيما التعنت يتواصل من جانبهم، فهناك غموض من جانب ترامب في خطته، التي بدورها لم يرد فيها أي شيء حول الحل العادل للقضية الفلسطينية، وإنهاء معاناة شعبها، وبالتزام واضح كبداية لسلام شامل في المنطقة! بل إن ما سُمي بالتفاؤل الحذر هو سيد الموقف حتى حول إعادة الرهائن، بعد أن تلاعبت دولة الاحتلال بعدد المعتقلين وأسمائهم حسب الاتفاق! مما يعني أن بعد إطلاق سراح كل الرهائن فإن المرحلة الثانية من الخطة تحتمل كل احتمالات التلاعب والشكوك حول تنفيذها من جانب الكيان الصهيوني! فكيف سيتحقق السلام الشامل؟!
{ وفق ذلك هل قمة «شرم الشيخ» التي تجمع ترامب مع رؤساء دول أخرى، هي بداية لسلام في الشرق الأوسط حقيقة أم هي بوابة لفتح كل الاحتمالات لتصاعد الصراع مجدداً، ليس فقط بين الكيان والفلسطينيين، بل بينه وبين دول عربية أخرى؟! وحيث اتفاقيات السلام لا يمكن أن تتوسع دون قيام دولة فلسطينية، خاصة مع الجانب السعودي الذي ربط أي تطبيع مع الكيان بقيام الدولة الفلسطينية!
{ من المؤكد أن العالم كله تنفس الصعداء مع وقف النار، وعودة الفلسطينيين النازحين إلى أماكنهم المدمرة رغم عدم قابليتها كمكان مدمر للعيش! ولكن الكل يعرف التعنت الصهيوني في دولة الاحتلال الإجرامية، ويدرك أن الغموض يحيط بكل شيء، رغم تفاؤل البعض بأن الحرب على غزة قد تتوقف تماماً! مرة أخرى ماذا عن ما بعد نزع السلاح من فصائل المقاومة إن تم؟! وماذا عن مستقبل غزة؟! وماذا عن السيادة الفلسطينية على الأرض؟! وماذا عن قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة؟! كل تلك المسائل الجوهرية متروكة كما يبدو لمعركة معقدة قد تطول كثيراً، ولا يتحقق منها شيء عبر التفاوض! إذ أثناء تلك التعقيدات قد تتغير معادلات الصراع مجدداً في اتجاه حرب أخرى قد تكون أكثر شمولية وضراوة! خاصة أن سمة وجود الكيان الصهيوني هو استمراره في الحروب، وليس تحركاته نحو السلام! وكذلك هي سمة الولايات المتحدة!
{ إن احتمالات الانفراج موجودة لو كانت «أمريكا ترامب» جادة في النظر إلى السلام من بوابة تحقيق الحقوق والمطالب الشرعية للشعب الفلسطيني! ولكن ذلك يبدو بعيداً في الأفق، مثلما يبدو أن الخطاب الصهيوني المتطرف في الكيان خاصة بعد إطلاق سراح كل الرهان سيزداد تصعيداً! إلى جانب أن أمريكا - ترامب قد اتجهت نحو تكريس الحرب وتسمية وزارة الدفاع الأمريكية وزارة الحرب لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية! وما يهم ترامب اليوم بالدرجة الأولى هو البحث عن انتصار دبلوماسي وإعادة تدوير صورة الكيان في العالم وتبييض صفحته وإنقاذه بعد أن تشوهت صورته إلى أبعد الحدود بسبب حرب الإبادة والوحشية غير المعهودة وغير المسبوقة عبر التاريخ في تلك الحرب!
{ مصر التي تدرك النيات الصهيونية ووجهت الأنظار إلى مدى مصداقية تلك النيات تجاه السلام، وحشرت «نتنياهو» في الزاوية، في ظل صمود «الغزيين» صموداً أسطورياً مدة عامين، تريد إثبات رؤيتها حول استقرار المنطقة، ومنع مشروع التهجير إلى سيناء، والتأكيد بدورها على حل الدولتين التي عقدت السعودية وفرنسا مؤتمراً دولياً بخصوصها في الجمعية العمومية وصحيح أن غاية حكومة الاحتلال وكل ما يهمها هو الخروج من مأزقها الإنساني والسياسي والأخلاقي وردم أي تصدع داخلي حولها ولكنها تريد ذلك بشكل مجاني دون تحقيق المطالب الفلسطينية!
{ وإذا كانت كل الأمور المهمة في جوهر القضية الفلسطينية مؤجلة، والحديث حولها لا يزال غامضاً، ودون وجود آية ضمانات لها، فيما الأصوات المتطرفة في الكيان لا تزال تريد العودة إلى الحرب والقضاء على حماس وأية مقاومة فلسطينية والعودة إلى التطهير العرقي والتهجير واحتلال كامل الأرض الفلسطينية (غزة والضفة)، فإنه من المستغرب هذا التفاؤل الأمريكي بسلام شامل في المنطقة أو الشرق الأوسط بعنوان آخر!، بل والمستغرب التحرك نحو توسيع قائمة اتفاقيات التطبيع، بعد كل ما كابدته غزة والشعب الفلسطيني والمنطقة والعالم من جرائم حرب لا مثيل لها!
{ وبذلك وفي ظل الغموض وإدراك حقيقة النيات لدولة الاحتلال وللولايات المتحدة فإن احتمالات بقاء جذور الصراع وبقوة دون حل عادل كما يبدو هو المرشح، وحيث أية حرب قادمة ستكون قابلة للاشتعال بشكل أكثر سريالية في العنف والوحشية خاصة بعد خسران الورقة الأهم لدى المقاومة الفلسطينية بخصوص غزة وهي ورقة الرهائن! لا أحد لديه القدرة على معرفة ما هو قادم فيما التشاؤم أو التفاؤل الحذر كما يقال هو الذي يحكم بنود الخطة والسلام في المنطقة! وكل شيء في النهاية بيد الله جل جلاله وعليه التوكل بعد الأخذ بالأسباب!
إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك