العدد : ١٧٣٧١ - الثلاثاء ١٤ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٢ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٧١ - الثلاثاء ١٤ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٢ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

وتعرضت للغدر (2)

قلت‭ ‬لكم‭ ‬بالأمس‭ ‬إنني‭ ‬كنت‭ ‬نزيل‭ ‬المستشفى‭ ‬عندما‭ ‬دخلت‭ ‬علي‭ ‬زوجتي‭ ‬وبنتنا‭ ‬مروة‭ ‬وعلى‭ ‬وجهيهما‭ ‬بسمات‭ ‬الشماتة‭ ‬بسبب‭ ‬مقال‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬المجلة‮»‬‭ ‬بقلم‭ ‬الممثلة‭ ‬نبيلة‭ ‬عبيد‭ ‬التي‭ ‬كنت‭ ‬متيما‭ ‬بحبها‭ ‬وعرضت‭ ‬عليها‭ ‬الزواج‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مقال،‭ ‬وقرأت‭ ‬ما‭ ‬كتبته‭ ‬نبيلة‭ ‬بهدوء‭ ‬وهالني‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬معنية‭ ‬بتطييب‭ ‬خاطر‭ ‬زوجتي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عنايتها‭ ‬بتحية‭ ‬‮«‬صمودي‮»‬‭. ‬فهي‭ ‬لم‭ ‬تذكرني‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬أنني‭ ‬زوج‭ ‬الست‭ ‬أم‭ ‬مروة،‭ ‬ولعلمك‭ ‬يا‭ ‬ست‭ ‬نبيلة‭ ‬فإن‭ ‬زوجتي‭ ‬شديدة‭ ‬الانحياز‭ ‬للأولاد‭ ‬الذكور،‭ ‬وعندما‭ ‬جاء‭ ‬طفلها‭ ‬الأول‭ ‬ولداً،‭ ‬زغردت‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تعانيه‭ ‬من‭ ‬آلام‭ ‬وإلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ ‬وهي‭ ‬تغني‭ ‬له‭: ‬لما‭ ‬قالوا‭ ‬جا‭ ‬ولد‭.. ‬انشد‭ ‬ظهري‭ ‬وانسند‭.. ‬ولما‭ ‬قالوا‭ ‬دي‭ ‬بنية‭ ‬انهد‭ ‬ركن‭ ‬البيت‭ ‬عليا‭.. ‬جابو‭ ‬لي‭ ‬البيض‭ ‬بقشره‭ ‬وبدل‭ ‬السمنة‭ ‬ميه،‭ (‬فات‭ ‬على‭ ‬زوجتي‭ ‬أنها‭ ‬بذلك‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬إنجاب‭ ‬البنات‭ ‬مفيد‭ ‬للصحة‭ ‬لأنه‭ ‬غير‭ ‬متبوع‭ ‬بتناول‭ ‬السمن‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬الزبدة‭ ‬بل‭ ‬بتناول‭ ‬الميه‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬الماء‭ ‬الذي‭ ‬أثبت‭ ‬العلم‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬الكوليسترول‭ ‬فيه‭ ‬أقل‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬السمن‭). ‬ومروة‭ ‬لم‭ ‬تتعلم‭ ‬طول‭ ‬اللسان،‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وجدتني‭ ‬منحازاً‭ ‬إليها‭ ‬وضعيفاً‭ ‬تجاهها‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬انحياز‭ ‬أمها‭ ‬الذكوري،‭ ‬بزعم‭ ‬أنها‭ ‬حرمت‭ ‬من‭ ‬الأشقاء‭ ‬الذكور،‭ ‬ومروة‭ ‬هذه‭ ‬من‭ ‬مواليد‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬يونيو‭ (‬حزيران‭). ‬يعني‭ ‬يوم‭ ‬مولدها‭ ‬هو‭ ‬اليوم‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬العرب‭ ‬لشطبه‭ ‬من‭ ‬ذاكرتهم،‭ ‬لأنه‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬أنجبوا‭ ‬فيه‭ ‬‮«‬بنية‮»‬‭ ‬اسمها‭ ‬‮«‬النكسة‮»‬،‭ ‬وانهد‭ ‬فيه‭ ‬ركن‭ ‬البيت‭ ‬العربي‭ ‬وسقط‭ ‬فيه‭ ‬القناع‭ ‬عن‭ ‬الوحدة‭ ‬العربية‭ ‬والقهوة‭ ‬العربية،‭ ‬وأصبحنا‭ ‬منذ‭ ‬يومها‭ ‬متسولين‭ ‬على‭ ‬موائد‭ ‬اللئام،‭ ‬فتفوتة‭ ‬أرض‭ ‬لله‭ ‬يا‭ ‬محسنين،‭ ‬ربنا‭ ‬يخلي‭ ‬لك‭ ‬الست‭ ‬يا‭ ‬بن‭ ‬صهيون‭ ‬يا‭ ‬أبو‭ ‬البركات‭.. ‬مدد‭ ‬يا‭ ‬شيخ‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭. ‬

على‭ ‬كل‭ ‬حال‭ ‬مبروك‭ ‬عليك‭ ‬يا‭ ‬ست‭ ‬نبيلة‭ ‬تحالفكم‭ ‬النسائي‭ ‬وعزائي‭ ‬أنني‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬التصدي‭ ‬للعدوان‭ ‬الثلاثي‭ ‬لأنني‭ ‬ولد‭ ‬يشد‭ ‬الظهر‭ ‬ويسنده‭! ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬أفيق‭ ‬من‭ ‬اللكمات‭ ‬الوارد‭ ‬ذكرها‭ ‬أعلاه‭ ‬قرأت‭ ‬حكاية‭ ‬غونتر‭ ‬الرابع،‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬أحدثكم‭ ‬عن‭ ‬ابن‭ ‬الكلب‭ ‬هذا،‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬أذكركم‭ ‬بجانب‭ ‬من‭ ‬سيرة‭ ‬المطربة‭ ‬الأمريكية‭ ‬مادونا،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬عائلة‭ ‬محافظة‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬كانت‭ ‬تغني‭ ‬في‭ ‬المسارح‭ ‬بقميص‭ ‬النوم،‭ ‬وعندما‭ ‬أرادت‭ ‬الإنجاب‭ ‬حرصت‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬شرفها‭ ‬وتفادي‭ ‬القيل‭ ‬والقال‭ ‬وحبلت‭ ‬بماء‭ ‬رجل‭ ‬حصلت‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬‮«‬بنك‮»‬،‭ ‬وبعد‭ ‬نجاح‭ ‬التجربة‭ ‬حبلت‭ ‬مجدداً‭ ‬بماء‭ ‬رجل‭ ‬يقال‭ ‬إنه‭ ‬بريطاني،‭ ‬المهم‭ ‬مادونا‭ ‬قررت‭ ‬بيع‭ ‬بيتها‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬فلوريدا‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬معروف‭ ‬فقد‭ ‬ظللت‭ ‬أخطط‭ ‬للعيش‭ ‬في‭ ‬فلوريدا‭ ‬كي‭ ‬أكون‭ ‬قريباً‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬ديزني‭ ‬في‭ ‬أورلاندو،‭ ‬وكنت‭ ‬أعتزم‭ ‬شراء‭ ‬بيت‭ ‬مادونا،‭ ‬ولكن‭ ‬السيد‭ ‬غونتر‭ ‬الرابع‭ ‬سبقني‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬ودفع‭ ‬فيه‭ ‬نحو‭ ‬تسعة‭ ‬ملايين‭ ‬من‭ ‬الدولارات،‭ ‬ولكي‭ ‬أتحدث‭ ‬عن‭ ‬غونتر‭ ‬الرابع‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬أحدثكم‭ ‬عن‭ ‬غونتر‭ ‬الثالث‭ ‬وهو‭ ‬كلب‭ ‬ورث‭ ‬كل‭ ‬أموال‭ ‬كونتيسة‭ ‬ألمانية،‭ ‬ثم‭ ‬مات‭ ‬الكلب‭ ‬ابن‭ ‬ستين‭ ‬كلب‭ ‬إثر‭ ‬علة‭ ‬أمهلته‭ ‬طويلاً،‭ ‬تاركاً‭ ‬الأموال‭ ‬سائلة‭ ‬والمنقولة‭ ‬لنجله‭ ‬غونتر‭ ‬الرابع،‭ ‬الذي‭ ‬قرر‭ ‬محاميه‭ ‬شراء‭ ‬بيت‭ ‬صيفي‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬فلوريدا،‭ ‬فكان‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬وطارت‭ ‬مني‭ ‬الصفقة،‭ ‬وقد‭ ‬تعلو‭ ‬ابتسامة‭ ‬ساخرة‭ ‬شفاه‭ ‬الشامتين‭: ‬ومن‭ ‬أين‭ ‬كنت‭ ‬ستأتي‭ ‬بالأموال‭ ‬لشراء‭ ‬ذلك‭ ‬العقار‭ ‬يا‭ ‬أبو‭ ‬الجعافر؟‭ ‬لا‭ ‬تنسوا‭ ‬يا‭ ‬جماعة‭ ‬أنني‭ ‬كنت‭ ‬أتابع‭ ‬قضية‭ ‬المدخنين‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬فلوريدا‭ ‬ضد‭ ‬شركات‭ ‬التبع‭ ‬التي‭ ‬انتهت‭ ‬بتغريم‭ ‬تلك‭ ‬الشركات‭ ‬آلاف‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الدولارات،‭ ‬وكانت‭ ‬خطتي‭ ‬تقضي‭ ‬بالتسلل‭ ‬إلى‭ ‬فلوريدا‭ ‬بزعم‭ ‬أنني‭ ‬هارب‭ ‬من‭ ‬كوبا‭ (‬وليس‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬البلدان‭ ‬المن‭ - ‬كوبة‭) ‬ثم‭ ‬أدرج‭ ‬اسمي‭ ‬في‭ ‬قائمة‭ ‬ضحايا‭ ‬السجائر‭ ‬مستعيناً‭ ‬بصور‭ ‬أشعة‭ ‬سينية‭ ‬تعكس‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬بي‭ ‬التبغ‭ ‬المحلي‭ ‬السوداني،‭ ‬ولو‭ ‬رأى‭ ‬تلك‭ ‬الصور‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬لرق‭ ‬قلبه‭ ‬لي،‭ ‬ومنحني‭ ‬نصف‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬كي‭ ‬أقيم‭ ‬عليها‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬التلوث‭ ‬الأمني‭ ‬والمالي‭. ‬باختصار‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الوارد‭ ‬أن‭ ‬أحصل‭ ‬على‭ ‬بضع‭ ‬ملايين‭ ‬أصاهر‭ ‬بها‭ ‬بيت‭ ‬مادونا،‭ ‬وأكون‭ ‬قريباً‭ ‬من‭ ‬ديزني‭ ‬لأغسل‭ ‬في‭ ‬نوافيرها‭ ‬أدران‭ ‬وأحزان‭ ‬الانتماء‭ ‬إلى‭ ‬العرب‭ ‬المستغربة‭!! ‬ولكن‭ ‬يبدوا‭ ‬أنني‭ ‬بلغت‭ ‬مرحلة‭ ‬متأخرة‭ ‬من‭ ‬الإصابة‭ ‬بالفوليزم‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أعرضها‭ ‬النحس‭ ‬وسوء‭ ‬الطالع‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا