مقال رئيس التحرير

أنـــور عبدالرحمــــــن
الانفتاح شـرقا وغـربا وعــلاج الهم الأكبـر
في أحد تأملاته يقول ماركوس أوريليوس صاحب لقب الفيلسوف من بين الأباطرة الرومانيين إن أفكار الإنسان هي ما تصنع حياته، كما يقول إن العالم وطنك، والبشر إخوتك، وخير البلاد ما حملك، بهذه النظرة الفلسفية إلى الحياة، علينا أن ننظر بعمق لقيمة الجهود المبذولة من قادة هذا البلد الكريم من أجل توسيع آفاق الفرص أمام أبنائه في شتى المجالات من أجل توفير مستقبل يليق بطموحات أجياله القادمة.
هذه الجهود تعكس تلمس القيادة الرشيدة احتياجات المواطنين وطموحاتهم، لهذا جاء توجيه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء وزارة العمل إلى عرض 3 فرص وظيفية لكل باحث عن عمل مسجل لديها، على أن يتم ذلك قبل نهاية العام الجاري، ليؤكد الإيمان بأن المواطن هو غاية التنمية وهدفها الأسمى، وهي الخطوة التي تعالج الهم الأكبر في رأس كل أسرة بحرينية.
وكذلك فإن زيارة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء لإيطاليا والفاتيكان، بعد أيام من زيارته لليابان، ليست زيارات بروتوكولية، بل هي زيارات عمل تشهد لقاءات مكثفة مع كبار المسؤولين ومجتمعات الأعمال في هذه البلدان، في ظل صراع العالم على ما يعرف بـ"salesmanship" أو فن التسويق والبيع، من أجل الترويج لإمكانات كل دولة على استقطاب الاستثمارات، وهو الهدف الأسمى الذي تعمل عليه الحكومة بكد واضح، من أجل تحقيق أهداف الرؤية الاقتصادية للبحرين، التي رسمها بعناية سموه لأجل خلق فرص عمل نوعية لأبناء الوطن وشبابه.
ومن اللافت أن هذه الزيارات تعكس حرص المملكة على توسيع آفاق التعاون شرقا وغربا، في ظل فلسفة الحكم في البحرين، والرؤى الوطنية التي تعزز الإرث البحريني في الانفتاح الإيجابي والمتوازن على العالم.
المحطة الجديدة لسمو ولي العهد رئيس الوزراء هي زيارة لبلد تمتلك المقومات الاقتصادية والفكرية تؤكد الحرص على الانفتاح على المدارس الفكرية المختلفة، بناء على عناصر القوة في العلاقات الثنائية مع الجانب الإيطالي لأن التبادل التجاري بين البلدين يشهد مسارًا تصاعديًا، حيث اختارت العديد من الشركات الإيطالية مملكة البحرين كمركز إقليمي لها، وقد ارتفعت الصادرات من البحرين إلى إيطاليا خلال العقد الماضي بنسبة 364.%
كما أن السنوات الخمس الماضية فقط نما حجم التجارة بمعدل سنوي مركب بلغ 10.95%، وباتت إيطاليا ضمن أبرز الشركاء التجاريين غير النفطيين للبحرين، ففي العام الماضي، احتلت إيطاليا المرتبة الأولى على مستوى الاتحاد الأوروبي، والتاسعة عالميًا من حيث صافي التجارة غير النفطية مع المملكة.
وخلال النصف الأول من عام 2025 أصبحت إيطاليا بين الشركاء التجاريين الأهم للبحرين، حيث صدرت البحرين ما قيمته 185.9 مليون دولار أمريكي إلى إيطاليا، مسجلة زيادة كبيرة بنسبة 41.8% مقارنة بالنصف الأول من عام 2024، الذي بلغ فيه حجم الصادرات 131 مليون دولار، وتستضيف البحرين أكثر من 130 شركة ومؤسسة إيطالية وشريكًا تجاريًا، وهو ما يسهم في توفير فرص العمل المتنوعة أمام شبابنا.
في الوقت نفسه، إن حرص سمو ولي العهد رئيس الوزراء على زيارة دولة حاضرة الفاتيكان، والالتقاء بقداسة البابا ليو الرابع عشر بابا الفاتيكان في أول لقاء مع المسؤول البابوي الذي خلف البابا فرنسيس الراحل، تضيف بعدا جديدا للزيارة تجسيدا للقيم البحرينية الراسخة في ضرورة إعلاء قيم السلام والحوار والتلاقي الحضاري كقواسم إنسانية مشتركة تسهم في ترسيخ الأمن وتعزيز الاستقرار والتنمية، تحقيقا للرؤية الملكية السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، في تعزيز ثقافة التعايش والتسامح والحوار بين الأديان والثقافات، لتظل مملكة البحرين منارة إقليمية وعالمية للسلام الإنساني والتفاهم الحضاري.
هذا المنظور العقلاني والرؤية العميقة لطبيعة بناء شراكات قوية وواضحة مع مختلف القوى الإقليمية والدولية، تؤكد حقيقة كلمات الإمبراطور الفيلسوف أن الأفكار هي ما تصنع حياة المرء بل ومستقبله أيضا، من خلال قراءة وتحليل استراتيجي للتحولات الجمة في المنطقة والعالم، والتداعيات الاقتصادية التي خلفتها الأزمات والصراعات التجارية في أعقاب جائحة كوفيد-19 إلى اليوم.
وفي آتون هذه التحديات يكمن الخلاص في حكمة القيادة في استثمار واستغلال ما تمتلكه البحرين من بيئة أعمال جاذبة بفضل ما تتمتع به من أمن واستقرار يميزها كبوابة لدول الخليج العربية.
ومن دورنا نحن كصحافة تستشعر مسؤولياتها الوطنية أن نضع الحقائق أمام الرأي العام، حتى يصبح القارئ قادرا على تكوين رأيا مستقلا بشأن الجهود المبذولة لخدمته، في ظل تنامي التنافسية الإقليمية والعالمية المتزايدة لجذب الشراكات المتجددة مع مختلف بلدان العالم في المجالات الاقتصادية، والتجارية، والاستثمارية، والتنموية منها أو العسكرية أو الدفاعية.
إقرأ أيضا لـ"أنـــور عبدالرحمــــــن"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك