العدد : ١٧٣٥٦ - الاثنين ٢٩ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٧ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٥٦ - الاثنين ٢٩ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٧ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

مقال رئيس التحرير

أنـــور عبدالرحمــــــن

الانفتاح شـرقا وغـربا وعــلاج الهم الأكبـر

في‭ ‬أحد‭ ‬تأملاته‭ ‬يقول‭ ‬ماركوس‭ ‬أوريليوس‭ ‬صاحب‭ ‬لقب‭ ‬الفيلسوف‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الأباطرة‭ ‬الرومانيين‭ ‬إن‭ ‬أفكار‭ ‬الإنسان‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬تصنع‭ ‬حياته،‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬العالم‭ ‬وطنك،‭ ‬والبشر‭ ‬إخوتك،‭ ‬وخير‭ ‬البلاد‭ ‬ما‭ ‬حملك،‭ ‬بهذه‭ ‬النظرة‭ ‬الفلسفية‭ ‬إلى‭ ‬الحياة،‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬ننظر‭ ‬بعمق‭ ‬لقيمة‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬الكريم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬توسيع‭ ‬آفاق‭ ‬الفرص‭ ‬أمام‭ ‬أبنائه‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬المجالات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬توفير‭ ‬مستقبل‭ ‬يليق‭ ‬بطموحات‭ ‬أجياله‭ ‬القادمة‭.‬

هذه‭ ‬الجهود‭ ‬تعكس‭ ‬تلمس‭ ‬القيادة‭ ‬الرشيدة‭ ‬احتياجات‭ ‬المواطنين‭ ‬وطموحاتهم،‭ ‬لهذا‭ ‬جاء‭ ‬توجيه‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬إلى‭ ‬عرض‭ ‬3‭ ‬فرص‭ ‬وظيفية‭ ‬لكل‭ ‬باحث‭ ‬عن‭ ‬عمل‭ ‬مسجل‭ ‬لديها،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬ذلك‭ ‬قبل‭ ‬نهاية‭ ‬العام‭ ‬الجاري،‭ ‬ليؤكد‭ ‬الإيمان‭ ‬بأن‭ ‬المواطن‭ ‬هو‭ ‬غاية‭ ‬التنمية‭ ‬وهدفها‭ ‬الأسمى،‭ ‬وهي‭ ‬الخطوة‭ ‬التي‭ ‬تعالج‭ ‬الهم‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬رأس‭ ‬كل‭ ‬أسرة‭ ‬بحرينية‭.‬

وكذلك‭ ‬فإن‭ ‬زيارة‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬لإيطاليا‭ ‬والفاتيكان،‭ ‬بعد‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬زيارته‭ ‬لليابان،‭ ‬ليست‭ ‬زيارات‭ ‬بروتوكولية،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬زيارات‭ ‬عمل‭ ‬تشهد‭ ‬لقاءات‭ ‬مكثفة‭ ‬مع‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬ومجتمعات‭ ‬الأعمال‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬البلدان،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬صراع‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بـ‭"‬salesmanship‭" ‬أو‭ ‬فن‭ ‬التسويق‭ ‬والبيع،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الترويج‭ ‬لإمكانات‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬على‭ ‬استقطاب‭ ‬الاستثمارات،‭ ‬وهو‭ ‬الهدف‭ ‬الأسمى‭ ‬الذي‭ ‬تعمل‭ ‬عليه‭ ‬الحكومة‭ ‬بكد‭ ‬واضح،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬الرؤية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للبحرين،‭ ‬التي‭ ‬رسمها‭ ‬بعناية‭ ‬سموه‭ ‬لأجل‭ ‬خلق‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬نوعية‭ ‬لأبناء‭ ‬الوطن‭ ‬وشبابه‭.‬

ومن‭ ‬اللافت‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الزيارات‭ ‬تعكس‭ ‬حرص‭ ‬المملكة‭ ‬على‭ ‬توسيع‭ ‬آفاق‭ ‬التعاون‭ ‬شرقا‭ ‬وغربا،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬فلسفة‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬والرؤى‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬تعزز‭ ‬الإرث‭ ‬البحريني‭ ‬في‭ ‬الانفتاح‭ ‬الإيجابي‭ ‬والمتوازن‭ ‬على‭ ‬العالم‭.‬

المحطة‭ ‬الجديدة‭ ‬لسمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬هي‭ ‬زيارة‭ ‬لبلد‭ ‬تمتلك‭ ‬المقومات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والفكرية‭ ‬تؤكد‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬الانفتاح‭ ‬على‭ ‬المدارس‭ ‬الفكرية‭ ‬المختلفة،‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬عناصر‭ ‬القوة‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬مع‭ ‬الجانب‭ ‬الإيطالي‭ ‬لأن‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬يشهد‭ ‬مسارًا‭ ‬تصاعديًا،‭ ‬حيث‭ ‬اختارت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬الإيطالية‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬كمركز‭ ‬إقليمي‭ ‬لها،‭ ‬وقد‭ ‬ارتفعت‭ ‬الصادرات‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬إيطاليا‭ ‬خلال‭ ‬العقد‭ ‬الماضي‭ ‬بنسبة‭ ‬364‭.%‬

كما‭ ‬أن‭ ‬السنوات‭ ‬الخمس‭ ‬الماضية‭ ‬فقط‭ ‬نما‭ ‬حجم‭ ‬التجارة‭ ‬بمعدل‭ ‬سنوي‭ ‬مركب‭ ‬بلغ‭ ‬10‭.‬95‭%‬،‭ ‬وباتت‭ ‬إيطاليا‭ ‬ضمن‭ ‬أبرز‭ ‬الشركاء‭ ‬التجاريين‭ ‬غير‭ ‬النفطيين‭ ‬للبحرين،‭ ‬ففي‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬احتلت‭ ‬إيطاليا‭ ‬المرتبة‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬والتاسعة‭ ‬عالميًا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬صافي‭ ‬التجارة‭ ‬غير‭ ‬النفطية‭ ‬مع‭ ‬المملكة‭.‬

‮ ‬وخلال‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2025‭ ‬أصبحت‭ ‬إيطاليا‭ ‬بين‭ ‬الشركاء‭ ‬التجاريين‭ ‬الأهم‭ ‬للبحرين،‭ ‬حيث‭ ‬صدرت‭ ‬البحرين‭ ‬ما‭ ‬قيمته‭ ‬185‭.‬9‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭ ‬إلى‭ ‬إيطاليا،‭ ‬مسجلة‭ ‬زيادة‭ ‬كبيرة‭ ‬بنسبة‭ ‬41‭.‬8‭% ‬مقارنة‭ ‬بالنصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬الذي‭ ‬بلغ‭ ‬فيه‭ ‬حجم‭ ‬الصادرات‭ ‬131‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬وتستضيف‭ ‬البحرين‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬130‭ ‬شركة‭ ‬ومؤسسة‭ ‬إيطالية‭ ‬وشريكًا‭ ‬تجاريًا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬المتنوعة‭ ‬أمام‭ ‬شبابنا‭.‬

في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬إن‭ ‬حرص‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬على‭ ‬زيارة‭ ‬دولة‭ ‬حاضرة‭ ‬الفاتيكان،‭ ‬والالتقاء‭ ‬بقداسة‭ ‬البابا‭ ‬ليو‭ ‬الرابع‭ ‬عشر‭ ‬بابا‭ ‬الفاتيكان‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬لقاء‭ ‬مع‭ ‬المسؤول‭ ‬البابوي‭ ‬الذي‭ ‬خلف‭ ‬البابا‭ ‬فرنسيس‭ ‬الراحل،‭ ‬تضيف‭ ‬بعدا‭ ‬جديدا‭ ‬للزيارة‭ ‬تجسيدا‭ ‬للقيم‭ ‬البحرينية‭ ‬الراسخة‭ ‬في‭ ‬ضرورة‭ ‬إعلاء‭ ‬قيم‭ ‬السلام‭ ‬والحوار‭ ‬والتلاقي‭ ‬الحضاري‭ ‬كقواسم‭ ‬إنسانية‭ ‬مشتركة‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬الأمن‭ ‬وتعزيز‭ ‬الاستقرار‭ ‬والتنمية،‭ ‬تحقيقا‭ ‬للرؤية‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬لحضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬المعظم،‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬ثقافة‭ ‬التعايش‭ ‬والتسامح‭ ‬والحوار‭ ‬بين‭ ‬الأديان‭ ‬والثقافات،‭ ‬لتظل‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬منارة‭ ‬إقليمية‭ ‬وعالمية‭ ‬للسلام‭ ‬الإنساني‭ ‬والتفاهم‭ ‬الحضاري‭.‬

هذا‭ ‬المنظور‭ ‬العقلاني‭ ‬والرؤية‭ ‬العميقة‭ ‬لطبيعة‭ ‬بناء‭ ‬شراكات‭ ‬قوية‭ ‬وواضحة‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬القوى‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬تؤكد‭ ‬حقيقة‭ ‬كلمات‭ ‬الإمبراطور‭ ‬الفيلسوف‭ ‬أن‭ ‬الأفكار‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬تصنع‭ ‬حياة‭ ‬المرء‭ ‬بل‭ ‬ومستقبله‭ ‬أيضا،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قراءة‭ ‬وتحليل‭ ‬استراتيجي‭ ‬للتحولات‭ ‬الجمة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم،‭ ‬والتداعيات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬خلفتها‭ ‬الأزمات‭ ‬والصراعات‭ ‬التجارية‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬جائحة‭ ‬كوفيد‭-‬19‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭.‬

وفي‭ ‬آتون‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬يكمن‭ ‬الخلاص‭ ‬في‭ ‬حكمة‭ ‬القيادة‭ ‬في‭ ‬استثمار‭ ‬واستغلال‭ ‬ما‭ ‬تمتلكه‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬بيئة‭ ‬أعمال‭ ‬جاذبة‭ ‬بفضل‭ ‬ما‭ ‬تتمتع‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬يميزها‭ ‬كبوابة‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭.‬

ومن‭ ‬دورنا‭ ‬نحن‭ ‬كصحافة‭ ‬تستشعر‭ ‬مسؤولياتها‭ ‬الوطنية‭ ‬أن‭ ‬نضع‭ ‬الحقائق‭ ‬أمام‭ ‬الرأي‭ ‬العام،‭ ‬حتى‭ ‬يصبح‭ ‬القارئ‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬تكوين‭ ‬رأيا‭ ‬مستقلا‭ ‬بشأن‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬لخدمته،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تنامي‭ ‬التنافسية‭ ‬الإقليمية‭ ‬والعالمية‭ ‬المتزايدة‭ ‬لجذب‭ ‬الشراكات‭ ‬المتجددة‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬والتجارية،‭ ‬والاستثمارية،‭ ‬والتنموية‭ ‬منها‭ ‬أو‭ ‬العسكرية‭ ‬أو‭ ‬الدفاعية‭.‬

 

 

إقرأ أيضا لـ"أنـــور عبدالرحمــــــن"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا