اطلالة

هالة كمال الدين
halakamal99@hotmail.com
الحرية والمسؤولية
مؤخرا دعا العقيد أحمد سعد الرميحي مدير عام الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي الإلكتروني الجميع إلى ضرورة تجنب النشر أو التعليق عبر وسائل التواصل الاجتماعي بما يحتوي على مضامين مخالفة للقانون من شأنها المساس بالسلم الأهلي والنسيج الاجتماعي، منوها إلى أهمية التحلي بروح المسؤولية المجتمعية عند استخدام هذه الوسائل والامتناع عن نشر أو تداول أي محتوى يعد مجرما قانونا.
ونحن إذ نثني على تلك الدعوة لنؤكد أهميتها وخاصة بعد الإشكاليات التي أثيرت في الفترة الأخيرة حول استخدامات تطبيق تيك توك والمخاطر المرتبطة بإمكانية استغلاله في جرائم غسل الأموال وغيرها من التجاوزات التي يعاقب عليها القانون.
وهذا ما أكدته بالفعل السيدة زهرة مراد رئيس نيابة الجرائم الإلكترونية حين أشارت إلى أن عملية حماية الأمن الرقمي ومكافحة ما يهدد ويخالف الذوق العام تمثل مسؤولية وطنية مشتركة، كاشفة عن أن النيابة العامة باشرت التحقيق في 842 قضية إساءة استخدام وسائل الاتصال خلال ثمانية أشهر بمملكة البحرين.
لذلك يبقى المطلوب هو حماية المجتمع من مخاطر السوشيال ميديا التي أصبحت أحد الأسباب الرئيسية لتدمير الصحة النفسية وخاصة بالنسبة إلى فئة الشباب، الأمر الذي يستدعي توظيفها في نشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية وزيادة الوعي بها، وعقد دورات تدريبية تستهدف تطوير مهاراتهم في توظيف مواقع التواصل لخدمة قضاياهم، واستخدامها بالشكل الأمثل في سبيل تحقيق ذلك.
ما يحدث على وسائل التواصل الاجتماعي اليوم يثير من جديد الجدل والنقاش حول العلاقة بين الحرية والمسؤولية الاجتماعية، وذلك في ظل الآثار السلبية المترتبة على سوء استخدام حرية التعبير في المواقع الإلكترونية وانتشار الأخبار الملفقة والكذب والتضليل والتشويه وتفاقم التجاوزات الأخلاقية بشكل عام، وهو ما دفع بعض الدول إلى تأكيد أهمية الالتزام بالأخلاقيات لمستخدميها عبر استحداث التشريعات والقوانين التي تضمن ذلك، إلى جانب دراسة إعداد مواثيق شرف خاصة بمستخدمي المواقع التي باتت تلعب دورا كبيرا في تغيير المنظومة القيمية لأي مجتمع.
نعم، وكما يؤكد الفلاسفة لا حرية بلا فضيلة، فالحرية الصحية والصحيحة قيمة أخلاقية تسمو بالإنسان، وتجعله يمارس حقوقه في إطار الالتزام بالقوانين واحترام حقوق الآخرين، وبمعنى آخر الحرية والمسؤولية توأمان لو انفصل أحدهما عن الآخر ماتا جميعا.
إقرأ أيضا لـ"هالة كمال الدين"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك