عالم يتغير

فوزية رشيد
بينما يبقى العالم صامتاً
{ لا نبالغ إن قلنا إن العالم لم يمر قط بمثل هذا المشهدية، التي تشبه الملاحم المسرحية والروائية الكبرى عبر التاريخ! كل هذا التطور المادي والعلمي والتكنولوجي في موازاة انحدار أخلاقي وإنساني وقانوني غير مشهود قط! فبالرغم من كل المآسي الإنسانية التي خلفتها حرب الابادة في غزة، وعدم تمكن العالم كله من إيقاف وحشيتها، يُصرح قادة الكيان بأن (الجحيم بدأ الآن)! وماذا كان إذًا قبل ذلك وعلى مدى عامين؟ هل كان نعيم الجنان ما عايشه أهل غزة؟! ولأن الكلام تعب من الكلام! فإن ما يحدث أمام «عجز النظام العالمي» هو تدهور غير مسبوق، في كل الأسس الحضارية التي ادعى العالم المتقدم، بحسب التسمية الزائفة، أنه حققها! حتى اعتبر أحدهم وهو (فوكوياما) أن ما وصلت إليه البشرية هو نهاية التاريخ!
أي لا تطور في البنية السياسية والآيديولوجية الرأسمالية أكثر مما وصل إليه العالم اليوم! ورغم تراجعه اللافت بعد ذلك فإنه صدق في مقولته ولكن بفهم معكوس ومخالف للمنطق والاستنتاج الذي أراده؛ أي أن العالم وصل بالفعل إلى نهايته في حجم الانحدار الأخلاقي والقيمي وتدهور نظامه الدولي، كما لم يحدث قط!
{ وفي الوقت الذي يناشد فيه كل أحرار العالم وشرفائه وأصحاب الضمير، وأغلبهم من المجاميع الشعبية في العالم، بإيقاف الحرب الوحشية، فان الكيان يريد اختتام حربه في الإبادة بالتهجير القسري وسط المزيد والمزيد من القتل اليومي والتفجيرات والتجويع، وصولاً الى نشر فيروسات غامضة! واختتام كل الأساليب الوحشية والممنهجة السابقة بعملية الأرض المحروقة «جدعون 2»، لتهيئة الأرض الخالية من سكانها «المبادين» لمشاريع استثمارية سيتم إقامتها على عظام من نحسبهم شهداء عند الله!
{ من هنا ومن شواطئ برشلونة ومن موانئ تونس بدأت أضخم قافلة شعبية بحرية تتجه الى غزة لفك الحصار وإعلان التضامن بما تم تعريفه (بأسطول الصمود العالمي)، وحيث تحمل السفن على ظهرها متضامنين ونشطاء وأطباء وفنانين وإعلاميين، لإعلان أن غزة ليست وحدها، وأن الموعد في الوصول هو 11 سبتمبر، وليتم كسر الصمت العالمي، في ظل ردة فعل هستيرية من الكيان الصهيوني، الذي هدد بالنيابة عنه «بن غفير»: (سيتم احتجاز الناشطين في السجون، وسنحرمهم من الامتيازات مثل التلفزيون والراديو والأطعمة)!
{ الصمت الرسمي العالمي في اتخاذ قرار دولي بعزل الكيان وفرض عقوبات عليه، يحاول هذا الأسطول الضخم الذي بلغ تعداده أكثر من 70 سفينة، من أكثر من 44 دولة، أن يكسر هذا العجز الدولي تحت شعار (بينما يبقى العالم صامتاً، نحن نبحر)! رافعين الأعلام الفلسطينية، لكسر الحصار والتجويع غير الإنساني وغير القانوني بشكل نهائي، وحيث التعبئة التاريخية، ستشهد مع انطلاق الأسطول تظاهرات ونشاطات متزامنة في الـ44 دولة!
{ حفيد نيلسون مانديلا وهو «ماندلا مانديلا» المشارك في الأسطول من تونس صرح بأن (محنة الفلسطينيين أسوأ من الفصل العنصري، وأن المجتمع الدولي مطالب بأن يعزل إسرائيل ويفرض عقوبات شديدة عليها)، وأكد أن الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، الذي انتهى عام 1994، لم ينته إلا بعد ضغوط دولية وعقوبات شديدة من الدول الأخرى! وبالفعل فإن المجتمع الدولي المتقاعس عن أداء دوره، وتفعيل البند السابع من قراراته ضد جرائم الحرب لإيقافها، هو أمام امتحان لم يتوقف منذ عامين! وآن الأوان لهذا المجتمع الدولي أن يحسم أمره في التصعيد «الإسرائيلي» الجديد هذه الأيام لممارسة ضغوطاته وفرض العقوبات الشديدة! بدل الاسترخاء الدولي أمام «المحرقة» التي لا تريد أن تنتهي!
{ كذلك هذا المجتمع الدولي عليه الوقوف في وجه القرارات الأمريكية الجائرة والداعمة بشكل مطلق لكل جرائم الحرب، التي يواصل الكيان ارتكابها يومياً، وأن يقف في الوقت ذاته ضد القرار الأمريكي بممارسة الضغوط على الدول التي تشارك في الجمعية العمومية هذا الشهر للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وأن يقف ضد قرار منع الرئيس الفلسطيني ومرافقيه من دخول أمريكا، لمنعه من الحضور إلى الأمم المتحدة! هو الأوان الآن ليتم نقل الاجتماع الأممي إلى بلد آخر محايد، طالما أن الولايات المتحدة لا تتصرف بحيادية مع اجتماعات الأمم المتحدة، وبدون وجه حق أو قانون دولي! إلا لأن المقر الأممي في أمريكا! وتتصرف كأنه ملك خاص بها! والسؤال: الى متى هذا الخضوع الدولي العالمي للكيان الصهيوني المجرم ولراعيته الولايات المتحدة!
إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك