العدد : ١٧٣٤٣ - الثلاثاء ١٦ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٤٣ - الثلاثاء ١٦ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

بينما يبقى العالم صامتاً

{‭ ‬لا‭ ‬نبالغ‭ ‬إن‭ ‬قلنا‭ ‬إن‭ ‬العالم‭ ‬لم‭ ‬يمر‭ ‬قط‭ ‬بمثل‭ ‬هذا‭ ‬المشهدية،‭ ‬التي‭ ‬تشبه‭ ‬الملاحم‭ ‬المسرحية‭ ‬والروائية‭ ‬الكبرى‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ‭! ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬المادي‭ ‬والعلمي‭ ‬والتكنولوجي‭ ‬في‭ ‬موازاة‭ ‬انحدار‭ ‬أخلاقي‭ ‬وإنساني‭ ‬وقانوني‭ ‬غير‭ ‬مشهود‭ ‬قط‭! ‬فبالرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬المآسي‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬خلفتها‭ ‬حرب‭ ‬الابادة‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وعدم‭ ‬تمكن‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬من‭ ‬إيقاف‭ ‬وحشيتها،‭ ‬يُصرح‭ ‬قادة‭ ‬الكيان‭ ‬بأن‭ (‬الجحيم‭ ‬بدأ‭ ‬الآن‭)! ‬وماذا‭ ‬كان‭ ‬إذًا‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬وعلى‭ ‬مدى‭ ‬عامين؟‭ ‬هل‭ ‬كان‭ ‬نعيم‭ ‬الجنان‭ ‬ما‭ ‬عايشه‭ ‬أهل‭ ‬غزة؟‭! ‬ولأن‭ ‬الكلام‭ ‬تعب‭ ‬من‭ ‬الكلام‭! ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬أمام‭ ‬‮«‬عجز‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‮»‬‭ ‬هو‭ ‬تدهور‭ ‬غير‭ ‬مسبوق،‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأسس‭ ‬الحضارية‭ ‬التي‭ ‬ادعى‭ ‬العالم‭ ‬المتقدم،‭ ‬بحسب‭ ‬التسمية‭ ‬الزائفة،‭ ‬أنه‭ ‬حققها‭! ‬حتى‭ ‬اعتبر‭ ‬أحدهم‭ ‬وهو‭ (‬فوكوياما‭) ‬أن‭ ‬ما‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬البشرية‭ ‬هو‭ ‬نهاية‭ ‬التاريخ‭!‬

أي‭ ‬لا‭ ‬تطور‭ ‬في‭ ‬البنية‭ ‬السياسية‭ ‬والآيديولوجية‭ ‬الرأسمالية‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬وصل‭ ‬إليه‭ ‬العالم‭ ‬اليوم‭! ‬ورغم‭ ‬تراجعه‭ ‬اللافت‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬فإنه‭ ‬صدق‭ ‬في‭ ‬مقولته‭ ‬ولكن‭ ‬بفهم‭ ‬معكوس‭ ‬ومخالف‭ ‬للمنطق‭ ‬والاستنتاج‭ ‬الذي‭ ‬أراده؛‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬وصل‭ ‬بالفعل‭ ‬إلى‭ ‬نهايته‭ ‬في‭ ‬حجم‭ ‬الانحدار‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والقيمي‭ ‬وتدهور‭ ‬نظامه‭ ‬الدولي،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬قط‭!‬

{‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يناشد‭ ‬فيه‭ ‬كل‭ ‬أحرار‭ ‬العالم‭ ‬وشرفائه‭ ‬وأصحاب‭ ‬الضمير،‭ ‬وأغلبهم‭ ‬من‭ ‬المجاميع‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬بإيقاف‭ ‬الحرب‭ ‬الوحشية،‭ ‬فان‭ ‬الكيان‭ ‬يريد‭ ‬اختتام‭ ‬حربه‭ ‬في‭ ‬الإبادة‭ ‬بالتهجير‭ ‬القسري‭ ‬وسط‭ ‬المزيد‭ ‬والمزيد‭ ‬من‭ ‬القتل‭ ‬اليومي‭ ‬والتفجيرات‭ ‬والتجويع،‭ ‬وصولاً‭ ‬الى‭ ‬نشر‭ ‬فيروسات‭ ‬غامضة‭! ‬واختتام‭ ‬كل‭ ‬الأساليب‭ ‬الوحشية‭ ‬والممنهجة‭ ‬السابقة‭ ‬بعملية‭ ‬الأرض‭ ‬المحروقة‭ ‬‮«‬جدعون‭ ‬2‮»‬،‭ ‬لتهيئة‭ ‬الأرض‭ ‬الخالية‭ ‬من‭ ‬سكانها‭ ‬‮«‬المبادين‮»‬‭ ‬لمشاريع‭ ‬استثمارية‭ ‬سيتم‭ ‬إقامتها‭ ‬على‭ ‬عظام‭ ‬من‭ ‬نحسبهم‭ ‬شهداء‭ ‬عند‭ ‬الله‭!‬

{‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬ومن‭ ‬شواطئ‭ ‬برشلونة‭ ‬ومن‭ ‬موانئ‭ ‬تونس‭ ‬بدأت‭ ‬أضخم‭ ‬قافلة‭ ‬شعبية‭ ‬بحرية‭ ‬تتجه‭ ‬الى‭ ‬غزة‭ ‬لفك‭ ‬الحصار‭ ‬وإعلان‭ ‬التضامن‭ ‬بما‭ ‬تم‭ ‬تعريفه‭ (‬بأسطول‭ ‬الصمود‭ ‬العالمي‭)‬،‭ ‬وحيث‭ ‬تحمل‭ ‬السفن‭ ‬على‭ ‬ظهرها‭ ‬متضامنين‭ ‬ونشطاء‭ ‬وأطباء‭ ‬وفنانين‭ ‬وإعلاميين،‭ ‬لإعلان‭ ‬أن‭ ‬غزة‭ ‬ليست‭ ‬وحدها،‭ ‬وأن‭ ‬الموعد‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬هو‭ ‬11‭ ‬سبتمبر،‭ ‬وليتم‭ ‬كسر‭ ‬الصمت‭ ‬العالمي،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ردة‭ ‬فعل‭ ‬هستيرية‭ ‬من‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬الذي‭ ‬هدد‭ ‬بالنيابة‭ ‬عنه‭ ‬‮«‬بن‭ ‬غفير‮»‬‭: (‬سيتم‭ ‬احتجاز‭ ‬الناشطين‭ ‬في‭ ‬السجون،‭ ‬وسنحرمهم‭ ‬من‭ ‬الامتيازات‭ ‬مثل‭ ‬التلفزيون‭ ‬والراديو‭ ‬والأطعمة‭)!‬

{‭ ‬الصمت‭ ‬الرسمي‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬دولي‭ ‬بعزل‭ ‬الكيان‭ ‬وفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬عليه،‭ ‬يحاول‭ ‬هذا‭ ‬الأسطول‭ ‬الضخم‭ ‬الذي‭ ‬بلغ‭ ‬تعداده‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬70‭ ‬سفينة،‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬44‭ ‬دولة،‭ ‬أن‭ ‬يكسر‭ ‬هذا‭ ‬العجز‭ ‬الدولي‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ (‬بينما‭ ‬يبقى‭ ‬العالم‭ ‬صامتاً،‭ ‬نحن‭ ‬نبحر‭)! ‬رافعين‭ ‬الأعلام‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬لكسر‭ ‬الحصار‭ ‬والتجويع‭ ‬غير‭ ‬الإنساني‭ ‬وغير‭ ‬القانوني‭ ‬بشكل‭ ‬نهائي،‭ ‬وحيث‭ ‬التعبئة‭ ‬التاريخية،‭ ‬ستشهد‭ ‬مع‭ ‬انطلاق‭ ‬الأسطول‭ ‬تظاهرات‭ ‬ونشاطات‭ ‬متزامنة‭ ‬في‭ ‬الـ44‭ ‬دولة‭!‬

{‭ ‬حفيد‭ ‬نيلسون‭ ‬مانديلا‭ ‬وهو‭ ‬‮«‬ماندلا‭ ‬مانديلا‮»‬‭ ‬المشارك‭ ‬في‭ ‬الأسطول‭ ‬من‭ ‬تونس‭ ‬صرح‭ ‬بأن‭ (‬محنة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬أسوأ‭ ‬من‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري،‭ ‬وأن‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬مطالب‭ ‬بأن‭ ‬يعزل‭ ‬إسرائيل‭ ‬ويفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬شديدة‭ ‬عليها‭)‬،‭ ‬وأكد‭ ‬أن‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬الذي‭ ‬انتهى‭ ‬عام‭ ‬1994،‭ ‬لم‭ ‬ينته‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬ضغوط‭ ‬دولية‭ ‬وعقوبات‭ ‬شديدة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭! ‬وبالفعل‭ ‬فإن‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬المتقاعس‭ ‬عن‭ ‬أداء‭ ‬دوره،‭ ‬وتفعيل‭ ‬البند‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬قراراته‭ ‬ضد‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬لإيقافها،‭ ‬هو‭ ‬أمام‭ ‬امتحان‭ ‬لم‭ ‬يتوقف‭ ‬منذ‭ ‬عامين‭! ‬وآن‭ ‬الأوان‭ ‬لهذا‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬أن‭ ‬يحسم‭ ‬أمره‭ ‬في‭ ‬التصعيد‭ ‬‮«‬الإسرائيلي‮»‬‭ ‬الجديد‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬لممارسة‭ ‬ضغوطاته‭ ‬وفرض‭ ‬العقوبات‭ ‬الشديدة‭! ‬بدل‭ ‬الاسترخاء‭ ‬الدولي‭ ‬أمام‭ ‬‮«‬المحرقة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تنتهي‭!‬

{‭ ‬كذلك‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬عليه‭ ‬الوقوف‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬القرارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الجائرة‭ ‬والداعمة‭ ‬بشكل‭ ‬مطلق‭ ‬لكل‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب،‭ ‬التي‭ ‬يواصل‭ ‬الكيان‭ ‬ارتكابها‭ ‬يومياً،‭ ‬وأن‭ ‬يقف‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬ضد‭ ‬القرار‭ ‬الأمريكي‭ ‬بممارسة‭ ‬الضغوط‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تشارك‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭ ‬العمومية‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬للاعتراف‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وأن‭ ‬يقف‭ ‬ضد‭ ‬قرار‭ ‬منع‭ ‬الرئيس‭ ‬الفلسطيني‭ ‬ومرافقيه‭ ‬من‭ ‬دخول‭ ‬أمريكا،‭ ‬لمنعه‭ ‬من‭ ‬الحضور‭ ‬إلى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭! ‬هو‭ ‬الأوان‭ ‬الآن‭ ‬ليتم‭ ‬نقل‭ ‬الاجتماع‭ ‬الأممي‭ ‬إلى‭ ‬بلد‭ ‬آخر‭ ‬محايد،‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لا‭ ‬تتصرف‭ ‬بحيادية‭ ‬مع‭ ‬اجتماعات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وبدون‭ ‬وجه‭ ‬حق‭ ‬أو‭ ‬قانون‭ ‬دولي‭! ‬إلا‭ ‬لأن‭ ‬المقر‭ ‬الأممي‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭! ‬وتتصرف‭ ‬كأنه‭ ‬ملك‭ ‬خاص‭ ‬بها‭! ‬والسؤال‭: ‬الى‭ ‬متى‭ ‬هذا‭ ‬الخضوع‭ ‬الدولي‭ ‬العالمي‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬المجرم‭ ‬ولراعيته‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭! ‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا