عالم يتغير

فوزية رشيد
حركة جديدة في أمريكا مناهضة للصهيونية! أين نحن؟!
{ مؤخرا تم تأسيس حركة جديدة في أمريكا اسمها لجنة العمل السياسي الأمريكي المناهضة للصهيونية (AZAPAC)، واللافت أن مؤسسي هذه الحركة كانوا من أشد الداعمين للكيان الصهيوني وجزءا من البروبوجندا الصهيونية في أمريكا، فإذا بأحداث عامين من جرائم حرب الكيان والإبادة والتجويع الذي لا يزال يمارسه جعل هؤلاء الصهاينة الأمريكيين يعترفون بأنهم كانوا أغبياء لا يعرفون الحقيقة! ولكأنه الاعتراف الذي خرج بسبب الاهتزاز الكبير لضمائرهم أمام حقيقة الأحداث وحجم الوحشية والفاشية واللاإنسانية التي أطل بها كيانهم المحبوب عليهم فإذا بهم يرون وجهه الحقيقي، وهو الوجه الذي حرك أيضا ملايين الأفراد في العواصم الغربية وعواصم العالم والمطالبة بإيقاف هذه الحرب الهمجية التي لم يعد يناصرها علنا في العالم كله إلا الرئيس الأمريكي ترامب! إنها حرب تشكل الوجه البشع الذي أخاف البشرية كلها!
{ في الغرب تحرك أيضا سياسيون ووزراء، وكان خبر استقالة وزير الخارجية الهولندي كاسبار فيلدكامب من الحكومة الهولندية بسبب حرب الإبادة على غزة وخطط الكيان الاستيطانية في الضفة الغربية وبسبب المجاعة، وعدم اتخاذ الحكومة موقفا باتخاذ تدابير إضافية ضد الكيان الصهيوني كان خبرا لافتا! كما استقال جميع أعضاء الحكومة الهولندية من حزب العقد الاجتماعي الجديد بعد يوم من استقالة وزير الخارجية ومنهم نائب رئيس الوزراء ووزيرا الداخلية والتعليم ووزير الصحة، بالإضافة إلى 4 وزراء آخرين!
{ مثل هذا الموقف لا بد من الوقوف أمامه لأنه يحمل متغيرا حقيقيا، ليس في هولندا وحدها وإنما في العديد من دول أوروبا، وينبئ عن تغير النظرة السابقة والسائدة للكيان والقضية الفلسطينية! بل إن تصاعد المواقف في الولايات المتحدة نفسها وصلت إلى أعضاء في الحزب الجمهوري أو حزب ترامب حيث انتقدت عضو مجلس النواب الأمريكي عن الحزب الجمهوري مارجوري تايلور غرين الصمت تجاه الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان في غزة، ووجهت نداء مطولا بهذا الشأن. وفي اليومين السابقين كان لافتا التوصيف الذي وجهه ملياردير سويدي هو روجر أكيليوس هاجم فيه الكيان بلغة غير معهودة في الغرب قائلا: «لستم شعب الله المختار، بل أنتم تتصرفون كخدام للشيطان»، وهو التوصيف الذي يحمل في داخله نموذجا لصحوة الوعي الغربي ضد السردية الصهيونية! ويفكك تلك السردية في أكثر أجزائها الزائفة حول الأساطير التي تأسس عليها الكيان الصهيوني! إنهم بالفعل خدم الشيطان!
{ بالمقابل ومع كثرة المواقف في الغرب وتزايدها لا نجد ما يماثلها من المثقفين والفنانين والمفكرين والرسميين العرب! بل ونحن كل يوم أمام فيديو مصور لنشطاء وسياسيين ومفكرين من الغرب ونادرا ما نجد رد فعل عربيا مماثلا! ولكأن اليقظة الغربية ضد الصهيونية يقابلها سُبات عربي! فلا مؤسسات تتحرك بفاعلية ولا برلمانات عربية تتخذ مواقف مؤثرة ولا دول تتخذ إجراءات أو عقوبات أو ضغوط على الكيان وعلى الولايات المتحدة بسبب أبشع حرب إبادة في التاريخ البشري ضد أشقائهم وإخوتهم في العروبة والدين، وتهديد الكيان يصل إلى كل الدول العربية وبتصريحات اليمين المتطرف الصهيوني! بل حتى شوارع العواصم العربية تواصل هدوءها وحياتها الروتينية وكأن لا شيء يحدث حولها! أمر غريب بالفعل فسره أحدهم ضاحكا أو متهكما «لكأن المنطقة العربية تم رشها بغاز البلادة»!
{ ولكن كل ذلك في كفة وفي الكفة الأخرى وفي الوقت الذي يتراجع فيه الصهاينة الأصليون في الغرب عن دعمهم للكيان وسرديته الكاذبة فإن هناك محللين ومثقفين أو متثاقفين عربا ورغم كل المآسي الإجرامية التي يسببها الاحتلال الصهيوني في فلسطين العربية ورغم كل تطورات وتحولات الوعي الشعبي والرسمي الغربي والعالمي وحيث الغرب هو الداعم الأصيل وبؤرة الصهيونية العالمية فإن هؤلاء المتثاقفين العرب يتبنون السردية الصهيونية لدولة الاحتلال والإبادة وجرائم الحرب! بل يرون في التصريحات اليمينية المتطرفة من قادة الاحتلال حول التوسع الاستعماري في بلدان عربية، التي تم تنفيذ جزء منها على أرض الواقع باحتلال أجزاء من سوريا ولبنان بأن كل تلك التصريحات التهديدية هي للتسويق الداخلي في الكيان الصهيوني! أو أنها مجرد تصريحات لن يتمكن الكيان من تنفيذها! معتمدين على ماذا؟! لا ندري! وخاصة أن الوضع العربي في ضعف متزايد.
{ هؤلاء المتثاقفون العرب من فصيلة الصهيونجية العربية الجديدة لم تهز ضمائرهم مشاهد الإبادة والتدمير! ولم تهز عقولهم نوايا الكيان الصهيوني تجاه بلدانهم والمنطقة العربية! بل هم لا يرون في كل المشهد الكارثي هذا الذي حرك الغرب نفسه في رؤيته ونظرته للكيان إلا أن السبب فيه هو حماس رغم أن الأحداث تجاوزت بمسافة ضوئية منذ عامين رد الفعل الصهيوني على ما حدث في 7 أكتوبر 2023!
{ ولذلك فإن هؤلاء المتصهينين العرب وقد انتقلوا من كتمان دعم السردية الصهيونية إلى الجهر بها! وكأنهم بذلك يحققون إنجازا كبيرا في الوعي العربي! ولن نقول أكثر من ذلك! هؤلاء في الواقع يسهمون في تخدير الوعي الرسمي والشعبي العربي! ويدفعون أصحاب القرار ممن هم قريبون منهم إلى عدم اتخاذ إجراءات حقيقية ضد تلك التصريحات الخبيثة وضد الأجندة الاستعمارية واضحة المعالم وقد تم البدء في تنفيذها على أرض الواقع في سوريا ولبنان! بل يتهمون بكل وقاحة من يعمل على كشف المخططات لدولة الاحتلال الصهيوني بأنهم أصحاب نظرية المؤامرة! رغم أنه لم يعد هناك نظرية اليوم بل تطبيق دموي يراه العالم، وبسببه يتحول هذا العالم، وحيث يدرك الوعي العالمي أن أجندة الكيان وخارطته الدموية يتم توسيعها كل يوم وأنها الحقيقة! وليقبع بعدها المتصهينون العرب تحت ظلال جدارهم المهترئ وداخل أوهامهم السياسية ودفاعهم اللاأخلاقي عن سردية كيان يتحول العالم كله بالتدريج ضده وضد سرديته وهمجيته إلا هم!
إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك