العدد : ١٧٣٢٢ - الثلاثاء ٢٦ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٣ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٢٢ - الثلاثاء ٢٦ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٣ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

جعلوه عالما من الفانتازيا والكابوسية!

{ ما‭ ‬تعيشه‭ ‬البشرية‭ ‬اليوم‭ ‬غريب‭ ‬بالفعل،‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬فيه‭ ‬يتسارع‭ ‬ويتدهور‭ ‬بشكل‭ ‬جنوني‭! ‬الزمن،‭ ‬التطور‭ ‬التكنولوجي،‭ ‬تغيرات‭ ‬الأفكار‭ ‬والمفاهيم،‭ ‬التساقط‭ ‬القيمي‭ ‬والأخلاقي،‭ ‬تهافت‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬أو‭ ‬العالمي،‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬كمهدد‭ ‬للبشرية‭ ‬باعتراف‭ ‬صانعيه‭! ‬انحدار‭ ‬الثقافة‭ ‬والمعرفة‭ ‬رغم‭ ‬مجمل‭ ‬التطورات‭ ‬وكثرة‭ ‬المعلومات‭! ‬تهديد‭ ‬بعض‭ ‬القوى‭ ‬بكل‭ ‬وقاحة‭ ‬بالاستيلاء‭ ‬على‭ ‬جغرافيا‭ ‬دول‭ ‬أخرى،‭ ‬كما‭ ‬صرح‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬وصرح‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬وقفة‭ ‬أممية‭ ‬ضد‭ ‬ذلك‭ ‬وكأنه‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي‭! ‬تبنّي‭ ‬دول‭ ‬تدعي‭ ‬الرؤية‭ ‬المادية‭ ‬والعلمانية‭ ‬للخرافات‭ ‬والأساطير‭ ‬والنبوءات‭ ‬الزائفة‭ ‬بعد‭ ‬تحريف‭ ‬التوراة‭ ‬التي‭ ‬نزلت‭ ‬على‭ ‬موسى‭ ‬لتبرير‭ ‬أجندة‭ ‬استعمارية‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬جديد‭! ‬فوضى‭ ‬في‭ ‬المعايير‭ ‬الدولية،‭ ‬وإكسَاب‭ ‬إحدى‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬لنفسها‭ ‬حق‭ ‬فرض‭ ‬العقوبات‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬كبرى‭ ‬أخرى‭ ‬وبالطبع‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬النهوض،‭ ‬وليس‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يحاسب‭ ‬أو‭ ‬يردع‭ ‬أمميا‭! ‬استهتار‭ ‬بالقانون‭ ‬الدولي‭ ‬والمبادئ‭ ‬التي‭ ‬تنظم‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الدول‭! ‬التهديد‭ ‬بحرب‭ ‬عالمية‭ ‬كبرى‭ ‬تقضي‭ ‬على‭ ‬أغلب‭ ‬البشرية‭! ‬وهلم‭ ‬جرا‭ ‬من‭ ‬عجائب‭ ‬الفوضى‭ ‬التي‭ ‬تضرب‭ ‬العالم‭ ‬اليوم‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬متصاعد‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬من‭ ‬التطور‭ ‬العلمي‭ ‬والتكنولوجي‭! ‬وتراجع‭ ‬القيم‭ ‬الروحية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬والدينية‭ ‬الصحيحة‭ ‬وصعود‭ ‬إيديولوجية‭ ‬التطرف‭!‬

{ إنه‭ ‬عالم‭ ‬من‭ ‬الفانتازيا‭ ‬والخيال‭ ‬الكابوسي‭ ‬غير‭ ‬المتوقع‭ ‬الذي‭ ‬تعيشه‭ ‬البشرية‭ ‬اليوم،‭ ‬وحيث‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬أصبحت‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬الكبرى‭ ‬والإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬المنقولة‭ ‬على‭ ‬الشاشات‭ ‬مجرد‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭! ‬وتنفيذ‭ ‬لمعتقدات‭ ‬موضوعة‭ ‬توراتية‭ ‬وتلمودية‭ ‬وإنجيلية،‭ ‬يحتكرها‭ ‬كيان‭ ‬مارق‭ ‬عن‭ ‬البشرية‭ ‬ومعه‭ ‬مافيا‭ ‬صهيونية‭ ‬عالمية‭! ‬وترعى‭ ‬تلك‭ ‬الرؤى‭ ‬الخرافية‭ ‬أقوى‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كما‭ ‬تسمي‭ ‬نفسها،‭ ‬ومعها‭ ‬قائمة‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الأخرى،‭ ‬التي‭ ‬تثور‭ ‬شعوبها‭ ‬ضدها‭ ‬اليوم‭ ‬بسبب‭ ‬دعمها‭ ‬أو‭ ‬صمتها‭ ‬على‭ ‬الإبادة‭!‬

{الغريب‭ ‬أن‭ ‬مرآة‭ ‬غزّة‭ ‬وأحداثها‭ ‬المستمرة‭ ‬والمتحولة‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬العامين‭ ‬تشهد‭ ‬تحولات‭ ‬وتطورات‭ ‬في‭ ‬داخلها‭ ‬كل‭ ‬فترة،‭ ‬ومرآتها‭ ‬تعكس‭ ‬أيضاً‭ ‬تحولات‭ ‬عالمية‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الوعي‭ ‬الشعبي‭ ‬العالمي‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الدول‭! ‬وقد‭ ‬يعتقد‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬تناوله‭ ‬عن‭ ‬غزة‭ ‬هي‭ ‬مقالات‭ ‬‮«‬مكررة‮»‬،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يلاحظ‭ ‬هذا‭ ‬البعض‭ (‬زوايا‭ ‬التغيير‭ ‬والتحولات‭ ‬المختلفة‭ ‬والمتشعبة‭ ‬لما‭ ‬يحدث‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬والدولي‭)‬،‭ ‬وفي‭ ‬أغلبها‭ ‬تحولات‭ ‬سلبية‭ ‬للأسف‭ ‬يتم‭ ‬تناولها‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المقالات‭! ‬ومنذ‭ ‬أن‭ ‬قرر‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬بحسب‭ ‬سرديته،‭ ‬فإذا‭ ‬بذلك‭ ‬الرد‭ ‬يشهد‭ ‬بدوره‭ ‬تحولات‭ ‬دراماتيكية‭ ‬بدأت‭ ‬بالتبرير‭ ‬له‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬انتقامي‮»‬‭ ‬من‭ ‬‮«‬حركة‭ ‬حماس‮»‬،‭ ‬ولكنه‭ ‬تجاوز‭ ‬ذلك‭ ‬كثيراً،‭ ‬ليتحول‭ ‬الرد‭ ‬إلى‭ ‬نقلات‭ ‬جيواستراتيجية،‭ ‬وبدعاوى‭ ‬دينية‭ ‬توراتية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الصمت‭ ‬الدولي‭ ‬على‭ ‬الإبادة‭!‬

{ في‭ ‬البدء‭ ‬وحتى‭ ‬الآن،‭ ‬لم‭ ‬يتوقف‭ ‬الكيان‭ ‬عن‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬والتجويع‭ ‬والحصار‭ ‬والتطهير‭ ‬العرقي‭ ‬والعمل‭ ‬الدؤوب‭ ‬بكل‭ ‬ذلك،‭ ‬على‭ ‬تهجير‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وأغلب‭ ‬من‭ ‬تمت‭ ‬إبادتهم‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬وليس‭ ‬حماس‭! ‬ثم‭ ‬انتقل‭ ‬المتطرف‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬بدعم‭ ‬أمريكي‭ ‬إلى‭ ‬تجسيد‭ ‬فكرة‭ ‬ترامب‭ ‬حول،‭ ‬‮«‬ريفييرا‭ ‬الشرق‮»‬،‭ ‬ثم‭ ‬وصلت‭ ‬الفكرة‭ ‬إلى‭ ‬احتلال‭ ‬كامل‭ ‬القطاع،‭ ‬ويتم‭ ‬تنفيذ‭ ‬ذلك‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬العدوان‭! ‬ثم‭ ‬تدحرجت‭ ‬الرؤية‭ ‬الصهيونية‭ ‬المتطرفة‭ ‬إلى‭ ‬تهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬وإقامة‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المستوطنات‭ ‬الجديدة‭! ‬وزير‭ ‬المالية‭ ‬الصهيونية‭ ‬‮«‬سموتريتش‮»‬‭ ‬ومعه‭ ‬الحكومة‭ ‬المتطرفة،‭ ‬يكرر‭ ‬ويكررون‭ ‬أن‭ (‬الضفة‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ونحن‭ ‬نقيم‭ ‬المستوطنات‭ ‬حتى‭ ‬نقضي‭ ‬على‭ ‬فكرة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭)! ‬وقال‭ ‬معه‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ (‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬يعني‭ ‬انتحار‭ ‬إسرائيل‭)! ‬يكررون‭ ‬ذلك‭ ‬وغيره‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬تحدٍ‭ ‬أممي‭ ‬لغالبية‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مبالاة‭! ‬وحين‭ ‬صرح‭ ‬مجرم‭ ‬الحرب‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬في‭ ‬13‭/‬8‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬عن‭ ‬النوايا‭ ‬التوسعية‭ ‬الاستعمارية‭ ‬له‭ ‬ولحكومته‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬‮«‬الصهيونية‭ ‬الدينية‮»‬‭ ‬فإنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ليصرح‭ ‬عبثاً،‭ ‬بل‭ ‬يقول‭ ‬علناً‭ ‬إنه‭ ‬في‭ (‬مهمة‭ ‬روحية‭ ‬وتاريخية‭ ‬دينية‭)!‬

{ أخيراً‭ ‬يتضح‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬كنا‭ ‬نحذّر‭ ‬منه‭ ‬عبر‭ ‬سنوات‭ ‬بل‭ ‬عقود،‭ ‬ويحسبه‭ ‬البعض‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬نظرية‭ ‬مؤامرة‮»‬‭ ‬ويحاول‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬التهوين‭ ‬من‭ ‬حقيقة‭ ‬التصريحات‭ ‬الصهيونية،‭ ‬هو‭ ‬اليوم‭ ‬تهديد‭ ‬وجودي‭ ‬وحقيقي‭ ‬خطير‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬العربي‭ ‬برمته،‭ ‬كما‭ ‬خصصنا‭ ‬لذلك‭ ‬مقالات‭ ‬عدة،‭ ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬التصريح‭ ‬يعكس‭ ‬نوايا‭ ‬توسعية‭ ‬وعدوانية‭ ‬للعقلية‭ ‬والذهنية‭ ‬الإرهابية‭ ‬المتطرفة‭! ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬بدعم‭ ‬أمريكي‭ ‬مطلق،‭ ‬في‭ ‬استعادة‭ ‬الرؤى‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الجديدة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحويل‭ ‬الأساطير‭ ‬والنبوءات‭ ‬إلى‭ ‬إيديولوجية‭ ‬سياسية‭ ‬واستراتيجية‭ ‬للعدوان‭ ‬على‭ ‬سيادة‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬مستقلة،‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار،‭ ‬فإذا‭ ‬بها‭ ‬وفي‭ ‬عالم‭ ‬فانتازي‭ ‬وكابوسي‭ ‬تجد‭ ‬نفسها‭ ‬تحت‭ ‬التهديد‭ ‬الوجودي‭ ‬المباشر،‭ ‬من‭ ‬ذات‭ ‬الكيان‭ ‬الذي‭ ‬روج‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬له‭ ‬بأنه‭ ‬يريد‭ ‬السلام‭ ‬وعقد‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الإبراهيمية‭ ‬مع‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬دفعة‭ ‬واحدة‭ ‬وفي‭ ‬مسار‭ ‬زمني‭ ‬متسارع‭! ‬كيف‭ ‬يتم‭ ‬الدمج‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الرؤى؟‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يعرف‭! ‬*ومع‭ ‬انهيار‭ ‬المعايير‭ ‬وتبدلات‭ ‬القيم‭ ‬وانقلاب‭ ‬المنطق‭ ‬الدولي،‭ ‬ومعه‭ ‬انقلاب‭ ‬النظام‭ ‬الدولي،‭ ‬ليتحول‭ ‬إلى‭ ‬غلبة‭ ‬معيار‭ ‬القوة‭ ‬وحده‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬عداه‭! ‬فإن‭ ‬البشرية‭ ‬تعيش‭ ‬اليوم‭ ‬كابوسا‭ ‬تتلاحق‭ ‬فصوله،‭ ‬عنوانه‭ ‬الأساسي‭ ‬غلبة‭ ‬الفكر‭ ‬الأسطوري‭ ‬والخرافي‭ ‬على‭ ‬السياسة‭ ‬الدولية،‭ ‬التي‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تفرضها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وربيبتها‭ ‬الصهيونية‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭ ‬كله،‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬فانتازي‭ ‬من‭ ‬الاستبداد‭ ‬والدكتاتورية‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الجديدة‭! ‬إنه‭ ‬عالم‭ ‬اليوم‭ ‬يا‭ ‬سادة،‭ ‬وكل‭ ‬شيء‭ ‬حتى‭ ‬الخرافات‭ ‬يتم‭ ‬فرضها‭ ‬بالقوة‭! ‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا