العدد : ١٧٣٨٨ - الجمعة ٣١ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٨٨ - الجمعة ٣١ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

اطلالة

هالة كمال الدين

halakamal99@hotmail.com

لا للغلق في زمن الانفتاح

اليوم‭ ‬هناك‭ ‬جدل‭ ‬واسع‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬المصرية‭ ‬حول‭ ‬فكرة‭ ‬إغلاق‭ ‬تطبيق‭ ‬‮«‬تيك‭ ‬توك‮»‬‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬مشاهير‭ ‬صناع‭ ‬المحتوى‭ ‬والتحقيق‭ ‬معهم‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ثبت‭ ‬تدني‭ ‬ورداءة‭ ‬ما‭ ‬يقدمونه‭ ‬عبر‭ ‬حساباتهم،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬ينال‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬ومبادئ‭ ‬وأخلاقيات‭ ‬المجتمع‭. ‬

فالبعض‭ ‬يرى‭ ‬الحل‭ ‬في‭ ‬إغلاقه‭ ‬لحماية‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬والبيانات‭ ‬والسلم‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬بينما‭ ‬يعارض‭ ‬آخرون‭ ‬ذلك،‭ ‬حيث‭ ‬يجدون‭ ‬فيه‭ ‬تقييدا‭ ‬للحريات‭ ‬والتعبير‭ ‬وتناقضا‭ ‬مع‭ ‬طبيعة‭ ‬العصر‭ ‬المنفتح‭ ‬الذي‭ ‬نعيشه‭ ‬ومع‭ ‬متطلباته،‭ ‬والذي‭ ‬تحول‭ ‬معه‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬قرية‭ ‬صغيرة‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬فيها‭ ‬للتواصل‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬والتعرف‭ ‬على‭ ‬ثقافاتهم‭ ‬المختلفة‭.‬

شخصيا،‭ ‬لا‭ ‬أؤيد‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬مبدأ‭ ‬‮«‬المنع‮»‬‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الزمان،‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬نظرية‭ ‬‮«‬الممنوع‭ ‬مرغوب‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬قناعتي‭ ‬بأن‭ ‬التيك‭ ‬توكرز‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬حقيقة‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تهديد‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬لأي‭ ‬مجتمع‭ ‬فهذا‭ ‬القول‭ ‬يحمل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المبالغة‭ ‬ويمنحهم‭ ‬قيمة‭ ‬وقدرا‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬مما‭ ‬يستحقونه‭.‬

وهذا‭ ‬بالفعل‭ ‬ما‭ ‬أكده‭ ‬الرئيس‭ ‬المصري‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬السيسي،‭ ‬قائلا‭ ‬إن‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ليست‭ ‬شرا‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها،‭ ‬وأن‭ ‬العيب‭ ‬ليس‭ ‬فيها‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬إساءة‭ ‬استخدامها،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الرهان‭ ‬يبقى‭ ‬هنا‭ ‬على‭ ‬وعي‭ ‬المجتمع‭ ‬وثقافته‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬انجراره‭ ‬نحو‭ ‬أي‭ ‬محتوى‭ ‬هابط‭.‬

في‭ ‬أمريكا‭ ‬تخضع‭ ‬خدمة‭ ‬استضافة‭ ‬مقاطع‭ ‬الفيديو‭ ‬القصيرة‭ ‬‮«‬تيك‭ ‬توك‮»‬‭ ‬لحظر‭ ‬وطني‭ ‬منذ‭ ‬19‭ ‬يناير‭ ‬الماضي،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬مخاوف‭ ‬من‭ ‬احتمال‭ ‬جمع‭ ‬بيانات‭ ‬المستخدمين‭ ‬وعمليات‭ ‬التأثير‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬حكومة‭ ‬جمهورية‭ ‬الصين‭ ‬الشعبية‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يطبق‭ ‬هذا‭ ‬الحظر‭ ‬بعد‭.‬

فالمسألة‭ ‬لا‭ ‬تحتمل‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الجدال‭ ‬العقيم،‭ ‬وإلا‭ ‬بهذا‭ ‬المنطق‭ ‬دعونا‭ ‬نغلق‭ ‬‮«‬الفيس‭ ‬بوك‮»‬‭ ‬و«الانستجرام‮»‬‭ ‬و«سناب‭ ‬شات‮»‬‭ ‬و«شات‭ ‬جي‭ ‬بي‭ ‬تي‮»‬‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الحديثة‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬تمثل‭ ‬سمة‭ ‬من‭ ‬سمات‭ ‬العصر‭ ‬بل‭ ‬وضرورة‭ ‬من‭ ‬ضرورياته‭.‬

ويبقى‭ ‬المطلوب‭ ‬فقط‭ ‬هو‭ ‬توافر‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬اليقظة،‭ ‬وقدر‭ ‬من‭ ‬الوعي،‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬الضوابط‭ ‬والتشريعات،‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تقويم‭ ‬أداء‭ ‬هذا‭ ‬السلاح‭ ‬ذي‭ ‬الحدين‭ ‬ومن‭ ‬يسيئون‭ ‬استخدامه‭! ‬

إقرأ أيضا لـ"هالة كمال الدين"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا