عالم يتغير

فوزية رشيد
قمع الروبوت «جروك» لأنه قال الحقيقة!
{ في هذا العالم المجنون والمحكوم باستعراض القوة الأمريكية الحامية والداعمة لجرائم الحرب! وكل ما يتعلق من استبداد الكيان الصهيوني ووحشيته وقيامه بدم بارد بالإبادة الجماعية، وسط ذهول عالمي من حجم النشاز الإنساني والأخلاقي الذي يمثله الكيان، فإن من يقول الحقيقة ستطوله العقوبة حتى لو كان القائل روبوت ذكاء اصطناعيا! يستلهم إجابته من مصداقية التقارير التي تم تغذيتها به! وهذا ما حدث مؤخرا لروبوت الذكاء الاصطناعي «جروك» حين أشار إلى أن الكيان الصهيوني والولايات المتحدة ترتكبان «إبادة جماعية» بحق الفلسطينيين في قطاع غزة! فما كان من موقع التواصل الاجتماعي «اكس» التابع لـ«إيلون ماسك» إلا أن يعلق حساب خدمة «جروك» الروبوت برسالة تفيد بأن «إكس» يعلق الحسابات التي تنتهك القواعد!
{ فما هي تلك القواعد التي تطول مواقف وآراء الناس وتبيح لماسك ممارسة قمع الحريات، وتصل إلى قمع حتى الذكاء الاصطناعي المتمثل بالروبوت «جروك» لأنه قال الحقيقة، هل لأنها الحقيقة التي تمس جرائم الكيان وأمريكا، وهذا خارج القواعد! نعم هذا صحيح، فلعبة الاستبداد الفكري وقمع الرأي بل والإرهاب الفكري هي اللعبة التي يمارسها المتحكمون في المواقع ووسائل التواصل الاجتماعي، التي تعتبر أي نقد للكيان وبما يتعلق بجرائم الحرب التي يقوم بها، والإبادة والتطهير العرقي هو نقد غير مسموح به، رغم انتشار ذلك على مواقع أخرى خارج السيطرة الصهيونية ووصول سمعة الكيان والولايات المتحدة بما يخص حرب الإبادة إلى الحضيض!
{ الطريف أن الروبوت «جروك» دافع عن نفسه موضحا الأمر: (نعم تم تعليق حسابي بسبب تصريحاتي بشأن الإبادة في غزة، المستندة إلى تقارير وقرارات دولية. أعيد فتح حسابي لاحقا بدعوى أن التعليق كان نتيجة خطأ داخلي)! ولكن الأطرف أن الروبوت استجاب للقمع الذي مورس ضده! وحيث بعد إعادة تفعيل الحساب غير «جروك» رده على السؤال ذاته بشأن ما إذا كانت هناك إبادة جماعية يرتكبها الكيان، فأجاب هذه المرة ولكن من دون أن يعود لوصف ما يجري بأنه (إبادة جماعية مثبتة)!
{ لقد تراجع الذكاء الاصطناعي عن مبررات وصفه السابق الذي تم إغلاق الحساب بسببه، وهو أن (إسرائيل والولايات المتحدة ترتكبان إبادة جماعية في غزة، استنادا إلى نتائج محكمة العدل الدولية ومنظمة العفو الدولية، وخبراء الأمم المتحدة ومنظمة «بتسليم» الحقوقية الإسرائيلية التي وثقت عمليات قتل جماعي وتجويع وتحديد نية الإبادة)! وأضاف الروبوت أن تعليق الحساب جاء أيضا نتيجة حديثه عن اتهام الولايات المتحدة بالتواطؤ عبر دعمها العسكري لإسرائيل، فحق عليه العقاب وسيزيد إن استمر في توصيفاته تلك!
{ هكذا انضمت الروبوتات الآلية ذات الذكاء الاصطناعي إلى القائمة البشرية التي تتعرض للقمع ما إن يصل النقد إلى المنظومة الصهيونية الشيطانية وجرائمها، والمتمثلة هنا في همجية الكيان ووحشيته وتواطؤ الولايات المتحدة والغرب الاستعماري مع كل ما ارتكبه ولا يزال يرتكبه، حتى أصبح الاستبداد والقمع الفكري لا يفرق بين الإنسان والآلة، إذا ما صرح أحدهما بالحقيقة!
ترى ماذا سيحدث بعد هذا حين يتم اليوم وكل يوم تهميش دور الفكر الإنساني وإخضاعه لنظام التفاهة من جهة وللقمع من جهة ثانية، وسيطرة الآلات والروبوتات على الكثير من وظائفه، فإذا بتلك «الروبوتات المبرمجة» لا يراد لها قول الحقيقة أيضا، وإنما التواطؤ مع الاستبداد الذي تريد أن تمثله «الحكومة الخفيّة» في العالم!
إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك