اطلالة

هالة كمال الدين
halakamal99@hotmail.com
خليها تنظف
أسوأ كابوس نعيشه اليوم هو تحول الفارغين إلى قدوات يسدون النصائح لملايين المتابعين، ويعلمونهم كيف يعيشون حياتهم، وكيف يتحولون بمرور الوقت إلى فارغين مثلهم، لا فكر، لا أخلاق، لا مبادئ، مجرد كائنات حية تلهث وراء الماديات، ولديها استعداد للتفريط بكل شيء مقابل الاستزادة من المال والشهرة.
تلك كانت تغريدة لأحد الناشطين الشهيرين على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي استوقفتني كثيرا لكونها لخصت وببراعة ما نعيشه اليوم من مهزلة إلكترونية، حيث أصبح كل من يملك ميكروفونا وكاميرا إعلاميا بارزا، يدلي بدلوه، يوجه، ينصح، يرشد، ويعلم، وكأنه علّامة عصره، رغم ما يعانيه في كثير من الأحيان من خواء فكري وثقافي وأخلاقي، الأمر الذي لا يؤهله تماما للقيام بهذا الدور الذي قرر وبمنتهى الجبروت والتبجح أن يمارسه على متابعيه.
هذا ما دفع عددا من المحامين المصريين مؤخرا إلى إطلاق مبادرة تحمل عنوان «خليها تنظف» والتي تم عبر بلاغاتها القبض على عدد من أشهر صناع المحتوى في وسائل التواصل، والتحقيق معهم والبقية تأتي، وذلك بعد أن أصبحوا «تريندات» حول العالم في الفترة الأخيرة من خلال ما يقدمونه من محتوى غير لائق جذب الملايين من شأنه أن ينال من قيم ومبادئ المجتمع، إلى جانب عدم حصولهم على تراخيص من المعنيين تمنحهم ممارسة هذا الحق.
تلك الحملة لا تستهدف أشخاصا بعينهم، بل المحتوى الهابط والرخيص الذي يقدم عبر حساباتهم، إلى جانب التحقق من مصدر الأموال التي يملكها هؤلاء والتي تم تحصيلها من وراء متابعة حشود من الجماهير حول العالم الذي أصبح مهووسا وملحوسا ومسحوقا بحسابات وسائل التواصل الاجتماعي وبصفة خاصة ما يسمى بالتيك توك الذي يمثل كارثة اليوم بعد أن استباح أي بل كل شيء على وجه الأرض.
نعم وسائل التواصل تحولت اليوم إلى وسائل إعلامية، بعد أن أصبح من حق كل من هب ودب أن يتحول وبقدرة قادر إلى إعلامي بارز بصرف النظر عن ثقافته وأخلاقه ومبادئه، والمؤسف أن جموع المتابعين هم من يصنعون من أمثال هؤلاء أبطالا يقتاتون ويستغلون تلك الوسائل للشهرة والتربح.
إن صناع هذا المحتوى الفاسد نجحوا وللأسف الشديد في كسب انتباه جموع الجماهير، وباتت أفكارهم البالية النكراء تجوب أرجاء البيوت في مختلف أنحاء العالم، الأمر الذي ينذر بتدهور القيم الاجتماعية والأخلاقية، ومن هنا تأتي أهمية مبادرة «خليها تنظف» وأمثالها، علها تسهم في إزالة مثل هذه القاذورات المهيمنة على الساحة الإلكترونية اليوم.
إقرأ أيضا لـ"هالة كمال الدين"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك