عالم يتغير

فوزية رشيد
من النظام الدولي إلى فوضى الهمجية الدولية!
{ أيًّا كانت المآخذ على النظام الدولي السابق، وإن كان «انفراديا» تحت سيطرة الولايات المتحدة وخارج رغبة الكثير من دول العالم التي تصبو إلى «نظام دولي تعددي» قائم على التعاون والتكامل التنموي بين دول العالم، بدل استئثار المنظومة الغربية الاستعمارية، عبر نظام قائم على الرأسمالية الدكتاتورية والعولمة الشرسة! إلا أن هذا النظام الدولي كان يمتلئ جيبه كجيب الحاوي بشرائط الشعارات الملونة الحقوقية والإنسانية والقانونية الدولية! إلا أن كل ذلك سقط تماما خلال العامين المنصرمين وبقوة، وانكشفت كل أكاذيبه مع حرب الإبادة في غزة التي لا يُراد لها التوقف، بل انتقال حكومة الكيان الصهيوني إلى احتلال كامل غزة والضفة! في صفعة مدوية على وجه «النظام الدولي» أو ما تبقى من قوانينه الدولية والإنسانية، وبدعم مطلق من الولايات المتحدة وحيث سيعني الاحتلال أو الإدارة الأمنية العسكرية إلى فرض التهجير على من يعيشون في ظل الإبادة بالمجاعة كمرحلة متقدمة لاستخدام الجوع والعطش كسلاح حربي خارج كل الأطر الدولية الإنسانية والحقوقية والقانونية!
{ بهذا ينتقل العالم من فرضية «النظام الدولي الجائر» إلى واقع «فوضى الهمجية الدولية» وهذه المرة كنظام دولي بديل، تقف فيه الولايات المتحدة ووكيلها العنصري الكيان الصهيوني على قمة جبل الفوضى الدولية! وحيث يتم إسقاط كل شعارات النظام السابق في بركة هذه الفوضى الآسنة، وحيث يتم إجبار دول العالم كله على الصمت على الفظائع التي يرتكبها الكيان الصهيوني والجرائم ضد الإنسانية! وليتم معاقبة القائمين على القانون الدولي، بل على بعض المنظمات الأممية المعنية في تقاريرها بحقوق الإنسان، ليعيش العالم كله كابوس هذا (اللانظام الدولي) وليتم استعباد الشعوب المتمردة على الظلم المشهود، ومعاقبة من يتجرأ على قول الحق وكتابة أي تقرير، يوضح ما يجري سواء من إدارة الولايات المتحدة أو من حكومة الكيان المتطرفة، والتي تبلغ اليوم قمة تطرفها باعتبارات (الخزعبلات المعتقدية والنبوءات التملودية) التي تجعلها فوق البشر جميعا! والولايات المتحدة ورئيسها ترامب وإدارته تعمل على مأسسة تلك الخرافات المعتقدية الصهيونية عالميا ودعمها بكامل قوتها، رغم التصريحات العبثية والمتناقضة حول السلام العالمي!
{ يمينا ويسارا يتلفت «ترامب» بدوره ويفرض الضرائب والعقوبات على الدول وكأنه ودولته خارج أي قانون دولي! أو خارج أي احتكام للمبادئ التجارية الدولية، فوحده الذي يقرر من يقع عليه العقوبات، ومن يقع عليه الحصار، باستهتار واضح بأي نظام يحكم الدول والعالم! مستندا على جدار القوة العسكرية وقوة الاقتصاد والمال وقوة الإعلام، لفرض «نظام الفوضى» الشيطاني الذي يبيح للولايات المتحدة من خلاله فوضى التحكم في الدول والشعوب! فمرة يهدد الصين كأكبر قوة منافسة له في العالم، ومرة يزايد على العقوبات والضرائب المفروضة على روسيا، ومنها ينتقل إلى الهند وغيرها من الدول، ولكأن العالم عليه أن يعيش في فوضى الدكتاتورية الأمريكية الصهيونية وجرائم الكيان المستمرة ضد الإنسانية! بل عليه أن يتعايش ويتقبل هذا «اللامنطق الدولي» لمجرد أن حضرة ترامب يرى ذلك! ولمجرد أن متطرفي الكيان يرون في أنفسهم أسياد العالم!
{ هكذا تنهار مصداقية كل المؤسسات الدولية والأممية المعنية بتنظيم العلاقات بين الدول، والمعنية بالحقوق والقانون الدولي، والتكامل الثقافي والسياسي والتنموي على مستوى العالم! لتحل الفوضى ويحل الارتباك والفراغ في عمل كل تلك المؤسسات ولينهار أمام الأعين الدولية أي مصداقية لنظام دولي مؤسساتي يتمثل في الأمم المتحدة، الذي سعت الدول عبر العقود لجعلها منبرا عالميا لقضايا الدول والأمم! فإذا بها تنكشف بشكل كامل على أنها مجرد واجهة استعمارية لفرض مصالح وأجندات الدول الغربية الكبرى تحديدا، والمتحكمة في كل مساراتها، بما يخدم مصالحها وأجنداتها الدولية فقط!
{ هذا العالم غير المتزن والموبوء بكل أمراض وعُقد الصهيونية التلمودية وعنصريتها تجاه البشرية ككل، لا بد أن تصل دورته المضطربة والفوضوية إلى نهاية، فلا يمكن لدولة واحدة أو كيان لقيط واحد أن يتحكم هكذا في المسار الدولي والبشري، وينهي حضارات وقيما تراكمت عبر آلاف السنوات، لمجرد أن مافيا عالمية تتحكم في الحروب والمال والاقتصاد والإعلام، قررت أن تفرض نفسها بمنطق القوة وتجعله قانونا ونظاما دوليا جديدا، وتفرض الكيان العنصري والإرهابي وبصيغة استبدادية واحتكارية استعمارية متقدمة تجعل من العالم كله وكأنه قد وقع في قبضتها ومن دون نهاية! على العالم كله أن ينتفض بشكل حقيقي ضد اللانظام الدولي وضد الكيان، فشعوب هذا العالم انتفضت وعرفت الحقيقة، وعلى الدول بتحالف بينها أن تجاريها في تلك «المعرفة الوجودية» وأن تدفع ثمن قرارها السيادي في التخلص من العبودية المافيوية (من المافيا العالمية) ، واستبداد الخرافات والمعتقدات التلمودية، التي يتم إدارة فوضى العالم من خلالها، وفرضها بمنطق القوة والاستبداد!
إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك