العدد : ١٧٣٠٧ - الاثنين ١١ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ١٧ صفر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٠٧ - الاثنين ١١ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ١٧ صفر ١٤٤٧هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

من النظام الدولي إلى فوضى الهمجية الدولية!

{‭ ‬أيًّا‭ ‬كانت‭ ‬المآخذ‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬السابق،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬‮«‬انفراديا‮»‬‭ ‬تحت‭ ‬سيطرة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وخارج‭ ‬رغبة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬تصبو‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬نظام‭ ‬دولي‭ ‬تعددي‮»‬‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬والتكامل‭ ‬التنموي‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬بدل‭ ‬استئثار‭ ‬المنظومة‭ ‬الغربية‭ ‬الاستعمارية،‭ ‬عبر‭ ‬نظام‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬الرأسمالية‭ ‬الدكتاتورية‭ ‬والعولمة‭ ‬الشرسة‭! ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬كان‭ ‬يمتلئ‭ ‬جيبه‭ ‬كجيب‭ ‬الحاوي‭ ‬بشرائط‭ ‬الشعارات‭ ‬الملونة‭ ‬الحقوقية‭ ‬والإنسانية‭ ‬والقانونية‭ ‬الدولية‭! ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬سقط‭ ‬تماما‭ ‬خلال‭ ‬العامين‭ ‬المنصرمين‭ ‬وبقوة،‭ ‬وانكشفت‭ ‬كل‭ ‬أكاذيبه‭ ‬مع‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يُراد‭ ‬لها‭ ‬التوقف،‭ ‬بل‭ ‬انتقال‭ ‬حكومة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬إلى‭ ‬احتلال‭ ‬كامل‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭! ‬في‭ ‬صفعة‭ ‬مدوية‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬‮«‬النظام‭ ‬الدولي‮»‬‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬قوانينه‭ ‬الدولية‭ ‬والإنسانية،‭ ‬وبدعم‭ ‬مطلق‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحيث‭ ‬سيعني‭ ‬الاحتلال‭ ‬أو‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمنية‭ ‬العسكرية‭ ‬إلى‭ ‬فرض‭ ‬التهجير‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الإبادة‭ ‬بالمجاعة‭ ‬كمرحلة‭ ‬متقدمة‭ ‬لاستخدام‭ ‬الجوع‭ ‬والعطش‭ ‬كسلاح‭ ‬حربي‭ ‬خارج‭ ‬كل‭ ‬الأطر‭ ‬الدولية‭ ‬الإنسانية‭ ‬والحقوقية‭ ‬والقانونية‭!‬

{‭ ‬بهذا‭ ‬ينتقل‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬فرضية‭ ‬‮«‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬الجائر‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬واقع‭ ‬‮«‬فوضى‭ ‬الهمجية‭ ‬الدولية‮»‬‭ ‬وهذه‭ ‬المرة‭ ‬كنظام‭ ‬دولي‭ ‬بديل،‭ ‬تقف‭ ‬فيه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ووكيلها‭ ‬العنصري‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬قمة‭ ‬جبل‭ ‬الفوضى‭ ‬الدولية‭! ‬وحيث‭ ‬يتم‭ ‬إسقاط‭ ‬كل‭ ‬شعارات‭ ‬النظام‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬بركة‭ ‬هذه‭ ‬الفوضى‭ ‬الآسنة،‭ ‬وحيث‭ ‬يتم‭ ‬إجبار‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬على‭ ‬الصمت‭ ‬على‭ ‬الفظائع‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬والجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭! ‬وليتم‭ ‬معاقبة‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬المنظمات‭ ‬الأممية‭ ‬المعنية‭ ‬في‭ ‬تقاريرها‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬ليعيش‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬كابوس‭ ‬هذا‭ (‬اللانظام‭ ‬الدولي‭) ‬وليتم‭ ‬استعباد‭ ‬الشعوب‭ ‬المتمردة‭ ‬على‭ ‬الظلم‭ ‬المشهود،‭ ‬ومعاقبة‭ ‬من‭ ‬يتجرأ‭ ‬على‭ ‬قول‭ ‬الحق‭ ‬وكتابة‭ ‬أي‭ ‬تقرير،‭ ‬يوضح‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬إدارة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬حكومة‭ ‬الكيان‭ ‬المتطرفة،‭ ‬والتي‭ ‬تبلغ‭ ‬اليوم‭ ‬قمة‭ ‬تطرفها‭ ‬باعتبارات‭ (‬الخزعبلات‭ ‬المعتقدية‭ ‬والنبوءات‭ ‬التملودية‭) ‬التي‭ ‬تجعلها‭ ‬فوق‭ ‬البشر‭ ‬جميعا‭! ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ورئيسها‭ ‬ترامب‭ ‬وإدارته‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬مأسسة‭ ‬تلك‭ ‬الخرافات‭ ‬المعتقدية‭ ‬الصهيونية‭ ‬عالميا‭ ‬ودعمها‭ ‬بكامل‭ ‬قوتها،‭ ‬رغم‭ ‬التصريحات‭ ‬العبثية‭ ‬والمتناقضة‭ ‬حول‭ ‬السلام‭ ‬العالمي‭!‬

{‭ ‬يمينا‭ ‬ويسارا‭ ‬يتلفت‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬بدوره‭ ‬ويفرض‭ ‬الضرائب‭ ‬والعقوبات‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬وكأنه‭ ‬ودولته‭ ‬خارج‭ ‬أي‭ ‬قانون‭ ‬دولي‭! ‬أو‭ ‬خارج‭ ‬أي‭ ‬احتكام‭ ‬للمبادئ‭ ‬التجارية‭ ‬الدولية،‭ ‬فوحده‭ ‬الذي‭ ‬يقرر‭ ‬من‭ ‬يقع‭ ‬عليه‭ ‬العقوبات،‭ ‬ومن‭ ‬يقع‭ ‬عليه‭ ‬الحصار،‭ ‬باستهتار‭ ‬واضح‭ ‬بأي‭ ‬نظام‭ ‬يحكم‭ ‬الدول‭ ‬والعالم‭! ‬مستندا‭ ‬على‭ ‬جدار‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬وقوة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والمال‭ ‬وقوة‭ ‬الإعلام،‭ ‬لفرض‭ ‬‮«‬نظام‭ ‬الفوضى‮»‬‭ ‬الشيطاني‭ ‬الذي‭ ‬يبيح‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬فوضى‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬والشعوب‭! ‬فمرة‭ ‬يهدد‭ ‬الصين‭ ‬كأكبر‭ ‬قوة‭ ‬منافسة‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬ومرة‭ ‬يزايد‭ ‬على‭ ‬العقوبات‭ ‬والضرائب‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬روسيا،‭ ‬ومنها‭ ‬ينتقل‭ ‬إلى‭ ‬الهند‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬ولكأن‭ ‬العالم‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬فوضى‭ ‬الدكتاتورية‭ ‬الأمريكية‭ ‬الصهيونية‭ ‬وجرائم‭ ‬الكيان‭ ‬المستمرة‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭! ‬بل‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يتعايش‭ ‬ويتقبل‭ ‬هذا‭ ‬‮«‬اللامنطق‭ ‬الدولي‮»‬‭ ‬لمجرد‭ ‬أن‭ ‬حضرة‭ ‬ترامب‭ ‬يرى‭ ‬ذلك‭! ‬ولمجرد‭ ‬أن‭ ‬متطرفي‭ ‬الكيان‭ ‬يرون‭ ‬في‭ ‬أنفسهم‭ ‬أسياد‭ ‬العالم‭!‬

{‭ ‬هكذا‭ ‬تنهار‭ ‬مصداقية‭ ‬كل‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدولية‭ ‬والأممية‭ ‬المعنية‭ ‬بتنظيم‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الدول،‭ ‬والمعنية‭ ‬بالحقوق‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬والتكامل‭ ‬الثقافي‭ ‬والسياسي‭ ‬والتنموي‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭! ‬لتحل‭ ‬الفوضى‭ ‬ويحل‭ ‬الارتباك‭ ‬والفراغ‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬المؤسسات‭ ‬ولينهار‭ ‬أمام‭ ‬الأعين‭ ‬الدولية‭ ‬أي‭ ‬مصداقية‭ ‬لنظام‭ ‬دولي‭ ‬مؤسساتي‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬الذي‭ ‬سعت‭ ‬الدول‭ ‬عبر‭ ‬العقود‭ ‬لجعلها‭ ‬منبرا‭ ‬عالميا‭ ‬لقضايا‭ ‬الدول‭ ‬والأمم‭! ‬فإذا‭ ‬بها‭ ‬تنكشف‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬مجرد‭ ‬واجهة‭ ‬استعمارية‭ ‬لفرض‭ ‬مصالح‭ ‬وأجندات‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬الكبرى‭ ‬تحديدا،‭ ‬والمتحكمة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مساراتها،‭ ‬بما‭ ‬يخدم‭ ‬مصالحها‭ ‬وأجنداتها‭ ‬الدولية‭ ‬فقط‭! ‬

{‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬غير‭ ‬المتزن‭ ‬والموبوء‭ ‬بكل‭ ‬أمراض‭ ‬وعُقد‭ ‬الصهيونية‭ ‬التلمودية‭ ‬وعنصريتها‭ ‬تجاه‭ ‬البشرية‭ ‬ككل،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬دورته‭ ‬المضطربة‭ ‬والفوضوية‭ ‬إلى‭ ‬نهاية،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬لدولة‭ ‬واحدة‭ ‬أو‭ ‬كيان‭ ‬لقيط‭ ‬واحد‭ ‬أن‭ ‬يتحكم‭ ‬هكذا‭ ‬في‭ ‬المسار‭ ‬الدولي‭ ‬والبشري،‭ ‬وينهي‭ ‬حضارات‭ ‬وقيما‭ ‬تراكمت‭ ‬عبر‭ ‬آلاف‭ ‬السنوات،‭ ‬لمجرد‭ ‬أن‭ ‬مافيا‭ ‬عالمية‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬والمال‭ ‬والاقتصاد‭ ‬والإعلام،‭ ‬قررت‭ ‬أن‭ ‬تفرض‭ ‬نفسها‭ ‬بمنطق‭ ‬القوة‭ ‬وتجعله‭ ‬قانونا‭ ‬ونظاما‭ ‬دوليا‭ ‬جديدا،‭ ‬وتفرض‭ ‬الكيان‭ ‬العنصري‭ ‬والإرهابي‭ ‬وبصيغة‭ ‬استبدادية‭ ‬واحتكارية‭ ‬استعمارية‭ ‬متقدمة‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬وكأنه‭ ‬قد‭ ‬وقع‭ ‬في‭ ‬قبضتها‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬نهاية‭! ‬على‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬أن‭ ‬ينتفض‭ ‬بشكل‭ ‬حقيقي‭ ‬ضد‭ ‬اللانظام‭ ‬الدولي‭ ‬وضد‭ ‬الكيان،‭ ‬فشعوب‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬انتفضت‭ ‬وعرفت‭ ‬الحقيقة،‭ ‬وعلى‭ ‬الدول‭ ‬بتحالف‭ ‬بينها‭ ‬أن‭ ‬تجاريها‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬‮«‬المعرفة‭ ‬الوجودية‮»‬‭ ‬وأن‭ ‬تدفع‭ ‬ثمن‭ ‬قرارها‭ ‬السيادي‭ ‬في‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬العبودية‭ ‬المافيوية‭ (‬من‭ ‬المافيا‭ ‬العالمية‭) ‬،‭ ‬واستبداد‭ ‬الخرافات‭ ‬والمعتقدات‭ ‬التلمودية،‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬إدارة‭ ‬فوضى‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬خلالها،‭ ‬وفرضها‭ ‬بمنطق‭ ‬القوة‭ ‬والاستبداد‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا