زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
اغسلها في أكتوبر وغيره (2)
تحدثت في مقالي ليوم أمس، عن اليوم العالمي لغسل الأيدي، الذي يوافق الـ15 من أكتوبر من كل عام، ودعوت إلى حملات وطنية منتظمة في كل الدول العربية، للتنبيه إلى ضرورة غسل الأيدي، ليس فقط قبل وبعد الأكل، ولكن بعد ملامسة اليد لأشياء قد تكون ملوثة، وأتذكر هنا صديقا احتج لأن الطبيب غسل يديه بعد إخضاعه لفحص البطن باليد لتقصِّي سبب شكوى صاحبي من مغص معوي، فقد صاح: فيني جرب؟ شكوت من مغص وقاس لي الضغط وكتب لي شوية فحوصات، قلت له إن الطبيب يغسل يديه عشرات المرات يوميا حرصا على صحة مرضاه وصحته هو، كي لا ينقل المرض المعدي من شخص لآخر، لأنه لو أصيب (الطبيب) بعدوى فإنه ينقلها إلى عشرات المرضى عن غير قصد ومن ثم فإنه يحافظ على نظافة يديه. وقلت له إن طبيب الأسنان المسكين، ومنذ عصر ما قبل الكورونا، يظل طوال تعامله مع مرضاه مرتديا كمّاما، كي لا «يتنفّس» في وجوه المرضى وينقل إليهم مايكروبا، ويقي نفسه في الوقت نفسه من عدوى تأتيه من المريض.
أعود إلى موال ضرورة غسل الأيدي بالصابون بانتظام وخاصة أن معظمنا يتناول الطعام بالأيدي من صحن/ طبق مشترك. سأقول كلاما قد يستفز البعض: في زمن كثرت فيه الأوبئة وظهرت فيه أمراض لم يعرفها أجدادنا (الكورونا والإيبولا والتهابات الكبد والحميات النزفية) فإنه من المستحسن ان ينفرد كل شخص على المائدة بطبق خاص به، وبعدها يأكل بيده أو كوعه! هو حر. فليس من العيب ان يعاف أعضاء الأسرة الواحدة فردا منهم لأنه لا يهتم بنظافة يده وبدنه، ولماذا أسمح حتى لولدي الصغير ان يشاركني صحن الطعام وأنا أعرف أن يده تبقى محشورة في منخاره ثلاث ساعات يوميا على أقل تقدير. نحن نجامل كثيرا في أمور صحتنا وسلامتنا. مثلا يعتبر الأقارب أنه من «العيب» الانقطاع عن زيارة قريب ما لأن في بيته شخصا يعاني من مرض معدٍ. تقول لزوجتك لا تأخذي العيال إلى بيت أختك لأن بنتها مصابة بالحصبة أو الجدري المائي فتقول إن أختها ستغضب لو لم نصطحب عيالنا معنا. تقول لها: إذاً من الأسلم أن نمتنع نحن أيضا عن زيارتها لأننا قد ننقل العدوى إلى عيالنا. فيأخذ الحوار منحى آخر: أنت أصلا لا تحب أهلي.
وعندما أقول إنني من أنصار استخدام كل فرد في العائلة لطبق طعام خاص به فليس معنى هذا إنني اعتبر نفسي خواجة، أي أوروبيا من النسل المسمى بالأبيض، بالعكس نشأت على مشاركة الآخرين الطعام من نفس الصحن وإلى يومنا هذا لا استطيع ان آكل وجبة أو استسيغها وانا جالس إلى المائدة بمفردي، ولكن من مصلحة أفراد أسرتي وأسرتك الصحية ان ينفرد كل واحد بطبقه على ان يبقى الجميع جالسين حول المائدة نفسها (دعك طبعا من الفوائد الاقتصادية للأكل من طبق خاص لأن كل فرد يغرف قدر طاقة بطنه بينما الأكل في طبق مشترك يعني التخلص مما يتبقى من طعام لأنه حتى هيفاء وهبي التي لم تطبخ شيئا طوال عشرين سنة تعرف ان الطعام يفسد بسرعة أكبر إذا لامسته الأيدي).
والشاهد يا أعزائي هو أن غسل اليد بانتظام فيه احترام للذات واحترام لسلامة للآخرين خاصة إذا كنت ممن يخرجون القدم من الحذاء لتدليكه بالأصابع أو تهرش فروة رأسك، لأن القشرة تسبب لك أكلانا مستمرا. أما إذا كنت لا تقدر على غسل يديك بعد الأكل واستخدام الحمام فكن خواجة وتبادل التحية مع الناس بطريقة هاي وباي، من بعيد لبعيد، ويا دار ما دخلك شر.
إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك