عالم يتغير

فوزية رشيد
«ترامب» في شيزوفرينيا وصف أوضاع غزة!
{ هو «ترامب» ذات الرئيس الأمريكي الذي تتناقض تصريحاته بين يوم وآخر! ولكأنه يلعب لعبة الأرقام المتغيرة في بورصة دولية تحكمها الأحوال النفسية والأمزجة المتقلبة، أكثر مما تحكمها القوانين المالية والاقتصادية الحقيقية! فجأة ترتفع أسعار أسهم بعض الشركات إلى الأسقف العالية، وفجأة تنهار ذات الأسهم بين لحظة وضحاها! هكذا هي تصريحات ترامب التي لا يستطيع أحد الوثوق في ثباتها أو البناء على مصداقيتها أو حتى أخذها بجدية!
{ قبل أشهر كان تصريحه يصب في تحويل غزة إلى «ريفييرا» الشرق عبر تهجير أهلها، وهو يعرف جيدا ما يعنيه التهجير من شرعنته للكيان الصهيوني في مواصلة الإبادة والتطهير العرقي! ويعرف أيضا جيدا التبعات الإنسانية الكارثية لاستمرار تلك الحرب على المدنيين والأطفال والنساء والمرضى والجياع، وقتلهم حتى عبر «مؤسسة غزة الإنسانية» التي تقتل يوميا من يذهبون للحصول على المساعدة الغذائية وسط مشاق لا يتصورها العقل! ومع ذلك هو مستمر وإلى اللحظة في إمداد الكيان بكل وسائل الفتك والقتل وتبرير الإبادة وسياسة الحصار والتجويع في أبشع مشهد تنعدم فيه الإنسانية والأخلاق والحقوق!
{ الطريف أن ترامب وهو يرسل مبعوثه «ويتكوف» المتطرف صهيونيا للاطلاع على حقيقة الأوضاع، فينفي هذا، وكما هو متوقع، وجود مجاعة في غزة! وكأن العالم كله يكذب والفيديوهات والتقارير والمناشدات والمظاهرات والفضائيات الدولية كلها مفبركة وكاذبة ووحده الذي رأي مجازية وجود الشبع في غزة!
{ في ذات الوقت وكما قال ترامب تحت تأثير ما شاهدته «ميلانيا» زوجته والسيدة الأولى مع ابنه من مشاهد كارثية خرج ترامب بتصريحات خارج صندوق السمسرة والتجارة ليقول في مؤتمر صحفي عقد في البيت الأبيض قبل أيام، ردا على سؤال صحفي حول توصيفه لما تشهده غزة، فقال: «ما يجري مفجع ومؤسف وعار وكارثي، ما يجري عار على الجميع»! فهل حسب ترامب نفسه بين الجميع؟! أم أن التوصيف جاء كمجرد تصريح وهو الذي لم يشأ أن يصف الأوضاع المفجعة والمؤسفة والكارثية أنها نتاج حرب الإبادة الجماعية التي يدعمها شخصيا بكل إصرار! أي انفصام هذا؟!
{ ترامب في إطار سمسرة التصريحات المتناقضة وغير المجدية حتى حين يبدي تعاطفه، لأنه تعاطف مجاني كالشيك الذي بدون رصيد! انتقد للطرافة آلية المساعدات الإنسانية التي أمر بها بنفسه قائلا: «لا أرى أي نتائج على الأرض.. الأطفال في غزة يتضورون جوعا، الوضع مروّع، ويجب على الجميع الاعتراف بذلك»! والحل عنده ليس إيقاف الإبادة الجماعية بإشارة إصبع إلى حكومة الاحتلال الصهيوني، وإنما على حماس أن تطلق الرهائن وتستسلم، ولكن هو يعرف جيدا أن أجندة الكيان الصهيوني التي يدعمها شخصيا هي تفريغ غزة من أهلها والتهجير واستمرار التطهير العرقي، وبعد ذلك في الضفة الغربية وليس وقف الحرب! أي باختصار استمرار الإبادة والتهجير سواء بوجود «حماس» أو من دون وجودها، وهذا السيناريو هو ما يخشاه المراقبون الذين يعرفون حقيقة المخطط الشيطاني للكيان، وخاصة أن هدم البيوت وإخراج الأهالي بدأ في الضفة الغربية وبوحشية، وحيث هناك لا وجود لحماس!
{ أما مبعوثه «ويتكوف» فقد جاءت تصريحاته مناقضة لتصريحات ترامب نفسه حول التجويع الكارثي في غزة، ولكأن هذا في ذات اليوم يرفع سعر الأسهم وذاك يخفضها وينزلها حتى الأرض! وبذلك التناغم في التصريحات المتناقضة بين الرئيس ترامب ونفسه وبينه وبين ويتكوف مبعوثه الخاص وبين الاثنين ومسؤولين في الإدارة الأمريكية! تتصاعد الانتقادات الكاشفة والمتزايدة للولايات المتحدة بشأن استمرار دعمها العسكري والمالي والسياسي والإعلامي للكيان الصهيوني! فيما الأزمة الإنسانية في القطاع مستمرة وفيما منظمات الإغاثة الدولية تعلن يوميا المستويات غير المسبوقة من الجوع والدمار والقتل اليومي حتى لطالبي المساعدات المكتظين في طوابير توزيع تلك المساعدات! الموت كل لحظة والتصريحات الفارغة كل لحظة وكأنها تسابق معدلات القتل في الإبادة الجماعية، ولا شيء حتى الآن يتغير! فالإبادة مستمرة رغم إعلانات إدخال المساعدات إلى القطاع! فهل هي حقيقة أم وهمية كتصريحات ترامب.
إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك