العدد : ١٧٣٠٠ - الاثنين ٠٤ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ١٠ صفر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٠٠ - الاثنين ٠٤ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ١٠ صفر ١٤٤٧هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

لماذا يقف «ترامب» ضد السلام في المنطقة؟!

{‭ ‬منذ‭ ‬اتفاقيات‭ ‬كامب‭ ‬ديفيد‭ ‬وبعدها‭ ‬‮«‬اتفاقيات‭ ‬أوسلو‮»‬‭ ‬واتفاقية‭ ‬‮«‬وادي‭ ‬عربة‮»‬‭ ‬وغيرها،‭ ‬وأمريكا‭ ‬بسياستها‭ ‬الخارجية‭ ‬كانت‭ ‬تدعي‭ ‬أنها‭ ‬ترعى‭ ‬وتدعم‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭! ‬والطريف‭ ‬أن‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬رجل‭ ‬الصفقات‭ ‬التجارية‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬السياسة‭! ‬يدرك‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إحلال‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬وحل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬حلاً‭ ‬عادلاً‭ ‬وشاملاً،‭ ‬لن‭ ‬تستقر‭ ‬المنطقة‭ ‬ولن‭ ‬تأمن،‭ ‬لتباشر‭ ‬التنمية‭ ‬والنهضة‭ ‬والمشاريع‭ ‬التي‭ ‬ترغب‭ ‬فيها‭ ‬وبشرط‭ ‬وجود‭ ‬البيئة‭ ‬المستقرة‭! ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬برئاسة‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يريد‭ ‬نيل‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬للسلام‭! ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬طالما‭ ‬مارس‭ ‬توحشه‭ ‬وهمجيته‭ ‬ومنطق‭ ‬القوة‭ ‬والإبادة‭ ‬والعدوان‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬آمناً‭ ‬قط‭ ‬أيضاً‭! ‬أمنه‭ ‬مرتبط‭ ‬بضمان‭ ‬أمن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وإقامة‭ ‬دولة‭ ‬لهم،‭ ‬مثلما‭ ‬هو‭ ‬مرتبط‭ ‬بضمان‭ ‬أمن‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى،‭ ‬يحلم‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬الغاصب‭ ‬بالتوسع‭ ‬نحو‭ ‬جغرافيتها‭! ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يعرف‭ ‬أن‭ ‬الاستثمارات‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬بلاده،‭ ‬والمصالح‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتجارية‭ ‬المتبادلة‭ ‬مرتبطة‭ ‬بضمان‭ ‬استقرار‭ ‬وأمن‭ ‬المنطقة،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬وللغرابة‭ ‬يخالف‭ ‬منطقه‭ ‬التجاري‭ ‬المعروف‭ ‬وينجرف‭ ‬بعيداً‭ ‬نحو‭ ‬أجندة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وخرافاته‭ ‬وأساطيره‭ ‬التلمودية‭! ‬ويتبنى‭ ‬منطق‭ ‬الحرب‭ ‬والتوسع‭ ‬والاعتداء‭ ‬والإبادة،‭ ‬وبما‭ ‬يخالف‭ ‬كل‭ ‬وعوده‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬إنهاء‭ ‬الحروب،‭ ‬التي‭ ‬بدأتها‭ ‬إدارة‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭! ‬

وليواصل‭ ‬ذات‭ ‬النهج‭ ‬العدواني‭ ‬على‭ ‬الحق‭ ‬الفلسطيني‭ ‬المشروع‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬دولته،‭ ‬وعلى‭ ‬الحق‭ ‬العربي‭ ‬المشروع‭ ‬بدوره‭ ‬في‭ ‬إنهاء‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬وتحقيق‭ ‬السلام‭ ‬وحل‭ ‬الدولتين‭ ‬الذي‭ ‬تقوده‭ ‬السعودية‭ ‬منذ‭ ‬المبادرة‭ ‬العربية‭ ‬2002‭!‬

{‭ ‬عزلة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬بإدانة‭ ‬ورفض‭ ‬شعوب‭ ‬العالم،‭ ‬لمنهج‭ ‬الإبادة‭ ‬الوحشية‭ ‬وعدم‭ ‬إعطاء‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬حقوقهم،‭ ‬وانتهت‭ ‬بمؤتمر‭ ‬‮«‬حل‭ ‬الدولتين‮»‬‭ ‬مؤخراً‭ ‬بتأييد‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬وحلفاء‭ ‬الكيان‭ ‬التقليديون‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬بريطانيا،‭ ‬صاحبة‭ ‬‮«‬وعد‭ ‬بلفور‮»‬‭ ‬الاستعماري،‭ ‬وتقسيم‭ ‬فلسطين‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬هذه‭ ‬العزلة‭ ‬تزداد‭ ‬وتضغط‭ ‬على‭ ‬الكيان‭ ‬وعلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬بديل‭ ‬لمشروع‭ ‬حل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لديهما،‭ ‬وإنما‭ ‬الحل‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليهما‭ ‬هو‭ ‬الدوس‭ ‬على‭ ‬القرارات‭ ‬الأممية‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي‭! ‬وفرض‭ ‬منطق‭ ‬القوة‭ ‬والإبادة‭ ‬والتهجير‭ ‬والتطهير‭ ‬العِرقي‭! ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تبني‭ ‬أجندة‭ ‬التوسع‭ ‬وتهويد‭ ‬كامل‭ ‬فلسطين،‭ ‬ثم‭ ‬التوسع‭ ‬نحو‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭! ‬أي‭ ‬أن‭ ‬الحل‭ ‬لدى‭ ‬الكيان‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬هو‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬الممتدة‭ ‬من‭ ‬77‭ ‬عاماً‭! ‬

بل‭ ‬واحتلال‭ ‬أراضي‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭! ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬يتم‭ ‬خلافاً‭ ‬لرغبة‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬كلها‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭!‬

{‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬المبحِر‭ ‬في‭ ‬بحر‭ ‬الأساطير‭ ‬والخرافات‭ ‬التلمودية،‭ ‬لا‭ ‬يخالف‭ ‬هنا‭ ‬مصالح‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحدها،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬يخالف‭ ‬رؤيته‭ ‬التي‭ ‬يعشقها‭ ‬في‭ ‬إجراء‭ ‬الصفقات‭ ‬التجارية‭! ‬فكيف‭ ‬ستكون‭ ‬هنا‭ ‬صفقات‭ ‬والدمار‭ ‬لفلسطين‭ ‬وقضيتها‭ ‬وشعبها،‭ ‬والاستيلاء‭ ‬على‭ ‬أجزاء‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬هي‭ ‬فحوى‭ ‬تلك‭ ‬الأساطير‭ ‬والخرافات‭ ‬التلمودية؟‭! ‬وكيف‭ ‬ينتصر‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬الصهيونية‭ ‬الفريدة‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬العقل‭ ‬العالمي،‭ ‬أن‭ ‬تتزايد‭ ‬أعداد‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬في‭ ‬قائمة‭ ‬التطبيع‭ ‬مع‭ ‬كيان‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬إلا‭ ‬لغة‭ ‬الإبادة‭ ‬الهمجية‭ ‬والاعتداء‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى،‭ ‬وتنفيذ‭ ‬أجندة‭ ‬أسطورية‭ ‬توراتية‭ ‬ملفقة‭ ‬لحكم‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬القدس‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭ ‬‮«‬الحكومة‭ ‬التلمودية‭ ‬العالمية»؟‭!‬

{‭ ‬أمام‭ ‬وحشية‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬وهمجيته‭ ‬ومجازره‭ ‬وتحديه‭ ‬لكل‭ ‬المنطق‭ ‬الدولي‭ ‬والقانوني‭ ‬والإنسانية،‭ ‬يستفيق‭ ‬العالم‭ ‬اليوم‭ ‬ليعزل‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬عزلاً‭ ‬كلياً‭ ‬مع‭ ‬الوقت،‭ ‬وتحت‭ ‬ضغط‭ ‬شعوب‭ ‬الدول،‭ ‬حتى‭ ‬تلك‭ ‬الحليفة‭ ‬تاريخياً‭ ‬للكيان‭!‬

لأنه‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬هو‭ ‬يتحدى‭ ‬العالم‭ ‬كله،‭ ‬ويريد‭ ‬القضاء‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬الفطرة‭ ‬الإنسانية‭ ‬والضمير‭ ‬الإنساني،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قضى‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬القائم‭ ‬ومؤسساته‭ ‬القانونية‭ ‬والحقوقية‭ ‬والإنسانية‭! ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬يحفر‭ ‬قبره‭ ‬بيديه‭! ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬له‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬النبذ‭ ‬العالمي،‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬بالشعوب‭ ‬وأصاب‭ ‬الدول‭ ‬تحت‭ ‬ضغط‭ ‬تلك‭ ‬الشعوب،‭ ‬ليعلم‭ ‬ويدرك‭ ‬أن‭ ‬القرن‭ ‬الواحد‭ ‬والعشرين‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يُدار‭ ‬وتُدار‭ ‬مصالحه‭ ‬الجمعية‭ ‬والدولية‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬بالخرافات‭ ‬والأساطير‭ ‬التلمودية‭ ‬والتوراتية‭ ‬الملفقة‭! ‬وأن‭ ‬الصهيونية‭ ‬بأكملها‭ ‬كمنظومة‭ ‬إيديولوجية‭ ‬استعمارية،‭ ‬آن‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬ترحل‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬العالم،‭ ‬ليتنفس‭ ‬شيئاً‭ ‬من‭ ‬الهواء‭ ‬النظيف‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تلويثه‭ ‬عبر‭ ‬القرون‭ ‬باليد‭ ‬الماسونية‭! ‬وعبر‭ ‬العقود‭ ‬ومنذ‭ ‬تأسيس‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬الشاذ،‭ ‬عبر‭ ‬الصهيونية‭ ‬العالمية‭! ‬وعلى‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬أن‭ ‬يقف‭ ‬أخيراً‭ ‬في‭ ‬الموقع‭ ‬الصحيح‭ ‬للتاريخ‭ ‬وللمصالح‭ ‬الأمريكية‭ ‬المختطفة‭ ‬من‭ ‬الإيديولوجية‭ ‬الشيطانية‭ ‬للصهاينة‭ ‬والماسونيين‭! ‬حينها‭ ‬ليحلم‭ ‬بجائزة‭ ‬نوبل‭ ‬كاستحقاق‭ ‬وليس‭ ‬كتلاعب‭ ‬معروف‭ ‬بالجوائز‭ ‬الدولية‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا