عالم يتغير

فوزية رشيد
أين الإنسانية؟! أين الضمير العالمي؟!
{ أين الإنسانية؟ أين الضمير العالمي؟!
هذا السؤال سألناه مراراً وتكراراً طوال حرب الإبادة غير المسبوقة في غزة، والتي أرهقت ضمائر كل من هو إنساني في هذا العالم! لأنه اتضح أن مرآة غزة كشفت أنماطاً من البشر يقفون أمامها ولكنهم لا يحملون من الإنسانية تجاه الإبادة بالتجويع والتعطيش أي شيء! أي شعور! وسنبقى نكتب عن هذه المأساة الإنسانية طالما هي مستمرة، بل وتتفاقم مشاهدها كل لحظة! وحيث كل موضوع آخر يقف أمام هذه المأساة الملحمية، التي لم تختبر البشرية مثلها قط، نقول كل موضوع آخر يقف متوارياً في الخلف من حيث الأهمية! ولذلك مشاركة ضحايا حرب الإبادة المستمرة، حتى وإن بالكتابة والشعور، هو أضعف الأيمان، وكنا نتمنى لو باليد فعل أي شيء آخر يوقف هذه المقتلة اليومية! التي نرى فيها صوراً لأطفال مقطعة أجسادهم، وضامرة حتى العظام، كما لم نرَ قط!
{ أين الإنسانية؟! أين الضمير العالمي؟! هذه المرة من يصرخ بالسؤالين هو الأمين العام للأمم المتحدة «أنطونيو جوتيريش»! الذي عبر عن صدمته الجمعة الماضية فيما يحدث في غزة واصفاً إياها بالأزمة «الأخلاقية» التي تتحدى الضمير العالمي! مبديا دهشته واستغرابه في كلمة عبر الفيديو لمنظمة العفو الدولية قائلاً: «لا أستطيع تفسير مدى اللامبالاة والتقاعس الذي نراه من المجتمع الدولي وانعدام التعاطف، انعدام الحقيقة، انعدام الإنسانية»!
مستشارة «الاستجابة الإنسانية والسياسات بمنظمة أوكسفام» في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا «نور شواف» عبرت هي الأخرى الجمعة الماضية عن صدمتها تجاه حرب الإبادة لتصل إلى نتيجة مؤداها أن (المنظومة الإنسانية الدولية انهارت بأكملها في غزة) ونقول في العالم كله!
برنامج الغذاء العالمي قال في بيان له صدر بدوره الجمعة الماضية: (إن ثلث سكان قطاع غزة لم يتناولوا وجبة طعام واحدة عدة أيام متتالية)، بل إن العدد أكبر من ذلك بكثير ممن يموتون جوعاً وعطشاً، ومعظمهم أطفال ورُضع ونساء حوامل! والفيديوهات والبيانات الموثقة لا تكذب بل تكشف حجم الفظائع!
{ والغريب أن الوضع المأساوي الكارثي هذا لم يُحرك شعرة في من يتبنى الرواية الصهيونية للكيان الصهيوني من بعض الرواة العرب الذين تخلوا عن مشاعرهم تجاه كارثة غزة، ويرددون أن سبب ما يحدث هو «حماس» وفقط رغم أن الأمر تجاوز خلال العامين المنصرمين أي تبرير للوحشية غير الإنسانية وغير المسبوقة!
وللهمجية التي مارس فيها الكيان حرب إبادته على أهل غزة ومعهم فلسطينيو الضفة الغربية، التي أقرّ «الكنيست الصهيوني» مؤخراً سيادة «الكيان» عليها وتوسيع رقعة الاستيطان فيها لضمها بالكامل! فهل في الضفة الغربية توجد «حماس» أيضاً، أم أن فعل التطهير العِرقي ومخطط التهويد الكامل لكل أرض فلسطين بإبادة شعبها هو الخط المنهجي الذي يسير عليه الكيان منذ 77 عاماً وقبل أي وجود لحماس؟! والمفارقة أن هؤلاء المثقفين العرب من المتصهينين أو «الصهيونجية الجديدة»! يرددون ذات الأسطوانة الصهيونية، التي ملأ الكيان بها أسماع السذج وأصحاب «الغباء الأخلاقي». كما وصفه مؤرخ «إسرائيلي» هو «إيلان بابيه»!
تخيلوا حين يتفوق يهود ضد ممارسات الإبادة أخلاقياً ومن داخل الكيان على بعض المفكرين والمثقفين أو المتثاقفين العرب؟!
وقد تكون لنا وقفة مع ما قاله هذا المفكر «الإسرائيلي» حول الغباء الأخلاقي» في فيديو مصور!
{ العالم أو بالأحرى النظام العالمي الذي سقط كله أمام مرآة غزة الكاشفة لكل الزوايا والخبايا في هذا النظام العالمي المهترئ بكل مؤسساته ومنظماته وقادته! دخل اليوم مع التجويع كسلاح إبادة، هُوة عميقة وانحداراً غير مسبوق على مدار التاريخ، في أطول حصار وإبادة دامت 22 شهراً كما لم يحدث تاريخياً قط! ليشاهد هذا العالم وكما قال الأمين العام للأمم المتحدة، أزمته الأخلاقية والإنسانية التي تتحدى الضمير العالمي، وحيث بات هذا العالم عارياً أمام الحقيقة المفزعة: أنه فقد إنسانيته! وأصبحت الحقيقة المؤلمة في ذلك علكة في فم العديد بل والغالبية العظمى من قادة العالم خاصة في الغرب، الذين ليس فقط فقدوا إنسانيتهم، بل إنهم يمارسون ذلك الفقد بكل وحشية شيطانية، وهم لا يزالون يدعمون الإبادة الجماعية بالسلاح والمال والدبلوماسية والإعلام!
ويرددون كالببغاوات تبريرات سخيفة وسمجة لوحشية الكيان الصهيوني بأنه دفاع عن نفسه وعن أمنه!
ولذلك لم يكن لدى الأمين العام للأمم المتحدة ما يقوله غير إحساسه بالصدمة والدهشة من انعدام الإنسانية! وانعدام الضمير العالمي انعدام الحقيقة! ولكن للأسف يبدو أن كل الشهادات والتصريحات لا تحرك البحيرة الدولية الآسنة التي تحتاج هذه المرة إلى حجارة ثقيلة يتم قذفها فيها وعلى وجه من يسبحون فيها من قادة العالم!
إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك