العدد : ١٧٢٩٠ - الجمعة ٢٥ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٣٠ محرّم ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٩٠ - الجمعة ٢٥ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٣٠ محرّم ١٤٤٧هـ

مقال رئيس التحرير

أنـــور عبدالرحمــــــن

زيارة ودلالات مهمة

تحمل‭ ‬الزيارة‭ ‬الأولى‭ ‬للرئيس‭ ‬اللبناني‭ ‬العماد‭ ‬جوزيف‭ ‬عون‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬الكثيرَ‭ ‬من‭ ‬الدلالات‭ ‬والمضامين‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬يجبُ‭ ‬الوقوف‭ ‬عندها‭ ‬بقدر‭ ‬من‭ ‬التأمل،‭ ‬وخاصةً‭ ‬أنها‭ ‬تأتي‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬تطورات‭ ‬متسارعة‭ ‬يشهدها‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬مع‭ ‬تزايد‭ ‬السُّعار‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬وسوريا‭ ‬وتهديداته‭ ‬المتواصلة‭ ‬للبنان‭.‬

ولعل‭ ‬أولى‭ ‬المحطات‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬التركيز‭ ‬عليها‭ ‬هي‭ ‬عودة‭ ‬لبنان‭ ‬إلى‭ ‬عمقه‭ ‬العربي‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬حاول‭ ‬خلالها‭ ‬البعض‭ ‬رهن‭ ‬القرار‭ ‬اللبناني‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬بعض‭ ‬القوى‭ ‬الإقليمية‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬امتداده‭ ‬العربي‭ ‬التاريخي،‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬حرص‭ ‬الرئيس‭ ‬اللبناني‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬اتصالات‭ ‬بلاده‭ ‬مع‭ ‬محيطه‭ ‬العربي‭ ‬هو‭ ‬نهج‭ ‬حميد‭ ‬يكرّس‭ ‬منهجية‭ ‬استعادة‭ ‬الزخم‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬اللبنانية‭ ‬العربية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬حرص‭ ‬فخامته‭ ‬على‭ ‬زيارة‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬أمرٌ‭ ‬يعكس‭ ‬رغبة‭ ‬القيادة‭ ‬اللبنانية‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬تجاوز‭ ‬الماضي‭ ‬الذي‭ ‬تورطت‭ ‬فيه‭ ‬فرق‭ ‬وجماعات‭ ‬محسوبة‭ ‬على‭ ‬لبنان‭ ‬في‭ ‬تصدير‭ ‬الأزمات‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭ ‬ودول‭ ‬الخليج‭.‬

البحرين‭ ‬تفتح‭ ‬ذراعيها‭ ‬لهذه‭ ‬الزيارة،‭ ‬وهي‭ ‬كعهدها‭ ‬دائما‭ ‬ترفع‭ ‬لواء‭ ‬الأخوة‭ ‬والتسامح‭ ‬والتقارب‭ ‬مع‭ ‬الأشقاء‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬مبدأ‭ ‬الاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬وعدم‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬للدول‭ ‬الأخرى‭.‬

ونحن‭ ‬إذ‭ ‬نصطف‭ ‬مع‭ ‬رؤية‭ ‬قيادتنا‭ ‬الحكيمة‭ ‬تجاه‭ ‬لبنان‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬بيروت‭ ‬في‭ ‬أتون‭ ‬تحديات‭ ‬عظيمة‭ ‬تحتاج‭ ‬خلاله‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬يمد‭ ‬لها‭ ‬يد‭ ‬العون‭ ‬حتى‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬نيرانه‭ ‬بسلام‭.‬

فلبنان‭ ‬الذي‭ ‬يتكون‭ ‬من‭ ‬فسيفساء‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬الطوائف‭ ‬والملل‭ ‬والديانات‭ ‬ما‭ ‬لبس‭ ‬يتخلص‭ ‬من‭ ‬الضغوط‭ ‬السورية‭ ‬مع‭ ‬رحيل‭ ‬بشار‭ ‬الأسد‭ ‬ليجد‭ ‬إسرائيل‭ ‬التي‭ ‬تعربد‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشام‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الأقليات،‭ ‬وهذا‭ ‬شعار‭ ‬ظاهره‭ ‬الرحمة‭ ‬وباطنه‭ ‬العذاب،‭ ‬إذ‭ ‬تضمر‭ ‬إسرائيل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المخططات‭ ‬السلبية‭ ‬للمنطقة‭ ‬تحقيقا‭ ‬لأطماعها‭.‬

وكما‭ ‬بشر‭ ‬الرئيس‭ ‬اللبناني‭ ‬جوزيف‭ ‬عون‭ ‬اللبنانيين‭ ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬تنصيبه‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬الماضي‭ ‬ببدء‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬لبنان،‭ ‬فإننا‭ ‬نؤكد‭ ‬كمراقبين‭ ‬ومحللين‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬لن‭ ‬يتحقق‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إجماع‭ ‬اللبنانيين‭ ‬أنفسهم‭ ‬على‭ ‬الإيمان‭ ‬المطلق‭ ‬بالدولة‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬تتجاوز‭ ‬الأعراق‭ ‬والطوائف‭ ‬والمذاهب،‭ ‬ويحملون‭ ‬على‭ ‬عاتقهم‭ ‬تثبيت‭ ‬دور‭ ‬الدولة‭ ‬المسؤول‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬شعبها‭ ‬وحدودها‭.‬

إن‭ ‬التزام‭ ‬لبنان‭ ‬بالحياد‭ ‬الإيجابي‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الانجراف‭ ‬لصالح‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬الإقليمية‭ ‬هو‭ ‬إحدى‭ ‬الوسائل‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬استعادة‭ ‬لبنان‭ ‬مكانته‭ ‬التاريخية،‭ ‬وعدم‭ ‬التورط‭ ‬في‭ ‬صراعات‭ ‬قد‭ ‬يدفع‭ ‬ثمنها‭ ‬غاليا‭.‬

 

 

إقرأ أيضا لـ"أنـــور عبدالرحمــــــن"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا