العدد : ١٧٢٨٢ - الخميس ١٧ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٢ محرّم ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٨٢ - الخميس ١٧ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٢ محرّم ١٤٤٧هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

الكيان وكوميديا حمير غزة!

{‭ ‬بالفعل‭ ‬شر‭ ‬البلية‭ ‬ما‭ ‬يضحك‭! ‬فما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬تتناوبه‭ ‬مشاهد‭ ‬قمة‭ ‬الوحشية‭ ‬والمآسي‭ ‬الدرامية‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬مشهدية‭ ‬غرائبية‭ ‬لم‭ ‬يترك‭ ‬فيها‭ ‬الكيان‭ ‬حتى‭ ‬الحمير‭ ‬في‭ ‬غزة‭! ‬بل‭ ‬مارس‭ ‬عليهم‭ ‬التضليل‭ ‬السياسي‭ ‬والمعنوي‭ ‬في‭ ‬المشاعر‭ ‬التي‭ ‬يفتقدها‭ ‬تماما‭ ‬ليسرق‭ ‬الحمير‭ ‬من‭ ‬غزة‭ ‬بحجة‭ ‬أنها‭ ‬ضحايا‭ ‬لصدمة‭ ‬نفسية‭! ‬ويا‭ ‬عيني‭ ‬على‭ ‬المشاعر‭ ‬التي‭ ‬تقطر‭ ‬شفافية‭ ‬أو‭ ‬سُمًّا،‭ ‬فهما‭ ‬لا‭ ‬يختلفان‭ ‬عند‭ ‬الصهاينة‭ ‬في‭ ‬الكيان،‭ ‬مادام‭ ‬التضليل‭ ‬هو‭ ‬البوصلة‭! ‬

{‭ ‬وتبدأ‭ ‬المسرحية‭ ‬الكوميدية‭ ‬الصهيونية‭ ‬وحقا‭ ‬تصلح‭ ‬لأن‭ ‬تكون‭ ‬مسرحية‭ ‬كوميدية‭ ‬بما‭ ‬كشفته‭ ‬وسائل‭ ‬إعلام‭ ‬إسرائيلية‭ ‬الاثنين‭ ‬الماضي‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬قناة‭ ‬11‭ ‬العبرية‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬قيام‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬بنقل‭ ‬مئات‭ ‬وآلاف‭ ‬الحمير‭ ‬من‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬داخل‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬أثارت‭ ‬جدلا‭ ‬واسعا‭ ‬واتهامات‭ ‬فلسطينية‭ ‬بسرقة‭ ‬ممتلكات‭ ‬من‭ ‬القطاع‭ ‬المحاصر‭ ‬ومنها‭ ‬الحمير‭ ‬التي‭ ‬تساعدهم‭ ‬في‭ ‬التنقل‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬نزوح‭ ‬متكرر‭ ‬بعد‭ ‬ندرة‭ ‬الوقود‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وكنوع‭ ‬من‭ ‬زيادة‭ ‬الضغوط‭ ‬عليهم‭!‬

{‭ ‬ولكن‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬الذي‭ ‬‮«‬يسرق‭ ‬الحمير‮»‬‭ ‬وينقلها‭ ‬إلى‭ ‬جمعية‭ ‬صهيونية‭ ‬تدعى‭ (‬لنبدأ‭ ‬من‭ ‬جديد‭) ‬صرحت‭ ‬مديرتها‭ ‬بعدم‭ ‬السماح‭ ‬لإعادة‭ ‬الحمير‭ ‬المساكين‭ ‬إلى‭ ‬غزة‭! ‬ويزعم‭ ‬الكيان‭ ‬أنه‭ ‬يقوم‭ ‬بمهمة‭ ‬سامية‭! ‬وهي‭ ‬إنقاذ‭ ‬حمير‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭! ‬وترحيلها‭ ‬إلى‭ ‬فرنسا‭ ‬وبلجيكا‭ ‬للعلاج‭ ‬وإعادة‭ ‬التأهيل‭! ‬وقد‭ ‬بدأ‭ ‬تنفيذ‭ ‬المهمة‭! ‬وذكرت‭ ‬القناة‭ ‬الصهيونية‭ ‬أن‭ ‬مزرعة‭ ‬المستوطنين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬اكتظت‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬ألف‭ ‬حمار‭ ‬معظمها‭ ‬من‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬وبعضها‭ ‬من‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬وتقوم‭ ‬الجمعية‭ ‬وهي‭ ‬تماس‭ ‬رقة‭ ‬مشاعر‭ ‬المستوطنين‭ ‬فيها‭ ‬بعرض‭ ‬الحمير‭ ‬كضحايا‭ ‬لـ«صدمة‭ ‬نفسية‮»‬‭! ‬وأنها‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬علاج‭ ‬خاص‭ ‬من‭ ‬أثر‭ ‬الكدمات‭ ‬النفسية‭ ‬التي‭ ‬أصيبت‭ ‬بها‭ ‬مؤخرا‭! ‬أي‭ ‬أثناء‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬المستمرة‭ ‬بأكثر‭ ‬الآليات‭ ‬وحشية‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭! ‬وصنفتها‭ ‬محكمة‭ ‬الجنايات‭ ‬الدولية‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والإبادة‭! ‬مضافا‭ ‬إليها‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬وضغوط‭ ‬التهجير‭!‬

{‭ ‬هذا‭ ‬الجيش‭ ‬الذي‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬يقوم‭ ‬بجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بل‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬75‭ ‬عاما‭! ‬ويقتل‭ ‬الرضع‭ ‬والأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬والمدنيين‭ ‬بدم‭ ‬بارد‭ ‬ويتلذذ‭ ‬بما‭ ‬ينتجه‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬دمار‭ ‬شامل‭ ‬وجثث‭ ‬تختلط‭ ‬الأعضاء‭ ‬فيها‭ ‬بالركام‭ ‬وآثار‭ ‬حريق‭ ‬القنابل،‭ ‬ويهدم‭ ‬المستشفيات‭ ‬ويقتل‭ ‬حتى‭ ‬الأطباء‭ ‬والصحفيين،‭ ‬هو‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬تستيقظ‭ ‬مشاعره‭ ‬مؤخرا‭ ‬تجاه‭ ‬حمير‭ ‬غزة‭! ‬باعتبارهم‭ ‬وحدهم‭ ‬محركو‭ ‬المشاعر‭ ‬الإنسانية‭ ‬عندهم‭! ‬وهم‭ ‬من‭ ‬أجازوا‭ ‬قتل‭ ‬الأطفال‭ ‬والفلسطينيين‭ ‬عموما‭ ‬باعتبارهم‭ ‬حيوانات‭! ‬فما‭ ‬الذي‭ ‬جرى‭ ‬لتتحول‭ ‬بوصلة‭ ‬الإنسانية‭ ‬تجاه‭ ‬الحمير‭ ‬وحدهم‭ ‬وهي‭ ‬الحيوانات‭ ‬الحقيقية‭ ‬وليس‭ ‬الافتراضية‭ ‬كوصف‭ ‬لضحاياهم‭ ‬الفلسطينيين؟‭! ‬الحقيقة‭ ‬تقول‭ ‬إنهم‭ ‬يريدون‭ ‬ممارسة‭ ‬أقسى‭ ‬وكل‭ ‬أشكال‭ ‬الحصار‭ ‬والضغط‭ ‬والتضييق‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬حتى‭ ‬بحرمانهم‭ ‬من‭ ‬حميرهم‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬وسيلة‭ ‬نقلهم‭ ‬وتنقلهم‭ ‬الوحيدة‭! ‬فيسرقها‭ ‬الجيش‭ ‬ويعطيها‭ ‬لجمعية‭ ‬‮«‬المستوطنين‮»‬‭ ‬الذين‭ ‬بدورهم‭ ‬يمارسون‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬الإرهاب‭ ‬والقتل‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬ليعلنوا‭ ‬أن‭ ‬لديهم‭ ‬مشاعر‭ ‬رقيقة‭! ‬وانظروا‭ ‬كيف‭ ‬يعطفون‭ ‬على‭ ‬الحمير‭ ‬في‭ ‬تضليل‭ ‬معنوي‭ ‬ونفسي‭ ‬وسياسي‭ ‬يبلغ‭ ‬عتبات‭ ‬الهذيان‭ ‬والجنون‭!‬

{‭ ‬حين‭ ‬تصل‭ ‬‮«‬الشيزوفرينيا‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭ ‬الكوميدي‭ ‬حتى‭ ‬باستغلال‭ ‬الحيوانات‭ ‬‮«‬الحمير‮»‬‭ ‬في‭ ‬التضليل‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬إحكام‭ ‬الحصار‭ ‬والضغط‭ ‬والجرائم‭ ‬ضد‭ ‬البشر،‭ ‬أطفالا‭ ‬ونساء‭ ‬وكبار‭ ‬سن‭ ‬ومدنيين‭! ‬فهذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬شيئا‭ ‬غير‭ ‬وصول‭ ‬الشيزوفرينيا‭ ‬الصهيونية‭ ‬المتأصلة‭ ‬في‭ ‬صهاينة‭ ‬الكيان‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬كوميدية‭ ‬بحد‭ ‬ذاتها‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تدخل‭ ‬دولي‭ ‬عاجل‭ ‬لوضع‭ ‬كل‭ ‬قادة‭ ‬ومستوطني‭ ‬الكيان‭ ‬في‭ ‬مستشفيات‭ ‬فرنسية‭ ‬وبلجيكية‭ ‬وأوروبية‭ ‬أخرى‭ ‬وأمريكية‭ ‬للطب‭ ‬النفسي‭! ‬وإخضاعهم‭ ‬معا‭ ‬لعلاج‭ ‬نفسي‭ ‬مكثف‭ ‬وطويل‭ ‬الأمد‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يبرأوا‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬الذهان‭ ‬والفصام‭ ‬المصابون‭ ‬بها،‭ ‬وهي‭ ‬للعلم‭ ‬حالة‭ ‬فصام‭ ‬مع‭ ‬التاريخ‭ ‬والدين‭ ‬والإنسانية‭! ‬وحيث‭ ‬اختلطت‭ ‬لديهم‭ ‬حتى‭ ‬مفاهيم‭ ‬وقيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬اختلاطا‭ ‬كوميديا‭ ‬غريبا،‭ ‬وأصبحوا‭ ‬وهم‭ ‬المتلذذون‭ ‬بقتل‭ ‬الأطفال‭ ‬والأجنة‭ ‬والنساء،‭ ‬ومحبو‭ ‬التدمير‭ ‬وجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬هم‭ ‬أنفسهم‭ ‬الذين‭ ‬تأخذهم‭ ‬الرحمة‭ ‬بالحمير‭ ‬وحدهم‭ ‬لأنها‭ ‬مصابة‭ ‬بالصدمة‭ ‬النفسية‭!‬

{‭ ‬تصل‭ ‬المسرحية‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬مشاهدها‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬الذي‭ ‬وهو‭ ‬المريض‭ ‬النفسي‭ ‬الحقيقي‭ ‬بكل‭ ‬مستوطنيه‭ ‬وسكانه‭ ‬الصهاينة‭ ‬أن‭ ‬يمارس‭ ‬عملية‭ ‬استحمار‭ ‬واستغباء‭ ‬للعقل‭ ‬الإنساني‭ ‬والوعي‭ ‬العام‭ ‬العالمي،‭ ‬ليصور‭ ‬لهم‭ ‬رقة‭ ‬مشاعره‭ ‬وإنسانيته‭ ‬الفادحة‭ ‬التي‭ ‬تتوجه‭ ‬حتى‭ ‬للحمير‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬لتعالجهم‭ ‬من‭ ‬الصدمة‭ ‬النفسية‭! ‬ومن‭ ‬لديه‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬الضحك‭ ‬فليضحك‭! ‬لأن‭ ‬مجرمي‭ ‬الحرب‭ ‬الصهاينة‭ ‬تفوقوا‭ ‬إنسانيا‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬سواهم‭ ‬بهذه‭ ‬المسرحية،‭ ‬فكيف‭ ‬مثلا‭ ‬تفكر‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬بإيقاف‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬والقتل‭ ‬اليومي‭ ‬للإنسان‭ ‬وتعدادهم‭ ‬يتجاوز‭ ‬المائة‭ ‬إنسان‭ ‬شهيد‭ ‬كل‭ ‬يوم،‭ ‬ويفكرون‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬إنقاذ‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تشبّع‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬الإبادة‭ ‬ومشاهدها‭ ‬المفزعة،‭ ‬وينسون‭ ‬الحمير‭! ‬الحمير‭ ‬التي‭ ‬سرقها‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬لكي‭ ‬يمارس‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الإذلال‭ ‬للبشر‭ ‬الذين‭ ‬هم‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬والضغط‭ ‬عليهم‭! ‬هكذا‭ ‬تنتهي‭ ‬المسرحية‭ ‬بدموع‭ ‬الصهاينة‭ ‬على‭ ‬الحمير‭ ‬وولولتهم‭ ‬التي‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬مثيل،‭ ‬بما‭ ‬يذكرنا‭ ‬بمسلسل‭ ‬عادل‭ ‬إمام‭ ‬‮«‬دموع‭ ‬في‭ ‬عيون‭ ‬وقحة‮»‬‭! ‬فيما‭ ‬هم‭ ‬يضحكون‭ ‬على‭ ‬مشاهد‭ ‬احتراق‭ ‬البشر‭ ‬يوميا‭ ‬ويتندرون‭ ‬على‭ ‬الأشلاء‭ ‬المقطعة‭ ‬لهم‭ ‬ولأطفالهم‭ ‬ونسائهم‭! ‬فيا‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬كوميديا‭ ‬تجاوزت‭ ‬كل‭ ‬خيال‭ ‬في‭ ‬الدراما‭ ‬والميلودراما‭ ‬والكوميديا‭ ‬نفسها‭ ‬طبعا،‭ ‬لأنها‭ ‬دخلت‭ ‬حيز‭ ‬العبثية‭ ‬والخيال‭ ‬الشيزوفريني‭ ‬المريض‭ ‬الذي‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تجمع‭ ‬كل‭ ‬الأطباء‭ ‬النفسيين‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬لعلاجهم‭! ‬والمؤكد‭ ‬أنهم‭ ‬لن‭ ‬ينجحوا‭ ‬في‭ ‬العلاج‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا