عالم يتغير

فوزية رشيد
فرانشيسكا ألبانيزي!
{ قليلة هي الأصوات التي تحتل مراكز دولية، وتُجاهر بموقف واضح وصريح من حرب الإبادة في غزة! بل وتدعو إلى محاكمة مجرمي الحرب، وتحضّ «المحكمة الجنائية الدولية»، على اتخاذ إجراءات عقابية بحق مسؤولين وشركات (48 شركة) كبرى في العالم، وبحق قادة أمريكيين و«إسرائيليين»، بسبب ارتكاب «الإبادة الجماعية» أو المشاركة الفعّالة فيها، أو الدعم المطلق لها، في الحرب التي يشنها الكيان الصهيوني على غزة، رداً على هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر 2023! هذا الصوت هو للمقرّرة الأممية الإيطالية، وهي المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة «فرانشيسكا ألبانيزي»، التي تواجه اليوم (بسبب موقفها الإنساني المبدئي) عقوبات أمريكية، وتهديدات بالقتل! رغم أنها تحدثت وعبرّت عن موقفها بشكل شخصي ولم تتحدث باسم المنظمة الأممية «الأمم المتحدة»!
{ السيدة «ألبانيزي» انتقدت سياسة واشنطن إزاء الحرب في غزة، واتهمت الكيان الصهيوني بارتكاب الإبادة الجماعية، بل واتهمت شركات عالمية كبرى عابرة للحدود، ذات صلة بالتصنيع العسكري والتكنولوجي، وعددها 48 شركة، دعمت الإبادة الجماعية بالسلاح والتكنولوجيا!
ولذلك هي دخلت عشّ الدبابير كما يُقال! لأن هذه الشركات ذات سيطرة كبيرة على قادة الدول الكبرى ودول العالم، ووحدها تمتلك أغلب السيطرة المالية والاقتصادية والسياسية والتكنولوجية والإعلامية على المستوى العالمي! وهي في غالبيتها تحقق ربحيتها الأعلى من الأزمات والحروب ونشر الأوبئة والسيطرة على العقول عبر الوسائل التكنولوجية!
فلا عجب أن يستشيط هؤلاء غضباً من تقريرها الفاضح لدورهم! خاصة في ظل (الحالة الرخوة) التي يعانيها القانون الدولي وتعانيها منظمات حقوق الإنسان!
ولكأن هلامية المواقف الدولية من إبادة مستمرة منذ ما يقارب العامين هو القاعدة، والاستثناء الذي يجب أن يُهاجم ويعاقب هو «الصوت الإنساني» الذي رفعته عالياً السيدة «ألبانيزي» باعتبارها المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة!
{ إن صوت «ألبانيزي» هو المعبّر عن صوت كل الشعوب الرافضة لارتكاب المجازر والإبادة والتجويع والتطهير العِرقي، والقتل اليومي للمدنيين وغالبيتهم أطفال ونساء وكبار سنّ! وهو الصوت الحقيقي الذي من المفترض أن تتبناه كل دول العالم وشعوبها، وخاصة الدول الكبرى التي تدّعي حرصها على حقوق الإنسان والقانون الدولي!
فإذا بادعاء هذه الدول يتكشف كما هو معلوم عن حجم الزيف والخداع الذي يحمله داخل الشعارات! ولذلك تقرر أكبر دولها «الولايات المتحدة»، فرض العقوبات على السيدة «ألبانيزي»، بل وعلى محققي وقضاة «المحكمة الجنايات الدولية» والتهديد بالقتل لكل من يتخذ موقفاً ضد جرائم الحرب والإبادة!
{ إن الأصوات الإنسانية الحقيقية في عالم الخداع والكذب، لا تتخلى عن مواقفها مهما واجهت من عقوبات وتهديدات تصل إلى التهديد بالقتل! وهذا ما ردت به «فرانشيسكا ألبانيزي» التي تشغل منصبها في الأمم المتحدة منذ عام 2022 لتقول: (سأستمر في القيام بما يتعين عليّ القيام به) وبهذا الرّد الحاسم تكشف أيضاً حقيقة الانتهاكات الدولية لحقوق الإنسان وانتهاك القانون الدولي، التي يقف عالم اليوم ونظامه الدولي المهترئ متفرجاً عليها! معلناً خضوعه لسطوة الكذب والجرائم المرتكبة وتبريرات دول الغرب الواهية بأن إدانة الإبادة هي «معاداة للسامية»!
{ لا عجب أن صدى موقف «ألبانيزي» قد هزّ ضمائر كل أحرار العالم، الذين يؤيدون موقفها تجاه ما يحدث في غزة من أحداث مشينة وجرائم حرب غير مسبوقة، ولذلك وردّا على ترشيح مجرم الحرب، «نتنياهو» للداعم بشكل مطلق لما يقوم به وهو «ترامب» لنيل جائزة نوبل للسلام!
مما يثير وأثار استهجاناً في الوعي الشعبي العالمي، لغرابة الترشيح من «نتنياهو» إلى «ترامب» بعد كل الإدانة العالمية على المستوى الشعبي لموقف الاثنين! جاء الرّد بعريضة شعبية عالمية تدعو إلى منح الجائزة لمن يستحقها حقيقة، رغم المآخذ الكثيرة على هذه الجائزة! وهي «فرانشيسكا ألبانيزي»، ولأطباء غزة الذين تم قتل المئات منهم، وقد كانوا أجرأ الأصوات التي تطالب بالتحرك العالمي لمواجهة انتهاكات حقوق الإنسان التي لم يشهد العالم لها مثيلاً، ودخلت بها حرب الإبادة في غزة سجل التاريخ باعتبارها أبشع حروب الإبادة ضد الإنسانية!
إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك