العدد : ١٧٣٢٨ - الاثنين ٠١ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٢٨ - الاثنين ٠١ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

مصر والخليج وإدارة الأزمات والمخاطر!

{‭ ‬كتبنا‭ ‬سابقاً‭ ‬حول‭ ‬الفوضى‭ ‬ومنها‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تسود‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة،‭ ‬وتم‭ ‬تتويجها‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬والعدوان‭ ‬‮«‬الإسرائيلي‮»‬‭ ‬على‭ ‬إيران‭! ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تتصاعد‭ ‬فيه‭ ‬الخشية‭ ‬الخليجية‭ ‬والعربية‭ ‬من‭ ‬معاودة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬للحرب،‭ ‬بما‭ ‬تمتدّ‭ ‬آثاره‭ ‬وتبعاته‭ ‬على‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬والمنطقة‭ ‬سواءً‭ ‬في‭ ‬جوانبها‭ ‬العسكرية‭ ‬أو‭ ‬البيئية‭ ‬أو‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بل‭ ‬وعلى‭ ‬العالم‭! ‬ولذلك‭ ‬كانت‭ ‬إدانة‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬واضحة‭ ‬ضد‭ ‬هذه‭ ‬الحرب،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تنشد‭ ‬فيه‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬وشعوب‭ ‬العالم‭ ‬وقف‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والوصول‭ ‬إلى‭ ‬حلّ‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعارضه‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭!‬

{‭ ‬في‭ ‬ندوة‭ ‬التجمع‭ ‬الوطني‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المشاركين‭ ‬طرحت‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬رؤيتي‭ ‬حول‭ ‬أحداث‭ ‬المنطقة‭ ‬والسلوكيات‭ ‬الاحتلالية‭ ‬والعدائية‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬باعتباره‭ ‬القاعدة‭ ‬المتقدمة‭ ‬للغرب‭ ‬الاستعماري‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بالأمس‭ ‬واليوم،‭ ‬والتي‭ ‬تتماهى‭ ‬إدارتها‭ ‬مع‭ ‬المنظور‭ ‬الصهيوني‭ ‬حول‭ ‬‮«‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الجديد‮»‬‭! ‬وتمارس‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬كافة‭ ‬أشكال‭ ‬الضغوط،‭ ‬لإحداث‭ ‬التغيير‭ ‬المطلوب‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬يهيمن‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬المنطقة،‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬فلسطين‭ ‬وحدها‭! ‬وسواء‭ ‬عبر‭ ‬حروب‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬تطبيع‭ ‬يتم‭ ‬فرضه‭ ‬بصيغة‭ ‬‮«‬اتفاقيات‭ ‬تطبيع‮»‬‭ ‬جديدة‭ ‬التي‭ ‬تختلف‭ ‬حولها‭ ‬الرؤى‭ ‬الخليجية‭ ‬والعربية‭ ‬عن‭ ‬الرؤى‭ ‬التي‭ ‬يريد‭ ‬تجسيدها‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭! ‬وسواء‭ ‬بما‭ ‬يخص‭ ‬إثارة‭ ‬حرب‭ ‬أو‭ ‬حروب‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بدفع‭ ‬من‭ ‬الكيان‭ ‬والمجمّع‭ ‬الصناعي‭ ‬العسكري‭ ‬الأمريكي‭ ‬والغربي،‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬فرض‭ ‬السلام‭ ‬بالصيغة‭ ‬التي‭ ‬يريدها‭ ‬الكيان،‭ ‬ويؤيدها‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭! ‬فإن‭ ‬الهدف‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬هو‭ ‬الهيمنة‭ ‬وتحقيق‭ ‬سيادة‭ ‬الكيان‭ ‬على‭ ‬مجمل‭ ‬المنطقة،‭ ‬كما‭ ‬يحلم‭ ‬الصهاينة‭!‬

{‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المخاض‭ ‬الصعب‭ ‬الذي‭ ‬تواجهه‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬ومصر‭ ‬باعتبارهما‭ (‬الناجيتان‭) ‬من‭ ‬المخططات‭ ‬السابقة‭ ‬للفوضى،‭ ‬والتي‭ ‬بدأت‭ ‬باحتلال‭ ‬العراق‭ ‬وما‭ ‬تبعه،‭ ‬ثم‭ ‬‮«‬الخريف‭ ‬العربي‮»‬‭ ‬وما‭ ‬أنتجه،‭ ‬فإن‭ ‬هدف‭ ‬خلخلة‭ ‬الاستقرار‭ ‬والتنمية‭ ‬وعرقلة‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬بوتقة‭ ‬الأزمات‭ ‬والصراعات‭ ‬السائدة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬مواصلة‭ ‬إضعاف‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬هو‭ ‬الهدف‭ ‬الذي‭ ‬تسعى‭ ‬إليه‭ ‬المنظومة‭ ‬الصهيونية‭ ‬والكيان‭ ‬اللقيط‭! ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬مشروع‭ ‬الإضعاف‭ ‬لدول‭ ‬المنطقة‭ ‬قديم‭ ‬وبدأ‭ ‬منذ‭ ‬بدايات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬لندن‭ ‬1907،‭ ‬وتواصل‭ ‬من‭ ‬سايكس‭ ‬بيكو‭ ‬الأول‭ ‬إلى‭ ‬احتلال‭ ‬فلسطين‭ ‬1948،‭ ‬ثم‭ ‬تعرّض‭ ‬المنطقة‭ ‬لمشاريع‭ ‬ثلاثة‭ (‬الإخوان،‭ ‬إيران،‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭)‬،‭ ‬لينتج‭ ‬صراع‭ ‬المشاريع‭ ‬إلى‭ ‬هدف‭ ‬استفراد‭ ‬مشروع‭ ‬واحد‭ ‬هو‭ ‬مشروع‭ ‬الهيمنة‭ ‬والتوسع‭ ‬الصهيوني،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حروب‭ ‬فكرية‭ ‬ومعنوية‭ ‬ودينية‭ ‬وتاريخية‭ ‬وسياسية‭ ‬مستمرة‭!‬

{‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬ومصر،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيرهما‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬مطالبتان‭ ‬بوضع‭ ‬استراتيجية‭ ‬لإدارة‭ ‬الأزمات‭ ‬والمخاطر‭ ‬المستجدة،‭ ‬بعد‭ ‬إضعاف‭ ‬إيران،‭ ‬التي‭ ‬كما‭ ‬يبدو‭ ‬واضحاً،‭ ‬انتهى‭ ‬دور‭ ‬نظام‭ ‬‮«‬الملالي‮»‬‭ ‬فيها‭ ‬وفي‭ ‬المنطقة،‭ ‬ولذلك‭ ‬التهديد‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬القادمة‭ ‬عليها،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬لاستكمال‭ ‬الضربات‭ ‬على‭ ‬المواقع‭ ‬النووية،‭ ‬وإنما‭ ‬لإسقاط‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭! ‬وهي‭ ‬محاولة‭ ‬للغرب‭ ‬الصهيوني‭ ‬بإعادة‭ ‬تدوير‭ ‬بؤرة‭ ‬الأزمات‭ ‬والصراع‭ ‬والخلخلة‭ ‬لاستقرار‭ ‬الخليج‭ ‬بثوب‭ ‬جديد‭!‬

وكل‭ ‬ذلك‭ ‬استعدادًا‭ ‬للحرب‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬الترويج‭ ‬لها‭ ‬بين‭ ‬أمريكا‭ ‬والصين‭ ‬عام‭ ‬2027،‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬قامت‭ ‬الصين‭ ‬بضم‭ ‬‮«‬تايوان‮»‬‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العام‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬الأمريكيون‭!‬

{‭ ‬من‭ ‬أسس‭ ‬إدارة‭ ‬المخاطر‭ ‬الجديدة‭ ‬هو‭ ‬التأكيد‭ ‬الخليجي‭ ‬والمصري‭ ‬على‭ ‬الحياد‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬شرعت‭ ‬فيه‭ ‬دولنا‭ ‬قبل‭ ‬فترة،‭ ‬ولعل‭ ‬التحالف‭ ‬الإقليمي‭ ‬بشكل‭ ‬تكتيكي‭ ‬بين‭ ‬الخليج‭ ‬ومصر‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬وإيران‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬بإمكانه‭ ‬أن‭ ‬يُفشل‭ ‬مخططات‭ ‬إثارة‭ ‬الصراع‭ ‬الطائفي‭ ‬وهذه‭ ‬المرة‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬وليس‭ ‬الشعوب‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬رغبة‭ ‬الكيان‭!‬

ولعل‭ ‬الموقف‭ ‬السعودي‭ ‬من‭ ‬التطبيع‭ ‬وربطه‭ ‬اشتراطيا‭ ‬بحل‭ ‬الدولتين‭ ‬هو‭ ‬موقف‭ ‬مهم،‭ ‬خاصة‭ ‬لما‭ ‬للسعودية‭ ‬من‭ ‬ثِقل‭ ‬خليجي‭ ‬وعربي‭ ‬وإقليمي‭ ‬ودولي،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ثقلها‭ ‬المعروف‭ ‬دينياً،‭ ‬خاصة‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬التطبيع‭ ‬مع‭ ‬عدو‭ ‬استراتيجي‭ ‬ثبت‭ ‬أنه‭ ‬هو‭ ‬الأبرز‭ ‬في‭ ‬خطورته‭ ‬بالأمس‭ ‬والآن‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬رؤيته‭ ‬التوراتية‭ ‬التوسعية،‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬نتائجه‭ ‬مثمرة‭ ‬كما‭ ‬يتصور‭ ‬البعض‭!‬

{‭ ‬إن‭ ‬إرباك‭ ‬الحسابات‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والتي‭ ‬تقودها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬رغم‭ ‬الادعاءات‭ ‬‮«‬الترامبية‮»‬‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬أسس‭ ‬إدارة‭ ‬الأزمات‭ ‬الخطيرة‭ ‬الراهنة،‭ ‬وحيث‭ ‬إدارة‭ ‬المال‭ ‬والاستثمار‭ ‬الخليجي‭ ‬كعامل‭ ‬ضغط‭ ‬على‭ ‬الشراهة‭ ‬المالية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬إن‭ ‬تم‭ ‬إدارتها‭ ‬جيداً‭ ‬قد‭ ‬تثمر‭ ‬عرقلة‭ ‬للمخططات‭ ‬الصهيونية،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬المنطقة‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬تحوّل‭ ‬استراتيجي،‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬رؤية‭ ‬خليجية‭ ‬عربية‭ ‬سواء‭ ‬لمواجهة‭ ‬المخاطر‭ ‬أو‭ ‬لكيفية‭ ‬إدارة‭ ‬تلك‭ ‬المخاطر‭! ‬والهدف‭ ‬الحقيقي‭ ‬هو‭ ‬الاستقرار‭ ‬الإقليمي‭ ‬والاستقرار‭ ‬الداخلي‭ ‬لدولنا،‭ ‬والذي‭ ‬لن‭ ‬يتحقق‭ ‬إلا‭ ‬بتعديل‭ ‬إيران‭ ‬لرؤيتها‭ ‬السابقة‭! ‬ولجم‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬عن‭ ‬تطلعاته‭ ‬التوسعية‭! ‬والبناء‭ ‬العربي‭ ‬للذات‭ ‬والاعتماد‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المناحي،‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتجه‭ ‬إليه‭ ‬قوى‭ ‬التفكير‭ ‬الخليجي‭! ‬فلا‭ ‬أحد‭ ‬سيحمي‭ ‬دولها‭ ‬والمنطقة‭ ‬إلا‭ ‬بالاعتماد‭ ‬على‭ ‬النفس‭ ‬أولاً‭ ‬وأخيراً‭! ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬يتشكل‭ ‬نحو‭ ‬التعددية‭ ‬ومجموعة‭ ‬‮«‬بريكس‮»‬‭ ‬مجرد‭ ‬خطوة‭ ‬أولى‭ ‬نحوه،‭ ‬لا‭ ‬يحترم‭ ‬إلا‭ ‬الدول‭ ‬القوية‭ ‬بكل‭ ‬معايير‭ ‬القوة،‭ ‬لتشكل‭ ‬مسارها‭ ‬الجديد‭ ‬ضدّ‭ ‬سيطرة‭ ‬نظام‭ ‬دولي‭ ‬أخذت‭ ‬ملامح‭ ‬تدهوره‭ ‬تتضح‭ ‬في‭ ‬جوانب‭ ‬كثيرة‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا