العدد : ١٧٢٦٩ - الجمعة ٠٤ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ محرّم ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٦٩ - الجمعة ٠٤ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ محرّم ١٤٤٧هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

تركي الفيصل والغرب المنافق!

{الأمير‭ ‬تركي‭ ‬الفيصل‭ ‬رئيس‭ ‬الاستخبارات‭ ‬السعودية‭ ‬الأسبق،‭ ‬تشعر‭ ‬حين‭ ‬يتحدث‭ ‬أن‭ ‬حديثه‭ ‬حديث‭ ‬صدق‭ ‬وجرأة‭ ‬وعمق‭ ‬وخبرة‭ ‬بلا‭ ‬رتوش‭ ‬ولا‭ ‬ألوان‭ ‬أو‭ ‬أصباغ‭ ‬زائفة‭! ‬فهو‭ ‬يعرف‭ ‬تماماً‭ ‬ما‭ ‬يقول،‭ ‬ومتى‭ ‬يقول‭ ‬وإلى‭ ‬من‭ ‬يوجه‭ ‬الرسالة‭! ‬شخصية‭ ‬دولية‭ ‬بارزة،‭ ‬وتصريحاته‭ ‬تحظى‭ ‬باهتمام‭ ‬واسع‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي،‭ ‬ومواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬التي‭ ‬تتفاعل‭ ‬معه‭ ‬بقوة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬بما‭ ‬يخص‭ ‬مقاله‭ ‬الذي‭ ‬نشرته‭ ‬جريدة‭ (‬ذا‭ ‬ناشيونال‭) ‬الإماراتية‭ ‬مؤخراً،‭ ‬ووصف‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬نعيشه‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬يفتقد‭ ‬إلى‭ ‬العدالة‭ ‬والمساواة‮»‬،‭ ‬ووصف‭ ‬الغرب‭ ‬ودعمه‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬منافق‮»‬‭ ‬ودعمه‭ ‬منافق‭ ‬سواء‭ ‬بما‭ ‬يخص‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬مؤخراً،‭ ‬أو‭ ‬بما‭ ‬يخص‭ ‬العدوان‭ ‬المتكرر‭ ‬على‭ ‬فلسطين،‭ ‬وقال‭ ‬‮«‬ما‭ ‬يثير‭ ‬السخط‭ ‬حقاً‭ ‬على‭ ‬قادة‭ ‬الغرب‭ ‬هو‭ ‬أنهم‭ ‬لا‭ ‬يزالون‭ ‬يرددون‭ ‬شعارات‭ ‬جوفاء‭ ‬عن‭ ‬مبادئهم‭ ‬المزعومة‭! ‬وأضاف‭ ‬أن‭ ‬الجماهير‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬رفضت‭ ‬هذه‭ ‬المواقف‭ ‬الكاذبة،‭ ‬ويواصلون‭ ‬دعمهم‭ ‬لاستقلال‭ ‬فلسطين‮»‬‭! ‬وفي‭ ‬المقال‭ ‬انتقد‭ ‬مواقف‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬المتناقضة‭ ‬قائلاً‭ ‬‮«‬اللافت‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬عارض‭ ‬بشجاعة،‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عقدين‭ ‬الهجوم‭ ‬الأمريكي‭ ‬غير‭ ‬القانوني‭ ‬على‭ ‬العراق‭ ‬ثم‭ ‬أفغانستان‮»‬،‭ ‬وها‭ ‬هو‭ ‬يدعم‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬ويتدخل‭ ‬بنفسه‭ ‬عسكريا‭! ‬وبدل‭ ‬أن‭ ‬يكيل‭ ‬بمكيالين‭ ‬بخصوص‭ ‬الضربة‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬استهدفت‭ ‬منشآت‭ ‬نووية‭ ‬إيرانية،‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬نرى‭ ‬قنابل‭ ‬‮«‬باستر‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تطلقها‭ ‬القاذفات‭ ‬الأمريكية2‭ ‬Bتمطر‭ ‬مفاعل‭ ‬‮«‬ديمونة‮»‬‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬المواقع‭ ‬‮«‬الإسرائيلية»؟‭! ‬الكيان‭ ‬يملك‭ ‬قنابل‭ ‬نووية‭ ‬أيضاً،‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬تنص‭ ‬عليه‭ ‬معاهدة‭ ‬عدم‭ ‬انتشار‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭!‬

{‭ ‬تركي‭ ‬الفيصل‭ ‬الذي‭ ‬قرر‭ ‬عدم‭ ‬زيارة‭ ‬أمريكا‭ ‬حتى‭ ‬يغادر‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬منصبه،‭ ‬لأنه‭ ‬تنصل‭ ‬من‭ ‬وعوده‭ ‬حول‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬مثلما‭ ‬فعل‭ ‬‮«‬هاري‭ ‬ترومان‮»‬‭ ‬من‭ ‬وعود‭ ‬سلفه‭ ‬‮«‬فرانكلين‭ ‬روزفلت‮»‬‭ ‬وأسهم‭ ‬بتنصله‭ ‬للوعد‭ ‬في‭ ‬ولادة‭ ‬دولة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬ولذلك‭ ‬فهو‭ ‬يلتزم‭ ‬بنهج‭ ‬والده‭ ‬الراحل‭ ‬الملك‭ ‬‮«‬فيصل‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬قرر‭ ‬عدم‭ ‬زيارة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬يغادر‭ ‬‮«‬ترومان‮»‬‭ ‬منصبه،‭ ‬وبما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬ارتباطه‭ ‬بحبل‭ ‬قوي‭ ‬بنهج‭ ‬والده‭ ‬‮«‬الملك‭ ‬فيصل‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬له‭ ‬تصريحات‭ ‬معروفة‭ ‬ومسجلة‭ ‬بالصوت‭ ‬والصورة‭ ‬عن‭ ‬موقفه‭ ‬من‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬ومن‭ ‬تحرير‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬ومن‭ ‬النفاق‭ ‬الغربي‭!‬

{هذا‭ ‬الحديث‭ ‬الصريح‭ ‬الذي‭ ‬انتقد‭ ‬الغرب‭ ‬فيه‭ ‬بوضوح،‭ ‬سواء‭ ‬بما‭ ‬يتعلق‭ ‬بنفاقه‭ ‬أو‭ ‬ازدواجية‭ ‬معاييره،‭ ‬أو‭ ‬تماهيه‭ ‬مع‭ ‬جرائم‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يمثله‭ ‬نظامه‭ ‬الدولي‭ ‬ويتسبب‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬انعدام‭ ‬العدالة‭ ‬في‭ ‬العالم‭! ‬هو‭ ‬حديث‭ ‬بدوره‭ ‬تطرق‭ ‬فيه‭ ‬بوضوح‭ ‬أيضاً‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬رقابة‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬على‭ ‬منشآت‭ (‬إسرائيل‭) ‬النووية‭ ‬فقال‭ ‬‮«‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬الطين‭ ‬بلة‭ ‬أن‭ (‬إسرائيل‭) ‬لم‭ ‬توقع‭ ‬على‭ ‬معاهدة‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬وبقيت‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬رقابة‭ ‬الوكالة‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬ولم‭ ‬يقم‭ ‬أحد‭ ‬بتفتيش‭ ‬منشآتها‭ ‬النووية‮»‬‭! ‬وهنا‭ ‬يضع‭ ‬الأمير‭ ‬‮«‬تركي‭ ‬الفيصل‮»‬‭ ‬يده‭ ‬على‭ ‬الجرح،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬العدوانية‭ ‬والوحشية‭ ‬التي‭ ‬يتسم‭ ‬بها‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني،‭ ‬وتهديده‭ ‬الدائم‭ ‬للأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬والسلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وبما‭ ‬تمثله‭ ‬أجندته‭ ‬التوسعية‭ ‬التي‭ ‬يختلط‭ ‬فيها‭ ‬البعد‭ ‬العنصري‭ ‬بالبعد‭ ‬التوراتي‭ ‬والتاريخي‭ ‬‮«‬الملفق‮»‬‭! ‬بما‭ ‬يجعله‭ ‬ممثلاً‭ ‬لخطر‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم،‭ ‬وممارسة‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة،‭ ‬وشره،‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ (‬تاريخ‭ ‬إيران‭ ‬المليء‭ ‬بالأعمال‭ ‬الشريرة‭) ‬كما‭ ‬وصفه‭. ‬وفيما‭ ‬المنطقة‭ ‬ودول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬السلام‭ ‬لا‭ ‬عن‭ ‬الحرب،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يصغي‭ ‬لهؤلاء،‭ ‬لا‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬الحرب،‭ ‬إن‭ ‬كان،‭ ‬أي‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬جاداً‭ ‬في‭ ‬تصريحاته‭ ‬حول‭ ‬إنهاء‭ ‬الحروب‭!‬

{‭ ‬إن‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أجندات‭ ‬وأهداف‭ ‬كيان‭ ‬يمثل‭ ‬القاعدة‭ ‬العسكرية‭ ‬المتقدمة‭ ‬للغرب،‭ ‬لن‭ ‬ينطلي‭ ‬عليها‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬ضخّه‭ ‬إعلامياً‭ ‬حول‭ ‬مخاطر‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يتجاهل‭ ‬فيه‭ ‬القادة‭ ‬الغربيون‭ ‬وإعلامهم‭ ‬وعسكريهم‭ ‬ومراكز‭ ‬بحوثهم‭ ‬ما‭ ‬يمثله‭ ‬الخطر‭ ‬النووي‭ ‬الذي‭ ‬بيد‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني‭! ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التصريحات‭ ‬المتراكمة‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬وحكومة‭ ‬هذا‭ ‬الكيان،‭ ‬حول‭ ‬أهدافه‭ ‬التوسعية‭ ‬التي‭ ‬ازدادت‭ ‬وتيرتها‭ ‬مؤخراً،‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬التوراة‭ ‬الملفقة‮»‬‭ ‬وتزوير‭ ‬التاريخ‭ ‬والآثار،‭ ‬والهجمة‭ ‬الكبيرة‭ ‬على‭ ‬الوعي‭ ‬العربي‭ ‬والعقل‭ ‬الجمعي‭ ‬الاسلامي،‭ ‬لقبول‭ ‬الأهداف‭ ‬الصهيونية‭ ‬واحتلالاتها،‭ ‬وإبادتها‭ ‬بدون‭ ‬مقاومة‭ ‬أو‭ ‬نقد‭ ‬أو‭ ‬مواقف‭ ‬سياسية‭ ‬وفكرية‭ ‬ودبلوماسية‭ ‬ناقدة‭! ‬وحيث‭ ‬‮«‬العداء‭ ‬للسامية‮»‬‭ ‬كادعاء‭ ‬فارغ‭ ‬جاهز‭ ‬للإشهار‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬أي‭ ‬أحد‭ ‬يكشف‭ ‬ويفضح‭ ‬أهداف‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬التوسعي‭ ‬عبر‭ ‬الحروب‭ ‬وإثارة‭ ‬الصراعات‭ ‬والأزمات‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬نهاية‭! ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬هو‭ ‬المعادي‭ ‬للإنسانية،‭ ‬والقائم‭ ‬على‭ ‬العنصرية‭ ‬الدينية‭ ‬تجاه‭ ‬كل‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬وليس‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬وحدهم،‭ ‬وإن‭ ‬كانوا‭ ‬الأكثر‭ ‬استهدافا‭ ‬وبشراسة‭ ‬الحروب‭ ‬والإبادة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬الغاصب‭! ‬وهو‭ ‬المعادي‭ ‬للتنوع‭ ‬الحضاري‭ ‬والديني‭ ‬والثقافي،‭ ‬لأنه‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬صهر‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬بوتقته‭ ‬العقائدية‭ ‬التوراتية‭ ‬باسم‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الإبراهيمية‭ ‬والتي‭ ‬للطرافة‭ ‬يسعى‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬لتوسعة‭ ‬قائمتها‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬رغم‭ ‬حروب‭ ‬الكيان‭ ‬واستمرارها‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا