اطلالة

هالة كمال الدين
halakamal99@hotmail.com
الوحش المستتر
تتمثل ميزة ربوتات الدردشة في النقاش بقدرتها على الوصول إلى معلومات عن الخصم، فعندما يحصل الذكاء الاصطناعي على بيانات عن الشخص الذي يتفاعل معه يستخدم حججا مصممة خصيصا لمواجهته، الأمر الذي يقود إلى استنتاج مقلق يتمثل في إمكانية استخدام النماذج اللغوية الكبيرة للتلاعب بالرأي العام.
هذا ما أكده خبير علوم الحاسوب فرانشيسكو سالفي من المعهد الفيدرالي التقني العالي في لوزان، حيث كشفت الأبحاث أن الشبكات العصبية يمكنها إقناع الأشخاص بتغيير آرائهم بما في ذلك المواقف المتعلقة بنظريات المؤامرة، إلا أن مدى قوة إقناعها مقارنة بالبشر ظل غير واضح حتى الآن.
ولتقييم هذه القدرات أجريت تجربة على 900 مواطن أمريكي ناقشوا مدة عشر دقائق إما مع شخص آخر أو مع شات جي بي تي حول مواضيع مثيرة للجدل مثل ضرورة الزي المدرسي وحظر الوقود الأحفوري أو فوائد الذكاء الاصطناعي للمجتمع، حيث قام المشاركون قبل بدء الدراسة بالإجابة عن استبانة حول أعمارهم وجنسهم وانتمائهم العرقي ومستوى تعليمهم ووظائفهم وآرائهم السياسية.
وأظهرت نتائج التجربة أنه عندما لا يحصل أي من المشاركين على معلومات عن الطرف الآخر فإن «شات جي بي تي» يكون مقنعا بنفس مستوى الإنسان تقريبا، ولكن بمجرد إضافة أبسط المعلومات تتفوق الآلة وتفوز، الأمر الذي يؤكد الدور الذي يمكن أن يلعبه الذكاء الاصطناعي في تبديل أو تضليل الرأي العام.
اليوم تتيح تطبيقات الذكاء الاصطناعي للتحليل العاطفي فهم مشاعر الجمهور وآرائه وميوله تجاه قضايا معينة، ومن ثم التأثير فيهم، وتكمن الخطورة هنا في تحول الذكاء الاصطناعي إلى وحش مستتر في بعض الأحيان بإمكانه إخفاء الحقيقة، وخداع الناس وتضليلهم بمهارة، بعد أن أصبح أداة قوية وفعالة في تشكيل الرأي والسياسات العامة في جميع أنحاء العالم.
لذلك يجب تأكيد استخدامه بحذر ومسؤولية، وأن نكون على دراية بالتحديات والمخاطر المرتبطة به وخاصة فيما يتعلق بتشكيل الرأي العام، ومن هنا تأتي أهمية أول مشروع بقانون نيابي شامل يهدف إلى تنظيم الذكاء الاصطناعي الذي تناقشه لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بمجلس النواب البحريني والذي يتضمن عقوبات مشددة ضد إساءة استخدامه.
إقرأ أيضا لـ"هالة كمال الدين"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك