عالم يتغير

فوزية رشيد
حرب وجود بين مشروعين: التبعات والآثار!
{ حين صرَّح الرئيسُ «الإسرائيليُّ» مؤخرا فقال: «الهجماتُ على إيران تهدفُ إلى تغييرِ الشرقِ الأوسط» فإن ذلك لا يعني فقط القضاءَ على المفاعلاتِ النوويَّة، ومنع إيران من إنتاجِ القنبلة النوويَّة.
وإنما يعني أن الهجماتِ تستهدفُ ضربَ كلِّ المنشآتِ الحيويَّة والنفط والغاز، بل والبنيةِ التحتيَّة للاقتصادِ الإيراني وضرب حتى المنشآت المدنيَّة مثل التلفزيون والموانئ وغيرها، مما يجعل هدفَ إسقاطِ النظام هدفًا واضحاً بدوره! وهو الأمرُ الذي يحشرُ «نظامَ الملالي»، في الزاوية، فلا يكتفي بالموجاتِ الصاروخيَّة تجاه «تل أبيب» و«حيفا» وغيرهما من المدن، وإنما التوّجه إلى نظرية «شمشون» التي يستند عليها أيضاً الكيان الصهيوني في حربه الراهنة! وهي (عليّ وعلى أعدائي)! وإن بمنطلقات مختلفة بين الطرفين! وحيث إيران التي صرَّح مسؤولوها باستهداف من يشارك في الحرب مثل أمريكا وبريطانيا وتحديداً، باستهداف القواعد العسكرية الموجودة في المحيط الخليجي، وإغلاق مضيق هرمز الحيوي لتجارة السفن الناقلة للنفط تحديداً، بل والتهديد بأن ضرب منشآتها النفطية قد يتولد عنه التلوث الاشعاعي البيئي في كامل المنطقة، إلى جانب موجات صاروخية أكثر شدّة وتدميراً على مدن الكيان، وكل ذلك يحمل في طياته مخاطر كبيرة ليس لطرفي الحرب، وإنما للشعوب والدول التي لا صلة لها بالعدوان الصهيوني على إيران!
{ ما يحدث يثير القلق في الخليج والمنطقة بالطبع، وعلى المستوى الإقليمي والدولي، وحيث في ذلك ضرب لاقتصادات الدول المحيطة ومشروعها التنموي، كما هو ضرب للاقتصاد العالمي خاصة مع مشاركة الولايات المتحدة وبريطانيا بشكل مباشر في الحرب، وتوجيه الضربة لمفاعل (فوردو) المحصّن في الجبال وفي عمق الأرض! ولتلك المشاركة بدورها تداعيات وآثار مفتوحة وحيث الخطابات التهديدية بين «ترامب» و«المرشد الأعلى الإيراني» وتنمّ على أن الأمور وصلت إلى الحدود التي لا عودة عنها! أما إذا انجرت روسيا والصين وباكستان إلى الساحة فستكون الأمور قد دخلت إلى السيناريوهات الأكثر سوءاً! وستكون حرباً مفتوحة أو شاملة تدُمرُّ كل شيء!
{ هذه الحرب قد تكون إن استمرت هي الحرب الأكثر خطورة في المنطقة التي تعبت من كثرة الحروب والنزاعات وحلمها المشروع هو الأمن والاستقرار والسلام في أوطانها والاستقرار الإقليمي والاستمرار في المشروع التنموي والنهضوي خاصة في الخليج العربي، ولكن يبدو أن ذلك اليوم رغم مشروعية الحلم، أنه يصطدم بالجدار القاسي للحرب بين مشروعين، رأى أحدهما وهو المشروع الصهيوني القضاء على المشروع الإيراني «المنافس»!
واعتبر ذلك «حربا وجودية» بالنسبة إليه، وتماماً كما كان يُصرّح بالنسبة إلى حربه على غزة، لأن منطلقه «الديني» يخبره بذلك! وهو يسعى إلى تحقيق نبوءاته التوراتية أو أساطيره التوراتية الملفّقة على حساب كل شعوب المنطقة ودولها! ويعتبر أن الحرب الوجودية على إيران تستدعي كل ما يقوم به، دون اهتمام بالآثار أو التبعات على المنطقة وعلى العالم، وهنا تكمن الخطورة حيث يكون المنطلق للحرب منطلقاً أسطوريا يسعى الكيان الصهيوني إلى تحقيقه! ولن يكتفى معه بفلسطين وسوريا ولبنان وإيران، إنما قادته يُصرحون أن كل أرض وطأت فيها أقدامهم هي حق لهم! وعليكم العودة إلى الدول التي وجودوا فيها عبر التاريخ في المنطقة العربية لتفهموا المقصد!
{ في برنامج على قناة «روسيا اليوم» 18/6/2025 وفي لقاء مع المفكر الروسي «دوغين» مستشار «بوتين» وعنوان الحلقة (إسرائيل وإيران: ميتافيزيقيا دوغين) أشار بوضوح إلى (البُعد الديني) في الحرب القائمة على إيران، وحيث في كتاب (توراة الحرب) لإسحاق شامير، يشير إلى بناء الهيكل الثالث، والتشريع الزمني لذلك دون انتظار المسيخ الدجال (نحن المسيخ ولا داعي للانتظار)! ولذلك فلا بدّ من هدم المسجد الأقصى وقد يكون ذلك كما قال «سموترتيش» (في ظروف معينة سيُهدم هذا الأقصى)، وهو جزء من الخطة الصهيونية القائمة على «التلفيق الديني» لقيام «إسرائيل الكبرى»!، وحيث الحرب على إيران هي إحدى المراحل وترتبط بذلك، من خلال إسقاط النظام وتقسيم إيران، والسيطرة خاصة على أصفهان!، ولذلك يُهاجم الكيان «إيران» ذات النظام الشيعي، بعد انتهاء دوره خلال العقود الماضية لصالحه!، ومن القضاء على الفلسطينيين للسيطرة على كامل فلسطين، إلى إسقاط إيران كما هي «النبوءة» يأتي بعد ذلك الدور على المحطات الأخرى «العربية»!
تحت المعتقد اليهودي التوراتي (إنها حرب الأيام الأخيرة، وحرب شمشون، حتى لو احتاج الأمر إلى استخدام النووي)!
{ يقول «دوغين» إن الفكر الصهيوني المرتبط بالفكر الديني، يواصل تحقيق النبوءات، وفي خلفيتهم أن روسيا هي يأجوج ومأجوج!
ومقابل هذا الفكر «الآخروي الصهيوني» هناك «الفكر الآخروي» الإيراني الشيعي، حيث مجيء الإمام المنتظر (الإمام الثاني عشر) في آخر الزمان ونحن فيه حسب المعتقد، ولا بدّ قبل مجيئه أن تكتمل دورة الفوضى والمواجهة، لقيام (الدولة المهدوية العالمية) وهو المشروع الإيراني وتعتبر أن أية حرب عليها الآن، هي «حرب وجودية» لا استسلام فيها!، ولذلك شدّد «خامنئي» على المواجهة لا الرضوخ لإملاءات السلم أو الحرب.
وبالمقابل هناك خلفية دينية لدى «السُنة» حول ظهور المهدي، بمواصفات أخرى عن الرؤية الشيعية وسيخرج في «الجامع الأموي» وحيث الدجّال أو «المنظومة الصهيونية» تسيطر على القدس وتتم المواجهة! فيما «المسيحية الصهيونية» بدورها والتي يعتنقها ساسة أمريكيون وغربيون، تمهد الأرض بدورها للحرب الأخيرة، حرب «هر مجدون»!
{ هكذا نحن واقعون في خضم حروب ذات صيغة معتقدية وتنبؤية يعتنقها الصهاينة «العلمانيون والملاحدة»! ويحاولون تنفيذها حتى لو كان الثمن خراب المنطقة والعالم، فذلك لا يهمّ!
فيما أغلب المحللين والساسة لا يضعون اعتباراً لهذا الفكر والمنطلق الديني «الآخروي» أو «علم آخر الزمان» الذي يُحرك الصراعات والحروب منذ وقت طويل!، وينطلق منه رؤساء الدول الكبرى «العلمانية»، بما يُقلل من فهم ما يحدث حقيقة! خاصة حين الاكتفاء بالتحليل السياسي والاقتصادي، و«التحليل العقلاني» لسلوك الكيان الصهيوني في حروبه التي يشنها وإثارته للفتن والصراعات، وحيث وصلوا إلى مفهوم (العالم كله بأيدينا وعلينا أن نحكمه مباشرة تحت ظل «الحكومة التلمودية العالمية»)!
{ ولكن لماذا ينجحون في فرض أساطيرهم وخرافاتهم؟!
يقول «دوغين» حول ذلك: (هناك طابورٌ خامس في إيران وفي كلِّ الدولِ اشترتها المنظومةُ الصهيونيَّة، وهؤلاء النخبُ باعوا دينَهم ودولَهم وهويتهم، مما يجعل الحضارةَ الإسلاميَّة كلها مهدّدة، حيث لا يعودُ لها صوتٌ أو كلمة)!
ونقولُ وبثقةٍ كلُّ المقاديرِ بيدِ الله، وهو المحيطُ بكلِّ شيء، وأكبرُ من كلِّ شيء، والعلمُ (الآخرويُّ) يجعلُ النُصرةَ للمسلمين في النهايةِ بما فعلوا وهذا هو المعتقدُ الإسلاميُّ.
إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك