عالم يتغير

فوزية رشيد
حرب «الأسد الصاعد» والأمن الخليجي والعربي والإقليمي!
{ لقد تابع العالم كله ما حدث فجر الجمعة الماضي من مباغتة بدء الحرب من الجانب الصهيوني على إيران! وبما شكلّ مفاجأة للجانب الإيراني تحديدًا، الذي وقع في فخ «الخداع الإعلامي والسياسي» الذي مارسه الطرفان الأمريكي والصهيوني (ترامب ونتنياهو) بما أوحى أن الحلّ العسكري من جانب الكيان الصهيوني سيتقرّر بعد جولة المفاوضات السادسة الأحد 15/6/2025! وحيث كل المحللين في العالم كله لم يتوقع أحدهم أن تشن إسرائيل حملتها العسكرية قبل ذلك التاريخ، فإذا بالمباغتة القاتلة تقع فجر الجمعة 13/6/2025! ويتم قتل القادة الإيرانيين دفعة واحدة في مدة قصيرة وبينهم رئيس أركان الجيش الإيراني، وقائد القوات الجوية وقائد الحرس الثوري وقائد قيادة الطوارئ وقائد القوات البحرية وقائد قوات الباسيج وقائد القوات البرية للجيش، وعدد من علماء إيران للذرة! إلى جانب ضرب عدة مراكز للمفاعلات النووية بينها «مفاعل نطنز» ومفاعل اصفهان وغيرهما، ما جعل المشهد الإيراني يوم الجمعة الماضي مثارًا للاستغراب!، حيث كل شيء في إيران دخل حالة الشلل مع العملية العسكرية المباغتة، فلا ردّ إيراني على كل ذلك من الفجر حتى المساء حوالي 9:30! حيث بدأت رشقات صاروخية إيرانية تضرب «تل أبيب» وتُحدث بعض الدمار الذي لم يتناسب مع ما قامت به القوات الصهيونية من استباحة للأجواء الإيرانية استمرت حتى مساء السبت 14/6/2025! وحسب التهديدات الإيرانية كان العالم ينتظر الرّد الإيراني القوي الذي لم يحدث حتى ساعة كتابة هذا المقال مساء السبت ما عدا الدفعة الأولى من الرشقات الصاروخية!
{ المهمّ أن الحرب على إيران التي كان يتمّ التهديد بها منذ سنوات طويلة، حدثت أخيرًا، في ظل تصاعد التوتر بين إيران والكيان! وحيث كل الدول الخليجية والعربية والإقليمية ضدّ نشوب حرب تحمل تداعيات خطيرة على الخليج والمنطقة، خاصة أن الاتفاق السعودي - الإيراني برعاية صينية، حقق جزءًا مهمًا من التقارب، إلى جانب التقارب الإيراني المصري خلال الأيام الماضية، لمنع نشوب حرب تحمل أضرارًا كبرى على استقرار وأمن واقتصاد وتنمية الخليج في ظل تربصّ الكيان الصهيوني، وخرائط نتنياهو التي تتوعد المنطقة بشرق أوسط جديد! تتحقّق معه الهيمنة «الإسرائيلية» على دول المنطقة، في ظل الحملة العسكرية الوحشية التي قامت بها في حرب الإبادة على غزة ثم احتلال أجزاء من لبنان وسوريا وضرب اليمن وكأنها تقوم باستباحة أي دولة تشاء وقتما تشاء، ولا رادع لها! فمن الذي يمنعها بعد ذلك من التوسّع والهيمنة والضربات العسكرية التي تسميّها «استباقية» لأي دولة يخطر على بالها إضعافها أو التخلصّ منها، إن لم تكن متماشية مع المنظور الصهيوني للهيمنة؟!
{ المهم أيضًا أن ندرك أن دول الخليج، اتخذت موقفًا من الحرب على إيران تبنّت فيه ضبط النفس وأدانت التصعيد العسكري، داعية إلى الالتزام بتجنب التصعيد العسكري والالتزام بقرارات مجلس الأمن.
وحيث اقترحت السعودية لعب دور الوسيط عبر الحوار واستمرار المفاوضات لتفادي تحوّل المنطقة إلى ساحة صراع مباشر، قد تجرها إلى ما هو أخطر من مواجهة عسكرية تدخل فيها القوى الكبرى وعلى رأسها أمريكا الداعمة للكيان حتى وهو يمارس حرب الإبادة في غزة!
{ في هذه الحرب «الإسرائيلية» على إيران، وبغضّ النظر عن موقف دولنا وشعوبنا المضاد لكل التدخلات الإيرانية في الشأن العربي وعبثها بالأمن الوطني والقومي لكل دولة عربية هيمنت عليها، وزرعت فيها الفتن الطائفية والإرهاب المليشياوي، نقول بغض النظر عن هذا الموقف العربي الثابت من كل ذلك، إلاّ أن الموقف الشعبي العربي يدرك أيضًا وتمامًا في ذات الوقت خطورة الكيان الصهيوني على الأمن القومي العربي ومشروعه التوسعي «التوراتي» الملفقّ! ولذلك فالموقف الشعبي العربي ثابت من خطورة المشروع الصهيوني للكيان، مثلما هو ثابت من المشروع الإيراني التوسعي، الذي تمزّق مؤخرًا! ولكنه في ذات الوقت رسمي وشعبي، فالموقف العربي لا يريد حربًا قد تتحول إلى حرب إقليمية بتدخلّ أمريكي أو بريطاني أو فرنسي أو «الناتو» ليتم تنفيذ أجندة غربية كبرى في المنطقة وتهديد الأمن والاقتصاد والتنمية في الخليج والأمن الإقليمي والدولي خاصة في حال تنفيذ التهديد الإيراني، بإغلاق «مضيق هرمز» مثلاً، أو الانجرار لضرب القواعد العسكرية الأمريكية والغربية في المنطقة، لتكون الحصيلة الدمار لنهضة الخليج والإقليم أو التسرّب النووي بما يضرّ البيئة والشعوب في الإقليم والخليج خاصة!
{ أما حول الخلفيات السياسية والعسكرية لدوافع الكيان الصهيوني في ضرب إيران وهي الأساس، فهي دوافع متداخلة، وتتنوعّ سيناريوهاتها وخلفياتها الصهيونية، بدءًا من تسمية الحرب بعملية «الأسد الصاعد» التوراتية! رغم أنه لا صلة ليهود الكيان الصهيوني بالتوراة! وإنما هم ممن دخلوا اليهودية في وقت متأخر جدًا وهم من الخزر في القوقاز! فما سرّ هذه التسمية وما هي الدوافع والسيناريوهات المحتملة؟! ذلك ما سنتركه للمقال القادم، فالمقام هنا لا يتسع لشرح ذلك في هذا المقال. وللموضوع استكمال.
إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك