العدد : ١٧٢٥١ - الاثنين ١٦ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٠ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٥١ - الاثنين ١٦ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٠ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

حرب «الأسد الصاعد» والأمن الخليجي والعربي والإقليمي!

{‭ ‬لقد‭ ‬تابع‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬فجر‭ ‬الجمعة‭ ‬الماضي‭ ‬من‭ ‬مباغتة‭ ‬بدء‭ ‬الحرب‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬إيران‭! ‬وبما‭ ‬شكلّ‭ ‬مفاجأة‭ ‬للجانب‭ ‬الإيراني‭ ‬تحديدًا،‭ ‬الذي‭ ‬وقع‭ ‬في‭ ‬فخ‭ ‬‮«‬الخداع‭ ‬الإعلامي‭ ‬والسياسي‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬مارسه‭ ‬الطرفان‭ ‬الأمريكي‭ ‬والصهيوني‭ (‬ترامب‭ ‬ونتنياهو‭) ‬بما‭ ‬أوحى‭ ‬أن‭ ‬الحلّ‭ ‬العسكري‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬سيتقرّر‭ ‬بعد‭ ‬جولة‭ ‬المفاوضات‭ ‬السادسة‭ ‬الأحد‭ ‬15‭/‬6‭/‬2025‭! ‬وحيث‭ ‬كل‭ ‬المحللين‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬لم‭ ‬يتوقع‭ ‬أحدهم‭ ‬أن‭ ‬تشن‭ ‬إسرائيل‭ ‬حملتها‭ ‬العسكرية‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬التاريخ،‭ ‬فإذا‭ ‬بالمباغتة‭ ‬القاتلة‭ ‬تقع‭ ‬فجر‭ ‬الجمعة‭ ‬13‭/‬6‭/‬2025‭! ‬ويتم‭ ‬قتل‭ ‬القادة‭ ‬الإيرانيين‭ ‬دفعة‭ ‬واحدة‭ ‬في‭ ‬مدة‭ ‬قصيرة‭ ‬وبينهم‭ ‬رئيس‭ ‬أركان‭ ‬الجيش‭ ‬الإيراني،‭ ‬وقائد‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬وقائد‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬وقائد‭ ‬قيادة‭ ‬الطوارئ‭ ‬وقائد‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬وقائد‭ ‬قوات‭ ‬الباسيج‭ ‬وقائد‭ ‬القوات‭ ‬البرية‭ ‬للجيش،‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬علماء‭ ‬إيران‭ ‬للذرة‭! ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ضرب‭ ‬عدة‭ ‬مراكز‭ ‬للمفاعلات‭ ‬النووية‭ ‬بينها‭ ‬‮«‬مفاعل‭ ‬نطنز‮»‬‭ ‬ومفاعل‭ ‬اصفهان‭ ‬وغيرهما،‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬المشهد‭ ‬الإيراني‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬الماضي‭ ‬مثارًا‭ ‬للاستغراب‭!‬،‭ ‬حيث‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬دخل‭ ‬حالة‭ ‬الشلل‭ ‬مع‭ ‬العملية‭ ‬العسكرية‭ ‬المباغتة،‭ ‬فلا‭ ‬ردّ‭ ‬إيراني‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الفجر‭ ‬حتى‭ ‬المساء‭ ‬حوالي‭ ‬9‭:‬30‭! ‬حيث‭ ‬بدأت‭ ‬رشقات‭ ‬صاروخية‭ ‬إيرانية‭ ‬تضرب‭ ‬‮«‬تل‭ ‬أبيب‮»‬‭ ‬وتُحدث‭ ‬بعض‭ ‬الدمار‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬القوات‭ ‬الصهيونية‭ ‬من‭ ‬استباحة‭ ‬للأجواء‭ ‬الإيرانية‭ ‬استمرت‭ ‬حتى‭ ‬مساء‭ ‬السبت‭ ‬14‭/‬6‭/‬2025‭! ‬وحسب‭ ‬التهديدات‭ ‬الإيرانية‭ ‬كان‭ ‬العالم‭ ‬ينتظر‭ ‬الرّد‭ ‬الإيراني‭ ‬القوي‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬حتى‭ ‬ساعة‭ ‬كتابة‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬مساء‭ ‬السبت‭ ‬ما‭ ‬عدا‭ ‬الدفعة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الرشقات‭ ‬الصاروخية‭!‬

{‭ ‬المهمّ‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يتمّ‭ ‬التهديد‭ ‬بها‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬حدثت‭ ‬أخيرًا،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تصاعد‭ ‬التوتر‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬والكيان‭! ‬وحيث‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬والعربية‭ ‬والإقليمية‭ ‬ضدّ‭ ‬نشوب‭ ‬حرب‭ ‬تحمل‭ ‬تداعيات‭ ‬خطيرة‭ ‬على‭ ‬الخليج‭ ‬والمنطقة،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الاتفاق‭ ‬السعودي‭ - ‬الإيراني‭ ‬برعاية‭ ‬صينية،‭ ‬حقق‭ ‬جزءًا‭ ‬مهمًا‭ ‬من‭ ‬التقارب،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التقارب‭ ‬الإيراني‭ ‬المصري‭ ‬خلال‭ ‬الأيام‭ ‬الماضية،‭ ‬لمنع‭ ‬نشوب‭ ‬حرب‭ ‬تحمل‭ ‬أضرارًا‭ ‬كبرى‭ ‬على‭ ‬استقرار‭ ‬وأمن‭ ‬واقتصاد‭ ‬وتنمية‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تربصّ‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬وخرائط‭ ‬نتنياهو‭ ‬التي‭ ‬تتوعد‭ ‬المنطقة‭ ‬بشرق‭ ‬أوسط‭ ‬جديد‭! ‬تتحقّق‭ ‬معه‭ ‬الهيمنة‭ ‬‮«‬الإسرائيلية‮»‬‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬المنطقة،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الحملة‭ ‬العسكرية‭ ‬الوحشية‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬ثم‭ ‬احتلال‭ ‬أجزاء‭ ‬من‭ ‬لبنان‭ ‬وسوريا‭ ‬وضرب‭ ‬اليمن‭ ‬وكأنها‭ ‬تقوم‭ ‬باستباحة‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬تشاء‭ ‬وقتما‭ ‬تشاء،‭ ‬ولا‭ ‬رادع‭ ‬لها‭! ‬فمن‭ ‬الذي‭ ‬يمنعها‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬التوسّع‭ ‬والهيمنة‭ ‬والضربات‭ ‬العسكرية‭ ‬التي‭ ‬تسميّها‭ ‬‮«‬استباقية‮»‬‭ ‬لأي‭ ‬دولة‭ ‬يخطر‭ ‬على‭ ‬بالها‭ ‬إضعافها‭ ‬أو‭ ‬التخلصّ‭ ‬منها،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬متماشية‭ ‬مع‭ ‬المنظور‭ ‬الصهيوني‭ ‬للهيمنة؟‭!‬

{‭ ‬المهم‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬ندرك‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬اتخذت‭ ‬موقفًا‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬تبنّت‭ ‬فيه‭ ‬ضبط‭ ‬النفس‭ ‬وأدانت‭ ‬التصعيد‭ ‬العسكري،‭ ‬داعية‭ ‬إلى‭ ‬الالتزام‭ ‬بتجنب‭ ‬التصعيد‭ ‬العسكري‭ ‬والالتزام‭ ‬بقرارات‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭.‬

وحيث‭ ‬اقترحت‭ ‬السعودية‭ ‬لعب‭ ‬دور‭ ‬الوسيط‭ ‬عبر‭ ‬الحوار‭ ‬واستمرار‭ ‬المفاوضات‭ ‬لتفادي‭ ‬تحوّل‭ ‬المنطقة‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬صراع‭ ‬مباشر،‭ ‬قد‭ ‬تجرها‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أخطر‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭ ‬عسكرية‭ ‬تدخل‭ ‬فيها‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬أمريكا‭ ‬الداعمة‭ ‬للكيان‭ ‬حتى‭ ‬وهو‭ ‬يمارس‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬في‭ ‬غزة‭!‬

{‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬‮«‬الإسرائيلية‮»‬‭ ‬على‭ ‬إيران،‭ ‬وبغضّ‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬موقف‭ ‬دولنا‭ ‬وشعوبنا‭ ‬المضاد‭ ‬لكل‭ ‬التدخلات‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬العربي‭ ‬وعبثها‭ ‬بالأمن‭ ‬الوطني‭ ‬والقومي‭ ‬لكل‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬هيمنت‭ ‬عليها،‭ ‬وزرعت‭ ‬فيها‭ ‬الفتن‭ ‬الطائفية‭ ‬والإرهاب‭ ‬المليشياوي،‭ ‬نقول‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬العربي‭ ‬الثابت‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ذلك،‭ ‬إلاّ‭ ‬أن‭ ‬الموقف‭ ‬الشعبي‭ ‬العربي‭ ‬يدرك‭ ‬أيضًا‭ ‬وتمامًا‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬خطورة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬العربي‭ ‬ومشروعه‭ ‬التوسعي‭ ‬‮«‬التوراتي‮»‬‭ ‬الملفقّ‭! ‬ولذلك‭ ‬فالموقف‭ ‬الشعبي‭ ‬العربي‭ ‬ثابت‭ ‬من‭ ‬خطورة‭ ‬المشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬للكيان،‭ ‬مثلما‭ ‬هو‭ ‬ثابت‭ ‬من‭ ‬المشروع‭ ‬الإيراني‭ ‬التوسعي،‭ ‬الذي‭ ‬تمزّق‭ ‬مؤخرًا‭! ‬ولكنه‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬رسمي‭ ‬وشعبي،‭ ‬فالموقف‭ ‬العربي‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬حربًا‭ ‬قد‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬إقليمية‭ ‬بتدخلّ‭ ‬أمريكي‭ ‬أو‭ ‬بريطاني‭ ‬أو‭ ‬فرنسي‭ ‬أو‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬‭ ‬ليتم‭ ‬تنفيذ‭ ‬أجندة‭ ‬غربية‭ ‬كبرى‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وتهديد‭ ‬الأمن‭ ‬والاقتصاد‭ ‬والتنمية‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬والأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬تنفيذ‭ ‬التهديد‭ ‬الإيراني،‭ ‬بإغلاق‭ ‬‮«‬مضيق‭ ‬هرمز‮»‬‭ ‬مثلاً،‭ ‬أو‭ ‬الانجرار‭ ‬لضرب‭ ‬القواعد‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬والغربية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬لتكون‭ ‬الحصيلة‭ ‬الدمار‭ ‬لنهضة‭ ‬الخليج‭ ‬والإقليم‭ ‬أو‭ ‬التسرّب‭ ‬النووي‭ ‬بما‭ ‬يضرّ‭ ‬البيئة‭ ‬والشعوب‭ ‬في‭ ‬الإقليم‭ ‬والخليج‭ ‬خاصة‭!‬

{‭ ‬أما‭ ‬حول‭ ‬الخلفيات‭ ‬السياسية‭ ‬والعسكرية‭ ‬لدوافع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬ضرب‭ ‬إيران‭ ‬وهي‭ ‬الأساس،‭ ‬فهي‭ ‬دوافع‭ ‬متداخلة،‭ ‬وتتنوعّ‭ ‬سيناريوهاتها‭ ‬وخلفياتها‭ ‬الصهيونية،‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬تسمية‭ ‬الحرب‭ ‬بعملية‭ ‬‮«‬الأسد‭ ‬الصاعد‮»‬‭ ‬التوراتية‭! ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬صلة‭ ‬ليهود‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬بالتوراة‭! ‬وإنما‭ ‬هم‭ ‬ممن‭ ‬دخلوا‭ ‬اليهودية‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬متأخر‭ ‬جدًا‭ ‬وهم‭ ‬من‭ ‬الخزر‭ ‬في‭ ‬القوقاز‭! ‬فما‭ ‬سرّ‭ ‬هذه‭ ‬التسمية‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬الدوافع‭ ‬والسيناريوهات‭ ‬المحتملة؟‭! ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬سنتركه‭ ‬للمقال‭ ‬القادم،‭ ‬فالمقام‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬يتسع‭ ‬لشرح‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭. ‬وللموضوع‭ ‬استكمال‭.‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا