العدد : ١٧٢٤٩ - السبت ١٤ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٨ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٤٩ - السبت ١٤ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٨ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

حين يتحدث مجرمو الحرب عن الإنسانية والحضارة!

{‭ ‬من‭ ‬خطاب‭ ‬مجرمي‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬‮«‬الكنيست‮»‬‭ ‬الصهيوني‭ ‬الأربعاء‭ ‬الماضي‭ ‬وعلى‭ ‬لسان‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬وقف‭ ‬خلف‭ ‬الميكروفون،‭ ‬وهو‭ ‬يكيل‭ ‬المدائح‭ ‬للرئيس‭ ‬الأرجنتيني‭ ‬لمواقفه‭ ‬الداعمة‭ ‬للكيان‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬يواصل‭ ‬فيها‭! ‬إلى‭ ‬خطابات‭ ‬‮«‬بن‭ ‬غفير‮»‬‭ ‬و«سمورتيش‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬مجرمي‭ ‬الحرب‭ ‬هؤلاء،‭ ‬يتحدثون‭ ‬عن‭ ‬‮«‬حق‮»‬‭ ‬الإبادة‭ ‬والاستيطان‭ ‬والفتك‭ ‬اليومي‭ ‬بأرواح‭ ‬العشرات‭ ‬والمئات،‭ ‬بخطاب‭ ‬غرائبي‭ ‬يقلب‭ ‬كعادتهم‭ ‬أي‭ ‬منطق‭ ‬للخير‭ ‬والشر‭ ‬والحق‭ ‬والباطل‭! ‬في‭ ‬لعبة‭ ‬كلامية‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬المدنيين‭ (‬نساء‭ ‬ورجالا‭ ‬وأطفالا‭ ‬ورضع‭) ‬باعتبارهم،‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬وبالتالي‭ ‬قتلهم‭ ‬واجبٌ‭ ‬إنساني‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬الحياة‭ ‬والحرية‭ ‬والإنسانية‭ ‬وأنهم‭ ‬يهددون‭ ‬العالم‭! ‬فهؤلاء‭ ‬وحوش‭ ‬وحيوانات‭ ‬يمارسون‭ ‬الإرهاب‭ ‬والقتل‭ ‬والقصف،‭ ‬بل‭ ‬وقتل‭ ‬الأطفال‭! ‬وهم‭ ‬ضد‭ ‬الحضارة‭ ‬وضد‭ ‬الديموقراطية‭ ‬التي‭ ‬يمثلها‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وفي‭ ‬العالم‭! ‬ومن‭ ‬أراد‭ ‬أن‭ ‬يتأكد‭ ‬من‭ ‬صحة‭ ‬هذا‭ ‬‮«‬الخطاب‭ ‬السريالي‮»‬‭ ‬فليراجع‭ ‬خطاب‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬في‭ ‬‮«‬الكنيست‮»‬‭ ‬عشية‭ ‬دعوة‭ ‬المعارضة‭ ‬إلى

حله‭ ‬وإجراء‭ ‬انتخابات‭ ‬مبكرة‭ ‬يوم‭ ‬الأربعاء‭ ‬الماضي‭! ‬فهو‭ ‬يرمي‭ ‬كل‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬الكيان‭ ‬على‭ ‬ضحاياه‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬والضفة‭! ‬ويعتبر‭ ‬الجميع‭ ‬هناك‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬استثناء‭ ‬مجرمي‭ ‬حرب‭ ‬وقتلة‭ ‬ووحوش‭!‬

{‭ ‬الذي‭ ‬يستمع‭ ‬إلى‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الخطاب‭ ‬يدرك‭ ‬جيداً‭ ‬أن‭ ‬حالة‭ ‬انفصام‭ ‬خطير‭ ‬‮«‬قد‭ ‬أصاب‭ ‬قادة‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬لكي‭ ‬يلقوا‭ ‬على‭ ‬ضحاياهم‭ ‬كل‭ ‬شرورهم‭ ‬وجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬يرتكبونها‭! ‬بل‭ ‬حتى‭ ‬أنهم‭ ‬يستخدمون‭ ‬ألفاظًا‭ ‬مثل‭ ‬الوحشية‭ ‬والهمجية‭ ‬والبربرية‭ ‬التي‭ ‬يصفهم‭ ‬بها‭ ‬كل‭ ‬شعوب‭ ‬العالم،‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬صفات‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬أو‭ ‬الحيوانات‭ ‬في‭ ‬توصيف‭ ‬آخر‭! ‬والغريب‭ ‬أن‭ ‬الإعلام‭ ‬العالمي‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬العربي‭ ‬ينقل‭ ‬تلك‭ ‬الخطابات‭ ‬مباشرة،‭ ‬ويتم‭ ‬تحليلها‭ ‬والتعليق‭ ‬عليها‭ ‬وكأنها‭ ‬خطابات‭ ‬‮«‬طبيعية‮»‬‭ ‬بدليل‭ ‬الإصرار‭ ‬على‭ ‬نقلها‭ ‬مباشرة‭ ‬ثم‭ ‬اقتطاف‭ ‬أجزاء‭ ‬منها‭ ‬كأخبار‭ ‬عاجلة‭! ‬

فيا‭ ‬ترى‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬من‭ ‬إفساد‭ ‬للعقل‭ ‬الإعلامي،‭ ‬لكي‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬مجرمي‭ ‬الحرب‭ ‬باعتراف‭ ‬كل‭ ‬الشعوب،‭ ‬خطباء‭ ‬للإنسانية‭ ‬وللحضارة‭ ‬والديموقراطية‭ ‬والفضيلة،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬فيه‭ ‬جرائم‭ ‬حربهم‭ ‬حتى‭ ‬يوم‭ ‬واحد؟‭!‬

{‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الشريك‭ ‬الكلي‭ ‬لحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬لا‭ ‬تكتفي‭ ‬بالفيتو‭ ‬ضد‭ (‬14‭) ‬عضوًا‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬يريدون‭ ‬بشكل‭ ‬جماعي‭ ‬وأعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬هذا‭ (‬15عضوًا‭ ‬دائمًا‭) ‬أن‭ ‬تتوقف‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬ويتم‭ ‬السماح‭ ‬بإدخال‭ ‬المساعدات‭ ‬الغذائية‭ ‬وعدم‭ ‬استخدام‭ ‬التجويع‭ ‬كجريمة‭ ‬حرب‭ ‬إضافية‭ ‬أو‭ ‬كسلاح‭ ‬حرب،‭ ‬ليأتي‭ ‬بعدها‭ ‬الرئيس‭ ‬غريب‭ ‬الأطوار‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬فتعلن‭ ‬إدارته‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬أنها‭ ‬تعارض‭ ‬أية‭ ‬خطوات‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬الاعتراف‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطينية،‭ ‬ويسعى‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬إلى‭ ‬ثني‭ ‬الحكومات‭ ‬في‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬عن‭ ‬حضور‭ ‬مؤتمر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الأسبوع‭ ‬المقبل‭ ‬في‭ ‬نيويورك،‭ ‬بشأن‭ ‬حل‭ ‬محتمل‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬دولتين‭ ‬بين‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬والفلسطينيين‭! ‬فالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تعلن‭ ‬بذلك‭ ‬وبشكل‭ ‬صريح‭ ‬أنها‭ ‬ضد‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭!‬،‭ ‬وضد‭ ‬أي‭ ‬حل‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ووقف‭ ‬الإبادة،‭ ‬بل‭ ‬وأرسلت‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ (‬برقية‭) ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تريد‭ ‬المشاركة،‭ ‬تحذرها‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬معادية‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬والسعي‭ ‬إلى‭ ‬السلام‭ ‬تصرف‭ ‬معاد‭ ‬لدولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬التي‭ ‬تواصل‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭! ‬بل‭ ‬يصل‭ ‬التهديد‭ ‬الأمريكي‭ ‬للدول،‭ ‬وكما‭ ‬فعلت‭ ‬مع‭ ‬‮«‬الجنائية‭ ‬الدولية‮»‬‭ ‬بفرض‭ ‬عقوبات‭! ‬لأنها‭ ‬تتصرف‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬مصالح‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬ولذلك‭ ‬ستواجه‭ ‬‮«‬عواقب‭ ‬دبلوماسية‮»‬‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭!‬

{‭ ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬تلاعب‭ ‬بالمنطق‭ ‬الدولي‭ ‬والمبادئ‭ ‬الدولية‭ ‬ومبادئ‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬والحقوق‭ ‬الإنسانية‭ ‬والقيم‭ ‬الأخلاقية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬هذا؟‭! ‬وهل‭ ‬هناك‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬يراد‭ ‬لها‭ ‬الاستمرار‭ ‬وبشكل‭ ‬وحشي‭ ‬وهمجي‭ ‬بغطاء‭ ‬أمريكي‭ ‬وشراكة‭ ‬أمريكية‭ ‬كاملة‭ ‬ضد‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬العالمي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الإصرار‭ ‬على‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬الإبادة‭ ‬المستمرة‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬العامين‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬المصالح‭ ‬الأمريكية‭ ‬الخارجية؟‭! ‬إذًا‭ ‬ما‭ ‬الوساطة‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وتتفاوض‭ ‬حولها‭ ‬لإيقاف‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة؟‭! ‬هل‭ ‬بلغ‭ ‬استخفاف‭ ‬مجرمي‭ ‬الحرب‭ ‬بالعقل‭ ‬الإنساني‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الحد؟‭! ‬

{‭ ‬حيث‭ ‬يتحدث‭ ‬مجرمو‭ ‬الحرب‭ ‬الصهاينة‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬عن‭ ‬الحضارة‭ ‬والديمقراطية‭ ‬والإنسانية‭ ‬فيما‭ ‬يواصلون‭ ‬جرائمهم‭ ‬الكبرى‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬ذلك،‭ ‬فاعلم‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬والشعوب‭ ‬المتفرجة‭ ‬على‭ ‬‮«‬الشيزوفرينيا‮»‬‭ ‬قد‭ ‬وصل‭ ‬بها‭ ‬الغثيان‭ ‬أعلى‭ ‬درجاته‭! ‬فهي‭ ‬تراقب‭ ‬كيف‭ ‬تتم‭ ‬ممارسة‭ ‬المنطق‭ ‬المقلوب‭ ‬والمفاهيم‭ ‬المشوهة‭ ‬بدم‭ ‬بارد‭ ‬على‭ ‬ألسنة‭ ‬وتصرفات‭ ‬مجرمي‭ ‬الحرب‭ ‬هؤلاء‭! ‬وكيف‭ ‬ينقلب‭ ‬المشهد‭ ‬إلى‭ ‬نقضيه،‭ ‬لأن‭ ‬الخواء‭ ‬العالمي‭ ‬أصبح‭ ‬طاغيا‭! ‬ونظام‭ ‬التفاهة‭ ‬ومعه‭ ‬نظام‭ ‬الهمجية‭ ‬والوحشية‭ ‬أصبح‭ ‬مستشريا‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬القائم‭ ‬وأمام‭ ‬ميكروفونات‭ ‬وإعلام‭ ‬العالم‭ ‬كله،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬ينسى‭ ‬أغلبه‭ ‬أن‭ ‬يصفق‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الوحوش،‭ ‬بل‭ ‬ويروج‭ ‬لخطاباتهم‭ ‬كأخبار‭! ‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا