عالم يتغير

فوزية رشيد
حين يتحدث مجرمو الحرب عن الإنسانية والحضارة!
{ من خطاب مجرمي الحرب في «الكنيست» الصهيوني الأربعاء الماضي وعلى لسان «نتنياهو» الذي وقف خلف الميكروفون، وهو يكيل المدائح للرئيس الأرجنتيني لمواقفه الداعمة للكيان في حرب الإبادة التي يواصل فيها! إلى خطابات «بن غفير» و«سمورتيش»، فإن مجرمي الحرب هؤلاء، يتحدثون عن «حق» الإبادة والاستيطان والفتك اليومي بأرواح العشرات والمئات، بخطاب غرائبي يقلب كعادتهم أي منطق للخير والشر والحق والباطل! في لعبة كلامية تجعل من كل المدنيين (نساء ورجالا وأطفالا ورضع) باعتبارهم، «حماس» وبالتالي قتلهم واجبٌ إنساني للدفاع عن الحياة والحرية والإنسانية وأنهم يهددون العالم! فهؤلاء وحوش وحيوانات يمارسون الإرهاب والقتل والقصف، بل وقتل الأطفال! وهم ضد الحضارة وضد الديموقراطية التي يمثلها الكيان الصهيوني في المنطقة وفي العالم! ومن أراد أن يتأكد من صحة هذا «الخطاب السريالي» فليراجع خطاب «نتنياهو» في «الكنيست» عشية دعوة المعارضة إلى
حله وإجراء انتخابات مبكرة يوم الأربعاء الماضي! فهو يرمي كل جرائم الحرب التي يقوم بها الكيان على ضحاياه في القطاع والضفة! ويعتبر الجميع هناك ومن دون استثناء مجرمي حرب وقتلة ووحوش!
{ الذي يستمع إلى مثل هذا الخطاب يدرك جيداً أن حالة انفصام خطير «قد أصاب قادة الإبادة الجماعية، لكي يلقوا على ضحاياهم كل شرورهم وجرائم الحرب التي يرتكبونها! بل حتى أنهم يستخدمون ألفاظًا مثل الوحشية والهمجية والبربرية التي يصفهم بها كل شعوب العالم، على أنها صفات الفلسطينيين أو الحيوانات في توصيف آخر! والغريب أن الإعلام العالمي بل وحتى العربي ينقل تلك الخطابات مباشرة، ويتم تحليلها والتعليق عليها وكأنها خطابات «طبيعية» بدليل الإصرار على نقلها مباشرة ثم اقتطاف أجزاء منها كأخبار عاجلة!
فيا ترى ما الذي حدث من إفساد للعقل الإعلامي، لكي يجعل من مجرمي الحرب باعتراف كل الشعوب، خطباء للإنسانية وللحضارة والديموقراطية والفضيلة، في الوقت الذي لا تتوقف فيه جرائم حربهم حتى يوم واحد؟!
{ من جانب آخر الولايات المتحدة الشريك الكلي لحرب الإبادة الجماعية، لا تكتفي بالفيتو ضد (14) عضوًا في مجلس الأمن يريدون بشكل جماعي وأعضاء مجلس الأمن هذا (15عضوًا دائمًا) أن تتوقف الحرب في غزة، ويتم السماح بإدخال المساعدات الغذائية وعدم استخدام التجويع كجريمة حرب إضافية أو كسلاح حرب، ليأتي بعدها الرئيس غريب الأطوار «ترامب» فتعلن إدارته في واشنطن أنها تعارض أية خطوات من شأنها الاعتراف بدولة فلسطينية، ويسعى الرئيس الأمريكي إلى ثني الحكومات في أنحاء العالم عن حضور مؤتمر الأمم المتحدة الأسبوع المقبل في نيويورك، بشأن حل محتمل قائم على دولتين بين الكيان الصهيوني والفلسطينيين! فالولايات المتحدة تعلن بذلك وبشكل صريح أنها ضد حل الدولتين!، وضد أي حل للقضية الفلسطينية ووقف الإبادة، بل وأرسلت الإدارة الأمريكية (برقية) إلى كل الدول التي تريد المشاركة، تحذرها فيها من اتخاذ إجراءات معادية للكيان الصهيوني، باعتبار أن حل الدولتين والسعي إلى السلام تصرف معاد لدولة الاحتلال التي تواصل الإبادة الجماعية! بل يصل التهديد الأمريكي للدول، وكما فعلت مع «الجنائية الدولية» بفرض عقوبات! لأنها تتصرف على نحو يتعارض مع مصالح السياسة الخارجية الأمريكية ولذلك ستواجه «عواقب دبلوماسية» من الولايات المتحدة!
{ هل هناك من تلاعب بالمنطق الدولي والمبادئ الدولية ومبادئ القانون الدولي والحقوق الإنسانية والقيم الأخلاقية أكثر من هذا؟! وهل هناك جرائم حرب يراد لها الاستمرار وبشكل وحشي وهمجي بغطاء أمريكي وشراكة أمريكية كاملة ضد الرأي العام العالمي أكثر من هذا الإصرار على الاستمرار في الإبادة المستمرة ما يقارب العامين باسم «المصالح الأمريكية الخارجية؟! إذًا ما الوساطة التي تقوم بها الولايات المتحدة وتتفاوض حولها لإيقاف الحرب في غزة؟! هل بلغ استخفاف مجرمي الحرب بالعقل الإنساني إلى هذا الحد؟!
{ حيث يتحدث مجرمو الحرب الصهاينة سواء في الكيان الصهيوني أو في الولايات المتحدة أو في الغرب عن الحضارة والديمقراطية والإنسانية فيما يواصلون جرائمهم الكبرى ضد كل ذلك، فاعلم أن العالم والشعوب المتفرجة على «الشيزوفرينيا» قد وصل بها الغثيان أعلى درجاته! فهي تراقب كيف تتم ممارسة المنطق المقلوب والمفاهيم المشوهة بدم بارد على ألسنة وتصرفات مجرمي الحرب هؤلاء! وكيف ينقلب المشهد إلى نقضيه، لأن الخواء العالمي أصبح طاغيا! ونظام التفاهة ومعه نظام الهمجية والوحشية أصبح مستشريا في النظام الدولي القائم وأمام ميكروفونات وإعلام العالم كله، الذي لا ينسى أغلبه أن يصفق لهؤلاء الوحوش، بل ويروج لخطاباتهم كأخبار!
إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك