عالم يتغير

فوزية رشيد
من «مادلين» إلى المسيرة الشعبية العالمية!
{ حين انطلقت السفينة «مادلين» أو سفينة الحرية من جزيرة صقلية جنوبي إيطاليا وعلى متنها 12 ناشطاً دوليا، لكسر الحصار عن غزة وإيصال المساعدات الإنسانية، فإنها حين وصلت إلى شواطئ غزة أحاطت بها قوارب دولة الاحتلال الصهيوني، وسيطرت على السفينة قبل وصولها إلى القطاع القوات، واحتجزت قوات الاحتلال طاقم السفينة وسحبتها إلى ميناء أسدود، تمهيداً للتحقيق معهم وإرسالهم إلى دولهم! في مشهد أعاد إلى الأذهان أحداث سفينة «مرمرة» التركية عام 2010! فالحصار من كيان الاحتلال مستمر منذ زمن طويل، وتفاقم هذه المرة في ظل التدمير الشامل والتجويع وذات الممارسات الوحشية تجاه من يحاول كسر الحصار من الشعوب، بعد أن واصلت حكومات العالم عدم اتخاذ أي تدابير لإيقاف حرب الإبادة أو إيقاف الحصار والتجويع!
{ في ذات الوقت انطلقت «قافلة الصمود« الشعبية من الجزائر مروراً بتونس وليبيا ثم مصر وصولاً إلى معبر رفح لذات الغاية وهي كسر الحصار عن قطاع غزة، تضامنا مع الشعب الفلسطيني، والقافلة تضم آلاف المتطوعين في رحلة تاريخية، تنبئ بدورها عن حجم ما ترتكبه دولة الاحتلال من جرائم يومية وشهداء بالعشرات والمئات كل يوم، وتحوّل تقديم المساعدات الضئيلة وسط الأسلاك الشائكة لمصائد للجوعى الذين يتم استهدافهم من اللجنة الأمريكية «الإسرائيلية» باسم تقديم المساعدات!
{ «المسيرة الشعبية العالمية» نحو غزة من 12 إلى 20 يونيو، هي بدورها نتاج التعبئة العالمية، التي أطلقها العديد من الهيئات الشعبية الدولية في أكثر من (32 دولة) للانطلاق نحو غزة بعد تجمع المشاركين في القاهرة، مما يوضح أن شعوب العالم مع صمت الدول، تريد ممارسة الضغط الشعبي «الميداني»، لإيقاف حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، وكسر أجندة التجويع التي يمارسها الاحتلال كأكبر جريمة حرب ضد المدنيين، والمطالبة بوقف الحصار الصهيوني على غزة وإيقاف الهمجية منذ أكثر من 600 يوم متواصلة! بأطنان من القنابل والصواريخ والقذائف الأمريكية والغربية التي دمرت كل غزة، في مشهد هولوكوست دموي على مرأى ومسمع العالم!
{ الحراك الشعبي العالمي الميداني، بدأت قوافله تسير نحو غرة، وهو الحراك الذي سيتصاعد طالما حكومات العالم تقف عاجزة ومتفرجة أو متواطئة مع حرب الإبادة الهمجية والعلنية منذ ما يقارب العامين، بحسب تصريحات المشرفين على الحراك، والهدف وقف الحرب وكسر الحصار والتجويع والإبادة والتطهير العرقي، خاصة أن تصريحات دولة الاحتلال بدعم أمريكي أوروبي تهدد باستمرار الحرب لفترة مفتوحة حتى النصر الشامل! والنصر الشامل يحمل في طياته معنى قتل وإبادة كل أهل غزة والضفة! واستلامهما كأرض محروقة خالية من البشر! وتحقيق مخطط الدولة اليهودية والاستيلاء على الثروات من الغاز والموقع والثروات الطبيعية الأخرى!
{ القوافل المشاركة من أكثر من 32 دولة، من المخطط لها بعد تجمعها في القاهرة، الانطلاق نحو مدينة «العريش» ثم متابعة المسيرة سيرا على الأقدام نحو معبر رفح الحدودي مع غزة، وإقامة خيام احتجاجية، بحسب منظمي الفعالية وممثليها من غالبية دول أوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية، إضافة إلى دول عربية وآسيوية، ما يعكس الزخم الشعبي الدولي المتنامي لدعم القضية الفلسطينية، وقد تقدمت «قافلة الصمود» الجزائرية القوافل المشاركة يوم الأحد الماضي، والرسالة من أحرار العالم تقول (لستم وحدكم ونحن معكم أهل فلسطين في الألم والمعاناة).
{ من «سفينة الضمير» التابعة للجنة الدولية، والتي هوجمت بطائرة مسيرة صهيونية قبل فترة، إلى «سفينة الحرية» التي تم احتجاز نشطائها قبل يومين، إلى المسيرة الشعبية العالمية، إلى كل ما ضجت به وسائل التواصل الاجتماعي من مواقف فنانين ومثقفين ومفكرين وساسة من كل دول العالم، يسجل التاريخ هذا الحراك الشعبي العالمي ضد الكيان الصهيوني، الذي بات مكروها ومنبوذاً من كل الشعوب بعد انكشاف حجم همجيته وعنصريته وفاشيته وجرائم الحرب التي يرتكبها يومياً، ولم يشهد لها التاريخ مثيلاً، بل وإصراره على الاستمرار مستهزئا بالقانون الدولي والشرائع الإنسانية، وعجز كل دول العالم لإيقاف الحرب في ظل «الفيتو الأمريكي» الأخير! بما يوضح أنها حرب إبادة أمريكية بالدرجة الأولى، وإن تم تنفيذها بيد دولة الاحتلال الصهيوني!
{ العالم سئم من حجم القتل اليومي وهمجية الإبادة المنقولة على الفضائيات كل ساعة، والشعوب كلها تعانق لحظة الحقيقة، وتطالب دول الدعم بوقف تسليح هذا الكيان الشيطاني، ومثلما تدعو العالم بدعم الصمت وكسر حاجز الخوف من اتخاذ الموقف تجاه هذا الكيان، الذي سقط في امتحان كل المعايير الدولية والإنسانية والقانونية والأخلاقية، بما يجعل وجوده وجوداً إرهابيا، وخطره يشمل العالم كله وهو يستند على جدار «الصهيونية العالمية»، التي بدأت كل شعوب العالم تصحو على ما تسببه من مخاطر للبشرية كلها وليس فقط لقطاع غزة أو الضفة! شعوب العالم تتحرك ويتصاعد تحركها، فمتى تتحرك الشعوب العربية والإسلامية لتقود حراكها الخاص والفعّال، بحكم تعاليم الدين والإنسانية والأخلاق؟
إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك