عالم يتغير

فوزية رشيد
هو كيان غير قابل للسلام مهما فعلتم!
{ في الوقت الذي تستمر بل تتصاعد آليات حرب الإبادة في غزة، حتى وصلت إلى استهداف مراكز تقديم المساعدات الضئيلة للذين يقتلهم الجوع والقصف معا! فإن هذا الكيان وحكومة احتلاله لفلسطين، ولما تبقى منها في الضفة وغزة، تواصل رفضها للسلام الذي تقوده السعودية منذ 2002 وللمبادرة السعودية التي أصبحت لاحقا المبادرة العربية، والقائمة على الاعتراف بدولة فلسطينية في حدود 1967، والقدس الشرقية عاصمتها، مما يضع العرب والعالم مع هذا الرفض أمام استمرار الإبادة والاستيطان والتجويع، دون توقف حتى بعد مرور كل الأشهر الطويلة منذ أكتوبر 2023! وكأنها تقول للعرب وللعالم كله: «أنا ماضية في الإبادة وفي الاحتلال والاستيطان، ولا أعبأ بأي قانون دولي أو شريعة إنسانية أو أخلاقية»! بل إن وزير الدفاع لدولة الاحتلال «يسرائيل كاتس» قال الجمعة الماضية وبوقاحة: «إن إسرائيل ستبني، الدولة اليهودية الإسرائيلية في الضفة الغربية»! وبالطبع تعمل على إعادة احتلال غزة بالكامل لتحقيق الدولة اليهودية كما يريدها الإرهابيون الصهاينة!
{ الوفد الوزاري العربي المنبثق عن اللجنة الوزارية العربية - الإسلامية المشتركة بشأن غزة، كان عازما على زيارة رام الله، ولكن الكيان رفض دخول الوفد الأحد الماضي، بما (يمثل خرقا فاضحا لالتزامات الكيان بصفته القوة القائمة بالاحتلال) وفقا للخارجية الأردنية، وأضاف البيان: «يعكس الرفض حجم الغطرسة وعدم الاكتراث بالقانون الدولي»، وهو الأمر الذي بات العالم كله يعرفه حق المعرفة!
ولكن المعضلة الرئيسية في المنطقة العربية وفي العالم الذي اعترفت نحو (150 دولة) من دوله بفلسطين، وهو عدد قابل للزيادة، هو أن هذا الكيان الغاصب والمحتل، لا يقبل السلام ويرفض تماما قيام دولة فلسطينية، لأنه يريد تهويد فلسطين بالكامل! فيما السعودية تؤكد أهمية حل الدولة الفلسطينية، إذا أراد العالم الأمن والاستقرار في المنطقة! وبذلك نصل إلى جذور العقدة الأساسية منذ عقود طويلة، وهي أن الرؤية الصهيونية للكيان تريد سلاما مجانيا مع العرب، ليس فقط بعدم قبول حل الدولتين، وإنما تعمل على القضاء النهائي على القضية الفلسطينية، وتهجير كل الفلسطينيين إلى خارج فلسطين، بل والتوسع نحو الجغرافيا العربية، وتسمى القبول العربي بكل ذلك هو قبول بالسلام الذي تريده! أي أنها تريد الاستسلام الفلسطيني والعربي وليس السلام!
{ ولذلك فإن العرب أمام موقف، لن يتمكن فيه الدفع نحو سلام عادل بحسب الرؤية السعودية، التي ستترأس مع فرنسا مؤتمراً دولياً مشتركاً في نيويورك في 18 يونيو الحالي في مقر الأمم المتحدة، الذي قد ينتج عنه اعتراف مزيد من دول العالم بدولة فلسطينية، ولكن أمام الغطرسة الفاضحة للكيان الصهيوني لن ينتج عنه حل للقضية الفلسطينية، وخاصة أن الطرف الأمريكي، هو الذي يملك بيده مفتاح الضغط على الكيان، ولكنه لم يفعل ذلك طوال شهور الإبادة! ولن يفعل ذلك لدفع الكيان الغاصب للقبول بالحل العربي الذي طرحته وتطرحه المبادرة العربية!
{ ودول العالم التي لم تتمكن بدورها من إيقاف حرب الإبادة، ما عدا الإدانات القانونية والسياسية والأخلاقية لبعضها، فإن حتى اعترافها جميعاً بالدولة الفلسطينية، سيكون في النهاية اعترافاً أخلاقياً أو إنسانياً، ولكن ليس له مصداقية أو فاعلية لفرضه على أرض الواقع! وبذلك تستمر الإبادة! وخاصة مع فشل المفاوضات والمقترحات التي لا تصل إلى وقف دائم للحرب في غزة! ليكون البديل هو الاستمرار في المجازر وجرائم الحرب والدوس على القانون الدولي والإنساني وكل ما هو أخلاقي، والذي جعل شعوب العالم وأغلبها في الغرب، تضج من الوحشية المتصاعدة كل يوم في قتل الأطفال والأبرياء والمرضى، وإبادتهم ليس بالقصف وحده، وإنما بالتجويع القاسي لدفعهم إلى ترك أرضهم وتهجيرهم!
{ عقدة المنشار هي في الموقف الأمريكي والغربي الداعم لهذا الكيان رغم كل جرائمه ضد الإنسانية، ورغم رفض الشعوب الغربية اليوم في تحوّل لافت ضد الكيان لاستمرار الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، وطالما استمر هذا الدعم المطلق خاصة الأمريكي، وإمداد الكيان بكل أشكال أسلحة الفتك والإبادة، فإن لا أمل في السلام أو الاستقرار أو الأمن في المنطقة العربية! ومثله بالنسبة إلى الكيان المجرم رغم كل ما يرتكبه حتى الآن ومنذ 1948 من مجازر وجرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني!
{ هو (كيان غير قابل للسلام) أو التعايش مهما اتخذ العرب من مواقف سياسية أو دبلوماسية من أجل هذا السلام! هذا كيان انتهت صلاحية رؤى السلام الحقيقي بالنسبة إليه، وكشر عن أنيابه واستمراره في التطهير العرقي والإبادة والتهجير، من أجل تهويد كامل فلسطين بل والتوسع نحو بلدان عربية أخرى! وهذا يعني أن المؤتمرات والمفاوضات بالنسبة إليه، هي مجرد ساحة مفتوحة للمماطلة وتضييع الوقت والنفاق الإعلامي أمام العالم الذي أصبح ينبذه ويكرهه ككيان وكما لم يحدث قط منذ نشوئه في 1948!
{ الرسالة العربية والإسلامية والدولية يجب أن يتم توجيهها إلى الولايات المتحدة والدول الغربية الداعمة للكيان وجرائمه، وليس للكيان اللقيط نفسه! وطالما استمرت تلك الجهات بدعمه رغم الضجيج العالمي حوله، فإن الكيان مستمر في فرض مشروعه الصهيوني في ابتلاع كامل فلسطين وتهجير شعبه، بل والتوسع نحو دول عربية أخرى! ولهذا فإن أي وجهة نظر تعتمد المنطق والحق والقانون الدولي والإنساني والأخلاقي، ستبقى حبراً على ورق إن لم يستخدم العرب والمسلمون معاً كل أوراق الضغط التي بيدهم، ليس تجاه الكيان وحده، وإنما تجاه الولايات المتحدة والدول الغربية الداعمة له! وحيث بدعمها وحده وبضعف العرب والمسلمين يستمر هذا الكيان في مشروعه للقتل والإبادة والتطهير العرقي والتوسعي بل في الوجود! نعم العالم كله بشعوبه ضد الكيان، ولكن كيف الخروج من مأزق هو الأخطر لتصفية القضية الفلسطينية وشعبها، فيما العرب يتحركون للسلام دون استخدام كامل أوراق القوة لديهم؟! إنه سؤال المليون!
إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك