العدد : ١٧٢٣٦ - الأحد ٠١ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٥ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٣٦ - الأحد ٠١ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٥ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

بقعة ضوء يطمسها الظلام!

{‭ ‬والعالم‭ ‬بدوله‭ ‬وشعوبه‭ ‬يتابع‭ ‬من‭ ‬كثب‭ ‬وبشكل‭ ‬يومي،‭ ‬السلوكيات‭ ‬الظلامية‭ ‬المستمرة‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬المحتلة،‭ ‬فيما‭ ‬يتباهى‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬بسيره‭ ‬في‭ ‬النفق،‭ ‬تحت‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬والقدس،‭ ‬وتجمُّع‭ ‬المتطرفين‭ ‬والإرهابيين‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬المقدس‭ ‬الإسلامي،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬ضجّ‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬بمشاهد‭ ‬الإبادة‭ ‬اليومية‭ ‬المستمرة،‭ ‬وبمخطط‭ ‬التجويع‭ ‬حتى‭ ‬الموت،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬القصف‭ ‬المستمر‭ ‬حتى‭ ‬لمراكز‭ ‬الإيواء‭ ‬وقتل‭ ‬الأطفال‭ ‬والمدنيين‭ ‬بمعدّل‭ ‬يومي‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬العشرات‭ ‬والمئات‭! ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬‮«‬جوتيريش‮»‬‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬يندّد‭ ‬بـ‭ (‬الفترة‭ ‬الأكثر‭ ‬وحشية‭) ‬في‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬ولكأن‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الأكثر‭ ‬وحشية‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البشرية‭!‬،‭ ‬ومجلس‭ ‬أوروبا‭ ‬يقول‭ ‬بدوره‭: (‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬يرقى‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭)‬،‭ ‬ونقول‭ ‬لهم‭ ‬‮«‬صح‭ ‬النوم‮»‬‭ ‬فقد‭ ‬مضى‭ ‬على‭ ‬الإبادة‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬العامين؟

وهي‭ ‬مستمرة‭ ‬بسبب‭ ‬الدعم‭ ‬الأوروبي‭ ‬بقواه‭ ‬الكبرى‭ ‬القيادية،‭ ‬والدعم‭ ‬الأمريكي‭! ‬فيما‭ ‬‮«‬الأونروا‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تمّ‭ ‬قتل‭ ‬دورها‭ ‬الإنساني‭ ‬والخدماتي‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬وكل‭ ‬مكان‭ ‬وكبت‭ ‬صوتها‭ ‬أينما‭ ‬وُجدت‭ ‬تصرخ‭: (‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬يموتون‭ ‬جوعًا‭ ‬أو‭ ‬قصفًا‭)!‬،‭ ‬بل‭ ‬بسبب‭ ‬نقص‭ ‬الغذاء‭ ‬تتصاعد‭ ‬حالات‭ ‬الإجهاض‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬التجويع‭ ‬الممنهج‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬قتل‭ ‬الأجنة‭ ‬في‭ ‬بطون‭ ‬أمهاتهم‭!‬

بينما‭ ‬‮«‬أسوشييتد‭ ‬برس‮»‬‭ ‬تؤكد‭ ‬وجود‭ ‬أوامر‭ ‬عليا‭ ‬للجنود‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬باستخدام‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬دروعًا‭ ‬بشرية‭!‬

{‭ ‬وبكل‭ ‬ذلك‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬ظلامية‭ ‬العصر‭ ‬الجديد،‭ ‬واكتشافه‭ ‬لأي‭ ‬بقعة‭ ‬ضوء‭ ‬قد‭ ‬تجعل‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬الوحشية‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬تتوقف،‭ ‬ولكن‭ ‬هيهات،‭ ‬وباسم‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬حماس‭ ‬يتم‭ ‬إبادة‭ (‬2‭ ‬مليون‭ ‬وربع‭ ‬مليون‭) ‬فلسطيني‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬والدور‭ ‬قادم‭ ‬على‭ ‬الضفة‭! ‬إلاّ‭ ‬أن‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وبعد‭ ‬تصاعد‭ ‬الضغوط‭ ‬الشعبية‭ ‬والرسمية‭ ‬الدولية‭ ‬يقبل‭ ‬على‭ ‬مضض‭ ‬بسماحه‭ ‬بدخول‭ ‬المساعدات‭ ‬القليلة‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يموت‭ ‬الناس‭ ‬جوعًا،‭ ‬ولتواصل‭ ‬حربها‭ ‬في‭ ‬الإبادة‭ ‬أثناء‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭! ‬أي‭ ‬المطلوب‭ ‬عالميًّا‭ ‬هدنة‭ ‬لإدخال‭ ‬المساعدات‭!‬

‭ ‬ولكي‭ ‬تتلاشى‭ ‬الضغوط‭ ‬يقبل‭ ‬الكيان‭ ‬بدخول‭ ‬مساعدات‭ ‬طفيفة،‭ ‬مما‭ ‬اعتقد‭ ‬العالم‭ ‬حولها‭ ‬أن‭ ‬أخيرًا‭ ‬هناك‭ ‬بقعة‭ ‬ضوء‭ ‬في‭ ‬ظلام‭ ‬الوحشية‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬البشري‭!‬

إلاّ‭ ‬أن‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬يطمس‭ ‬الظلام‭ ‬مجددًا‭ ‬بقعة‭ ‬الضوء‭ ‬تلك‭! ‬فالمساعدات‭ ‬المسموحة‭ ‬هي‭ ‬قليلة‭ ‬جدًا،‭ ‬والممرات‭ ‬للشاحنات‭ ‬القليلة‭ ‬غير‭ ‬آمنة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬استمرار‭ ‬القصف‭! ‬والغزاويون‭ ‬المصرية‭ ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬يتسلموها‭ ‬في‭ ‬بقعة‭ ‬أضيق‭ ‬من‭ ‬الضيق‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬غزة‭ ‬أو‭ ‬جنوب‭ ‬رفح‭ ‬وقرب‭ ‬الحدود‭ ‬المصرية‭!‬،‭ ‬وكأنه‭ ‬حشر‭ ‬يوم‭ ‬القيامة،‭ ‬لدفعهم‭ ‬بسبب‭ ‬الجوع‭ ‬إلى‭ ‬الخروج‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬نحو‭ ‬الحدود‭! ‬في‭ ‬عملية‭ ‬مدروسة‭ ‬للتهجير‭ ‬بعد‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬80%‭ ‬من‭ ‬أرض‭ ‬القطاع‭! ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الشاحنات‭ ‬القليلة‭ ‬نفسها‭ ‬تتم‭ ‬سرقتها‭ ‬لكي‭ ‬تصبح‭ ‬المساعدات‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬أندر‭ ‬من‭ ‬النُدرة‭ ‬نفسها‭! ‬وما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬سرقة‭ ‬23‭ ‬شاحنة‭ ‬والاتهامات‭ ‬تحاصر‭ ‬الكيان‭ ‬حول‭ ‬اختفائها‭! ‬بل‭ ‬إن‭ ‬حرامية‭ ‬المساعدات‭ ‬يقومون‭ ‬بالسرقة‭ ‬بتغطية‭ ‬من‭ ‬الجيش‭ ‬الصهيوني‭ ‬نفسه‭!‬

{‭ ‬زد‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬المنظمة‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬أو‭ ‬تشرف‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬الطفيف‭ ‬من‭ ‬المساعدات‭ ‬هي‭ ‬‮«‬منظمة‭ ‬أمريكية‮»‬‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬خاصة‭ ‬مجهولة‭ ‬تنتمي‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬عرفناه‭ ‬عن‭ (‬BLACK‭ ‬WATER‭) ‬من‭ ‬مرتزقة‭ ‬قتل‭ ‬في‭ ‬العراق‭! ‬وتدور‭ ‬حولها‭ ‬الشبهات‭ ‬بأنها‭ ‬تابعة‭ ‬للـ‭ (‬C‭.‬I‭.‬A‭) ‬و«الموساد‮»‬‭! ‬وثبت‭ ‬أنها‭ ‬تقوم‭ ‬برصد‭ ‬الغزاويين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أخذها‭ ‬لبصمات‭ ‬عيونهم‭ ‬وبإجراءات‭ ‬‮«‬أمنية‮»‬‭ ‬أخرى‭ ‬مشدّدة‭! ‬وحيث‭ ‬ذلك‭ ‬يتم‭ ‬وسط‭ ‬تدافع‭ ‬الناس‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬ينقذهم‭ ‬من‭ ‬الموت‭ ‬جوعًا‭! ‬ولكن‭ ‬المنظمة‭ ‬تدور‭ ‬حولها‭ ‬شبهات‭ ‬أخرى،‭ ‬غير‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬الإعانة‭ ‬الغذائية،‭ ‬فإن‭ ‬مرتزقتها‭ ‬جاؤوا‭ ‬لدفع‭ ‬الغزاويين‭ ‬للتهجير،‭ ‬حتى‭ ‬يخلو‭ ‬القطاع‭ ‬منهم‭! ‬وبذلك‭ ‬فإن‭ ‬بقعة‭ ‬الضوء‭ ‬التي‭ ‬غطَّاها‭ ‬ظلام‭ ‬الوحشية‭ ‬الدامس،‭ ‬يستغل‭ ‬الجوع‭ ‬القاتل‭ ‬لأهالي‭ ‬القطاع‭ ‬لتنفيذ‭ ‬مخطط‭ ‬التهجير‭ ‬من‭ ‬جهته،‭ ‬ولحصرهم‭ ‬أمنيًّا‭ ‬قرب‭ ‬الحدود‭ ‬المصرية‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬مراقبة‭ ‬تجسسية‭ ‬ممنهجة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭!‬

مما‭ ‬يجعل‭ ‬الجوع‭ ‬سلاحًا‭ ‬فتاكًا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬القصف‭ ‬المستمر‭!‬

{‭ ‬هكذا‭ ‬يتمّ‭ ‬التلاعب‭ ‬الأمريكي‭ ‬ومن‭ ‬جانب‭ ‬الكيان‭ ‬بجوع‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬والمدنيين،‭ ‬لصناعة‭ ‬أزمات‭ ‬وصراعات‭ ‬إضافية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الجوع‭ ‬الكافر‭ ‬والقصف‭ ‬المستمر‭ ‬والمجازر‭ ‬الكارثية،‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬الأطفال‭ ‬وأهاليهم‭ ‬وهم‭ ‬نائمون‭! ‬فإذا‭ ‬بهم‭ ‬ينتقلون‭ ‬إلى‭ ‬السماء‭ ‬معًا،‭ ‬فلا‭ ‬رحمة‭ ‬هنا‭! ‬ولا‭ ‬إنسانية،‭ ‬ولا‭ ‬عدالة،‭ ‬ولعل‭ ‬الأطفال‭ ‬التسعة‭ ‬للفلسطينية‭ ‬الممرضة‭ ‬‮«‬آلاء‮»‬‭ ‬الذين‭ ‬استشهدوا‭ ‬في‭ ‬ثوانٍ‭ ‬معدودة‭ ‬بقصف‭ ‬على‭ ‬منزلهم‭ ‬وأمهم‭ ‬تعالج‭ ‬الضحايا،‭ ‬فإذا‭ ‬بها‭ ‬تتسلم‭ ‬جثث‭ ‬أطفالها‭ ‬التسعة،‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يتجاوز‭ ‬أكبرهم‭ ‬عامه‭ ‬الثاني‭ ‬عشر،‭ ‬هو‭ ‬خير‭ ‬مثال‭ ‬على‭ ‬الظلامية‭ ‬والوحشية‭ ‬والهمجية،‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يشهد‭ ‬لها‭ ‬العالم‭ ‬مثيلاً‭!‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬كل‭ ‬ذلك،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬قانون‭ ‬دولي،‭ ‬ولا‭ ‬نظام‭ ‬دولي،‭ ‬ولا‭ ‬إنسانية‭ ‬دولية،‭ ‬يستمر‭ ‬الظلام‭ ‬الدامس‭ ‬ليغطي‭ ‬سماء‭ ‬العالم‭ ‬كله،‭ ‬فيما‭ ‬يستمر‭ ‬الإعلاميون‭ ‬عربًا‭ ‬وأجانب‭ ‬في‭ ‬تحليل‭ ‬بارد،‭ ‬لا‭ ‬ماء‭ ‬للوجه‭ ‬فيه،‭ ‬حول‭ (‬المفاوضات‭ ‬العقيمة‭) ‬لوقف‭ ‬الحرب‭! ‬وحول‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬ومسؤولية‭ ‬المقاومة‭! ‬فيما‭ ‬ظلام‭ ‬الوحشية‭ ‬يختبئ‭ ‬فيها‭ ‬‮«‬الكيان‮»‬‭ ‬ويتنفس‭ ‬الصعداء‭ ‬مع‭ ‬تلك‭ ‬التحليلات‭ ‬الجليدية‭ ‬المتراكمة،‭ ‬فالعقول‭ ‬تصهينت‭ ‬جيدًا‭ ‬والمنطق‭ ‬الذي‭ ‬يحكمها‭ ‬يردّد‭ ‬ذات‭ ‬المقولات‭ ‬الصهيونية‭! ‬وأثناء‭ ‬ذلك‭ ‬يجهزّ‭ ‬الكيان‭ ‬نفسه‭ ‬للمجازر‭ ‬القادمة‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا