العدد : ١٧٢٤١ - الجمعة ٠٦ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٠ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٤١ - الجمعة ٠٦ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٠ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

اطلالة

هالة كمال الدين

halakamal99@hotmail.com

العِبرة بالكيف وليس بالكم

مؤخرا‭ ‬تقدمت‭ ‬النائب‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬المصري‭ ‬آمال‭ ‬عبدالحميد‭ ‬باقتراح‭ ‬برغبة‭ ‬الى‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬ووزير‭ ‬الاستثمار‭ ‬بشأن‭ ‬تقليص‭ ‬أيام‭ ‬الإجازات‭ ‬الرسمية‭ ‬بمقدار‭ ‬50‭ ‬يوما‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬إجمالي‭ ‬الإجازات‭ ‬البالغ‭ ‬عددها‭ ‬104‭ ‬أيام‭ ‬سنويا،‭ ‬وذلك‭ ‬بدعوى‭ ‬تأثيراتها‭ ‬السلبية‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬القومي‭ ‬وتسببها‭ ‬في‭ ‬تعطيل‭ ‬عجلة‭ ‬العمل‭ ‬والإنتاج،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أقام‭ ‬الدنيا‭ ‬ولم‭ ‬يقعدها‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬مؤيد‭ ‬ومعارض‭.‬

في‭ ‬تقرير‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتنمية‭ ‬‮«‬أو‭ ‬آي‭ ‬سي‭ ‬دي‮»‬‭ ‬تم‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬التفاوت‭ ‬العالمي‭ ‬اللافت‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬ساعات‭ ‬العمل‭ ‬السنوية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قسمة‭ ‬إجمالي‭ ‬عدد‭ ‬ساعات‭ ‬العمل‭ ‬الفعلية‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬العاملين‭ ‬مع‭ ‬استثناء‭ ‬فترات‭ ‬الإجازات‭ ‬الرسمية‭ ‬والمرضية‭ ‬والسنوية‭.‬

لقد‭ ‬كشف‭ ‬التقرير‭ ‬عن‭ ‬فجوات‭ ‬واسعة‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬تتبنى‭ ‬نظم‭ ‬عمل‭ ‬مرنة‭ ‬وأخرى‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬ساعات‭ ‬عمل‭ ‬طويلة،‭ ‬حيث‭ ‬تصدرت‭ ‬دولة‭ ‬المكسيك‭ ‬القائمة‭ ‬كأكثر‭ ‬دولة‭ ‬يعمل‭ ‬فيها‭ ‬الموظفون‭ ‬ساعات‭ ‬طويلة‭ ‬بمتوسط‭ ‬سنوي‭ ‬بلغ‭ ‬2257‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬43‭ ‬ساعة‭ ‬أسبوعيا،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬تصدرت‭ ‬دولة‭ ‬ألمانيا‭ ‬الدول‭ ‬الأقل‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬ساعات‭ ‬العمل‭ ‬بمتوسط‭ ‬سنوي‭ ‬لم‭ ‬يتجاوز‭ ‬1356‭ ‬ساعة،‭ ‬أي‭ ‬بنحو‭ ‬26‭ ‬ساعة‭ ‬أسبوعيا‭ ‬فقط‭.‬

تلك‭ ‬الأرقام‭ ‬إنما‭ ‬تؤكد‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬إليه‭ ‬الخبراء‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬ساعات‭ ‬العمل‭ ‬لا‭ ‬يعكس‭ ‬بالضرورة‭ ‬الإنتاجية‭ ‬أو‭ ‬جودة‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مجتمع،‭ ‬فالدول‭ ‬التي‭ ‬تقل‭ ‬فيها‭ ‬ساعات‭ ‬العمل‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬تتمتع‭ ‬بأنظمة‭ ‬اجتماعية‭ ‬متقدمة‭ ‬ومستويات‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬الرفاه،‭ ‬بينما‭ ‬تعكس‭ ‬ساعات‭ ‬العمل‭ ‬الطويلة‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬تحديات‭ ‬اقتصادية‭ ‬أو‭ ‬ثقافية‭ ‬تتعلق‭ ‬بسوق‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬مستويات‭ ‬الدخل‭.‬

من‭ ‬هنا‭ ‬تبقى‭ ‬الرسالة‭ ‬الأبرز‭ ‬التي‭ ‬خلص‭ ‬إليها‭ ‬ذلك‭ ‬التقرير‭ ‬المشار‭ ‬إليه‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬تقليل‭ ‬عدد‭ ‬ساعات‭ ‬العمل‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬تراجعا‭ ‬في‭ ‬الأداء،‭ ‬بل‭ ‬قد‭ ‬يرتبط‭ ‬بتحقيق‭ ‬توازن‭ ‬صحي‭ ‬ومستدام‭ ‬بين‭ ‬العمل‭ ‬والحياة‭ ‬الشخصية،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬تتسارع‭ ‬فيه‭ ‬وتيرة‭ ‬الحياة‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬يشعر‭ ‬معها‭ ‬الكثيرون‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬بأنهم‭ ‬يقضون‭ ‬معظم‭ ‬أوقاتهم‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬وأن‭ ‬عطلات‭ ‬نهاية‭ ‬الأسبوع‭ ‬لا‭ ‬تكفي‭ ‬للراحة‭ ‬وإعادة‭ ‬شحن‭ ‬طاقتهم‭.‬

بمعنى‭ ‬آخر،‭ ‬ليست‭ ‬العبرة‭ ‬بعدد‭ ‬الساعات‭ ‬التي‭ ‬يقضيها‭ ‬الموظف‭ ‬في‭ ‬عمله،‭ ‬بل‭ ‬بجودة‭ ‬الوقت‭ ‬وحجم‭ ‬إنتاجه‭ ‬وعطائه‭ ‬خلاله،‭ ‬العبرة‭ ‬بالكيف‭ ‬وليس‭ ‬بالكم‭.‬

إقرأ أيضا لـ"هالة كمال الدين"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا