العدد : ١٧٢٢١ - السبت ١٧ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٩ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٢١ - السبت ١٧ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٩ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

وقت مستقطع

علي ميرزا

المنافسة والألقاب

المنافسة‭ ‬على‭ ‬الألقاب‭ ‬ليست‭ ‬شعارا‭ ‬يرفع،‭ ‬ولا‭ ‬حلما‭ ‬يطارده‭ ‬الطموحون‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬مشروع‭ ‬متكامل‭ ‬يتطلب‭ ‬أسسا‭ ‬واضحة‭ ‬ومعطيات‭ ‬واقعية‭ ‬لتحقيقه‭.‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬المنافسة‭ ‬حق‭ ‬مشروع‭ ‬للجميع،‭ ‬ولكن‭ ‬الواقع‭ ‬لا‭ ‬يمنح‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭ ‬إلا‭ ‬لمن‭ ‬امتلك‭ ‬أدواته،‭ ‬وجهز‭ ‬نفسه‭ ‬بمتطلباته،‭ ‬فالطريق‭ ‬إلى‭ ‬المنافسة‭ ‬يستلزم‭ ‬جهدا‭ ‬مضاعفا‭ ‬واستعدادا‭ ‬استثنائيا‭.‬

ويأتي‭ ‬العمل‭ ‬الإداري‭ ‬المحترف‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬مقومات‭ ‬المنافسة،‭ ‬الإدارة‭ ‬التي‭ ‬تمتلك‭ ‬رؤية‭ ‬واضحة،‭ ‬وتعمل‭ ‬وفق‭ ‬خطط‭ ‬استراتيجية‭ ‬قصيرة‭ ‬وطويلة‭ ‬المدى،‭ ‬وتوفر‭ ‬بيئة‭ ‬استقرار‭ ‬إداري‭ ‬وفني،‭ ‬وتحسن‭ ‬استثمار‭ ‬الموارد،‭ ‬وتدعم‭ ‬المنظومة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تدخل‭ ‬سلبي‭ ‬في‭ ‬التفاصيل‭ ‬الفنية،‭ ‬مما‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬الأداء‭ ‬العام‭ ‬للفريق‭ ‬أو‭ ‬المؤسسة‭ ‬الرياضية‭.‬

والاستقرار‭ ‬الفني‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬المقومات،‭ ‬ويشمل‭ ‬وجود‭ ‬جهاز‭ ‬فني‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬صناعة‭ ‬فريق‭ ‬تنافسي،‭ ‬ويعرف‭ ‬كيف‭ ‬يطور‭ ‬اللاعبين،‭ ‬ويقرأ‭ ‬المنافسين،‭ ‬ويتعامل‭ ‬مع‭ ‬الضغوط‭ ‬والظروف‭ ‬المتغيرة‭ ‬خلال‭ ‬الموسم،‭ ‬فالاستقرار‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬الجمود،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬مرونة‭ ‬منظمة‭ ‬تبني‭ ‬وتعدل‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تهدم‭.‬

وتشكل‭ ‬جودة‭ ‬العناصر‭ ‬البشرية‭ ‬حجر‭ ‬الزاوية‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬الألقاب،‭ ‬سواء‭ ‬كانوا‭ ‬لاعبين‭ ‬أو‭ ‬كوادر‭ ‬مساندة،‭ ‬الفريق‭ ‬البطل‭ ‬تعوزه‭ ‬العناصر‭ ‬المتميزة‭ ‬فنياً،‭ ‬والمتمرسة‭ ‬ذهنياً،‭ ‬وتمتلك‭ ‬الطموح‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬التحدي،‭ ‬وتؤمن‭ ‬بقيم‭ ‬الانضباط‭ ‬والروح‭ ‬الجماعية‭.‬

ولا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهل‭ ‬أهمية‭ ‬الاستعداد‭ ‬البدني‭ ‬والنفسي،‭ ‬فالألقاب‭ ‬تحسم‭ ‬في‭ ‬التفاصيل‭ ‬الصغيرة،‭ ‬وغالبا‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬الفارق‭ ‬بين‭ ‬البطل‭ ‬ووصيفه‭ ‬هو‭ ‬قدرة‭ ‬أحدهم‭ ‬على‭ ‬الصمود‭ ‬أكثر،‭ ‬والتركيز‭ ‬تحت‭ ‬الضغط،‭ ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬فإن‭ ‬الإعداد‭ ‬النفسي،‭ ‬وإدارة‭ ‬الطاقة‭ ‬الذهنية‭ ‬والبدنية‭ ‬طوال‭ ‬الموسم،‭ ‬عامل‭ ‬حاسم‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬الجوانب‭ ‬الفنية‭ ‬والمهارية‭.‬

ولا‭ ‬يمكن‭ ‬تهميش‭ ‬الدعم‭ ‬الجماهيري‭ ‬والإعلامي‭ ‬الإيجابي،‭ ‬فالجماهير‭ ‬الواعية‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬الفريق‭ ‬وقت‭ ‬الانتصارات‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬تشكل‭ ‬له‭ ‬حصنا‭ ‬ضد‭ ‬الانتكاسات،‭ ‬وترفع‭ ‬من‭ ‬معنوياته،‭ ‬وتمنحه‭ ‬الثقة،‭ ‬أما‭ ‬الإعلام‭ ‬النزيه،‭ ‬فيسهم‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬في‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الجهود،‭ ‬ويعزز‭ ‬الانتماء‭ ‬ويحفز‭ ‬الجميع‭ ‬على‭ ‬العطاء‭.‬

فثقافة‭ ‬البطولات‭ ‬لا‭ ‬تولد‭ ‬فجأة،‭ ‬بل‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬البناء‭ ‬والعمل‭ ‬الجاد،‭ ‬وغرس‭ ‬الطموح،‭ ‬وتعلم‭ ‬الدروس،‭ ‬فالفريق‭ ‬الذي‭ ‬ينافس‭ ‬بوعي،‭ ‬ويخسر‭ ‬بشرف،‭ ‬ويتعلم‭ ‬من‭ ‬أخطائه،‭ ‬هو‭ ‬الأقرب‭ ‬لأن‭ ‬يتوشح‭ ‬بالألقاب‭ ‬يوما‭ ‬ما‭.‬

 

إقرأ أيضا لـ"علي ميرزا"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا