وقت مستقطع

علي ميرزا
المدرجات بين الصخب والتشجيع
صحيح أن الاتحاد الدولي للكرة الطائرة لم ينص على منع التشجيع أثناء استمرار اللعب، لكنه في الوقت نفسه منح المنظمين الصلاحية لضبط الأجواء، وفي أغلب البطولات المحترفة نجد ضوابط دقيقة تتحكم حتى في أنواع الأبواق ومتى تستخدم.
وفي كل مرة أتابع فيها مباراة للكرة الطائرة ضمن إحدى البطولات العالمية، أجد نفسي مندهشا لانضباط الجمهور، الحماس والولاء حاضران، لكن هناك وعي عميق بأن للتشجيع وقته، وللصمت احترامه، هتافات مدروسة، هدوء أثناء الإرسال، وتصفيق بعد النقطة، أما عندنا في الملاعب العربية بصفة عامة، فالأمر يبدو مغايرا تماما.
صالة المباراة تتحول أحيانا إلى حلبة صخب لا تهدأ، وخاصة عندما تسيطر العشوائية على التشجيع حتى لو كان أثره المباشر تشتيت لاعب أو إفشال لعبة معينة.
شخصيا لست ضد التشجيع، بل أؤمن بأنه جزء أساسي من روح اللعبة، لكنني مؤمن أكثر بأن لكل شيء حدا، ولكل فعل توقيتا، الكرة الطائرة لعبة تعتمد على التركيز اللحظي، على رد الفعل الخاطف، وعلى أعصاب هادئة، والتشويش المستمر ليس تشجيعا، بل إضرار مباشر بمسار المباراة، وهذا الصخب لا يفقد اللاعب توازنه وحده، بل يعكر مزاج المتابع العادي الذي جاء كي يبحث عن لحظات فنية جمالية استمتاعية.
من هذا المنطلق، فالمشكلة ليست في القانون، بل في الذوق والوعي، فملاعب الكرة الطائرة العربية بحاجة إلى جمهور يعرف متى يشجع ومتى يسكت، نحتاج إلى مدرج يرفع من قيمة الأداء، لا أن يقحم نفسه في كل كرة.
الحل ليس مستحيلا، يمكن لأي اتحاد محلي أن يطلق مدونة سلوك للمشجعين، يوضح فيها حدود التشجيع، ويضع آلية للتنبيه أو حتى العقوبة عند التجاوز، ويمكن للأندية نفسها أن تلعب دورا توعويا مع جماهيرها، فترشدهم إلى أساليب التشجيع الذكي، الذي يدعم من دون أن يضر.
الرياضة ثقافة قبل أن تكون نتيجة، وما لم تضبط أصوات المدرجات، سنظل ندور في حلقة مفرغة من الفوضى، مهما تطور مستوى اللاعبين على أرضية الميدان.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك