وقت مستقطع
علي ميرزا
هل جفت الأقلام؟
بين فترة وأخرى يثار السؤال المتجدد: لماذا توقفت الأقلام عن النقد الرياضي؟ ولماذا لم تعد تتطرق كما كانت في السابق؟ فهل طويت الصحف، وجفت الأقلام؟
سؤال يبدو بسيطا رغم جوهريته، لكنه في الحقيقة يكشف عن بعد أعمق يتعلق بأهمية النقد في التطوير والذهاب بالرياضة والرياضيين خطوات إلى الأمام.
النقد في مضمونه ليس مجرد تسجيل ملاحظات أو رصد أخطاء، بل هو أداة للبحث عن الأفضل والتطوير، لكن حين يبقى النقد مجرد كلام على الورق، لا يتبعه فعل أو ترجمة أو تغيير، فهنا يفقد قيمته، ويصبح لا محل له من الإعراب، فالمقالة التي تقرأ ويعجب بها القراء، من دون أن تشكل وعيا أو تقدم إضافة، أو تحرك ساكنا فيستوي هنا وجودها وعدمها.
حتى أن أحد زملاء المهنة المخضرمين ألمح في لحظة من اللحظات إلى أن الساحة لم يعد فيها أصوات نقدية تحليلية كما كان سابقا، التي تنتقد عن فهم وإخلاص من أجل الإصلاح والبناء، ومع هذا الواقع، يبرز سؤال منطقي: هل هناك فائدة للاستمرار في النقد إذا لم يتغير شيء؟
ربما يكون الصمت، في بعض المواقف، موقفا واعيا لا هروبا من المسؤولية، فالناقد الحقيقي لا يبحث عن الأضواء، بل عن أثر الفكرة، وحين يدرك أن الكلام لن يترجم إلى فعل، يختار التوقف ولو مؤقتا، انتظارا للحظة يصبح فيها النقد مسموعا ومؤثرا ومرحبا به.
إن النقد ليس رفاهية فكرية، بل مسؤولية مهنية، ولكن مسؤوليته لا تكتمل إلا حين يجد من يسمع ويستجيب، ومن يترجم الملاحظات إلى خطوات عملية. فبدون ذلك، يصبح النقد تكرارا بلا نتيجة.
في النهاية، الكلمة التي لا تغير تبقى مجرد حبر على ورق، بينما الموقف الصامت قد يكون في لحظة ما أكثر بلاغة من ألف مقال، فليس كل صمت ضعفا، ولا كل نقد شجاعة، فإذا كان الكلام من فضة فالسكوت أحيانا من ذهب.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك