العدد : ١٧٤٠٦ - الثلاثاء ١٨ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٧ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤٠٦ - الثلاثاء ١٨ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٧ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

وقت مستقطع

علي ميرزا

هل جفت الأقلام؟

بين‭ ‬فترة‭ ‬وأخرى‭ ‬يثار‭ ‬السؤال‭ ‬المتجدد‭: ‬لماذا‭ ‬توقفت‭ ‬الأقلام‭ ‬عن‭ ‬النقد‭ ‬الرياضي؟‭ ‬ولماذا‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تتطرق‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬السابق؟‭ ‬فهل‭ ‬طويت‭ ‬الصحف،‭ ‬وجفت‭ ‬الأقلام؟

سؤال‭ ‬يبدو‭ ‬بسيطا‭ ‬رغم‭ ‬جوهريته،‭ ‬لكنه‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬يكشف‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬أعمق‭ ‬يتعلق‭ ‬بأهمية‭ ‬النقد‭ ‬في‭ ‬التطوير‭ ‬والذهاب‭ ‬بالرياضة‭ ‬والرياضيين‭ ‬خطوات‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭.‬

النقد‭ ‬في‭ ‬مضمونه‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬تسجيل‭ ‬ملاحظات‭ ‬أو‭ ‬رصد‭ ‬أخطاء،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬أداة‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬الأفضل‭ ‬والتطوير،‭ ‬لكن‭ ‬حين‭ ‬يبقى‭ ‬النقد‭ ‬مجرد‭ ‬كلام‭ ‬على‭ ‬الورق،‭ ‬لا‭ ‬يتبعه‭ ‬فعل‭ ‬أو‭ ‬ترجمة‭ ‬أو‭ ‬تغيير،‭ ‬فهنا‭ ‬يفقد‭ ‬قيمته،‭ ‬ويصبح‭ ‬لا‭ ‬محل‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬الإعراب،‭ ‬فالمقالة‭ ‬التي‭ ‬تقرأ‭ ‬ويعجب‭ ‬بها‭ ‬القراء،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تشكل‭ ‬وعيا‭ ‬أو‭ ‬تقدم‭ ‬إضافة،‭ ‬أو‭ ‬تحرك‭ ‬ساكنا‭ ‬فيستوي‭ ‬هنا‭ ‬وجودها‭ ‬وعدمها‭.‬

حتى‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬زملاء‭ ‬المهنة‭ ‬المخضرمين‭ ‬ألمح‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬من‭ ‬اللحظات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الساحة‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬فيها‭ ‬أصوات‭ ‬نقدية‭ ‬تحليلية‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬سابقا،‭ ‬التي‭ ‬تنتقد‭ ‬عن‭ ‬فهم‭ ‬وإخلاص‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الإصلاح‭ ‬والبناء،‭ ‬ومع‭ ‬هذا‭ ‬الواقع،‭ ‬يبرز‭ ‬سؤال‭ ‬منطقي‭: ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬فائدة‭ ‬للاستمرار‭ ‬في‭ ‬النقد‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يتغير‭ ‬شيء؟

ربما‭ ‬يكون‭ ‬الصمت،‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المواقف،‭ ‬موقفا‭ ‬واعيا‭ ‬لا‭ ‬هروبا‭ ‬من‭ ‬المسؤولية،‭ ‬فالناقد‭ ‬الحقيقي‭ ‬لا‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬الأضواء،‭ ‬بل‭ ‬عن‭ ‬أثر‭ ‬الفكرة،‭ ‬وحين‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬الكلام‭ ‬لن‭ ‬يترجم‭ ‬إلى‭ ‬فعل،‭ ‬يختار‭ ‬التوقف‭ ‬ولو‭ ‬مؤقتا،‭ ‬انتظارا‭ ‬للحظة‭ ‬يصبح‭ ‬فيها‭ ‬النقد‭ ‬مسموعا‭ ‬ومؤثرا‭ ‬ومرحبا‭ ‬به‭.‬

إن‭ ‬النقد‭ ‬ليس‭ ‬رفاهية‭ ‬فكرية،‭ ‬بل‭ ‬مسؤولية‭ ‬مهنية،‭ ‬ولكن‭ ‬مسؤوليته‭ ‬لا‭ ‬تكتمل‭ ‬إلا‭ ‬حين‭ ‬يجد‭ ‬من‭ ‬يسمع‭ ‬ويستجيب،‭ ‬ومن‭ ‬يترجم‭ ‬الملاحظات‭ ‬إلى‭ ‬خطوات‭ ‬عملية‭. ‬فبدون‭ ‬ذلك،‭ ‬يصبح‭ ‬النقد‭ ‬تكرارا‭ ‬بلا‭ ‬نتيجة‭.‬

في‭ ‬النهاية،‭ ‬الكلمة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تغير‭ ‬تبقى‭ ‬مجرد‭ ‬حبر‭ ‬على‭ ‬ورق،‭ ‬بينما‭ ‬الموقف‭ ‬الصامت‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬ما‭ ‬أكثر‭ ‬بلاغة‭ ‬من‭ ‬ألف‭ ‬مقال،‭ ‬فليس‭ ‬كل‭ ‬صمت‭ ‬ضعفا،‭ ‬ولا‭ ‬كل‭ ‬نقد‭ ‬شجاعة،‭ ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬الكلام‭ ‬من‭ ‬فضة‭ ‬فالسكوت‭ ‬أحيانا‭ ‬من‭ ‬ذهب‭.‬

إقرأ أيضا لـ"علي ميرزا"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا