وقت مستقطع

علي ميرزا
لمسات سحرية
لكل لعبة رياضية لمستها بل لمساتها السحرية الخاصة، وحركاتها التي تأسر العين وتخطف الألباب، بيد أن الكرة الطائرة تمتلك شيئا مغايرا، عبر لمستها السحرية التي لا تتمثل في قوة الضربة ولا في سرعة الكرة فقط، بل في انسجام وتناغم العقل والبدن، هذا الذي يجعل ستة لاعبين وكأنهم أوتار آلة موسيقية تعزف لحن الفوز، هذه اللمسة السحرية ليست مجرد مهارة تقنية، بل مزيج من الإبداع والذكاء والروح الجماعية، وهذا ما يمنح الكرة الطائرة جمالا متفردا عن بقية أخواتها الألعاب الرياضية.
وصناعة اللعب «الإعداد» في الكرة الطائرة أشبه بوضع حجر الأساس لقصيدة نثرية شاعرية، تمريرة محسوبة بالملليمتر، بارتفاع وزاوية مثالية، لتمنح المهاجم فرصة تحويلها إلى نقطة ذهبية، لحظة يلتقي فيها الحساب الدقيق مع الإحساس العميق.
وهناك يتجلى الجانب الجمالي في القوة عبر ارتقاء الضارب في الهواء، تهيئة الجسد، ثم ضرب الكرة بقوة انفجارية مع توجيه ذكي نحو منطقة خالية من التغطية، بدون شك لحظة تجسد الجرأة والإبداع في آن واحد.
ولا تشكل مهارة الدفاع «حائط الصد» في الكرة الطائرة جانبا سلبيا، بل هو فن هجومي من طراز آخر، قفز في توقيت مثالي، وقراءة نوايا المهاجم، ووضع اليدين لتشكيل جدار لا يمر منه سوى الإعجاب.
أما عمليةdive ، فحدث وأنت مطمئن، فهو أشبه بإعادة الحياة إلى ميت، فعندما تقترب الكرة من لمس الأرض، يتفجر الإصرار لدى المدافع ليرمي بجسده لإنقاذ ما يمكن إنقاءه، متجاهلا كل ما يقف في طريقه، أليس هذا تعبير عن قمة الروح القتالية للفريق.
الكرة الطائرة لعبة لا يعيش فيها الفرد منفصلا، بل يذوب في منظومة متكاملة من التفاهم، النظرات السريعة، والانسجام التلقائي بين اللاعبين، كل ذلك يصنع السحر الحقيقي الذي يأسر الجمهور.
فالكرة الطائرة تتمثل في لمستها السحرية الكامنة في كل حركة فيها، مهما كانت صغيرة، يمكن أن تكون حاسمة وجميلة في الوقت عينه، إنها لعبة تجمع بين التقنية العالية واللمسات الفنية، بين القوة والدقة، وبين الفردية والجماعية، لتقدم لنا في نهاية المطاف لوحة فنية متحركة لا يمل المشاهد من تكرارها، ومن هنا نتفهم القانون العام الذي أطلقه الاتحاد الدولي عندما قال: دع الكرة تطير.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك