وقت مستقطع

علي ميرزا
نافذة جديدة
في نسخة بطولة الأمم للكرة الطائرة، والتي أقيمت نهائياتها مؤخرا في الصين، لفت أنظار الجماهير والمراقبين ومحبي اللعبة عنصر نادر الحضور في صالات الكرة الطائرة العربية خلال تغطيات المباريات ويتمثل في وجود محلل فني يرافق المعلق على المباراة، ويقدم تحليلات فنية مباشرة ومهنية على مدار مجريات اللقاء، ويتطرق لتفاصيل التفاصيل.
هذه التجربة الإعلامية سبق وأن تطرقنا إليها في هذا المكان نفسه بالإشارة، هذه التجربة بدأت بالظهور في بعض الألعاب الرياضية الأخرى مثل كرتي القدم والسلة، غير أنها أي التجربة تبدو اليوم أكثر إلحاحا في لعبة الكرة الطائرة، التي تملك من التعقيد الفني والقرارات التكتيكية ما يصعب على المشاهد العادي إدراكه دون الاستعانة بمساعدة متخصصة تفكك الشفرات له.
فالمحلل الفني لا يكتفي بالتعليق على نتيجة النقطة، أو الإشادة بضربة ساحقة أو صد ناجح، بل يذهب إلى أبعد من ذلك، موضحا أسباب نجاح اللعبة أو فشلها، وكيفية تمركز الخط الخلفي، ودور الليبرو في التغطية، بل وتحليل تغييرات المدربين وأسبابها، سواء كانت فنية أو نفسية أو تكتيكية.
هذا النوع من التجربة «المحلل الفني المرافق» نحن في أمس الحاجة إليه إذ يلقي ضوءا على الزوايا المعتمة في ذهن أكثر المتابعين، ويساعدهم على رؤية ما لا يرى للوهلة الأولى.
وجود محلل فني إلى جوار المعلق يسهم أيضا في رفع الذائقة العامة للجمهور، ويعزز الوعي بأساسيات اللعبة، ويخلق علاقة أعمق بين المشاهد والملعب، خاصة حين يتم شرح تفاصيل غالبا ما تمر دون تعليق أو توضيح، مثل: مبررات تغيير مركز اللاعب، سبب تكرار الإرسال في منطقة محددة، أو كيف يمكن أن تؤثر نقطة واحدة في توازن المجموعة، وغير ذلك.
ومع زيادة شعبية الكرة الطائرة آسيويا وعالميا، فإن مثل هذه الإضافات الإعلامية ليست ترفا وادعاء، بل باتت ضرورة لتوسيع قاعدة الجماهير، ولإثراء وتحفيز العين والسمع في وقت واحد.
من هنا، يصبح للمحلل الفني دور تثقيفي توعوي إلى جانب دوره التفسيري التوضيحي، ويعد المحلل جزءا من المنظومة التي تسعى لتطوير اللعبة وزيادة رقعتها شعبيا، كما يحدث اليوم في الصين.
وهذا يجعلنا نتساءل: هل سنرى هذه التجربة تعمم في تغطياتنا العربية أم تصطدم بالجانب المادي كما تعودنا؟ وهل تتبنى الاتحادات والإعلام الرياضي هذه الفكرة، خاصة في البطولات المحلية والإقليمية والعالمية؟
الإجابة ربما تبدأ من إدراك أهمية وجود محلل يشرح ما وراء النقطة، وما خلف قرارات المدربين، وما في أعماق اللعبة من جماليات وخبايا لا تراها العين وحدها، بل تحتاج إلى ذائقة فنية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك