عالم يتغير

فوزية رشيد
من ذكرى النكبة إلى ذاكرة العجز!
{ وزير المالية الصهيوني، «سموتريتش» قد يراه البعض متطرفًا وعنصريًّا في تطرفه ومجرمَ حرب بما يُدلي به من تصريحات، ويدفع إليه «حكومة التطرّف» نحو المزيد من الوحشية والقتل حتى آخر فلسطيني! فيما يراه البعض الآخر التجسيد الحقيقي للرؤية الصهيونية التلمودية، وما بثته من رؤى شيطانية في التوراة المحرّفة، حتى أصبح لسانه هو التعبير الأمثل، لما يدور في الكيان من «وعي جمعي» متطرّف، قد تتنوّع درجات أساليبه وأطروحاته، ولكنها لا تخرج عن المقولة الزائفة حول «شعب الله المختار» الذي يحقّ له أن يفعل في كل شعوب العالم من الرعاع والحيوانات كما درجوا بالتسمية على كل الآخرين ما يفوق أي وصف في الوحشية والإجرام والإرهاب!
{ وقد دخلت النكبة الفلسطينية عامها الـ 77، بدءًا من 15 مايو 1948، فإن عملية التهجير والتطهير العِرقي، على يد العصابات المسلحة آنذاك، أطلت على العالم في مفترقات طرق تاريخية عديدة من خلال فلسطين المحتلة، واختلط فيها التهجير الداخلي عبر المستوطنات، وقضم الأراضي الفلسطينية في الضفة عامًا بعد عام، ومواصلة جرائم الحرب والاحتلال بالدوس على القانون الدولي أو ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها بهذا الشأن، دون مراعاة لأية حقوق إنسانية، بل الاستمرار في الطبيعة العدوانية والوحشية، لتأخذ الجريمة التاريخية في حق الشعب الفلسطيني منذ 1948، وعبر العقود أبعادًا جديدة كل مرة في ظل التطلع الصهيوني إلى التهويد الكامل لأرض فلسطين، وهدم الأقصى وهو المقدَّس الإسلامي، لبناء الهيكل المزعوم! حتى وصلنا اليوم إلى حرب الإبادة وشعارات التهجير والتطهير العِرقي، بل ومد القدم إلى أراضٍ عربية أخرى خارج فلسطين كما حدث مؤخرًا في لبنان وسوريا!
{ ولأن ما يحدث اليوم هو فضيحة دولية يشارك فيها المتفرجون العرب والمسلمون، فإن «سموتريتش» صرّح مؤخرًا قائلا: (يجب أن يتعرَّض العرب لنكبة جديدة ردّا على السابع من أكتوبر)!
يقول ذلك بكل أريحية، وهو يدرك حجم العجز العربي والإسلامي والدولي رغم الفضيحة في إيقاف المجازر المستمرة منذ عام و7 أشهر! فيما أسطوانة التهجير مستمرة في دورانها، ويسمعها كل يوم فلسطينيو الداخل والشتات، ومن ينتظر العدالة الدولية حالهم حال (في انتظار جودو) الذي لا يأتي أبدًا! ومن تم تهجيرهم في 1948، وينتظرون العودة حسب القرار الأممي 194، يتشبثون بحق العودة باعتباره حقا مقدسا لا يسقط بالتقادم ولا يلغيه الاحتلال، ولكن الذي يُفقده محتواه هو العجز الدولي والعربي حتى عن إيقاف حرب الإبادة، وإدخال المساعدات إلى غزّة التي أصبح أهلها يعانون من التجويع الممنهج لدفعهم إلى الهجرة، فيما عداد الشهداء يتصاعد كل يوم بالمئات والعشرات، وحتى اللحظة ومنذ 8 أكتوبر 2023!
{ العقل الصهيوني الذي تحوّل إلى حجارة، لن يفقه قط لا في الإنسانية، ولا في الحقوق المشروعة لأهل الأرض، ولا في السلام ولا في العدالة! هو يفقه فقط في المجازر وجرائم الحرب والإبادة، لكي يجعل من النكبة الفلسطينية فِعلاً مستمرًا ومتجدّدًا بنكبة أخرى، بل وبتوسيع النكبة لكي تصبح نكبات عربية كما صرح «سموتريتش»!
وطالما الراعي الأمريكي للإبادة مستمر في رعايته، فإن وقع المجازر تصاعدت مع زيارته لدول خليجية، ولم يأخذ موقفًا لإيقاف تلك الحرب والقتل والتدمير، فيما هو يستمر، أي «ترامب» في ادعاءاته بتصفير الحروب، ولكأن أبشع تلك الحروب الجارية في غزة لا تعنيه في شيء!
{ وفي الوقت الذي كان يراهن البعض على أن تتخذّ الولايات المتحدة في زيارة رئيسها للمنطقة قرارًا واحدًا وإن كان متأخرًا: لإيقاف الإبادة والتهجير، يعود ليصرّح فقط أن غزة بإمكانها أن تكون مكانًا جميلا! مُدهش هذا البرود الجماعي، والأكثر إدهاشًا منه، الاجتماعات الخاوية التي يتمنى أصحابها الوصول إلى حل، وهم أصحاب القرار، ولكنهم لا يصلون أبدًا! رغم سقوط المئات كل يوم تحت أنقاض المدارس والمستشفيات أو ما تبقى من هياكلها المهدّمة! لا عجب أن يستمر المتطرفون الصهاينة إذًا في التصريحات الجنونية في تطرفها، لأنهم عرفوا جيدًا حجم العجز حولهم وفي كل مكان، وكأن الإشارة الخضراء لاستمرار الإبادة أُعطيت لهم من أكبر دولة هي راعيتهم!
ولا عجب إن تناسلت النكبة الفلسطينية إلى كوارث في عديد من الدول العربية، فالحركة الاستيطانية لن تكتفي في النهاية بفلسطين وحدها!
إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك