العدد : ١٧٢٢١ - السبت ١٧ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٩ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٢١ - السبت ١٧ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٩ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

من ذكرى النكبة إلى ذاكرة العجز!

{‭ ‬وزير‭ ‬المالية‭ ‬الصهيوني،‭ ‬‮«‬سموتريتش‮»‬‭ ‬قد‭ ‬يراه‭ ‬البعض‭ ‬متطرفًا‭ ‬وعنصريًّا‭ ‬في‭ ‬تطرفه‭ ‬ومجرمَ‭ ‬حرب‭ ‬بما‭ ‬يُدلي‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬تصريحات،‭ ‬ويدفع‭ ‬إليه‭ ‬‮«‬حكومة‭ ‬التطرّف‮»‬‭ ‬نحو‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الوحشية‭ ‬والقتل‭ ‬حتى‭ ‬آخر‭ ‬فلسطيني‭! ‬فيما‭ ‬يراه‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬التجسيد‭ ‬الحقيقي‭ ‬للرؤية‭ ‬الصهيونية‭ ‬التلمودية،‭ ‬وما‭ ‬بثته‭ ‬من‭ ‬رؤى‭ ‬شيطانية‭ ‬في‭ ‬التوراة‭ ‬المحرّفة،‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬لسانه‭ ‬هو‭ ‬التعبير‭ ‬الأمثل،‭ ‬لما‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬من‭ ‬‮«‬وعي‭ ‬جمعي‮»‬‭ ‬متطرّف،‭ ‬قد‭ ‬تتنوّع‭ ‬درجات‭ ‬أساليبه‭ ‬وأطروحاته،‭ ‬ولكنها‭ ‬لا‭ ‬تخرج‭ ‬عن‭ ‬المقولة‭ ‬الزائفة‭ ‬حول‭ ‬‮«‬شعب‭ ‬الله‭ ‬المختار‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يحقّ‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يفعل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬الرعاع‭ ‬والحيوانات‭ ‬كما‭ ‬درجوا‭ ‬بالتسمية‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الآخرين‭ ‬ما‭ ‬يفوق‭ ‬أي‭ ‬وصف‭ ‬في‭ ‬الوحشية‭ ‬والإجرام‭ ‬والإرهاب‭!‬

{‭ ‬وقد‭ ‬دخلت‭ ‬النكبة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬عامها‭ ‬الـ‭ ‬77،‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬15‭ ‬مايو‭ ‬1948،‭ ‬فإن‭ ‬عملية‭ ‬التهجير‭ ‬والتطهير‭ ‬العِرقي،‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬العصابات‭ ‬المسلحة‭ ‬آنذاك،‭ ‬أطلت‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬مفترقات‭ ‬طرق‭ ‬تاريخية‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فلسطين‭ ‬المحتلة،‭ ‬واختلط‭ ‬فيها‭ ‬التهجير‭ ‬الداخلي‭ ‬عبر‭ ‬المستوطنات،‭ ‬وقضم‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬عامًا‭ ‬بعد‭ ‬عام،‭ ‬ومواصلة‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والاحتلال‭ ‬بالدوس‭ ‬على‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬أو‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وقراراتها‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن،‭ ‬دون‭ ‬مراعاة‭ ‬لأية‭ ‬حقوق‭ ‬إنسانية،‭ ‬بل‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬الطبيعة‭ ‬العدوانية‭ ‬والوحشية،‭ ‬لتأخذ‭ ‬الجريمة‭ ‬التاريخية‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬منذ‭ ‬1948،‭ ‬وعبر‭ ‬العقود‭ ‬أبعادًا‭ ‬جديدة‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التطلع‭ ‬الصهيوني‭ ‬إلى‭ ‬التهويد‭ ‬الكامل‭ ‬لأرض‭ ‬فلسطين،‭ ‬وهدم‭ ‬الأقصى‭ ‬وهو‭ ‬المقدَّس‭ ‬الإسلامي،‭ ‬لبناء‭ ‬الهيكل‭ ‬المزعوم‭! ‬حتى‭ ‬وصلنا‭ ‬اليوم‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬وشعارات‭ ‬التهجير‭ ‬والتطهير‭ ‬العِرقي،‭ ‬بل‭ ‬ومد‭ ‬القدم‭ ‬إلى‭ ‬أراضٍ‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭ ‬خارج‭ ‬فلسطين‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬مؤخرًا‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬وسوريا‭!‬

{‭ ‬ولأن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬فضيحة‭ ‬دولية‭ ‬يشارك‭ ‬فيها‭ ‬المتفرجون‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمون،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬سموتريتش‮»‬‭ ‬صرّح‭ ‬مؤخرًا‭ ‬قائلا‭: (‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتعرَّض‭ ‬العرب‭ ‬لنكبة‭ ‬جديدة‭ ‬ردّا‭ ‬على‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭)!‬

يقول‭ ‬ذلك‭ ‬بكل‭ ‬أريحية،‭ ‬وهو‭ ‬يدرك‭ ‬حجم‭ ‬العجز‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬والدولي‭ ‬رغم‭ ‬الفضيحة‭ ‬في‭ ‬إيقاف‭ ‬المجازر‭ ‬المستمرة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬و7‭ ‬أشهر‭! ‬فيما‭ ‬أسطوانة‭ ‬التهجير‭ ‬مستمرة‭ ‬في‭ ‬دورانها،‭ ‬ويسمعها‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬فلسطينيو‭ ‬الداخل‭ ‬والشتات،‭ ‬ومن‭ ‬ينتظر‭ ‬العدالة‭ ‬الدولية‭ ‬حالهم‭ ‬حال‭ (‬في‭ ‬انتظار‭ ‬جودو‭) ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يأتي‭ ‬أبدًا‭! ‬ومن‭ ‬تم‭ ‬تهجيرهم‭ ‬في‭ ‬1948،‭ ‬وينتظرون‭ ‬العودة‭ ‬حسب‭ ‬القرار‭ ‬الأممي‭ ‬194،‭ ‬يتشبثون‭ ‬بحق‭ ‬العودة‭ ‬باعتباره‭ ‬حقا‭ ‬مقدسا‭ ‬لا‭ ‬يسقط‭ ‬بالتقادم‭ ‬ولا‭ ‬يلغيه‭ ‬الاحتلال،‭ ‬ولكن‭ ‬الذي‭ ‬يُفقده‭ ‬محتواه‭ ‬هو‭ ‬العجز‭ ‬الدولي‭ ‬والعربي‭ ‬حتى‭ ‬عن‭ ‬إيقاف‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة،‭ ‬وإدخال‭ ‬المساعدات‭ ‬إلى‭ ‬غزّة‭ ‬التي‭ ‬أصبح‭ ‬أهلها‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬التجويع‭ ‬الممنهج‭ ‬لدفعهم‭ ‬إلى‭ ‬الهجرة،‭ ‬فيما‭ ‬عداد‭ ‬الشهداء‭ ‬يتصاعد‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬بالمئات‭ ‬والعشرات،‭ ‬وحتى‭ ‬اللحظة‭ ‬ومنذ‭ ‬8‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭!‬

{‭ ‬العقل‭ ‬الصهيوني‭ ‬الذي‭ ‬تحوّل‭ ‬إلى‭ ‬حجارة،‭ ‬لن‭ ‬يفقه‭ ‬قط‭ ‬لا‭ ‬في‭ ‬الإنسانية،‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬الحقوق‭ ‬المشروعة‭ ‬لأهل‭ ‬الأرض،‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬السلام‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬العدالة‭! ‬هو‭ ‬يفقه‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬المجازر‭ ‬وجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والإبادة،‭ ‬لكي‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬النكبة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬فِعلاً‭ ‬مستمرًا‭ ‬ومتجدّدًا‭ ‬بنكبة‭ ‬أخرى،‭ ‬بل‭ ‬وبتوسيع‭ ‬النكبة‭ ‬لكي‭ ‬تصبح‭ ‬نكبات‭ ‬عربية‭ ‬كما‭ ‬صرح‭ ‬‮«‬سموتريتش‮»‬‭!‬

وطالما‭ ‬الراعي‭ ‬الأمريكي‭ ‬للإبادة‭ ‬مستمر‭ ‬في‭ ‬رعايته،‭ ‬فإن‭ ‬وقع‭ ‬المجازر‭ ‬تصاعدت‭ ‬مع‭ ‬زيارته‭ ‬لدول‭ ‬خليجية،‭ ‬ولم‭ ‬يأخذ‭ ‬موقفًا‭ ‬لإيقاف‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭ ‬والقتل‭ ‬والتدمير،‭ ‬فيما‭ ‬هو‭ ‬يستمر،‭ ‬أي‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬في‭ ‬ادعاءاته‭ ‬بتصفير‭ ‬الحروب،‭ ‬ولكأن‭ ‬أبشع‭ ‬تلك‭ ‬الحروب‭ ‬الجارية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬لا‭ ‬تعنيه‭ ‬في‭ ‬شيء‭! ‬

{‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يراهن‭ ‬البعض‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تتخذّ‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬زيارة‭ ‬رئيسها‭ ‬للمنطقة‭ ‬قرارًا‭ ‬واحدًا‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬متأخرًا‭: ‬لإيقاف‭ ‬الإبادة‭ ‬والتهجير،‭ ‬يعود‭ ‬ليصرّح‭ ‬فقط‭ ‬أن‭ ‬غزة‭ ‬بإمكانها‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مكانًا‭ ‬جميلا‭! ‬مُدهش‭ ‬هذا‭ ‬البرود‭ ‬الجماعي،‭ ‬والأكثر‭ ‬إدهاشًا‭ ‬منه،‭ ‬الاجتماعات‭ ‬الخاوية‭ ‬التي‭ ‬يتمنى‭ ‬أصحابها‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬حل،‭ ‬وهم‭ ‬أصحاب‭ ‬القرار،‭ ‬ولكنهم‭ ‬لا‭ ‬يصلون‭ ‬أبدًا‭! ‬رغم‭ ‬سقوط‭ ‬المئات‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬تحت‭ ‬أنقاض‭ ‬المدارس‭ ‬والمستشفيات‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬هياكلها‭ ‬المهدّمة‭! ‬لا‭ ‬عجب‭ ‬أن‭ ‬يستمر‭ ‬المتطرفون‭ ‬الصهاينة‭ ‬إذًا‭ ‬في‭ ‬التصريحات‭ ‬الجنونية‭ ‬في‭ ‬تطرفها،‭ ‬لأنهم‭ ‬عرفوا‭ ‬جيدًا‭ ‬حجم‭ ‬العجز‭ ‬حولهم‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬وكأن‭ ‬الإشارة‭ ‬الخضراء‭ ‬لاستمرار‭ ‬الإبادة‭ ‬أُعطيت‭ ‬لهم‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬دولة‭ ‬هي‭ ‬راعيتهم‭!‬

ولا‭ ‬عجب‭ ‬إن‭ ‬تناسلت‭ ‬النكبة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬إلى‭ ‬كوارث‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬فالحركة‭ ‬الاستيطانية‭ ‬لن‭ ‬تكتفي‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬بفلسطين‭ ‬وحدها‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا