وقت مستقطع

علي ميرزا
«كوماندوز» الطائرة
قبل قرابة خمسة عشر عاما أعددنا استطلاعا رياضيا حول المدافع الحر «الليبرو» في الكرة الطائرة، وكان الأخ حسين إمام الخبير الفني في الاتحاد القطري للكرة الطائرة الذي التقيته في فندق السفير الكائن في منطقة الجفير (البحرين) واحدا من الذين شملهم الاستطلاع، وأعطى إمام وصفا جميلا ومعبرا لليبرو لا تزال ذاكرتنا تحتفظ به، ودائما ما استشهد به كلما دار الحديث حول هذا اللاعب، إذ وصف المدافع الحر «بالكوماندوز»، ومن يفقه في أدبيات اللعبة سوف يعرف قيمة هذا الوصف الدقيق المعبر.
فالمدافع الحر (الليبرو) في الكرة الطائرة هو أحد أكثر المراكز حساسية ودقة في الملعب، ويلعب دورا حيويا في التنظيم الدفاعي والاستقبال، ويتطلب مهارات خاصة وجرأة متناهية وانضباطا عاليا، تماما كقوات النخبة في الجيوش.
فليبرو الكرة الطائرة لاعب دفاعي «متخصص» وليس أي لاعب نختاره بالمزاج أو الحاجة لشغل هذا المركز، وظيفته الدفاع والاستقبال وتنظيم التغطية الخلفية للفريق.
ومن المواصفات العديدة التي يتطلبها لاعب هذا المركز سرعة التحرك والارتداد، والتحرك في جميع الاتجاهات، يجيد إجادة تامة مهارة diving (الغطس) للوصول وإنقاذ الكرات المستحيلة.
وأن يتحلى بالتركيز العالي جدا، ومتابعة كل كرة بدقة، والقدرة على قراءة نوايا اللاعبين المنافسين، والتنبؤ باتجاه الضربة الساحقة، وأن يتميز بدقة التمرير (الاستقبال) لأنه مفتاح نجاح أي تنظيم هجومي.
ورغم أن الليبرو ليس بالقائد الرسمي للفريق، ولكنه في حقيقة الأمر هو قائد وهمي، ولذلك لا بد أن يتحلى بالثبات الانفعالي والتركيز الذهني والشخصية القيادية، لأنه كثيرا ما يحتاج إلى توجيه زملائه في المنطقة الخلفية، وكم من مدافع حر رأيناه يتقمص دور صانع اللعب، وهذه مهمة إضافية جديدة أعطته إياها الكرة الطائرة الحديثة.
ولأن الليبرو كثيرا ما تتطلب مهمته الانزلاق والقيام بعملية dive للوصول إلى الكرات فهذا بطبيعة الحال يتطلب منه مرونة جسدية، والقدرة على التحمل البدني، وتحمل الإصابات في الوقت نفسه.
فإمام عندما وصف الليبرو بأنه «كوماندوز» فهذا الوصف لم يأت اعتباطا ومن فراغ، وإنما لأن هذا المركز يتطلب مهاما جساما، لا تتوافر في أي مدافع حر.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك