عالم يتغير

فوزية رشيد
مائة يوم من الفوضى!
{ منذ أيام ختم الزمن مرور مائة يوم على الولاية الثانية للرئيس الأمريكي ترامب! حيث العالم كله وكأنه يدور في مسرح الفرجة الأمريكية فقد انقلبت المعادلات الدولية التجارية والاقتصادية وسوق الأسهم رأسا على عقب بسبب الرسوم الضريبية التي فرضها على أغلب دول العالم! مثلما قلب المعادلات السياسية سواء بما يخص غزة وفلسطين بشكل عام وفق تصريحاته المستفزة التي أنبأت عن خيال استعماري عقاري! أو بما يخص دول أخرى فكر في ضمها إلى الولايات المتحدة! أو بما يخص الاتحاد الأوروبي والناتو وتصريحه قبل أيام بأن (القرم روسية وأنه لن ينجر إلى حرب مع إيران) في تغير دراماتيكي للتهديدات التي وجهها زمن ترشحه وزمن ولايته ضد إيران إلى أن بدأت المفاوضات الأمريكية – الإيرانية في مسقط!
أما بما يخص الحرب التجارية التي أشعلها مع الصين ولم تقف الأخيرة متفرجة بل ردت بأقسى أنواع ردود الفعل التي بدت فيها وكأنها وحدها، أي الصين، من يواجه قرارات ترامب الاستعراضية، ولكنها التي غيّرت ملامح العالم في الوقت ذاته!
{ الكل يتساءل إن كانت مائة يوم من حكمه البيت الأبيض فعلت ما فعلته في أمريكا والعالم من متغيرات فوضوية فماذا لو أكمل ترامب ولايته التي تمتد إلى 4 سنوات! ما الذي سيفعله وهو الرئيس النرجسي الذي يدلي بالتصريحات والقرارات أمام الصحفيين كل يوم تقريبا ولكأن العالم في برنامج تلفزيوني يومي يلعب فيه ترامب دور مقدم البرنامج في إطاره الاستعراضي! أو لكأنه بعد أن غادر برنامجه الشهير أصر على أن يلعبه مجددا، ولكن هذه المرة أمام العالم كله والعبث بكل العالم وأسس ومبادئ العلاقات الدولية حتى أصبح وكأن هذا العالم على كف عفريت يتقلب به من فوق إلى تحت والعكس ولا أحد يعرف كيف ستنتهي الأمور أو متى سيعود ما كان عليه الأمر قبل بدء المرحلة الترامبية!
{ إن شعبية ترامب التي تراجعت خلال الفترة الأخيرة في الولايات المتحدة هي في الواقع شعبية بدأت مفقودة بالنسبة إليه خارج بلده بسبب التوقعات المثيرة حول نمط شخصيته التي يراها البعض جريئة ويراها آخرون اعتباطية وفوضوية! وقد حدث ما كان يتخوف منه الكثيرون رغم وعوده الانتخابية بأنه ضد الحروب ومع إحلال السلام في العالم، ولكن الذي قام به بعد توليه هو إشعال الحرب التجارية وتكبيد الدول خسائر مليارية بما فيها التراجع التجاري والاقتصادي في الولايات المتحدة نفسها!
{ إن العشوائية في بث الفوضى في النظام العالمي رغم مساوئه المعروفة كنظام دولي لمجرد أن رئيس دولة عظمى يتخيل أن العالم في قبضة يده يفعل به ما يشاء ينتج في النهاية وكما حدث فوضى اقتصادية وسياسية مآلاتها قد تكون كارثية على بلده نفسها قبل الدول الأخرى وخاصة أن العبثية لإيقاف تنافس قوى أخرى مثل الصين قد تدفع البلد المنافس إلى اتخاذ قرارات حاسمة، في مواجهة هذا العبث الدولي وهذا ما حدث أيضا! وهذا بدوره قد يقود شخصية نرجسية كترامب إلى المزايدة على العبث حتى لا يواجه سقوط نظريته أو لعبة القمار الاقتصادية والتجارية والسياسية التي بدأ اللعب بها وعليها!
{ بعد مائة يوم حافلة بالقرارات والرؤى غير المتوقعة يبدو أن العالم يدخل مرحلة مختلفة تتسم بالانفلات وتحلل كل المبادئ الدولية التي كانت تحكمه فيما القوة الوحيدة التي واجهته بالقرارات الارتدادية وهي الصين تكسب يوما بعد يوم أوراقا جديدة في كل المضامير سواء في المواجهة الاقتصادية أو التجارية أو في مواجهة الدولار بالعملة الصينية الإلكترونية أو في كسب ثقة الكثير من الدول كقوة اقتصادية عظمى أو حتى بالتهديد عسكريا إن تمادت الولايات المتحدة في العبث العسكري معها!
{ وهكذا يشتعل الملعب الدولي والعالمي فيما أكبر مأساة إنسانية تمر على العالم وهي مأساة غزة والكل لا يزال في موقع التفرج فإن الشعوب التي استيقظت على حجم المأساة تنذر بمتغيرات عالمية أخرى في مواجهة الصهيونية العالمية التي تتحكم بضمائر قادة العالم، ولكن حتما غير قادرة على التحكم في ضمائر الشعوب المستيقظة! والتي تدرك جيدا أن هذه المعاداة المفضوحة للإنسان ونموذجها حرب الإبادة المستمرة والضحايا أطفال ونساء وأبرياء إن لم تستطع إيقافها فقد تحولت إلى جمر تحت النار بإمكانها أن تحرق الكثير لاحقا على مستوى المؤسسات الدولية نفسها، والنظام المخادع الذي يحكمها! مع ترامب كل شيء ينقلب وكل التوقعات السلبية وردود الفعل قابلة للحدوث والمائة يوم السابقة تشي بما هو قادم بعد ذلك!
إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك