وقت مستقطع

علي ميرزا
ازدواجية
في أجوائنا الرياضية، هناك تبرز ظاهرة متكررة وغريبة في الوقت نفسه، وهي «ازدواجية الفهم» لدى بعض المحسوبين على الوسط الرياضي والمتابعين، حتى بعض من يظن نفسه مؤثرا وصاحب بصمة في المشهد الرياضي العام.
إذ تجد هذه الفئة تفتح آذانها، وتستقبل النقد البناء بصدر رحب عندما يكون موجها لغيرها، فلا مانع لديها أبدا أن تستحسنه، وتباركه، وتهلل له، وقد تروج له بوصفه «كلمة حق في محلها»، بل تذهب إلى أبعد من ذلك لتتغنى وتتغزل وتصف الكاتب أو الناقد حينها بـ«المنصف» و«الواعي» وربما «الشجاع».
ولكن، ما إن تقترب حروف النقد نفسها من حدود أراضيهم، أو تمس أداءهم، أو تسلط الضوء على قراراتهم وسلوكهم، حتى ينقلب المشهد رأسا على عقب، وتتبدل الأوصاف فيتحول النقد ذاته إلى «هجوم»، و«تصفية حسابات»، و«تحيّز لطرف من دون آخر». ويعاد تأويل الكلام بما يخدم مشاعرهم لا معانيه، وتلقى التهم جزافا على الناقد بأنه «يسعى ويسعى ويسعى».
هذه الازدواجية لا تعكس فقط ضيق أفق في استقبال الرأي الآخر، بل تكشف هشاشة في تقبل الذات وتطويرها، من السهل على الكثيرين أن ينادوا بالإصلاح، لكن التحدي الحقيقي يبدأ حين يطلب منهم أن يكونوا جزءا من هذا الإصلاح، بمحاسبة النفس أولا قبل مطالبة الآخرين بالتغيير.
الناقد المخلص لا يوجه سهامه لشخص، بل لأداء، ولا ينطلق من كره، بل من حرص، والنقد ليس سيفا مسلطا، بل مرآة تعكس الحقيقة، حتى لو كانت الأخيرة قاسية، فالنقد ما هو إلا تسمية الأشياء بالمسميات التي وضعت لها.
ويبقى السؤال: متى نرتقي جميعا، ونتحرر من حساسية «المس»، ونفصل بين الذوات والأدوار، وندرك أن من يحبك حقا هو من يصارحك لا من يداهنك؟
فعندما يصارحك النقد تعرف أنه صادق معك، ولكن عندما يجاملك ويقول فيك ما لم يقله قيس في ليلاه، ستعرف حينها أنه نقد كذاب وابن كذاب، حتى لو رفعك إلى السماء السابعة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك