العدد : ١٧١٩٣ - السبت ١٩ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ شوّال ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٩٣ - السبت ١٩ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ شوّال ١٤٤٦هـ

وقت مستقطع

علي ميرزا

حين يخفت البريق

في‭ ‬الذاكرة‭ ‬الرياضية،‭ ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬نتوقف‭ ‬عند‭ ‬أسماء‭ ‬أندية‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬ما‭ ‬ملء‭ ‬السمع‭ ‬والبصر،‭ ‬تصدرت‭ ‬المنافسات‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الألعاب‭ ‬الرياضية،‭ ‬وكانت‭ ‬حاضرة‭ ‬بقوة‭ ‬على‭ ‬منصات‭ ‬التتويج،‭ ‬تمد‭ ‬المنتخبات‭ ‬الوطنية‭ ‬بأبرز‭ ‬المواهب،‭ ‬وخزائنها‭ ‬تتزين‭ ‬بالكؤوس‭ ‬والدروع،‭ ‬لتصبح‭ ‬قدوة‭ ‬للنجاح‭ ‬الرياضي‭ ‬المحلي‭.‬

غير‭ ‬أنه‭ ‬بين‭ ‬عشية‭ ‬وضحاها،‭ ‬اختفى‭ ‬وهجها،‭ ‬وغابت‭ ‬أسماؤها‭ ‬عن‭ ‬خارطة‭ ‬المنافسات،‭ ‬وتحولت‭ ‬إلى‭ ‬ذكرى‭ ‬ماضوية،‭ ‬تُرى‭ ‬ما‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬تقف‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬الانحدار؟‭ ‬وكيف‭ ‬تحولت‭ ‬قلاع‭ ‬الإنجازات‭ ‬إلى‭ ‬أطلال‭ ‬رياضية؟

 

}‭ ‬فالتمويل‭ ‬المالي‭ ‬يمثل‭ ‬عصب‭ ‬الحياة‭ ‬لأي‭ ‬كيان‭ ‬رياضي،‭ ‬وعندما‭ ‬تعاني‭ ‬الأندية‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬استقطاب‭ ‬اللاعبين‭ ‬المميزين،‭ ‬وتوفير‭ ‬بيئة‭ ‬تدريبية‭ ‬مناسبة،‭ ‬يضاف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬تراجع‭ ‬الكفاءة‭ ‬الإدارية؛‭ ‬فضعف‭ ‬التخطيط‭ ‬وسوء‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬من‭ ‬شأنهما‭ ‬أن‭ ‬يسرعا‭ ‬من‭ ‬انهيار‭ ‬الكيان‭ ‬الرياضي‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬توافرت‭ ‬له‭ ‬الموارد‭.‬

 

‭ ‬} والاستراتيجية‭ ‬البعيدة‭ ‬المدى‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬تحتاجها‭ ‬الفرق‭ ‬الناجحة‭ ‬التي‭ ‬تبني‭ ‬لنفسها‭ ‬منظومة‭ ‬متكاملة‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬استدامة‭ ‬النجاح،‭ ‬لا‭ ‬على‭ ‬البطولات‭ ‬اللحظية،‭ ‬وكثير‭ ‬من‭ ‬الأندية‭ ‬تفتقد‭ ‬رؤية‭ ‬واضحة‭ ‬تتضمن‭ ‬تطوير‭ ‬الفئات‭ ‬العمرية،‭ ‬والاستثمار‭ ‬في‭ ‬الكوادر‭ ‬الفنية‭ ‬والإدارية،‭ ‬وعطفا‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬تتآكل‭ ‬هذه‭ ‬الأندية‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت،‭ ‬وتفقد‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬المنافسة‭.‬

 

‭  ‬} في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان،‭ ‬تتسبب‭ ‬مغادرة‭ ‬اللاعبين‭ ‬الموهوبين‭ ‬إلى‭ ‬أندية‭ ‬أكبر‭ ‬وأكثر‭ ‬استقرارا‭ ‬في‭ ‬تفريغ‭ ‬الفرق‭ ‬من‭ ‬عناصرها‭ ‬الأساسية،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬انهيار‭ ‬المنظومة‭ ‬الفنية،‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬قد‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬ضعف‭ ‬الولاء،‭ ‬أو‭ ‬لعدم‭ ‬قدرة‭ ‬النادي‭ ‬على‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬مواهبه،‭ ‬بسبب‭ ‬ضعف‭ ‬الحوافز‭ ‬المالية،‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬وضوح‭ ‬المستقبل‭ ‬الرياضي‭.‬

 

} التحولات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المناطق‭ ‬تؤثر‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬نشاط‭ ‬الأندية،‭ ‬وخاصة‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬أبناء‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬دعمها‭ ‬وتغذيتها‭ ‬باللاعبين،‭ ‬وتغير‭ ‬أولويات‭ ‬الشباب‭ ‬قد‭ ‬تفضي‭ ‬إلى‭ ‬انكماش‭ ‬قاعدة‭ ‬الممارسة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الفني‭ ‬للأندية‭.‬

 

‭ ‬} وتكون‭ ‬الخلافات‭ ‬الإدارية،‭ ‬والصراعات‭ ‬الشخصية‭ ‬داخل‭ ‬مجالس‭ ‬إدارات‭ ‬الأندية‭ ‬عاملا‭ ‬حاسما‭ ‬في‭ ‬تراجع‭ ‬النتائج،‭ ‬فكثير‭ ‬من‭ ‬الأندية‭ ‬انهارت‭ ‬بسبب‭ ‬التناحر‭ ‬على‭ ‬المناصب‭ ‬والمصالح،‭ ‬وغياب‭ ‬روح‭ ‬العمل‭ ‬الجماعي،‭ ‬مما‭ ‬يخلق‭ ‬بيئة‭ ‬غير‭ ‬مستقرة‭ ‬طاردة‭ ‬للكفاءات‭ ‬الفنية‭ ‬والإدارية‭ ‬وحتى‭ ‬اللاعبين‭.‬

 

‭ ‬}‭ ‬ومع‭ ‬ظهور‭ ‬أندية‭ ‬جديدة،‭ ‬وصعود‭ ‬أسماء‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬الساحة،‭ ‬تتغير‭ ‬موازين‭ ‬القوى،‭ ‬وإذا‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬الأندية‭ ‬التقليدية‭ ‬من‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬التغيرات‭ ‬ومواكبة‭ ‬التحديثات،‭ ‬فإنها‭ ‬تتراجع‭ ‬وتفقد‭ ‬مكانتها‭ ‬السابقة‭.‬

 

} والإعلام‭ ‬والجماهير‭ ‬عنصران‭ ‬مهمان‭ ‬في‭ ‬تحفيز‭ ‬الأندية‭ ‬وصناعة‭ ‬النجوم،‭ ‬فالأندية‭ ‬التي‭ ‬تفقد‭ ‬الزخم‭ ‬الإعلامي‭ ‬والدعم‭ ‬الجماهيري‭ ‬قد‭ ‬تجد‭ ‬نفسها‭ ‬خارج‭ ‬دائرة‭ ‬الضوء،‭ ‬مما‭ ‬يضعف‭ ‬من‭ ‬تأثيرها،‭ ‬ويقلل‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬عودتها‭ ‬إلى‭ ‬الواجهة‭.‬

فتراجع‭ ‬الأندية‭ ‬العريقة‭ ‬لا‭ ‬يحدث‭ ‬فجأة،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬نتيجة‭ ‬تراكمات‭ ‬لسنوات‭ ‬من‭ ‬الإهمال‭ ‬أو‭ ‬سوء‭ ‬الإدارة‭ ‬أو‭ ‬التغيرات‭ ‬البيئية‭ ‬المحيطة‭ ‬بها،‭ ‬وعودتها‭ ‬إلى‭ ‬الواجهة‭ ‬ممكنة،‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬تشخيص‭ ‬الأسباب‭ ‬بدقة،‭ ‬ووضعت‭ ‬لها‭ ‬حلول‭ ‬مستدامة‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬التخطيط‭.‬

إقرأ أيضا لـ"علي ميرزا"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا