وقت مستقطع

علي ميرزا
حين يخفت البريق
في الذاكرة الرياضية، كثيرا ما نتوقف عند أسماء أندية كانت في وقت ما ملء السمع والبصر، تصدرت المنافسات في مختلف الألعاب الرياضية، وكانت حاضرة بقوة على منصات التتويج، تمد المنتخبات الوطنية بأبرز المواهب، وخزائنها تتزين بالكؤوس والدروع، لتصبح قدوة للنجاح الرياضي المحلي.
غير أنه بين عشية وضحاها، اختفى وهجها، وغابت أسماؤها عن خارطة المنافسات، وتحولت إلى ذكرى ماضوية، تُرى ما الأسباب التي تقف وراء هذا الانحدار؟ وكيف تحولت قلاع الإنجازات إلى أطلال رياضية؟
} فالتمويل المالي يمثل عصب الحياة لأي كيان رياضي، وعندما تعاني الأندية من ضعف القدرة على استقطاب اللاعبين المميزين، وتوفير بيئة تدريبية مناسبة، يضاف إلى ذلك تراجع الكفاءة الإدارية؛ فضعف التخطيط وسوء اتخاذ القرار من شأنهما أن يسرعا من انهيار الكيان الرياضي حتى وإن توافرت له الموارد.
} والاستراتيجية البعيدة المدى هي ما تحتاجها الفرق الناجحة التي تبني لنفسها منظومة متكاملة تقوم على استدامة النجاح، لا على البطولات اللحظية، وكثير من الأندية تفتقد رؤية واضحة تتضمن تطوير الفئات العمرية، والاستثمار في الكوادر الفنية والإدارية، وعطفا على ذلك تتآكل هذه الأندية مع مرور الوقت، وتفقد قدرتها على المنافسة.
} في بعض الأحيان، تتسبب مغادرة اللاعبين الموهوبين إلى أندية أكبر وأكثر استقرارا في تفريغ الفرق من عناصرها الأساسية، مما يؤدي إلى انهيار المنظومة الفنية، هذا الأمر قد يعود إلى ضعف الولاء، أو لعدم قدرة النادي على الحفاظ على مواهبه، بسبب ضعف الحوافز المالية، أو عدم وضوح المستقبل الرياضي.
} التحولات الاقتصادية والاجتماعية في بعض المناطق تؤثر بشكل مباشر على نشاط الأندية، وخاصة تلك التي تعتمد على أبناء المنطقة في دعمها وتغذيتها باللاعبين، وتغير أولويات الشباب قد تفضي إلى انكماش قاعدة الممارسة، وهو ما ينعكس على المستوى الفني للأندية.
} وتكون الخلافات الإدارية، والصراعات الشخصية داخل مجالس إدارات الأندية عاملا حاسما في تراجع النتائج، فكثير من الأندية انهارت بسبب التناحر على المناصب والمصالح، وغياب روح العمل الجماعي، مما يخلق بيئة غير مستقرة طاردة للكفاءات الفنية والإدارية وحتى اللاعبين.
} ومع ظهور أندية جديدة، وصعود أسماء جديدة على الساحة، تتغير موازين القوى، وإذا لم تتمكن الأندية التقليدية من التكيف مع هذه التغيرات ومواكبة التحديثات، فإنها تتراجع وتفقد مكانتها السابقة.
} والإعلام والجماهير عنصران مهمان في تحفيز الأندية وصناعة النجوم، فالأندية التي تفقد الزخم الإعلامي والدعم الجماهيري قد تجد نفسها خارج دائرة الضوء، مما يضعف من تأثيرها، ويقلل من فرص عودتها إلى الواجهة.
فتراجع الأندية العريقة لا يحدث فجأة، بل هو نتيجة تراكمات لسنوات من الإهمال أو سوء الإدارة أو التغيرات البيئية المحيطة بها، وعودتها إلى الواجهة ممكنة، إذا ما تم تشخيص الأسباب بدقة، ووضعت لها حلول مستدامة تعتمد على التخطيط.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك