عالم يتغير

فوزية رشيد
المفاوضات الأمريكية الإيرانية: ما يقلقنا لا يُقلق أمريكا!
{ انتهت المفاوضات الأولى بين الولايات المتحدة وإيران في مسقط السبت الماضي، وستكون الجولة الثانية السبت 19 أبريل، أيضًا بين «ستيف ويتكوف» مبعوث «ترامب» الخاص إلى الشرق الأوسط، و«عباس عراقجي» وزير الخارجية الإيراني ولكن هذه المرة في أوروبا، وهي المفاوضات التي قال عنها «ترامب» بعد انتهاء الجولة الأولى بأنها «إيجابية وبناءة» وتسير بشكل جيد، في ظل أن «ويتكوف» لم يطلب من إيران التخلي عن برنامج تخصيب اليورانيوم، كما جاء في صحيفة «نيويورك تايمز»، فيما بالمقابل ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» نقلاً عن مسؤولين إيرانيين أن طهران مستعدة للعودة إلى مستويات التخصيب المحددة في الاتفاق النووي لعام 2015 بشرط استيفاء واشنطن شروطا معينة!
{ يبدو أن «ترامب» بعد أن أرسل إلى «المرشد الأعلى الإيراني» رسالة في أوائل مارس الماضي، وحدّد فيها مُهلة شهرين للتوصل إلى اتفاق نووي جديد، أو فرض عقوبات إضافية وربما ضربات عسكرية، جعلت الموقف الإيراني يتسم بشيء من التراجع، في ظل ضعف أوراقها الحالية عن تلك التي كانت تمتلكها في 2015! ولكن اقتصار المفاوضات على الملف النووي وحده، يعيده إلى مآلات الاتفاقية السابقة التي خرج منها «ترامب» ولم يتم تجديدها في عهد «بايدن» ليعود الرئيس الأمريكي في ولايته الثانية بالسعي إلى اتفاقية جديدة!
{ رغم أن السياسة الإيرانية سواء بما يخص ملفها النووي أو صواريخها الباليستية أو تدخلاتها في الشؤون العربية، هي كلها معًا ليست شأنًا إيرانيًا بحتًا، لأنه متعلق بالأساس بالأمن الإقليمي العربي والأمن القومي، لذلك من المستغرب أن يعود «ترامب» إلى ذات اللعبة التفاوضية «الانفرادية» بين الولايات المتحدة وإيران، من دون إشراك طرف عربي وتحديدًا «خليجي» في تلك المفاوضات باستثناء الوسيط العماني، وتمامًا كما فعل «بايدن» حين إجراء الاتفاقية 2015! بل وبتكرار الرئيس الأمريكي الحالي لذات الحيثيات، حيث الاهتمام متركزّ فقط على الملف النووي، ومن دون تخليّ إيران عن برنامج تخصيب اليورانيوم، بل بمطالب إيرانية برفع العقوبات، وإرجاع المليارات إليها بعد فك تجميدها! وبالمقابل تقديم إغراء إيراني باستثمارات تبلغ 4 تريليونات دولار!
{ وفي الوقت الذي لعبت فيه السياسة الخارجية تحت حكم الملالي، أسوأ أدوارها بضوء أخضر أمريكي، في إثارة القلاقل والهيمنة وتوسيع النفوذ، وزرع المليشيات التابعة لها، وإشعال الصراع في اليمن عن طريق الوكيل «الحوثي» وإمداده بالصواريخ والمعدات العسكرية بإشراف «الحرس الثوري الإيراني»، وهو ما تمّ تجميد النشاط فيه مرحليًا عبر الاتفاقية السعودية – الإيرانية برعاية الصين، إلاّ أن أمريكا – ترامب عادت مجدّدًا لإبرام صفقة ثنائية بينها وبين إيران تحت مسمى المفاوضات والسعي لاتفاقية جديدة، من دون أن تأخذ في الاعتبار ما يقلق دول الخليج والمنطقة، من السياسة الإيرانية وطموحاتها المستمرة!
رغم الضربات الموجعة التي تلقتها أذرعها، فما يهم أمريكا وترامب هي المطالب التي يلحّ عليها «الكيان الصهيوني» فقط، ومخاوفه من النووي الإيراني، ولا يعنيه في شيء مكامن القلق الخليجي – العربي أو هكذا يتضح! خاصة إذا تجاوزت الولايات المتحدة وعن عمد أسباب ذلك القلق، ولكأن «ترامب» بشكل أو بآخر، يريد الإضرار بالاتفاقية السعودية – الإيرانية بشكل غير مباشر! وتأمين الجانب «الإسرائيلي» والإبقاء على حلقات التوترّ التي تزعج العرب بما يتعلق بأمنهم الإقليمي والقومي!
{ رغم أن المفاوضات قد تقود إلى سلسلة أخرى من الحوارات، إلا أن الولايات المتحدة باستفرادها بالمفاوضات تلك مع إيران، قد لا ينبئ بما يدعو إلى الطمأنينة العربية، خاصة مع الأدوار السابقة لإيران في المنطقة وبضوء أخضر أمريكي!
تلك المفاوضات الأولى السبت الماضي، التي تم منع الصحفيين والإعلاميين من تغطيتها عن قرب معرفة ما دار في الدهاليز بوساطة عُمانية، تثير الريبة بدورها، خاصة بما يتعلق بالشأن العربي، وحيث اختبرت المنطقة التهديدات الأمريكية وتهديدات الكيان الصهيوني، بالضربات العسكرية النوعية، بل والعمل على إسقاط «نظام الملالي»، إلا أن نتيجة تلك التهديدات كانت دائمًا تنتهي إلى مآلات أخرى، وحيث «الشيطان الأكبر» الذي تحوّل قبل أشهر إلى «الأخ الأكبر»، يشير إلى أن اتفاق هؤلاء دائمًا ما ينتج ما هو ضدّ المصالح العربية وأمن دولها واستقرارها! وحيث إيران الأضعف والتي يريد «الملالي» فيها الحفاظ على بقاء نظامهم وحكمهم، يكونون أكثر استعدادًا في النهاية لأداء أدوار جديدة، تضمن سلامة الكيان الصهيوني كما تريد أمريكا، ولا يهمها إن كانت تلك الأدوار تضرُّ بالأمن الإقليمي والقومي العربي، بل ربما هو هذا المطلوب!
فلنراقب النتائج فمنها تتكشف المواقف والنوايا!
إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك