عالم يتغير

فوزية رشيد
أزمات المنطقة ما بين الكيان وإيران!
{ المنطقة العربية احتشدت أزماتها ومعاناتها، وتعطيل بوصلة نموها وازدهارها في العقود الأخيرة، وهي التي تملك دولها كل مؤهلات النهضة والازدهار! هذه المنطقة دخلت نفق التوترات والحروب والصراعات منذ أن تم زرع الكيان الصهيوني وسط جغرافيتها عام 1948، وبعد ذلك منذ أن جُلب «الخميني» على الطائرة الفرنسية 1979! وما بين خزعبلات النبوءات التوراتية «الملفقة» بهدف التوسع الاستعماري، وخزعبلات النظام الثيوقراطي وتصدير الثورة لذات الهدف التوسعي، لم تهدأ الصراعات والأزمات في المنطقة!، بعد أن اعتقدت دولها أنها تتنفس الصعداء مع استقلال معظمها من الوصاية أو الاحتلال الاستعماري الغربي، الذي تبلور بقوة أثناء سقوط الدولة العثمانية في خضم الحرب العالمية الأولى!
{ أما ما تسبب به الكيان الصهيوني فقد امتد إلى ما يقارب الثمانية عقود، وهو يهيء نفسه للمزيد من الأطماع الاستعمارية اليوم، خاصة بعد 7 أكتوبر، التي جاءت أحداثها فرصة انتهزها هذا العدو، ليبني فوق ردة فعله بعد ذلك التاريخ، أقسى حرب إبادة لا تزال مستمرة!، وتفكيره حسب قادته المتطرفين هو استمرار الحرب بل توسعتها، في ظل تراكم معطيات الضعف العربي منذ 2011 أو «الخريف العربي» خاصة، وحيث دخلت موازين المنطقة العربية إلى احتلال كبير سبقه احتلال العراق وإخراجه تماماً من ميزان القوة العربية، وقد تشارك في تدمير هذا البلد العربي المهم الغرب الاستعماري والكيان من خلف الستار، وإيران بنظام الملالي، الذي نجح في بث سمومه، الطائفية والتخريبية في الجسد العراقي والعربي حيث يوجد أتباعه!
{ المفارقة ورغم أن الطرفين: الكيان الصهيوني وإيران يقفان خلف أغلب عوامل التوتر المستمرة، بمباركة الغرب الاستعماري وخاصة أمريكا وبريطانيا، إلا أن نظام الملالي أخذته أحلامه التوسعية إلى أبعد مما هو مطلوب منه، وليتحدى بشعاراته الزائفة منافسه الكبير في الأطماع التوسعية وهو «الكيان الصهيوني»، لينشأ بينهما خلاف المطامع وليتحول «الملف النووي» للغايات السلمية حسب الادعاء، إلى غايات عسكرية كما هو الواقع فيسبب ذلك الخوف للكيان مثلما لكل دول المحيط العربي وليصطدم «الملالي» بالفيتو الصهيوني من جانب الكيان وشريكه أو قائده الأمريكي! فأمن الكيان فوق كل شيء! ومن هنا تفاقمت الأوضاع بين الكيان وإيران، وأمريكا والملالي، حتى جاء «ترامب» بولايته الثانية، لتتصاعد ضربات طبول الحرب، وتتصاعد لغة المفاوضات مرة أخرى، ولتجد المنطقة نفسها أمام مفاوضات مباشرة بين الطرفين الأمريكي والإيراني السبت القادم في عُمان، وإن لم تنجح فطبول الحرب قد تعود في حفل الخلاف مجددا!
{ في الوقت الراهن من الواضح أن «نظام الملالي» الذي أرهق المنطقة بمحوره وزرع المليشيات داخل عدد من الدول العربية، هو اليوم في أضعف أحواله، بعد ضرب أذرعه من جهة وخروجه من سوريا من جهة أخرى، واستمرار النار تحت الرماد في الداخل الإيراني الذي لم تحقق انتفاضات شعبه المتتالية المطلوب منها حتى الآن، ولكن نيرانها لا تزال مشتعلة في قلوب «المنتفضين» وهم الغالبية الشعبية باختلاف المكونات هناك! إلا أن (العزة بالإثم) وهي الفلسفة التي يتبعها الملالي رغم ما جرَّته سياسته الداخلية والخارجية عليه من كوارث، لا تزال تهدد المنطقة باشتعال حرب تبث المزيد من الخراب والتدمير في المحيط الإقليمي، ولن تقتصر آثارها طبعا على إيران وحدها! وهذا تحديدا ما يتلاعب بالمخيلة الصهيونية ورئيس وزراء «الكيان» وحكومته المتطرفة، وحيث أية حرب قادمة بين فعل ورد فعل، قد تدخل المنطقة وربما العالم كله في حرب أكبر، خاصة إذا تدخلت الصين وروسيا لحماية مصالحهما!
{ يعتقد «الكيان» أن التورط الأمريكي هو لصالحه ليس ضد إيران وحدها وإنما لهدم ما تبقى للعرب من قوة ودول قوية، رغم أن العنوان هو الحرب على إيران ومخاطر إيران وإرهاب إيران! ومن يربط خرائط «نتنياهو» وتصريحاته وتصريحات المتطرفين في حكومته وفي الكيان، يُدرك أن الهدف هو جغرافيا دول في المنطقة العربية، وليس الملف النووي الإيراني وحده! نقول ذلك ونحن ندرك في ذات الوقت أن كلا الطرفين «الكيان» و«إيران الملالي» هما الوجهان لعملة العداء للعرب وللأطماع التوسعية في بلادهم، حتى وإن ضعف الطرف الإيراني، ففي ضعفه في المرحلة الراهنة، خدمة أخرى للكيان وللغرب الاستعماري! لأن بضربه بعمق يحقق زعزعة جديدة لاستقرار الدول المحيطة، بحجة استهداف إيران المصالح والقواعد الأمريكية فيها كرد فعل!
وبذلك تكتمل لعبة الأدوار المطلوبة، وحيث في تخادم الكيان والغرب مع إيران كانت هناك نتائج كارثية على المنطقة العربية، واليوم حتى في خلافهما أو عدائهما التنافسي نتائج أخرى لا تقل كارثية عن تخادمهما السابق! والضحية دائما هي الشعوب في المنطقة واستقرار دولها، وتعطيل تنميتها ونهوضها، وما بين الكيان وإيران دائماً تتفاقم الأزمات في دولنا وهو الدور المطلوب من كل منهما!
إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك