العدد : ١٧١٨٩ - الثلاثاء ١٥ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ١٧ شوّال ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٨٩ - الثلاثاء ١٥ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ١٧ شوّال ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

أزمات المنطقة ما بين الكيان وإيران!

{ المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬احتشدت‭ ‬أزماتها‭ ‬ومعاناتها،‭ ‬وتعطيل‭ ‬بوصلة‭ ‬نموها‭ ‬وازدهارها‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تملك‭ ‬دولها‭ ‬كل‭ ‬مؤهلات‭ ‬النهضة‭ ‬والازدهار‭! ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬دخلت‭ ‬نفق‭ ‬التوترات‭ ‬والحروب‭ ‬والصراعات‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬تم‭ ‬زرع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وسط‭ ‬جغرافيتها‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬جُلب‭ ‬‮«‬الخميني‮»‬‭ ‬على‭ ‬الطائرة‭ ‬الفرنسية‭ ‬1979‭! ‬وما‭ ‬بين‭ ‬خزعبلات‭ ‬النبوءات‭ ‬التوراتية‭ ‬‮«‬الملفقة‮»‬‭ ‬بهدف‭ ‬التوسع‭ ‬الاستعماري،‭ ‬وخزعبلات‭ ‬النظام‭ ‬الثيوقراطي‭ ‬وتصدير‭ ‬الثورة‭ ‬لذات‭ ‬الهدف‭ ‬التوسعي،‭ ‬لم‭ ‬تهدأ‭ ‬الصراعات‭ ‬والأزمات‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭!‬،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اعتقدت‭ ‬دولها‭ ‬أنها‭ ‬تتنفس‭ ‬الصعداء‭ ‬مع‭ ‬استقلال‭ ‬معظمها‭ ‬من‭ ‬الوصاية‭ ‬أو‭ ‬الاحتلال‭ ‬الاستعماري‭ ‬الغربي،‭ ‬الذي‭ ‬تبلور‭ ‬بقوة‭ ‬أثناء‭ ‬سقوط‭ ‬الدولة‭ ‬العثمانية‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى‭!‬

{ أما‭ ‬ما‭ ‬تسبب‭ ‬به‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬فقد‭ ‬امتد‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬الثمانية‭ ‬عقود،‭ ‬وهو‭ ‬يهيء‭ ‬نفسه‭ ‬للمزيد‭ ‬من‭ ‬الأطماع‭ ‬الاستعمارية‭ ‬اليوم،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬7‭ ‬أكتوبر،‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬أحداثها‭ ‬فرصة‭ ‬انتهزها‭ ‬هذا‭ ‬العدو،‭ ‬ليبني‭ ‬فوق‭ ‬ردة‭ ‬فعله‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬التاريخ،‭ ‬أقسى‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬مستمرة‭!‬،‭ ‬وتفكيره‭ ‬حسب‭ ‬قادته‭ ‬المتطرفين‭ ‬هو‭ ‬استمرار‭ ‬الحرب‭ ‬بل‭ ‬توسعتها،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تراكم‭ ‬معطيات‭ ‬الضعف‭ ‬العربي‭ ‬منذ‭ ‬2011‭ ‬أو‭ ‬‮«‬الخريف‭ ‬العربي‮»‬‭ ‬خاصة،‭ ‬وحيث‭ ‬دخلت‭ ‬موازين‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬إلى‭ ‬احتلال‭ ‬كبير‭ ‬سبقه‭ ‬احتلال‭ ‬العراق‭ ‬وإخراجه‭ ‬تماماً‭ ‬من‭ ‬ميزان‭ ‬القوة‭ ‬العربية،‭ ‬وقد‭ ‬تشارك‭ ‬في‭ ‬تدمير‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬العربي‭ ‬المهم‭ ‬الغرب‭ ‬الاستعماري‭ ‬والكيان‭ ‬من‭ ‬خلف‭ ‬الستار،‭ ‬وإيران‭ ‬بنظام‭ ‬الملالي،‭ ‬الذي‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬بث‭ ‬سمومه،‭ ‬الطائفية‭ ‬والتخريبية‭ ‬في‭ ‬الجسد‭ ‬العراقي‭ ‬والعربي‭ ‬حيث‭ ‬يوجد‭ ‬أتباعه‭!‬

{ المفارقة‭ ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬الطرفين‭: ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وإيران‭ ‬يقفان‭ ‬خلف‭ ‬أغلب‭ ‬عوامل‭ ‬التوتر‭ ‬المستمرة،‭ ‬بمباركة‭ ‬الغرب‭ ‬الاستعماري‭ ‬وخاصة‭ ‬أمريكا‭ ‬وبريطانيا،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬أخذته‭ ‬أحلامه‭ ‬التوسعية‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬مما‭ ‬هو‭ ‬مطلوب‭ ‬منه،‭ ‬وليتحدى‭ ‬بشعاراته‭ ‬الزائفة‭ ‬منافسه‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬الأطماع‭ ‬التوسعية‭ ‬وهو‭ ‬‮«‬الكيان‭ ‬الصهيوني‮»‬،‭ ‬لينشأ‭ ‬بينهما‭ ‬خلاف‭ ‬المطامع‭ ‬وليتحول‭ ‬‮«‬الملف‭ ‬النووي‮»‬‭ ‬للغايات‭ ‬السلمية‭ ‬حسب‭ ‬الادعاء،‭ ‬إلى‭ ‬غايات‭ ‬عسكرية‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الواقع‭ ‬فيسبب‭ ‬ذلك‭ ‬الخوف‭ ‬للكيان‭ ‬مثلما‭ ‬لكل‭ ‬دول‭ ‬المحيط‭ ‬العربي‭ ‬وليصطدم‭ ‬‮«‬الملالي‮»‬‭ ‬بالفيتو‭ ‬الصهيوني‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الكيان‭ ‬وشريكه‭ ‬أو‭ ‬قائده‭ ‬الأمريكي‭! ‬فأمن‭ ‬الكيان‭ ‬فوق‭ ‬كل‭ ‬شيء‭! ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬تفاقمت‭ ‬الأوضاع‭ ‬بين‭ ‬الكيان‭ ‬وإيران،‭ ‬وأمريكا‭ ‬والملالي،‭ ‬حتى‭ ‬جاء‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬بولايته‭ ‬الثانية،‭ ‬لتتصاعد‭ ‬ضربات‭ ‬طبول‭ ‬الحرب،‭ ‬وتتصاعد‭ ‬لغة‭ ‬المفاوضات‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬ولتجد‭ ‬المنطقة‭ ‬نفسها‭ ‬أمام‭ ‬مفاوضات‭ ‬مباشرة‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬الأمريكي‭ ‬والإيراني‭ ‬السبت‭ ‬القادم‭ ‬في‭ ‬عُمان،‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬تنجح‭ ‬فطبول‭ ‬الحرب‭ ‬قد‭ ‬تعود‭ ‬في‭ ‬حفل‭ ‬الخلاف‭ ‬مجددا‭!‬

{ في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬‮«‬نظام‭ ‬الملالي‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬أرهق‭ ‬المنطقة‭ ‬بمحوره‭ ‬وزرع‭ ‬المليشيات‭ ‬داخل‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬هو‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬أضعف‭ ‬أحواله،‭ ‬بعد‭ ‬ضرب‭ ‬أذرعه‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬وخروجه‭ ‬من‭ ‬سوريا‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬واستمرار‭ ‬النار‭ ‬تحت‭ ‬الرماد‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬الإيراني‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬تحقق‭ ‬انتفاضات‭ ‬شعبه‭ ‬المتتالية‭ ‬المطلوب‭ ‬منها‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬ولكن‭ ‬نيرانها‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬مشتعلة‭ ‬في‭ ‬قلوب‭ ‬‮«‬المنتفضين‮»‬‭ ‬وهم‭ ‬الغالبية‭ ‬الشعبية‭ ‬باختلاف‭ ‬المكونات‭ ‬هناك‭! ‬إلا‭ ‬أن‭ (‬العزة‭ ‬بالإثم‭) ‬وهي‭ ‬الفلسفة‭ ‬التي‭ ‬يتبعها‭ ‬الملالي‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬جرَّته‭ ‬سياسته‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬كوارث،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تهدد‭ ‬المنطقة‭ ‬باشتعال‭ ‬حرب‭ ‬تبث‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الخراب‭ ‬والتدمير‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬الإقليمي،‭ ‬ولن‭ ‬تقتصر‭ ‬آثارها‭ ‬طبعا‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬وحدها‭! ‬وهذا‭ ‬تحديدا‭ ‬ما‭ ‬يتلاعب‭ ‬بالمخيلة‭ ‬الصهيونية‭ ‬ورئيس‭ ‬وزراء‭ ‬‮«‬الكيان‮»‬‭ ‬وحكومته‭ ‬المتطرفة،‭ ‬وحيث‭ ‬أية‭ ‬حرب‭ ‬قادمة‭ ‬بين‭ ‬فعل‭ ‬ورد‭ ‬فعل،‭ ‬قد‭ ‬تدخل‭ ‬المنطقة‭ ‬وربما‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬أكبر،‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬تدخلت‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬لحماية‭ ‬مصالحهما‭!‬

{ يعتقد‭ ‬‮«‬الكيان‮»‬‭ ‬أن‭ ‬التورط‭ ‬الأمريكي‭ ‬هو‭ ‬لصالحه‭ ‬ليس‭ ‬ضد‭ ‬إيران‭ ‬وحدها‭ ‬وإنما‭ ‬لهدم‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬للعرب‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬ودول‭ ‬قوية،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬العنوان‭ ‬هو‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬ومخاطر‭ ‬إيران‭ ‬وإرهاب‭ ‬إيران‭! ‬ومن‭ ‬يربط‭ ‬خرائط‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬وتصريحاته‭ ‬وتصريحات‭ ‬المتطرفين‭ ‬في‭ ‬حكومته‭ ‬وفي‭ ‬الكيان،‭ ‬يُدرك‭ ‬أن‭ ‬الهدف‭ ‬هو‭ ‬جغرافيا‭ ‬دول‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬وليس‭ ‬الملف‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬وحده‭! ‬نقول‭ ‬ذلك‭ ‬ونحن‭ ‬ندرك‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬أن‭ ‬كلا‭ ‬الطرفين‭ ‬‮«‬الكيان‮»‬‭ ‬و«إيران‭ ‬الملالي‮»‬‭ ‬هما‭ ‬الوجهان‭ ‬لعملة‭ ‬العداء‭ ‬للعرب‭ ‬وللأطماع‭ ‬التوسعية‭ ‬في‭ ‬بلادهم،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬ضعف‭ ‬الطرف‭ ‬الإيراني،‭ ‬ففي‭ ‬ضعفه‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الراهنة،‭ ‬خدمة‭ ‬أخرى‭ ‬للكيان‭ ‬وللغرب‭ ‬الاستعماري‭! ‬لأن‭ ‬بضربه‭ ‬بعمق‭ ‬يحقق‭ ‬زعزعة‭ ‬جديدة‭ ‬لاستقرار‭ ‬الدول‭ ‬المحيطة،‭ ‬بحجة‭ ‬استهداف‭ ‬إيران‭ ‬المصالح‭ ‬والقواعد‭ ‬الأمريكية‭ ‬فيها‭ ‬كرد‭ ‬فعل‭!‬

وبذلك‭ ‬تكتمل‭ ‬لعبة‭ ‬الأدوار‭ ‬المطلوبة،‭ ‬وحيث‭ ‬في‭ ‬تخادم‭ ‬الكيان‭ ‬والغرب‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬نتائج‭ ‬كارثية‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬واليوم‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬خلافهما‭ ‬أو‭ ‬عدائهما‭ ‬التنافسي‭ ‬نتائج‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬كارثية‭ ‬عن‭ ‬تخادمهما‭ ‬السابق‭! ‬والضحية‭ ‬دائما‭ ‬هي‭ ‬الشعوب‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬واستقرار‭ ‬دولها،‭ ‬وتعطيل‭ ‬تنميتها‭ ‬ونهوضها،‭ ‬وما‭ ‬بين‭ ‬الكيان‭ ‬وإيران‭ ‬دائماً‭ ‬تتفاقم‭ ‬الأزمات‭ ‬في‭ ‬دولنا‭ ‬وهو‭ ‬الدور‭ ‬المطلوب‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬منهما‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا